أمين «التعاون الإسلامي»: نعد وثيقة إعلامية لمحاربة التطرف

العثيمين شدد على أهمية وجود إطار سياسي يحدد أسباب تطرف الشباب ويتصدى للوقاية

أمين «التعاون الإسلامي»: نعد وثيقة إعلامية لمحاربة التطرف
TT

أمين «التعاون الإسلامي»: نعد وثيقة إعلامية لمحاربة التطرف

أمين «التعاون الإسلامي»: نعد وثيقة إعلامية لمحاربة التطرف

أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين، أن منظمته تعمل على إنتاج أدوات جديدة ترتقي بأسلوبها في مكافحة ظاهرة الفكر المتطرف والإرهاب، من خلال «مركز صوت الحكمة» التابع لها، مع إطلاق أنشطة إعلامية ثقافية في مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية لإبراز الشخصية المسلمة المعتدلة والمتسامحة التي تتعايش مع جميع المكونات المجتمعية والإنسانية. وشدد العثيمين في حوار مع «الشرق الأوسط»، على أهمية وجود إطار سياسي يحدد أسباب تطرف الشباب، ويتصدى للوقاية منه، مؤكداً في الوقت نفسه أن الوقت حان لصياغة وثيقة تدعو المؤسسات الإعلامية أيضاً في دول العالم الإسلامي لوضع خطط لمحاربة السياسات المتطرفة.
وحول الهجمة التي تواجهها السعودية من جماعات الإسلام السياسي، أكد العثيمين أن السعودية دولة قوية ومؤثرة في المنطقة والعالم، ومعروفة بسياستها الهادئة والواقعية. ولذا فإن المنظمة تؤمن بالخطوات الإيجابية التي تقوم بها حكومة الرياض في مواجهة «المعلومات المغلوطة»، بقناعة منها بأن حكومة المملكة تسلك الطريق المتوازن.

> مع تسارع الأحداث الخارجية... كيف يستطيع العالم الإسلامي الوقوف في وجه المخاطر والتحديات التي تواجهه؟
يجب أن نعرف أولاً أن العالم الإسلامي ليس وليد اللحظة، وإنما هو امتداد حضاري لأكثر من ألف وأربعمائة سنة، وواجه في تاريخه تحديات أشد وطأة وأكثر خطراً، ونجح بموروثه الطويل، وقوة رسالته، واتساقها مع كل زمان ومكان أن يصمد ويتسع ويفرض نفسه رقماً صعباً في هذا العالم.
لهذا، عندما ننظر إلى التحديات الحالية ونقارنها بتراكمية الأزمات التي ألمّت بالعالم الإسلامي، فإننا نثق في قدرات دولنا وشعوبها وحكمة قياداتها.
والأمانة العامة جهاز بُنِي في أساسه لرصِّ صفوف الدول الإسلامية كي تقف في وجه مشكلاتها وأزماتها، ومن أجل التصدي للتطورات والتحديات، عبر جملة من الآليات والأدوات التي وُضِعت على مدى ما يقارب نصف قرن، وجرى تعديلها وتطويرها كي تلبي متطلبات العصر، إذ تملك المنظمة ميثاقاً جرى تحديثه بلغة عصرية، وتضم كذلك لوائح وقوانين شاملة ومتكاملة، ولديها إمكانيات تعبر عن قدرة دولها الأعضاء ومساحتها الجغرافية الواسعة وثقل عدد سكانها الذي يمثل خُمس سكان العالم؛ فالمنظمة منصة مثالية للوقوف عليها واستغلالها لمواجهة الأزمات، فهي الصوت الجامع للعالم الإسلامي.
> يشكل التطرف الفكري أحد أشكال الإرهاب المعاصر... ما الوسائل التي تساعد على التصدي لهذا النوع من الإرهاب؟
= الفكر لا يُواجَه إلا بالفكر، والرأي المنحرف لا يدحضه إلا الرأي السديد والقويم، وفي رأيي أن أول مستوى للتصدي لهذا الفكر المتطرف يتمثل في تكثيف المواجهة الفكرية ضد هذا الخطاب بالحجج والبراهين المتأصلة في الشريعة الإسلامية، وذلك يتم بفتح الباب لأصحاب الفكر والعلم للعمل على مواجهة الفكر والمنحرف المتشدد وإعادة تصويبه، ولبعض الدول الإسلامية، وفي مقدمتها السعودية، تجربة رائدة في هذا المجال باتت فيها قدوة لكثير من الدول؛ فمن بين مبادراتها المهمة في مقارعة الخطاب المتطرف ونشر الفكر المعتدل والوسطي: مركز «اعتدال»، ومركز الحرب الفكرية التابع للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال بجامعة الملك عبد العزيز.
وستعلن منظمة التعاون الإسلامي قريباً عن أدوات جديدة ترتقي بأسلوب المنظمة في مكافحة ظاهرة الفكر المتطرف والإرهاب من خلال مركز صوت الحكمة الذي يعمل بالتنسيق مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي في تغذية وسائل الاتصال الاجتماعي بخطاب متسامح، وتفنيد الخطاب المتطرف، ونشر صورة الاعتدال والتسامح التي يتميز بها الدين الإسلامي.
> إلى أي مدى استطاعت المنظمة توصيل خطابها الموجَّه إلى العالم الإسلامي لتنفيذ برنامجها الذي يستهدف العمل على توحيد الرؤية في العالم الإسلامي؟
= تعمل المنظمة على تصميم خطابها الوسطي والمعتدل، المستلهم من انضباط الوعي الجمعي للأمة الإسلامية، وإيصاله بإبداع إلى جميع شرائح المجتمعات في العالم الإسلامي وحتى غير الإسلامي. وتعمل المنظمة من خلال الوسائل الإعلامية الحديثة على أن يبلغ خطابها جميع المجتمعات عبر آليات قامت بإطلاقها منذ فترة وتقوم بتطويرها دورياً؛ إذ اعتمدت المنظمة خلال الدورة الأخيرة لوزراء الإعلام في جدة، ثم اجتماع مجلس وزراء الخارجية الذي تلاها في أبيدجان، الاستراتيجية الإعلامية الشاملة للمنظمة حتى عام 2025، والاستراتيجية الإعلامية للمنظمة للتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا وآلياتها التنفيذية. ونخطط لإطلاق أنشطة إعلامية ثقافية في مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية، الهدف الرئيسي منها إبراز الشخصية المسلمة المعتدلة والمتسامحة، التي تتعايش مع جميع المكونات المجتمعية والإنسانية.
وتظل المنظمة واعية بضرورة تجديد وسائلها الإعلامية لمواكبة أنماط استقاء المعلومات لدى الجيل الصاعد، لذلك استثمرت في الاستفادة من إمكانيات التواصل الاجتماعي في نشر رسالتها ورؤيتها وطرحها المتوازن وبث مواد جذابة متنوعة في هذا الشأن على موقع المنظمة على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة ليتم تداولها بين أطياف المجتمع.
> ماذا نتج بشأن «الحوار الحضاري» لمخاطبة الرأي العام في مواجهة القوى المتطرفة؟
= يُعتبر الحوار الحضاري من أهم المحاور التي تعمل عليها المنظمة، وهو يحتل مساحة كبيرة في نشاطات المنظمة التي أسست إدارة خاصة تحت اسم «إدارة الحوار والتواصل» تتخصَّص بمتابعة المبادرات العديدة التي تنشط فيها المنظمة، كما أن من مهامها إطلاق مبادرات جديدة، إيماناً منا بأن الحوار الحضاري ينتج الفهم، والفهم أولى مراتب التقارب، وإذا ما تمّ التقارب زالت الحساسيات وغابت دوافع الكراهية والتطرف. وللمنظمة سلسلة طويلة جداً من المبادرات والمؤتمرات والشراكات في هذا المجال؛ فالمنظمة عضو مؤسس لكثير من برامج الحوار التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة، كما أن المنظمة عضو مؤسس في مبادرة تحالف الحضارات، وشريك فعّال جداً لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ولها شراكات ومبادرات مع «الفاتيكان»، والكنيسة الأرثوذكسية في روسيا، وكثير من المؤسسات الدينية عبر العالم.
> يتطلب الوقت الحالي الوصول إلى الشباب الإسلامي في مختلف دول العالم، وتحصينهم ضد التطرف والإرهاب، ما برامجكم في هذا الشأن؟
= تظهر التركيبة الديموغرافية الحالية للمجموعات المتطرفة اتجاهاً متزايداً نحو التجنيد في الأعمار الأصغر، وتوسعاً نحو الشابات، وهو ما يكتسي أهمية كبيرة للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إذ إن لديها أكثر بنية سكانية من الشباب في جميع أنحاء العالم، ولها أعلى معدلات نمو للسكان الشباب. وبحلول عام 2030، ستكون الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي موطناً لـ30.9 في المائة من الشباب في العالم. إن الدول الأعضاء في المنظمة، مقارنة بالعالم، تتأثر بشكل خاص بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تدفع إلى التطرف. ويستدعي ذلك إطاراً سياسياً موجهاً نحو العمل يمكن أن يحدد الأسباب الجذرية والطرق المؤدية إلى التطرف الشبابي، وأن يتصدى للوقاية وإعادة التأهيل، وأن يتضمن خططاً قابلة للتنفيذ على المديين القصير والطويل.
نحن في منظمة التعاون الإسلامي نشيد بتجربة السعودية في مخاطبة الشباب واستنطاق إبداعاتهم، وتقوم مؤسسة «مسك الخيرية» بدور رائد ونوعي في هذا المجال، ونتطلع إلى أن تمد ملاءة برامجها ونشاطاتها لتشمل الشباب في الدول الإسلامية من خلال المنظمة أو الاتفاقيات الثنائية مع الدول الإسلامية.
> تواجه السعودية أخيراً حرباً إعلامية موجهة مع لغة تصعيد قوية، كيف تعاملت المنظمة مع ما يتم بثه من معلومات مغلوطة عن المملكة؟
= السعودية دولة قوية ومؤثرة في المنطقة والعالم، ومعروفة بسياستها الهادئة والواقعية. ولذا فإن المنظمة تؤمن بالخطوات الإيجابية التي تقوم بها حكومة السعودية في مواجهة المعلومات المغلوطة قناعة منها بأن حكومة المملكة تسلك الطريق المتوازن. وفي سياق متصل، ندعم كل الجهود التي تقوم بها في هذا الصدد، وصدرت بيانات عدة من الأمانة العامة تدعم مواقف السعودية المعلنة من الحملات الإعلامية أو السياسية التي تستهدف أمنها واستقرارها.
منظمة التعاون الإسلامي، بدورها، لا تألو جهداً في الدفاع عن السعودية باعتبارها دولة مؤسسة للمنظمة وبلد المقر، وهي رمز التضامن الإسلامي في العصر الحديث، وقلب العالم الإسلامي النابض بالإيمان. وجميع مشاريع القرارات التي تدعو إلى عدم المساس بصورة السعودية بأي شكل من الأشكال تجد تأييداً جماعياً في مؤتمرات القمم الإسلامية ومجلس وزراء الخارجية.
> كيف ترون الحوار بين المذاهب الإسلامية في العالم... وهل من مبادرات ستتخذونها في هذا الاتجاه؟
= لعلي لا أبالغ إن قلتُ إن منظمة التعاون الإسلامي هي أول كيان رسمي أطلق مبادرة التقريب بين المذاهب الفقهية والعقدية في العالم الإسلامي؛ فمن خلال التقريب السياسي الذي تمارسه المنظمة بين الدول الإسلامية كافة يولد التقريب بين المذاهب المتعددة التي تتبعها تلك الدول، لذا أطلقت المنظمة العديد من المبادرات على صعيد الحوار الداخلي، على مستوى الفرق والمذاهب الإسلامية، من خلال نشاط مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يضم عضوية فقهاء وعلماء من تسعة مذاهب إسلامية مختلفة، ويعمل على الأخذ من التراث الفقهي للجميع دون استثناء، وكما يضم المجمع من بين هياكله لجنة خاصة تحت اسم «لجنة التقريب بين المذاهب الإسلامية».
وتنشط المنظمة في هذا المحور من خلال تعاونها المستمر والمكثف مع رابطة العالم الإسلامي والأزهر الشريف.
> هل ترون أن الوقت حان لصياغة وثيقة تدعو المؤسسات الإعلامية في دول العالم الإسلامي لمحاربة السياسات المتطرفة؟
= بالفعل، لقد حان الوقت، ومنذ فترة طويلة، نعمل على صياغة وثيقة تدعو المؤسسات الإعلامية في دول العالم الإسلامي لمحاربة السياسات المتطرفة. قامت المنظمة خلال الدورة الحادية عشرة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام باعتماد قرار قدمته السعودية حول دور الإعلام في مكافحة الإرهاب، وهي تعمل الآن، بالشراكة مع الدول الأعضاء والمؤسسات الإعلامية التابعة للمنظمة، على تنفيذ مقتضياته، إذ إن القرار دعا وسائل الإعلام والمفكرين إلى تسليط الضوء على كون ظاهرة الإرهاب ظاهرة اجتماعية عالمية لها أسبابها وأنماطها، وأنها ليست ظاهرة دينية حتى وإن أساءت استخدام الدين لتحقيق أهدافها ومصالحها، وحث الدول على إدانة وتجريم أي وسيلة إعلامية تروج وتحرض على الإرهاب، وكذلك الأفراد والجهات الذين يستغلون منصات التواصل الاجتماعي لدعم الإرهاب. وننفذ برامج لتأهيل كوادر إعلامية متخصصة قادرة على التعامل مع الأحداث الإرهابية وتغطيتها بالشكل المناسب، لتكون قادرة على التعامل مع تقنيات العصر الحديث، ومدركة لأهداف الرسالة الإعلامية الإسلامية.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)