تركيا تواصل استعداداتها لعملية ضد «الوحدات» الكردية شمال سوريا

سعت إلى التنسيق مع أميركا... وحلفاء واشنطن يحفرون الخنادق حول عين العرب

تركيا تواصل استعداداتها لعملية ضد «الوحدات» الكردية شمال سوريا
TT

تركيا تواصل استعداداتها لعملية ضد «الوحدات» الكردية شمال سوريا

تركيا تواصل استعداداتها لعملية ضد «الوحدات» الكردية شمال سوريا

تواصلت التحركات العسكرية على الحدود بين تركيا وسوريا، وواصل الجيش التركي الدفع بالمزيد من التعزيزات في ظل الاستعدادات لشن عملية عسكرية تستهدف مواقع وحدات حماية الشعب الكردية في شرق الفرات. وأرسل الجيش التركي، أمس، مجموعات إضافية من القوات الخاصة والآليات العسكرية تحركت من ولاية هطاي باتجاه ولاية كليس (جنوب)، في إطار تعزيز القوات المنتشرة على الحدود مع سوريا. وكانت أرتال عسكرية تضم قوات خاصة بدأت، مساء أول من أمس، الاتجاه إلى كليس عبر الطريق البري الواصل بين كليس وقضاء «خاصه».
كما وصل رتل عسكري آخر إلى هطاي، يضم ناقلات جنود مدرعة، في إطار التعزيزات العسكرية الجارية على الحدود مع سوريا، منذ إعلان الرئيس رجب طيب إردوغان، الأربعاء قبل الماضي، عزم بلاده إطلاق حملة عسكرية في غضون أيام لتطهير منطقة شرق الفرات في سوريا، من مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية. وكشفت مصادر عسكرية، أمس، عن الانتهاء من إعداد الخطط الخاصة بعملية شرق الفرات بانتظار إطلاق شارة البدء، وأن الجيش التركي حدد 150 نقطة تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية ما بين مخافر ونقاط تفتيش وأبراج مراقبة وملاجئ سيتم استهدافها خلال العملية. وأوضحت المصادر أن الاستراتيجية التي ستُتبَع في عملية شرق الفرات ستختلف عما سبق أن قامت به تركيا في عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، وأن الضربة الأولى قد تكون في ساعات الصباح المبكرة، وليس في الليل، وعلى شكل «غارة» خاطفة، كما حدث في قصف مواقع حزب العمال الكردستاني (المحظور) في قضاء سنجار ومنطقة كارجاك شمال العراق.
وأشارت المصادر إلى أن التأخير في إطلاق عملية شرق الفرات يرجع إلى ضمان التنسيق التام مع الولايات المتحدة، وذلك بسبب وجود قوات أميركية في المنطقة، موضحة أن آلية للتنسيق بين أنقرة وواشنطن بدأت عملها عقب الاتصال الهاتفي بين الرئيسين رجب طيب إردوغان والأميركي دونالد ترمب، يوم الجمعة الماضي.
وشددت المصادر على أن التنسيق مع الولايات المتحدة في هذه العملية يحظى بأهمية قصوى، موضحةً أن القرار بشأن العملية العسكرية في شرق الفرات لن يتم التراجع عنه على الرغم من أن الولايات المتحدة تحاول أثناء تركيا عن القيام بهذه العملية.
واعتبر الكاتب في صحيفة «ميلليت»، سامي كوهين، أن عملية شرق الفرات تحكمها عوامل خاصة من أهمها مساحة الأرض التي ستجري عليها وطبوغرافيتها وطبيعتها الديموغرافية، والقوة البشرية والأسلحة، والوجود السياسي والعسكري للولايات المتحدة، وهو ما يرجِّح أن تكون العملية أصعب من «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، وأن تستمر لمدة أطول.
ورأى مراقبون للتطورات بشأن العملية المرتقبة أن وضع واشنطن العراقيل أمامها ووجود قواتها ودعمها لوحدات حماية الشعب لم يتح الفرصة أمام تركيا للتحرك بمعزل عن التنسيق مع واشنطن.
في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام مقربة من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني أن قوات من «البيشمركة» قوامها 8 آلاف عنصر تابعة للمجلس الوطني الكردي السوري ستتجه إلى شرق الفرات، معتبرةً أن ذلك يمكن قراءته على أنه حملة جديدة لواشنطن.
كان بارزاني التقى، أخيراً، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري مع قادة المجلس الوطني الكردي السوري، وطلب جيفري من القادة العودة إلى بلادهم من شمال العراق. ونقل القادة إلى جيفري خلال اللقاء مخاوفهم من أن تحول وحدات حماية الشعب دون عودتهم، ومن المحتمل أن جيفري بدَّد هذه المخاوف، وما يعزز الاحتمال عدم تكذيب خبر توجيه «البيشمركة» إلى شرق الفرات.
إلى ذلك، أظهرت صور نشرتها وسائل إعلام تركية، أمس، قيام وحدات حماية الشعب الكردية بحفر خنادق حول مدينة عين العرب (كوباني) شمال سوريا، بعد إعلان أنقرة عزمها إطلاق عملية عسكرية في شرق الفرات في غضون أيام.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.