تصاعد وتيرة العنف في مظاهرات «إخوان مصر» للرد على قرار إدراجهم كـ«تنظيم إرهابي»

سقوط ثلاثة قتلى وعشرات المصابين وإحراق سيارات تابعة للشرطة

سيارات قوات الأمن المركزي ومكافحة الشغب المصري تتقدم بينما تتصاعد الأدخنة والنيران التي أشعلها متظاهرون ينتمون إلى جماعة الإخوان في أحد شوارع القاهرة أمس (إ.ب.أ)
سيارات قوات الأمن المركزي ومكافحة الشغب المصري تتقدم بينما تتصاعد الأدخنة والنيران التي أشعلها متظاهرون ينتمون إلى جماعة الإخوان في أحد شوارع القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

تصاعد وتيرة العنف في مظاهرات «إخوان مصر» للرد على قرار إدراجهم كـ«تنظيم إرهابي»

سيارات قوات الأمن المركزي ومكافحة الشغب المصري تتقدم بينما تتصاعد الأدخنة والنيران التي أشعلها متظاهرون ينتمون إلى جماعة الإخوان في أحد شوارع القاهرة أمس (إ.ب.أ)
سيارات قوات الأمن المركزي ومكافحة الشغب المصري تتقدم بينما تتصاعد الأدخنة والنيران التي أشعلها متظاهرون ينتمون إلى جماعة الإخوان في أحد شوارع القاهرة أمس (إ.ب.أ)

قتل ثلاثة متظاهرين وأصيب العشرات وأحرقت سيارات شرطة، في مواجهات عنيفة شهدتها مدن مصرية أمس (الجمعة) بين قوات الأمن وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، في ما يعد ردا من أنصار «الإخوان» على قرار حكومي صدر قبل ثلاثة أيام بإعلانها جماعة إرهابية.
وفي يوم دام هو الأعنف منذ إقرار قانون لتنظيم حق التظاهر الشهر الماضي، قالت مصادر طبية إن ثلاثة متظاهرين قتلوا أمس في محافظات القاهرة والمنيا ودمياط، خلال مواجهات بين الشرطة ومحتجين من أنصار جماعة الإخوان، فيما أصيب شرطي بطلق ناري في محافظة الفيوم، وضابط شرطة آخر وجد مطعونا بسلاح أبيض في محافظة الجيزة.
وقالت مصادر أمنية إن من وصفتهم بـ«العناصر المثيرة للشغب» أحرقوا ثلاث سيارات شرطة، اثنتين منها في العاصمة القاهرة، وأخرى في مدينة سمالوط بمحافظة المنيا، مضيفا أن قوات الأمن تمكنت من ضبط عدد من المتظاهرين.
وتصاعدت موجة العنف عقب قرار الحكومة بإعلان جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، وشهدت عدة مدن مصرية وأحياء في العاصمة مظاهرات عنيفة، أبرزها في المدينة الجامعة التابعة للأزهر (شرق القاهرة)، حيث تظاهر طلاب مناصرون لجماعة الإخوان احتجاجا على مقتل زميل لهم مساء أول من أمس في مواجهات مستمرة بين طلاب في الأزهر وقوات الأمن.
وخلال الشهور الماضية انحصرت المواجهات العنيفة بين الأمن وأنصار الإخوان في بؤر توتر تتجدد أسبوعيا، لكن بدا أمس أن رقعة العنف تطال مناطق أوسع في العاصمة ومدنا أخرى في الدلتا وصعيد البلاد.
وكان تحالف دعم الشرعية الذي تقوده جماعة الإخوان قد دعا لتنظيم مظاهرات تحت شعار «أسبوع الغضب» للاحتجاج على القرار الحكومي. ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي يقود التحالف المظاهرات المناوئة للسلطات الجديدة.
وقطع أنصار الإخوان الطريق الدائري الحيوي الذي يحيط بالعاصمة، وأحرقوا سيارتين تابعتين للشرطة. وقال شهود عيان إن قوات الأمن أطلقت القنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش، لتفريق المحتجين وفتح الطريق مجددا أمام حركة السير.
وقالت مصادر طبية إن ضابط شرطة أصيب بطعنات خلال تلك المواجهات، فيما أوضح مصدر أمني بمحافظة الجيزة أن متظاهرين اختطفوا الضابط واعتدوا عليه بأسلحة بيضاء، قبل أن يتركوه نازفا بالقرب من منطقة العمرانية.
وتكررت المواجهات العنيفة في أحياء متفرقة في محافظتي القاهرة والجيزة. وشهدت منطقة الألف مسكن (شرق القاهرة) المواجهات الأعنف، وأحرق المتظاهرون إطارات السيارات لمنع قوات الأمن من التقدم. وقال شهود عيان في المنطقة إن خمسة متظاهرين على الأقل أصيبوا بطلقات الخرطوش، فيما أصيب العشرات باختناقات جراء استخدام الشرطة للقنابل الغاز المسيل للدموع. وأقام أنصار الإخوان مستشفى ميدانيا في مشهد غاب عن المظاهرات خلال الفترة الماضية، بعد أن ألفه المتظاهرون خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وتداول نشطاء إسلاميون أمس صورا لقوات الأمن خلال إلقاء القبض على فتاة. وأظهرت الصورة شرطيا وهو يقوم بجرها بالقوة وهي منبطحة على الأرض. وتسببت صورة مشابهة لفتاة قبل عامين في إثارة موجة من الغضب.
وقال بيان رسمي لوزارة الداخلية أمس إن «الأجهزة الأمنية خلالها مواجهاتها مع عناصر الشغب المنتمين لتنظيم الإخوان الإرهابي تمكنت من ضبط عدد 265 من العناصر الإخوانية، من بينهم 28 سيدة في ثماني محافظات». وأشار البيان إلى أن الموقفين ضبطت بحوزتهم «زجاجات مولوتوف، ومنشورات تروج لفكر جماعة الإخوان الإرهابية»، لافتا إلى أن المتظاهرين قاموا بإثارة الشغب وقطع الطريق والتعدي على المواطنين وقوات الشرطة مستخدمين الأسلحة النارية والخرطوش.
وقررت الحكومة المدعومة من الجيش، الأربعاء الماضي، اعتبار جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، عقب تفجير ضخم استهدف مديرية أمن محافظة الدقهلية، راح ضحيته 17 شخصا. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف، أول من أمس، إن تظاهر أنصار الإخوان بعد صدور القرار الحكومي يعرضهم لعقوبة السجن لمدة خمس سنوات.
من جانبه، قال عادل عبد المقصود عفيفي، القيادي في التحالف الوطني لدعم الشرعية الذي تقوده جماعة الإخوان، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «قرار الحكومة لن يوقف التظاهر لأنه لا يوفر حلا سياسيا يمكن البناء عليه». وأشار عفيفي، وهو قيادي في حزب الأصالة الإسلامي، إلى أن التلويح بالسجن لا يرهب شبابا يشارك في المظاهرات وهو لا يعرف ما إذا كان سيعود إلى بيته أم يقتل خلال المواجهات.
وعادت محافظة المنيا (جنوب القاهرة) إلى المشهد مجددا عقب اشتباكات عنيفة بين أنصار الإخوان وقوات الأمن، قتل خلالها أحد المتظاهرين، فيما حاول أنصار الجماعة اقتحام قسم شرطة في مدينة المنيا، وأحرق آخرون سيارة شرطة في مدينة سمالوط. وتراجعت محافظة الإسكندرية عن المشهد لتتصدر محافظتا الفيوم ودمياط مواجهات يوم أمس، فيما حافظت محافظات الشرقية والمنوفية وسوهاج على موقعها في خارطة المصادمات الأسبوعية.
وبدا المشهد مختلفا للمرة الأولى في محافظة الدقهلية التي شهدت التفجير الإرهابي، وتظاهر المئات تأييدا لقرار إعلان الإخوان تنظيما إرهابيا، وشهدت عدة مناطق بالمحافظة التي تقع على بعد 120 كيلومترا من العاصمة مظاهرات مماثلة حملوا خلالها نعوشا رمزية لقتلى التفجير الإرهابي، وتجمهروا في محيط عدد من منازل قادة الإخوان.
وخلال خطب الجمعة التي شهدتها المدن المصرية أمس، وحدت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة للتنديد بالعمليات الإرهابية، والتأكيد على حرمة الدم المصري. وعممت الوزارة بيانا على المساجد تحت عنوان «منابر مصر ضد الإرهاب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.