ارتفعت المخاوف بين متعاملي أسواق المال العالمية مع عمليات البيع المكثفة الحالية، وأداء مخيب للآمال على مدار الأشهر الأخيرة، ولم يبدِ المستثمرون أي رغبة في التدخل لـ«إنقاذ» أو «تصحيح» ذلك الانخفاض، حيث أحجم كثير من المستثمرين عن شراء الأسهم بأسعار منخفضة، ما دفع محللين لأن يقولوا إن هذا الأمر يُظهر مدى قلقهم من مستقبل السوق، فيما فسره آخرون بأن هناك حالة استعداد وترقب لحدوث انهيار وشيك في أسواق الأسهم.
وانخفضت مؤشرات البورصة الأميركية بما يقرب من 6% منذ بداية الشهر الجاري، وحاول مؤشر «ستاندرد آند بورز» الارتفاع إلى 2675 نقطة، الثلاثاء والأربعاء الماضيين، لكنه فقد الزخم في الأيام التالية وأنهى الأسبوع بشكل سيئ، ليغلق مقترباً من مستوى 2600 نقطة للمرة الأولى منذ 2 أبريل (نيسان) الماضي، ويواصل هبوطه مع بداية تعاملات الأسبوع الجاري.
ومما يزيد من القلق العالمي أن موجة الهبوط العنيف لا تقتصر على أسواق الأسهم فقط، لكنها تمتد لتشمل هبوط الدولار وكذلك أسواق النفط، ما ينذر بأن عام 2019 سيكون «عاماً عاصفاً»، مع تزايد دعوات المؤسسات البحثية وبيوت الاستشارات الاقتصادية للمستثمرين إلى ضرورة «توخي الحذر الشديد والتحوط» خلال الفترة الحالية على المدى المتوسط.
وحسب تقارير اقتصادية، فإن أسواق الأسهم الأميركية في طريقها لتسجيل «أسوأ أداء في ديسمبر (كانون الأول)» منذ الكساد الكبير قبل نحو 90 عاماً، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن بي سي» الأميركية، حيث سجل مؤشرا «داو جونز» و«ستاندرد آند بورز 500» تراجعاً بنسبة 7.8 و7.6% على الترتيب منذ بداية الشهر الجاري، بما يعني أنهما في الطريق لتسجيل «أسوأ أداء في ديسمبر» منذ ديسمبر 1931... وذلك على الرغم من «كون شهر ديسمبر عادةً شهر جيد بالنسبة إلى الأسواق».
وقال أحد المراقبين لـ«وول ستريت جورنال»: «إنها سوق غادرة في الوقت الحالي»، مشيراً إلى أن «معنويات المستثمرين قد تغيرت، وأن عقلية (الشراء عند القاع) كانت تبلي بلاءً حسناً في أوقات سابقة، وكانت دورات التراجع أقصر، ولكن هذه المرة هذا لا يحدث».
وبدورها أشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أهمية مراقبة قطاع التجزئة الأميركي لمعرفة ما قد يحدث، مشيرة إلى أن أسهم القطاع في طريقها لتسجيل أكبر موجة بيعية منذ الأزمة المالية العالمية، على الرغم من التوقعات بصعود مبيعات القطاع خلال فترة أعياد الميلاد، وذلك نظراً إلى أن قطاع التجزئة في قلب المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وكانت عوائد المؤشر سلبية على مدار العام، وهو الأمر الذي اعتبره محللون «صادماً» في ظل زعم الشركات أنها تسير في طريقها الصحيح إلى إنفاق مبالغ قياسية على عمليات إعادة شراء الأسهم، وبدأ سريان الإعفاءات الضريبية الضخمة للشركات.
وانخفض مؤشر «بلومبيرغ باركليز» -وهو يقيس سندات الشركات الأميركية من حيث معدلات الاستثمار وثبات السعر، ويشمل الأوراق المالية المقومة بالدولار الأميركي والتي يتم إصدارها بشكل علني من قبل جهات الإصدار الأميركية وغير الأميركية- من 145 نقطة أساس إلى 140 نقطة أساس الأسبوع الماضي، ويعد هذا تحسناً في هوامش الائتمان.
من جهته، فإن مؤشر «CDX IG»، المؤلَّف من 125 شركة ويقيس درجة الاستثمار والائتمان للشركات ويسمح للمستثمرين باتخاذ مواقف التحوط أو المضاربة، ارتفع يوم الاثنين إلى 79.25 نقطة، وهو أكثر بثلاث نقاط أساسية من نقطة إغلاقه يوم الجمعة الماضي. وارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات من 2.85% إلى 2.89% خلال الأسبوع الماضي.
وعمت المؤشرات الهبوطية الحمراء أغلب البورصات الكبرى، حيث شهدت الأسهم الأميركية والأوروبية والآسيوية خسائر حادة، مع وجود غالبية القطاعات في المنطقة السلبية. ويتلاءم ما يحدث في الأسواق إلى حد كبير مع حجم المخاوف المحيطة بالنمو العالمي في أعقاب بيانات ضعيفة من الصين وأوروبا الأسبوع الماضي، حيث سجلت الصين بيانات مبيعات تجزئة أقل من المتوقع، لتنمو بأضعف وتيرة لها منذ 2003.
وقال بنك التسويات الدولية «BIS»، وهو مجموعة شاملة للبنوك المركزية في العالم، يوم الأحد الماضي في مذكرة، إن التوترات الأخيرة في السوق هي علامة على المزيد من الاضطراب في المستقبل، وحذر من أن «معادلة تطبيع السياسة النقدية» قد تؤدي إلى موجات بيعية حادة في المستقبل القريب.
المخاوف من «انهيار وشيك» تخيِّم على أسواق الأسهم
«وول ستريت» يشهد أسوأ ديسمبر منذ «الكساد الكبير»
المخاوف من «انهيار وشيك» تخيِّم على أسواق الأسهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة