اختبار الحديدة يبدأ الثلاثاء... والضباط الأمميون «مراقِبون»

جانب من اليوم النهائي لمشاورات السويد التي أعلنت نتائجها الخميس الماضي (أ.ف.ب)
جانب من اليوم النهائي لمشاورات السويد التي أعلنت نتائجها الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

اختبار الحديدة يبدأ الثلاثاء... والضباط الأمميون «مراقِبون»

جانب من اليوم النهائي لمشاورات السويد التي أعلنت نتائجها الخميس الماضي (أ.ف.ب)
جانب من اليوم النهائي لمشاورات السويد التي أعلنت نتائجها الخميس الماضي (أ.ف.ب)

تدخل اتفاقية الحديدة الناتجة عن اتفاق استوكهولم اليمني «حيز الاختبار» والتنفيذ صباح الثلاثاء. ويبدو أن أهالي مدينة الحديدة، وهم جزء من 27 مليون يمني علقوا آمالهم على الاتفاق الذي خرج الأسبوع الماضي بورقة واتفاق وتفاهم، والتزام بالتنفيذ واستكمال التشاور؛ سيكونون اللجنة الكبرى التي تراقب مدى التزام كل طرف ببناء الثقة والحرص على الخروج من كابوس الحرب الذي بدأ في سبتمبر (أيلول) 2014، وما زال جاثماً على حياة اليمنيين ومستقبلهم.
يقول وزير الخارجية اليمني خالد اليماني إن «المبدأ الأساسي يفيد بأنهم (أي الحوثيين) عليهم أن ينسحبوا من الموانئ (الحديدة ورأس عيسى والصليف) خلال الأيام الأربعة الأولى من الاتفاق». وهذا ما يفسر حديث المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث في اليوم الأخير من المشاورات، إذ ذكر بأنه «خلال أيام سيتم نشر مراقبين دوليين، وستنهي الوحدات المسلحة انسحابها الكامل خلال 21 يوماً».
وقال مكتب غريفيث إن الأمم المتحدة «تعمل عن قرب مع الحكومة اليمنية وأنصار الله (الحوثيين)، لضمان التطبيق السريع والتام لاتفاق الحديدة». ويتوقع المبعوث الخاص من الطرفين «احترام التزاماتهما بمقتضى نص وروح اتفاق استوكهولم، والانخراط في التطبيق الفوري لبنود الاتفاق».
ويؤكد اليماني في اتصال أجرته «الشرق الأوسط» البارحة: «يجب عليهم تسليم الموانئ للأمم المتحدة، وإعطاء قيادة الموانئ للقيادات التي عملت في الموانئ عام 2014... يعني هذا أن كل من استحدثت وظائفهم بعد 2014 سيغادرون مواقعهم».
وتداولت وسائل إعلامية نبأ نشر قوات أممية في الحديدة، وهو ما نفاه مصدر غربي مطلع على سير المشاورات، وقال إن المراقبين الأمميين سيكونون «ضباطاً وجنرالات، ومهمتهم المراقبة وترؤس اللجان».
عزّز ذلك، ما نقلته «رويترز» عن مصدر بالأمم المتحدة، إذ قال: «في الوقت الذي ينص فيه اتفاق الحديدة على بدء فوري لوقف إطلاق النار، فمن الطبيعي أن تستغرق المسألة 48 إلى 72 ساعة لكي تصل الأوامر إلى مسرح العمليات... نتوقع أن ينفذ وقف إطلاق النار اعتباراً من الثلاثاء».
ويشدد وليد القديمي، وهو وكيل محافظة الحديدة بالحكومة اليمنية الشرعية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على «حرصنا بالالتزام وتنفيذ اتفاق السويد الذي سعى له المبعوث الأممي من أجل الوصول إلى حل لإنهاء أزمة أبناء محافظة الحديدة الذين ذاقوا مرّ العذاب جراء الحرب وأصبحوا لا يجدون لقمة العيش... ندعو الأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى سرعة تنفيذ الاتفاق حتى يتسنى للمواطنين النازحين والمشردين العودة إلى منازلهم، وهم في مأمن».
وأوضح وزير الخارجية اليمني أن الموظفين الأمميين سيراقبون مسألة إعادة انتشار القوات في الحديدة، بما فيها انسحاب الحوثيين، لافتاً إلى أن «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» ستضم أعضاء من الحكومة اليمنية ومن الطرف الحوثي أيضا، وزاد: «الأيام العشرون التالية سيتم انسحابهم بالكامل خارج المدينة، وقواتنا أيضاً ستنفذ عملية إعادة انتشار إلى حدود المدينة الجنوبية والشرقية».

الجولة الثانية والإطار التفاوضي
مع نهاية الشهر المقبل، وهو الموعد المرتقب للجولة الثانية من المشاورات، سيكون العالم أمام التطبيق العملي لالتزامات الحكومة اليمنية من جهة، والحوثيين من جهة أخرى.
وكشفت مصادر قريبة من المشاورات، عن توجه لطرح ملف الإطار التفاوضي (الحل الشامل) على رأس الأجندة عند عودة الطرفين إلى النقاش غير المباشر، نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل. ولفتت المصادر، التي فضّلت حجب هويتها، إلى شعور بأن الباب قد يكون أشبه بالمسدود حيال الإطار التفاوضي، ويفضل تأجيله كملف آخر، وليس بداية للمشاورات، وأرجعت ذلك إلى أن مزيداً من خطوات بناء الثقة قد تكون أقرب بين الطرفين وأكثر مرونة للحل، كملف مطار صنعاء أو الجانب الاقتصادي.
وذكرت المصادر ذاتها، أن الإطار التفاوضي جرى تسليمه للطرفين على أن يدرساه ويبحثا لاحقاً مسألة تحقيقه، رغم وضوح موقف «الشرعية» والحوثيين في مسألة البداية بالجانب الأمني أم بتشكيل الحكومة، إذ تتمسك الحكومة اليمنية بعدم تجزئة الحل أو الخوض في أي نقاش سياسي قبل الانسحاب وتسليم الأسلحة، في الوقت الذي يتمسك فيه الحوثيون بعكس ذلك.
ويرى وزير الخارجية اليمني أنه يجب ألا تتم دعوة الأطراف إلى جولة ثانية «إلا بعد تنفيذ الالتزامات الواردة في اتفاقية استوكهولم على الأرض، بمعنى أن يتم إطلاق سراح المختطفين والمعتقلين والأسرى ومن في السجون. وثانياً تنفيذ الانسحاب من الحديدة وتأمينها وعودة السلطات المحلية لممارسة مهامها، قبل الخوض في أي جولة مقبلة».
يشار إلى أن غريفيث قال في إحاطته يوم الجمعة الماضي للمجلس حول الإطار التفاوضي، إن الطرفين «ناقشا في السويد أيضاً اتفاق الإطار الذي قدمته لكم هنا في يونيو (حزيران)، والذي يستند على المراجع الثلاثة؛ مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2216 لعام 2015».
وشدد المبعوث على أن «المبدأ الأساسي في اتفاق الإطار هذا هو استعادة دور مؤسسات الدولة، واحتكار الدولة الحصري للقوة. وذلك من خلال مسار سياسي واضح لجميع الأطراف ولجميع أولئك الذين لهم دور في حل هذا الصراع، حتى يعود اليمن إلى السياسة المدنية والسلام».
وزاد: «لقد وافق الطرفان على مناقشة اتفاق الإطار في الجولة المقبلة من المشاورات. وأنا أشعر بتفاؤل كبير من هذا الالتزام، كما أنني مسرور بالردود الإيجابية بشكل عام التي تلقيتها من الأطراف بشأن اتفاق الإطار. أعتقد أنه يمكننا القول بأن أنصار الله (الحوثيين) يتفقون مع المضمون العام لجميع عناصر الإطار، بينما لدى الحكومة اليمنية بعض التحفظات التي أتفهمها وأحترمها. والخطوة التالية ستكون دراسة جدية لاقتراحات الحكومة، عندما يلتقي الطرفان في الجولة المقبلة. وسيكون الهدف أن ننتقل من التناول الإنساني الأساسي الذي تمت مناقشته في السويد، إلى تناول جديّ للقضايا السياسية التي تجب معالجتها بين الطرفين من أجل حل النزاع في اليمن».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.