«السترات الحمراء» التونسية استلهمت نشاطها من «السترات الصفراء» الفرنسية

الناشط رياض جراد
الناشط رياض جراد
TT

«السترات الحمراء» التونسية استلهمت نشاطها من «السترات الصفراء» الفرنسية

الناشط رياض جراد
الناشط رياض جراد

أعلنت حركة «السترات الحمراء» في تونس، أمس، أنها استلهمت تحركها من حملة أصحاب «السترات الصفراء» الفرنسية، للإعلان عن مطالب شعبية واجتماعية واقتصادية.
ونظم نشطاء من الحركة الوليدة، وهم يرتدون قمصاناً حمراء، مؤتمراً صحافياً في العاصمة، للإعلان رسمياً عن نشاط حركة «السترات الحمراء»، وتحديد مطالبها. وقال الناشط رياض جراد: «استلهمنا تحركنا من السترات الصفراء، وحاولنا أن نجعلها تونسية وفق مطالب واستحقاقات تونسية». وأضاف جراد: «الحركة ستكون أفقية ومفتوحة لعموم التونسيين، ولها مطالب ترتبط بالتنمية، وتحسين ظروف العيش، ومحاربة الغلاء وارتفاع الأسعار».
وتتهم الحركة الحكومة والطبقة السياسية بالفشل في إدارة البلاد وتحقيق مطالب التونسيين، منذ الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011، في احتجاجات كان شعارها الرئيسي العدالة الاجتماعية والحرية والعيش الكريم. وقال جراد: «الشعب التونسي لم يجد إلا الفساد، وسوء الإدارة، والفشل، والتنمية غير العادلة، وارتفاع نسب الفقر».
وقال أيضاً الناشط في الحركة، نجيب الدزيري: «نريد أن نحمَّلهم المسؤولية (الطبقة السياسية)، فالشعب التونسي يصرخ: نحن نريد أن نحلم من أجل أطفالنا، لن نبقى مكتوفي الأيدي». وأضاف الدزيري: «مثل حركة السترات الصفراء التي حددت 50 مطلباً في فرنسا، نحن حددنا 22 مطلباً اجتماعياً واقتصادياً. من هنا جاءت فكرة السترات الحمراء. نحن ندعو إلى الاحتجاجات السلمية، وضد الفوضى والتخريب».
وتتضمن مطالب الحركة بالخصوص، تحسين ظروف العيش، وإصلاحات عاجلة لقطاعات الصحة والتعليم والنقل العمومية، وتحسين الأجر الأدنى، وجرايات التقاعد، وصيانة الطرق والبنية التحتية، ومحاسبة الفاسدين في الإدارة.
وأعلنت الحركة، في المؤتمر الصحافي أمس، عن الانطلاق في تكوين تنسيقيات لها في الجهات، لتأطير الاحتجاجات السلمية. كما شددت على أن الحركة لا تتبع أي حزب أو جمعية، ولا تتلقى تمويلات من رجال أعمال، ولا من أي أطراف أخرى. وقال جراد: «الحركة ستكون لسان حال الطبقات المهمشة، وستكون صوتاً مسموعاً لمن لا صوت لهم».
ونجحت تونس في تحقيق انتقال ديمقراطي ملهم في المنطقة العربية، غير أنها تواجه متاعب اقتصادية كبرى ولَّدت احتجاجات اجتماعية متكررة، رغم صعود تسع حكومات إلى السلطة منذ عام 2011.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.