الجيش يعزز إجراءاته في بعلبك بعد مواجهة مع مطلوبين

قوى الأمن تستكمل مسار تفكيك البؤر والظواهر الأمنية في المنطقة

TT

الجيش يعزز إجراءاته في بعلبك بعد مواجهة مع مطلوبين

اتخذ الجيش اللبناني إجراءات أمنية مشددة في منطقة بعلبك، شرق لبنان، إثر تعرض إحدى دورياته لإطلاق نار كثيف من قبل مسلحين، ما أسفر عن سقوط عسكري وإصابة ثلاثة آخرين. وأطلق الجيش عملية تعقب للمتورطين الذين يتحدرون من آخر بؤرة أمنية يلوذ بها مطلوبون للسلطات اللبنانية في مدينة بعلبك، شرق لبنان، وتلاحقهم الدولة في عمليات مستمرة منذ الصيف الماضي، بهدف تفكيك تلك المظاهر المسلحة في المنطقة.
وتعرضت الدورية لإطلاق نار كثيف من قبل مسلحين، أثناء مرورها في محيط حي الشراونة - بعلبك، وتزامن ذلك مع تعرُّض مركز تابع للجيش في حي الشراونة، ومركز المطربة في بلدة القصر - الهرمل (القريبة من الحدود مع سوريا) لإطلاق نار مماثل، بحسب ما أفادت به قيادة الجيش اللبناني في بيان أصدرته مديرية التوجيه، وأشارت إلى أن الجيش «رد على مصادر النيران، ونتج عن الاشتباك إصابة 4 عسكريين» توفي أحدهم، أمس، متأثراً بإصابته. ولفتت قيادة الجيش إلى أنه «تم تعزيز قوى الجيش في المنطقة لضبط الوضع، وتجري ملاحقة مطلقي النار لتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص».
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بـ«استشهاد المجند في الجيش رؤوف حسن يزبك متأثراً بجروحه بعد إصابته بطلق ناري في الصدر جراء تعرض دورية للجيش لإطلاق نار من قبل مسلحين من آل جعفر في حي الشراونة في بعلبك». وتحدثت معلومات عن أن الجيش يعمل على ملاحقة محمد جعفر الملقب بـ«محمد دورة» ومجموعته، وهو أحد أبرز المتهمين باستهداف دورية الجيش في حي الشراونة.
وأمس، أفادت مصادر ميدانية بتوقيف محمد علي مظلوم الملقب بـ«محمد الشبح» على مفرق بلدة بريتال، وهو ناشط في أعمال السلب وسرقة السيارات، ما يؤشر إلى أن عمليات ملاحقة المطلوبين مستمرة وبوتيرة عالية، بغرض إنهاء هذه الظاهرة في شرق لبنان، تفعيلاً للخطط الأمنية الموضوعة، التي تُطبق وفق توقيت يختاره الجيش.
وتعتبر منطقة الشراونة بؤرة أمنية في مدينة بعلبك يلوذ بها مطلوبون للسلطات اللبنانية. ولم تنفِ مصادر عسكرية ولم تؤكد إذا كان الجيش اتخذ القرار النهائي بتفكيك هذه البؤرة الأمنية، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش «هو مَن يحدد ساعة الصفر وطبيعة الإجراءات التي ينوي اتخاذها».
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش «لا يزال موجوداً في حي الشراونة، ولم يتغير أي شيء بعد تعرض إحدى دورياته لكمين»، مشيرة إلى أن وحدات الجيش «لاحقت المطلوبين المتورطين بالاعتداءات على الناس والجيش والقوى الأمنية».
ويُعدّ حي الشراونة من آخر البؤر الأمنية التي فككها الجيش في منطقة شرق لبنان، وتؤوي عصابات الخطف والسرقة وتجار المخدرات، ويلوذ بها مطلوبون للدولة، وبعضهم متورط بحوادث إطلاق النار على الجيش والقوى الأمنية. وبدأ الجيش مسار تفكيك تلك البؤر بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وأخذ يلاحق المطلوبين ضمن حملات أمنية واسعة، أفضت إلى هرب جزء من المطلوبين باتجاه الأراضي السورية، ومقتل آخرين أثناء تبادل إطلاق النار مع وحدات الجيش والقوى الأمنية.
واستطاع الجيش تأمين منطقة حزين قرب بريتال، حيث يوجَد الآن في داخل البلدة وعلى أطرافها في الأوتوستراد وصولاً إلى الجرود الحدودية مع سوريا.
وقالت مصادر ميدانية في البقاع لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات السرقة «تضاءلت بشكل كبير بعد الحملات الأمنية التي نفذها الجيش»، مشيرة إلى أن تلك الحملات أسفرت عن مقتل واحد من أبرز المطلوبين هو علي زيد إسماعيل قبل ثلاثة أشهر، كما أسفرت، في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن مقتل المدعو جوزف حمدان جعفر المطلوب للقضاء بموجب 200 مذكرة توقيف والمتورّط مع عصابته بأعمال جرمية متعدّدة واستهداف الجيش، وتأليف عصابة خطف وسلب بقوّة السلاح والسطو على مصارف، والإتجار بالمخدرات وترويجها في المناطق اللبنانية كافة، والإتجار بالأسلحة والذخائر الحربية على أنواعها. وقتل المطلوب جعفر خلال مداهمة قوة من الجيش لمنزل في منطقة الشراونة في بعلبك لتوقيف مجموعة من المطلوبين بأعمال جرمية يشكّلون عصابة مسلّحة خطيرة، وحصل تبادل إطلاق نار أدّى إلى مقتل أربعة منهم بينهم جوزيف جعفر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.