أكراد سوريا يحضون دمشق على اتخاذ موقف من تهديدات أنقرة

أعلنوا «النفير العام» شرق الفرات لصد هجوم تركي

TT

أكراد سوريا يحضون دمشق على اتخاذ موقف من تهديدات أنقرة

ردت وحدات حماية الشعب الكردية، الأربعاء، على تهديدات أنقرة بشن هجوم جديد في شمال شرقي سوريا، منبهة إلى أن أي عملية تركية ستؤثر على المعركة ضد تنظيم داعش. وحضت دمشق على اتخاذ موقف من ذلك.
ووحدات حماية الشعب الكردية، المكون الأبرز في «قوات سوريا الديمقراطية» التي تخوض مع واشنطن حملة ضد تنظيم داعش في هذا البلد، ذكرت أيضاً أن الولايات المتحدة لديها «التزامات» تجاه الأكراد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن، الأربعاء، أن بلاده ستنفذ في غضون أيام عملية جديدة في سوريا ضد المقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة؛ ما يهدد بتوتر أكبر في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة.
وعن التهديدات التركية، صرح المتحدث الرسمي باسم وحدات حماية الشعب، نوري محمود، في مدينة القامشلي «تتزامن التهديدات للمرة الثالثة مع تقدم قواتنا ضد الإرهابيين، وهذه المرة مع دخول قواتنا إلى هجين بدأ إردوغان بتهديد مناطقنا».
وهجين من آخر المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في الشرق السوري قرب الحدود العراقية.
وأضاف محمود: «إذا تم أي هجوم على مكتسباتنا من أي جهة كانت، سيتم اتخاذ التدابير الدفاعية، ومن دون شك إن حدث أي هجوم على شمال سوريا سوف يؤثر بشكل مباشر على معركة هجين، وسوف تعود تلك القوات التي تحارب في هجين للدفاع عن مناطقها وعوائلها، وهي من أولوياتها، والتهديدات التركية كانت سبباً في إيقاف الحملة مرتين».
وتابع: «في حال تعرضنا لأي هجوم سوف نتخذ حق الدفاع المشروع عن مناطقنا، وسوف نقاوم حتى النهاية».
وقال المتحدث أيضاً: «لأميركا ودول التحالف التزامات تجاه شمال سوريا، ونقاط المراقبة على الحدود كانت ضمن هذه الالتزامات، وهي لأجل الإثبات أن الأمن التركي غير مهدد».
بدوره، دعا المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا «المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة والتحالف الدولي ضد (داعش) إلى أن يتخذ موقفاً ضد مخططات إردوغان العدوانية؛ لأنها خرق للقانون الدولي وحالة احتلال وضرب للمواثيق الدولية عرض الحائط».
ودعا أيضاً في بيان «الحكومة السورية إلى أن تتخذ الموقف الرسمي ضد هذا التهديد؛ لأن إردوغان يريد أن يحتل جزءاً من سوريا وهذا يعني اعتداء على السيادة السورية».
وحققت «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم أميركي تقدماً داخل هجين أبرز البلدات الواقعة ضمن الجيب الأخير الذي يسيطر عليه تنظيم داعش في شرق البلاد، وفق ما قال أحد قيادييها الأسبوع الماضي.
وتشنّ هذه القوات المؤلفة من فصائل كردية وعربية، منذ 10 سبتمبر (أيلول) هجوماً بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن لطرد التنظيم من هذا الجيب الواقع في ريف دير الزور الشرقي بمحاذاة الحدود العراقية. ويدافع التنظيم بشراسة عن المنطقة وأبرز بلداتها هجين والسوسة والشعفة.
ودعا المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الحكومة السورية، إلى التدخل ضد التهديدات التركية باجتياح شمالي سوريا، وإعلان النفير العام في الشمال السوري.
وقال المجلس في بيان له، الأربعاء، تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه: «ندعو الحكومة السورية إلى أن تتخذ الموقف الرسمي ضد هذا التهديد؛ لأن (الرئيس التركي رجب الطيب) إردوغان يريد أن يحتل جزءاً من سوريا، وهذا يعني اعتداء على السيادة السورية».
واستنكر المجلس التنفيذي تصريحات وتهديدات إردوغان «العدائية ضد مناطقنا، وأنه منذ بداية الأزمة السورية يحاول أن يقتطع أجزاء من سوريا ويلحقها بتركيا، وهدف إردوغان ليس شمال وشرق سوريا، وإنما يستهدف وحدة التراب السوري».
وتابع: إنه «في الوقت الذي يلفظ (داعش) أنفاسه الأخيرة في دير الزور، يحاول إردوغان عبر تهديداته باجتياح سوريا، أن يخفف عنها ويطيل من حياتها، أيضاً هدف الدولة التركية هو ضرب النسيج الاجتماعي السوري، وحالة التعايش المشترك والتآخي بين مكونات الشعب السوري في شمال وشرق سوريا؛ لأنه يعتبر ذلك تهديداً لمصالحه وطموحاته التوسعية».
وأعلن المجلس التنفيذي «النفير العام في شمال وشرق سوريا، وندعو كل السوريين الشرفاء للوقوف صفاً واحداً ضد السياسات الاستعمارية للدولة التركية، واليوم هو يوم تكريس كل طاقاتنا في سبيل حماية أرضنا وعرضنا وشعبنا. يجب أن نعمل بكل ما في وسعنا من أجل أن نحافظ على وحدة أراضينا ووحدة وأخوة شعوبنا».
وناشد المجلس المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة والتحالف الدولي ضد «داعش» «بأن يتخذ موقفاً ضد مخططات إردوغان العدوانية هذه؛ لأنه خرق للقانون الدولي، وأنه حالة احتلال، وهو ضرب بالمواثيق الدولية عرض الحائط. وندعو الدول المشاركة في حلف الناتو بأن تقف ضد سياسات إردوغان؛ كونه يناقض مبادئ الحلف، حيث يستهدف منطقة لا تشكل أي تهديد أمني عليه».
وقالت مصادر في المعارضة السورية: إن الجيش التركي وفصائل المعارضة أرسلت تعزيزات عسكرية إلى مناطق شرق الفرات.
وقالت المصادر «إن مئات من الجنود الأتراك والجيش الحر وصلت إلى مدينة أقجا قلعة جنوب ولاية أورفا المواجهة لمدينة تل أبيض، وكذلك مقابل مدينة رأس العين في محافظة الحسكة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».