منظمة التحرير تدعو «حماس» لإنهاء الانقلاب وإنجاح المصالحة

بعد سقوط المشروع الأميركي لإدانة الحركة في الجمعية العامة

TT

منظمة التحرير تدعو «حماس» لإنهاء الانقلاب وإنجاح المصالحة

بعد سقوط المشروع الأميركي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة حركة «حماس»، لعدم حصوله على أكثرية الثلثين المطلوبة، خرجت الحكومتان الإسرائيلية والفلسطينية ترحبان، كل من منطلقها، فيما وجه قادة منظمة التحرير الفلسطينية نداء إلى الحركة، بأن تستخلص النتائج وتنهي انقلابها في قطاع غزة، وتتجه إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على مصلحتها الحزبية، وتساهم في إنجاح جهود المصالحة.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد شهدت صراعاً شديداً حول مشروع قرار تقدمت به المندوبة الأميركية نيكي هيلي لإدانة «حماس»، لـ«إطلاقها الصواريخ بصورة متكررة على إسرائيل، وللتحريض على العنف بما يعرض المدنيين للخطر»، ويطالب المشروع «حماس» والفصائل، بما في ذلك «الجهاد الإسلامي»، بوقف جميع الأعمال «الاستفزازية والأنشطة العنيفة، بما فيها استخدام الأجهزة الحارقة المحمولة جواً»، ويدين «استخدامها الموارد في غزة لإقامة بنى تحتية عسكرية تشمل الأنفاق، ومعدات إطلاق الصواريخ». وقد كان هذا المشروع بمثابة «هدية» تقدمها هيلي لإسرائيل، في نهاية خدمتها كمندوبة لبلادها في الأمم المتحدة. وسعت إسرائيل والولايات المتحدة بكل قوة إلى تجنيد التأييد للمشروع. وتحدثت بعض الدول عن «ضغوط شديدة» في هذا المضمار. وفي المقابل، عملت السلطة الفلسطينية مع المجموعة العربية على إفشال المشروع، إذ رأت فيه محاولة التفاف لدعم الاحتلال الإسرائيلي. وتوجه السفير الكويتي، منصور العتيبي، إلى الدول الأعضاء، طالباً باسم السعودية والبحرين والإمارات واليمن، بالتصويت ضده. وتمكن من تمرير قرار بأكثرية 3 أصوات تلزم بأن يحظى المشروع الأميركي بثلثي الأصوات حتى يصبح نافذاً.
وبهذا، لم تتمكن هيلي من تمرير مشروع القرار الأميركي، إذ لم يحصل على أغلبية الثلثين، علماً بأن عدد الدول التي صوتت لصالح المشروع بلغ 87 دولة، فيما عارضته 57، وامتنعت 33 دولة عن التصويت. ولوحظ أن واشنطن وتل أبيب نجحتا في تجنيد المجموعة الأوروبية (بما في ذلك مالطا وألبانيا) لصالح القرار، وكذلك غالبية دول أميركا اللاتينية وبعض الدول الأفريقية، مثل تشاد وجنوب السودان ورواندا، ودول آسيوية مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة واليابان.
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بهذه النتائج، رغم سقوط المشروع. ونوه بـ«الحصول على أغلبية ساحقة من الدول التي وقفت ضد منظمة حماس، في مشروع القرار الذي أدانها في الجمعية العامة للأمم المتحدة». وأضاف: «لم نحصل على أغلبية الثلثين، ولكن هذه هي أول مرة؛ حيث معظم الدول صوتت ضد (حماس) لذا أشيد بالـ87 دولة التي اتخذت موقفاً مبدئياً ضد (حماس). هذا إنجاز مهم للغاية حققته الولايات المتحدة وإسرائيل، وأشكر الإدارة الأميركية والسفيرة هيلي على هذه المبادرة». بالمقابل، رحبت الرئاسة الفلسطينية برفض الجمعية العامة مشروع القرار الأميركي، وشكرت الدول التي صوتت ضد مشروع القرار. ورأى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الوزير حسين الشيخ، أن «المشروع سقط ولكن، بعد المباركة والتمجيد والفرحة وبعد التقدير العالي للدبلوماسية الفلسطينية والشقيقة والصديقة، هناك حاجة الآن إلى وقفة وقراءة سياسية دقيقة لما تم على هذا المنبر الدولي، المعروف بمواقفه الداعمة والمساندة لنضال شعبنا بأغلبية كبيرة في معظم قراراته الأممية». وزاد: «من واجبنا أن نطرح تساؤلات عدة، بعد تصويت 87 دولة مع المشروع الأميركي: ألا يحتاج ذلك منا جميعاً، ومن حركة حماس أولاً، أن تعيد النظر في كثير من الملفات الداخلية والإقليمية والدولية؟ ألا يحتاج ذلك إلى دراسة جدية عميقة قبل أن تأخذنا الفرحة المشروعة إلى المغالاة والمبالغة؟ ألم يحن الوقت للالتصاق بالشرعية الفلسطينية حاضنة كفاحنا ونضالنا؟ ألم يأت وقت إنهاء الانقسام والانقلاب حتى الآن؟ ألم تصوت دول صديقة لنا مع مشروع القرار الأميركي؟ ألم تمتنع عن التصويت دول معروفه تاريخياً بمواقفها المساندة لنضال شعبنا وكفاحه من أجل الحرية والاستقلال؟». واعتبر تلك «أسئلة كثيرة نحتاج للوقوف أمامها بموضوعية وصدق مع الذات، حتى نعطي إجابات تخدم قضيتنا، وترسم معالم استراتيجية عملنا للوصول إلى أهدافنا الكبرى».
ورأى وزير الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية رياض المالكي، أن التصويت في الجمعية العامة «يؤكد عدم اقتناع العالم ورفضه المطلق لفرض الإملاءات وتزوير وتحريف الحقائق، الذي تمارسه الولايات المتحدة على المستوى الدولي لصالح نظام الاحتلال الاستعماري، الذي تحاول إسرائيل ترسيخه على أرض دولة فلسطين المحتلة». وقال إن «كل أساليب التحايل والضغط والترهيب التي مارستها الإدارة الأميركية على كافة الدول الأعضاء، لم تجد نفعاً في تمرير مشروع القرار الذي يشوه الحقائق، ويسعى إلى إلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني، ويشجع إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، على مواصلة ممارساتها الاستعمارية وتدمير أي مستقبل للسلام».
وأشاد المالكي بالقرار الثاني الذي صدر في الجمعية العامة، فوراً بعد سقوط المشروع الأميركي، وقال: «الرد الدولي جاء مدوياً، من خلال الدعم الكاسح لمشروع القرار الذي قدمته آيرلندا، الذي يؤكد على القانون والشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، وأسس أي حل». وأكد أن رفض الولايات المتحدة وإسرائيل لهذا القرار يدلل على عدم اكتراثهم بالقانون الدولي أو الشرعية الدولية، اللذين تجسدهما الجمعية العامة للأمم المتحدة. ورحب المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود بنتائج التصويت في الجمعية العامة: «التي أظهرت انحياز العالم إلى الحق الفلسطيني، ونبذ سبل الهيمنة والغطرسة ودعم الاحتلال التي تمارسها الإدارة الأميركية».
وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، إن منظمة التحرير «أثبتت اليوم أنها قادرة على حماية المشروع الوطني الفلسطيني، وإفشال كافة المؤامرات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية». وأشار إلى دعم «المجموعة العربية وكافة أحرار العالم لمنظمة التحرير الفلسطينية، في تصديها للمشروع الأميركي الموجه ضد حركة حماس»، ورأى أن هذه المواقف «أثبتت أن العالم يقف مع الحق الفلسطيني، وأن القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، قادرة على حماية حقوق شعبنا، وإسقاط كل المشروعات الهادفة للمساس بحقوقنا المشروعة».
وشدد أبو ردينة على أن إسقاط القرار الأميركي «يشكل أيضاً رسالة للإدارة الأميركية ولإسرائيل، بأن كل المؤامرات على القيادة والشرعية الفلسطينية لن تمر، وأن على الجميع أن يفهموا أن هناك قيادة فلسطينية حريصة على حقوق شعبها، ولن تسمح بالمساس بها مهما كانت الضغوط أو التهديدات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».