الحوثي يهدد بإغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات الإنسانية

الميليشيات تواكب مشاورات السويد بتصعيد القمع وتحشيد المجندين

قوات تابعة للشرعية عند نقطة أمن في المكلا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
قوات تابعة للشرعية عند نقطة أمن في المكلا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

الحوثي يهدد بإغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات الإنسانية

قوات تابعة للشرعية عند نقطة أمن في المكلا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
قوات تابعة للشرعية عند نقطة أمن في المكلا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تسعى فيه الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث، لإيجاد صيغة اتفاق بين وفد الميليشيات الحوثية والحكومة الشرعية لإعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية على طاولة مشاورات السويد هددت الجماعة، أمس، بإغلاق المطار كلياً أمام الرحلات الإنسانية التي تسيّرها وكالات الأمم المتحدة.
جاء ذلك في وقت واكبت الجماعة الموالية لإيران المشاورات الدائرة في السويد برعاية الأمم المتحدة بالمزيد من التصعيد الميداني على مستوى حشد المجندين، وتسيير القوافل الغذائية للمقاتلين، وتصعيد أعمال القمع والاختطافات في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة. وفي هذا السياق هدد القيادي في الجماعة ورئيس ما تسمي «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي، بأن جماعته ستغلق مطار صنعاء نهائياً أمام الرحلات الإنسانية إذا لم تتوصل المشاورات في السويد إلى الموافقة على إعادة فتح المطار بما يخدم أهداف الجماعة الانقلابية لفك العزلة المفروضة عليها دولياً وإعادة تسخير المطار لأهدافها الانقلابية المتمثلة في تهريب الأسلحة والأموال وتنقل قادة الجماعة.
وتتخذ الميليشيات الحوثية من ذريعة إعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية شعاراً للمزايدة بمعاناة المرضى والمسافرين، في الوقت الذي تحاول الاستفادة من العائدات المالية التي توفرها إعادة فتح المطار، إلى جانب الأهداف الأخرى التي تريد تحقيقها من هذا الأمر، طبقاً لما يقوله العديد من المراقبين لسلوك الجماعة الحوثية.
ويرجح المراقبون موافقة الحكومة الشرعية خلال المشاورات في السويد على إعادة فتح المطار أمام الرحلات التجارية الداخلية لنقل الركاب من صنعاء إلى بقية المدن اليمنية، لرفع المشقة عن المرضى وكبار السن الراغبين في المغادرة للعلاج في الخارج عن طريق المطارات الخاضعة للشرعية في عدن وسيئون.
وقال الحوثي في تغريدات تابعتها «الشرق الأوسط» أمس، إنه يدعو سلطات جماعته إلى إغلاق مطار صنعاء أمام جميع الرحلات بما فيها التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إذا لم تتم الموافقة على إعادة فتح المطار دون قيود أمام جماعته الانقلابية.
إلى ذلك، واصلت الجماعة في الأيام الماضية أعمال التحشيد للمجندين في صنعاء وإب، كما واصلت إجبار السكان في مناطق المحويت وحجة وعمران على إرسال القوافل الغذائية إلى مقاتلي الجماعة المرابطين في جبهة الساحل الغربي. وأفاد لـ«الشرق الأوسط» شهود في محافظة إب بأن قيادات الحوثي في المحافظة تواصل تحركاتها في المديريات والقرى بهدف الضغط على زعماء القبائل من أجل إجبار السكان على إرسال المزيد من أبنائهم إلى صفوف الجماعة في جبهات القتال.
وقالت مصادر حزبية في المحافظة تحدثت إلى «الشرق الأوسط» إن إصرار الجماعة وإلحاحها على البحث عن مزيد من المجندين يتنافى من مزاعمها أنها تسعى إلى إحلال السلام والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الانقلاب.
إلى ذلك أفاد المتحدث باسم قوات المقاومة الوطنية التي يقودها نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، العقيد الركن صادق دويد، بأن ميليشيات الحوثي تواصل تفخيخ المباني والطرقات والأحياء المسيطرة عليها في الحديدة.
وقال دويد في تغريدة على «تويتر» تابعتها «الشرق الأوسط»: «ذهب وفد الميليشيات الحوثية إلى السويد، وهم في ذات الوقت مستمرون في التفخيخ للمباني والحدائق والطرقات في الأحياء المسيطرين عليها بمدينة الحديدة، وإرهاب المدنيين».
كانت الميليشيات الحوثية قد شنت حملات اعتقال واسعة في أحياء الحديدة ونقلت العشرات من المختطفين إلى أماكن مجهولة وسط حديث لمصادر حقوقية أكدت نقل المختطفين إلى معتقلات في محافظتي حجة والمحويت.
في السياق نفسه، كان مسلحو الجماعة في الحديدة، قد قاموا قبل أيام بنقل 12 راهبة من جنسيات أجنبية مختلفة إلى صنعاء بعد أن استولوا على مصحة عقلية للمرضى النفسيين كن يعملن بها، وحوّلوها إلى ثكنة عسكرية قبل أن يطردوا منها المرضى إلى أماكن غير معروفة.
وفي حين أكدت مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء، أن الجماعة الحوثية كثّفت أعمال الخطف والاعتقال في أوساط سكان صنعاء بالتزامن مع ذكرى مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، اعترفت الأجهزة الأمنية للجماعة الانقلابية بأنها اختطفت أكثر من 109 أشخاص خلال شهر واحد ممن وصفتهم الجماعة بـ«المطلوبين للأمن والعدالة».
ويقدر ناشطون حقوقيون يمنيون أن الجماعة الحوثية تحتجز في معتقلاتها أكثر من سبعة آلاف شخص ممن اختطفهم منذ انقلابها على الشرعية في سبتمبر (أيلول) 2014، بينهم العشرات من الصحافيين والناشطين والسياسيين.
وفي ذات السياق المتعلق بقمع الميليشيات الحوثية للسكان، أفادت مصادر أكاديمية في جامعة حجة الخاضعة للجماعة الحوثية، بأن عناصر حوثيين قاموا أول من أمس (الأربعاء)، باختطاف أربعة من أساتذة الجامعة إلى جهة مجهولة.
وذكرت المصادر أن الميليشيات قامت باختطاف كلٍّ من: عميد كلية العلوم التطبيقية بجامعه حجة الدكتور حميد عيسى، ورئيس قسم المايكروبولوجي الدكتور عبد السلام الثلايا، ورئيس قسم الجغرافيا سابقاً الدكتور همدان الهمداني، ورئيس قسم الحاسوب الدكتور زيد المرحبي، وقامت باقتيادهم إلى أماكن غير معروفة.
وحسب ما يقوله الحقوقيون اليمنيون، يعيش ملايين الأشخاص الخاضعين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية في حالة رعب دائم سببها انتهاكات الميليشيات الدائمة وقمعها للحريات الشخصية وتجريمها لأي سلوك مناهض لسلطاتها الانقلابية.
وإلى جانب أعمال القمع المتواصلة بحق السكان تتعمد الميليشيات الحوثية زيادة معاناة المواطنين برفع أسعار الوقود، وافتعال الأزمات المتواصلة في مادة الغاز المنزلي، فضلاً عن سطو قيادات الجماعة على أغلب المساعدات الإنسانية المقدَّمة من المنظمات الدولية وتحويلها لمصلحة مجهودها الحربي وأتباعها الطائفيين.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.