«سنة 8 آذار» مصرون على توزير أحدهم و«القوات» لحكومة «بمن حضر»

بوصعب يعتبر أن مطلبهم محرج لأنهم لا يشكّلون كتلة

الرئيس سعد الحريري وسط وفد من عائلات بيروت زاره في «بيت الوسط» (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري وسط وفد من عائلات بيروت زاره في «بيت الوسط» (دالاتي ونهرا)
TT

«سنة 8 آذار» مصرون على توزير أحدهم و«القوات» لحكومة «بمن حضر»

الرئيس سعد الحريري وسط وفد من عائلات بيروت زاره في «بيت الوسط» (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري وسط وفد من عائلات بيروت زاره في «بيت الوسط» (دالاتي ونهرا)

في وقت لا يزال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل يعمل على طرح أفكار لحلّ «العقدة السنية» التي تحول دون تأليف الحكومة اللبنانية، قال نواب سنة من فريق 8 آذار، المتحالفين مع «حزب الله»، بأنهم لم يلمسوا أي جدية في الطروحات المتداولة رافضين في الوقت عينه توزير أي شخصية من خارجهم، ما يعني رفضهم طرح باسيل الذي يتم التداول به لجهة اختيار وزير يرضي الجميع.
يأتي ذلك في وقت طالب فيه نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني (من «القوات») بتشكيل الحكومة «بمن حضر» على غرار ما كان يقال لـ«حزب القوات اللبنانية»، بينما عبّر الوزير السابق والنائب في «التيار الوطني الحر» إلياس بو صعب عن تفاؤله بتشكيل الحكومة الجديدة قبل الأعياد، محذراً من أنه في حال عدم التوصل إلى حل خلال شهر فهذا يُنبئ بأن الخلاف أصبح خارجياً.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية عن مصادر «اللقاء التشاوري» (سنة 8 آذار) في ردّ منها على ما يتم تداوله من أفكار للحل بالقول «كل ذلك يقع في خانة شراء الوقت أو ربما بيع الوقت، والنواب السنة المستقلون لم يلمسوا حتى اللحظة أي جدية في أي طرح من الطروحات المتداولة».
وفيما بدا كأنه انتقاد لطرح باسيل، أكدت المصادر أن «أي مبادرة لا تتضمن توزير أحد النواب السنة الستة في حكومة الوحدة الوطنية هي بمثابة المبادرة التي تولد ميتة، ولا يعنينا أن نناقشها مع أحد»، مستغربة كذلك «إصرار المبادرين على طرح توزير اللقاء التشاوري من حصة رئيس الجمهورية، مع أن اللقاء حسم الأمر منذ وقت طويل وقال بأنه لن يكون من حصة أحد».
من جهته، شدد النائب جهاد الصمد، أحد أعضاء اللقاء، التمسك بتمثيل أحدهم في الحكومة وقال في حديث تلفزيوني «سنناقش نوع الحقيبة التي سنقبل بها، بدءا من وزارة الداخلية إلى وزارة الاتصالات إلى بقية الحقائب الوزارية التي ستكون من حصة الطائفة السنّية وبتنا متحفظين جدا على القبول بوزارة دولة».
ورغم عدم صدور أي إيجابية لغاية الآن حيال الأفكار المطروحة للحلّ قال بو صعب إنه متفائل بتشكيل الحكومة الجديدة قبل الأعياد. ورأى في حديث إذاعي أن الحالة التمثيلية للنواب السنة ضمن اللقاء التشاوري موجودة ويجب مراعاتها في المضمون، أما في الشكل فإن أربعة منهم حضروا الاستشارات النيابية ضمن كتل متعددة، «وبالتالي فإن اجتماعهم ومطالبتهم بوزير أمر محرج في الشكل لأنهم لم يكونوا موحدين أثناء الاستشارات. وقال: «النواب الستة حتى هذه الساعة لا يشكلون كتلة بل ينضوون تحت مُسمّى اللقاء التشاوري». وإذ أعلن أن البحث يجري راهنا لإيجاد حل وسط لهذه الأزمة، استغرب بو صعب رفض الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري لقاءهم كاشفاً أن باسيل نصح الحريري بلقاء النواب السنة لأن ذلك لن يقلل من قيمته بل على العكس.
وعن مبادرة باسيل، أكد بو صعب أن الحل الذي يسعى إلى إيجاده يجب أن يكون وسطياً بين المطلبين المتناقضين وألا يكون على حساب أحد، مشيراً إلى أن هناك أكثر من فكرة يجري التداول بها منها إيجاد شخصية وسطية ترضي الطرفين أو رفع عدد الوزراء في الحكومة إلى اثنين وثلاثين. وأعلن بو صعب أن رئيس الجمهورية ميشال عون لن يبقى مكتوف الأيدي تجاه الوضع الحكومي القائم، مؤكداً أن لا نية لـ«حزب الله» لإضعاف العهد الجديد كما يحاول البعض أن يشيع، كما أن عون متمسك برفض إضعاف موقع الرئيس المكلف.
في المقابل، لا يرى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني أي بوادر إيجابية في الوقت الحالي لتشكيل الحكومة، مشيرا إلى أن ثمة إصرارا من بعض الأطراف على عدم التشكيل، ومؤكدا أن التأخير ليس من مصلحة الجميع.
ولفت في حديث إذاعي إلى أن «استحداث الكتل واللقاءات النيابية من هنا وهناك من مختلف الطوائف يعيق الإسراع بالتشكيل»، وذكّر بأنه «قيل للقوات اللبنانية مرات عدة إما أن تشاركوا وإما حكومة بمن حضر»، سائلا: «لماذا لا نسمع هذا الكلام اليوم؟ هل هناك خوف من الجهة المطالبة أم أن هناك اعتبارات أخرى؟ الموقف واضح اليوم: أما تشكل الحكومة كما تم الاتفاق عليها ولينضم من يريد، وأما البلد لم يعد يحتمل الانتظار لا على صعيد الوضع المالي ومالية الدولة».
واعتبر حاصباني أن «تطمينات حاكم مصرف لبنان باستقرار الوضع المالي جيدة ولكن هناك أمور أخرى كثيرة يجب معالجتها»، مضيفا «الأزمة لا تقتصر على استقرار سعر الليرة. كذلك إلى متى سينتظر المستثمرون الموعودون في مؤتمر «سيدر» والذي يتطلب منا إصلاحات كبيرة وقرارات سياسية جريئة؟ لسنا أمام أزمة بل على شفير انهيار إن لم تتشكل الحكومة سريعا».
وكرّر أمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري ما قاله رئيس الحكومة المكلف لجهة تمسّكه بموقفه وبالدفاع عن صلاحياته. وأكد أن «الدستور هو الذي يحدد كيف تتألف الحكومة، لا النواب الستة، ولا أي طرف يقف خلف النواب الستة، والدستور يقول إن مسؤولية التأليف عند الرئيس المكلف بالتعاون والتوافق مع رئيس الجمهورية، والدستور لم يتحدث عن طرف ثالث، فهناك توقيعان ولا وجود لتوقيع ثالث مهما كانت الضغوط. هذا هو اتفاق الطائف، وهذه هي الأصول، وخط سير الرئيس الحريري هو دائما الدفاع عن الأصول والدستور والطائف».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.