«سنّة 8 آذار» يصعّدون... و«المستقبل»: لن يطأوا «بيت الوسط»

تأليف الحكومة يراوح مكانه في غياب الحلول

سعد الحريري ترأس اجتماعا لتيار المستقبل في بيت الوسط أمس (دالاتي ونهرا)
سعد الحريري ترأس اجتماعا لتيار المستقبل في بيت الوسط أمس (دالاتي ونهرا)
TT

«سنّة 8 آذار» يصعّدون... و«المستقبل»: لن يطأوا «بيت الوسط»

سعد الحريري ترأس اجتماعا لتيار المستقبل في بيت الوسط أمس (دالاتي ونهرا)
سعد الحريري ترأس اجتماعا لتيار المستقبل في بيت الوسط أمس (دالاتي ونهرا)

رفع النواب المستقلون السنّة من سقف خطابهم بعد جرعات دعم تلقوها في اليومين الماضيين من تصريحات لمسؤولين في «حزب الله»، على رأسهم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، في حين لم يصدر أمس أي موقف من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أو مقربين منه، بانتظار ما ستصل إليه مبادرة وزير الخارجية جبران باسيل لإيجاد حل لمعضلة توزير سنّة «حزب الله».
وبينما يبدو الوضع الحكومي مجمداً حتى إشعار آخر، وبعد رفض الحريري استقبالهم، أعلن «اللقاء التشاوري» الذي يضم النواب السنة «عن سحب التنازل لجهة عدم اختيار الحقيبة التي سيتولاها الوزير الذي سيمثلهم». وقال النائب فيصل كرامي: «بعد رفض الحريري لقاءنا، نؤكد للمرة الثالثة على طلب الموعد، لأن لا حكمة بالرد على السلبية بسلبية مماثلة، تاركين للحريري حرية اختيار الموعد المناسب»، لافتاً إلى أنّ «المسألة سياسية ودستورية وليست شخصية مع الحريري، والمبادرة إلى طلب الموعد هو تنازل بالشكل من قبلنا».
وقال الصمد: حل العقدة الدرزية جاء بتنازل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن مقعد من ثلاثة، وهو أمر غير متوافر بالنسبة إليهم؛ ذلك أنهم يطالبون بمقعد واحد. ورأى أنه يمكن أن تولد الحكومة في أي وقت إذا وجدت الثقة بين الحلفاء، غامزاً من قناة التيار الوطني الحر المطالب بالتنازل عن مقعد في الحكومة لصالح النواب السنة الستة.
وفي حين ليس واضحاً بعد سبب تصعيد حلفاء «حزب الله» في وجه رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف، نقلت «المركزية» عن مصادر سياسية، أن الحزب لن يغير موقفه إزاء العقدة السنية، ويستفيد من المطلب الذي يرفع لواءه أعضاء اللقاء التشاوري، لمنع العهد والدائرين في فلكه من الحصول على الثلث المعطل في الحكومة المقبلة. ذلك أن الجميع، بمن فيهم الحزب، يجرون حسابات حكومية ذات طابع استراتيجي بعيد المدى، معتبرين أن الفريق الوزاري العتيد من المفترض أن يعمّر حتى الانتخابات النيابية المقبلة، بحسب المصادر.
ولفتت المصادر إلى أن الحزب قد لا يسمح للرئيس عون وفريقه: «بأن يمسك بورقة الثلث المعطل التي تتيح له تحكماً شبه مطلق بالحكومة». ولم يغب عن بال المصادر التذكير بأن العلاقة على خط رئاسة الجمهورية - «حزب الله» ليست في أفضل حالاتها، بدليل التسريبات الإعلامية عن لقاء «عاصف» جمع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بباسيل، عشية خطاب نصر الله الأخير، إضافة إلى اعتراض عون العلني على تمسك «حزب الله» بمطلب توزير السنة المعارضين.
وعلى خط «تيار المستقبل»، قال مصدر قيادي في التيار للمركزية، تعليقاً على تكرار سنة «حزب الله» معزوفة طلب اللقاء مع الحريري: «كيف يمكن للرئيس المكلف أن يستقبل مجموعة نواب وهناك في صفوفها من يتهمه بالعمالة للمحور الأميركي - الإسرائيلي. أشخاص من هذا المستوى لن يطأوا بيت الوسط»، في إشارة إلى مقرّ إقامة الحريري.
وبدا واضحاً تمسك «التيار» بالحصول على الثلث المعطل في الحكومة، وذلك في تغريدة للنائب سليم عون قال فيها: ما ذنبنا، فخامة الرئيس، ونحن، إذا كان حقنا وحجم تمثيلنا، يتجاوز ثلث الحكومة؟ كما أشار وزير الاقتصاد رائد خوري، وهو من حصة عون، في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان»، أمس، إلى «أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان دائماً (بي الكل) و(أم الصبي) وأم البلد بكامله». واعتبر «انه أكثر من يعاني من الشلل الحاصل على صعيد تشكيل الحكومة فهو المتضرر الأول؛ لأن هذا العهد هو عهده... وسيسعى كما فعل دائماً لإيجاد الحلول المناسبة». ونفى علمه من أي حصة سيمثَّل السنة المستقلون.
في حين اعتبر النائب المقرب من القوات اللبنانية زياد حواط، أن «(الطائف) في خطر، ولبنان الرسالة والميثاق والعيش المشترك مهدد بالسقوط. كفى أجندات إقليمية ودولية، عودوا إلى الدستور»، غرّد عضو كتلة بري النائب علي خريس قائلاً: ما يتوجب علينا اليوم جميعاً أن نتخلى عن الأنانيات والحصص، وأن تتضافر الجهود لكي نبني وطناً يليق بهذا الشعب الصامد المجاهد لكي ينعم بالأمن والأمان سياسياً وأمنياً واجتماعياً وبيئياً على مساحة كل لبنان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».