«البصل» يقود ثورة التضخم في تركيا... والحكومة تنتفض للمواجهةhttps://aawsat.com/home/article/1483061/%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D9%84%C2%BB-%D9%8A%D9%82%D9%88%D8%AF-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B6%D8%AE%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D9%81%D8%B6-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9
«البصل» يقود ثورة التضخم في تركيا... والحكومة تنتفض للمواجهة
يشكو الأتراك من الارتفاع الكبير في أسعار المنتجات الغذائية (رويترز)
يقود البصل حاليا موجة الارتفاع في أسعار المواد الغذائية في تركيا التي تعتبر في مقدمة أسباب ارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة منذ 15 عاما في ظل عجز الحكومة عن اتباع أدوات فعاله لكبح معدله الذي وصل إلى أكثر من 25 في المائة. وتحاول الحكومة اتخاذ تدابير لخفض أسعار البصل في إطار محاولاتها لكبح جماح التضخم وتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد التي نتجت عن انهيار سعر صرف الليرة التركية في الأشهر الأخيرة. وسجلت أسعار البصل في أسواق الخضراوات ومحال السوبر ماركت ارتفاعات متتالية خلال الشهر الأخير، ووصلت ذروتها هذا الأسبوع لتصل نسبة الزيادة في سعر الكيلوغرام إلى 100 في المائة، حيث يباع الكيلوغرام الواحد مقابل 5 ليرات (دولار أميركي واحد تقريبا). ويشكو الأتراك من الارتفاع الكبير في أسعار المنتجات الغذائية، عموما، مع الهبوط الحاد الذي تعرضت له الليرة التركية. ومن أبرز المواد الغذائية الأساسية التي تشهد ارتفاعا حادا في أسعارها البصل الذي كان يباع بنحو نصف دولار، الشهر الماضي وأصبح يباع الآن بدولار، مع توقعات أن ترتفع أسعاره لتصل إلى دولارين بحلول نهاية العام الجاري. وأصدرت وزارة الخزانة والمالية التركية أوامر لمفتشيها في المناطق الزراعية في البلاد بضبط تجار الجملة الذين يقومون بتخزين البصل للتأثير على الأسعار. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان علق على الارتفاعات المستمرة في أسعار المواد الغذائية قائلا إنه «ليس من حق أحد أن يبيع منتجات باهظة الثمن للمواطنين». وعثر مسؤولو البلدية في مدينة ماردين جنوب شرقي البلاد، يوم الخميس الماضي، على 30 طنا من البصل في أحد المستودعات، وتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد مالك المستودع. وأثارت هذه الإجراءات سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن هناك إجراءات أكثر أهمية يتعين على الحكومة اتخاذها، لإنقاذ الاقتصاد من وضعه المتدهور. وارتفع معدل التضخم في تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على أساس سنوي، إلى 25.24 في المائة، وهو أعلى معدل منذ 15 عاما، بينما فقدت الليرة التركية أكثر من 42 في المائة منذ بداية العام، قبل أن تعوض بعض خسائرها خلال الشهر الماضي، لكنها مع ذلك تبقى أقل من المعدل المنشود بنحو 30 في المائة. ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي يقود فيها البصل الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية، ففي فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي أجريت في الصيف الماضي كانت السلعتان الأكثر معدلا في الارتفاع هما البصل والبطاطس، بواقع 85 و64 في المائة على التوالي. على صعيد آخر، قالت هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، إن واردات تركيا من النفط الخام انخفضت، خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بنسبة 11.81 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، لتبلغ مليونين و80 ألف طن. وأشارت الهيئة، في تقرير لها، إلى أن واردات النفط الخام من العراق بلغت مليونا و91 ألف طن، ومن إيران 647 ألف طن، ومن السعودية 149 ألف طن. وانخفضت واردات الديزل في الفترة المذكورة بنسبة 10.26 في المائة، لتصل إلى مليون و14 ألف طن. وأشار البيان إلى أن إجمالي واردات النفط تراجع بنسبة 11.27 في المائة، حيث بلغ 3 ملايين و361 طنا، في حين بلغ إجمالي واردات النفط في العام الماضي 3 ملايين و788 ألف طن. وانخفض إنتاج الديزل بنسبة 2.44 في المائة، ليبلغ 867 ألفا و602 طن، وكذلك تراجع إنتاج البنزين بنسبة 13.62 في المائة، حيث بلغ 394 ألفا و430 طنا، وتراجع إنتاج وقود الطائرات بنسبة 11 في المائة، ليبلغ 441 ألفا و21 طنا. وتحتل تركيا المرتبة الأعلى من حيث الطلب على الطاقة بين دول منظمة التعاون والتنمية على مدى السنوات الـ15 الماضية، وفقا للبيانات الصادرة عن الحكومة التركية. وتخطط تركيا لأن تكون مركزا للطاقة، والاستفادة من موقعها الاستراتيجي على مفترق الطرق بين دول الاتحاد السوفياتي السابق ودول الشرق الأوسط والدول الأوروبية التي تحتاج إلى إمدادات النفط والغاز. من ناحية أخرى، ارتفعت مبيعات العقار في تركيا بنسبة 19.2 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من أكتوبر 2017، بحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية. وتشير المعطيات إلى أن مبيعات العقارات في تركيا خلال أكتوبر بلغت 146 ألفا و536 وحدة سكنية. وشهدت مبيعات العقارات خلال أكتوبر وحده ارتفاعا بنسبة 15.1 في المائة على أساس شهري مقارنة مع شهر سبتمبر (أيلول) السابق عليه. وحلت إسطنبول في المرتبة الأولى بين المدن التركية الأكثر مبيعاً للعقارات خلال الشهر الماضي بـ27 ألفا و156 عقارا، تبعتها أنقرة بـ13 ألفا و430 عقارا، وإزمير بـ7419 عقارا. وأوضحت البيانات أن عدد العقارات المبيعة للأجانب قفزت بنسبة 134.2 في المائة على أساس سنوي الشهر الماضي، بحسب تصريح لرئيس جمعية المقاولين في الجانب الآسيوي من إسطنبول مليح تاوكلوغلو، الذي وصف ارتفاع مبيعات العقارات للأجانب في شهر أكتوبر الماضي بـ«التاريخي». وقال إن تخفيف شروط حصول الأجانب على الجنسية التركية ساعد على حفز المبيعات. وأشارت آخر إحصائية أصدرتها المؤسسة التركية، إلى أن المواطنين العراقيين اشتروا 1439 عقارا في شهر أكتوبر الماضي فقط، في حين حل الإيرانيون في المرتبة الثانية بشراء 557 عقارا، تلاهم الكويتيون بشراء 378 عقارا، بينما حل الألمان رابعا بـ341 والروس خامسا، حيث اقتنوا 336 عقارا.
قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/5091560-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%88%D8%AA%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%81%D9%8A-2025
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
رئيس أميركي جديد... حرب تجارية مهددة... استمرار تعثر اقتصاد الصين... اضطرابات سياسية في مراكز القوة بأوروبا... توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط... يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً آخر استثنائياً. فكيف سيشكل كل ذلك الاقتصاد العالمي في عام 2025؟
في عام 2024، اتجه الاقتصاد العالمي نحو التحسن في ظل تباطؤ معدلات التضخم، رغم استمرار المخاطر.
لكن العام المقبل يقف عند منعطف محوري. فمن المرجح أن يرفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الرسوم الجمركية، واضعاً حواجز حمائية حول أكبر اقتصاد في العالم، بينما سيستمر قادة الصين في التعامل مع عواقب العيوب الهيكلية داخل نموذج النمو في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. أما منطقة اليورو، فستظل محاصرة في فترة من النمو المنخفض للغاية.
وعلى الرغم من كل هذه التحديات، يُتوقع أن يظل الاقتصاد العالمي ككل مرناً نسبياً في 2025. ويفترض صندوق النقد الدولي بتقرير نشره في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي قبل حسم نتائج الانتخابات الأميركية، أن يظل النمو ثابتاً عند 3.2 في المائة بالعام المقبل، وهو نفسه الذي توقعه لعام 2024. بينما التوقعات بتباطؤ النمو في الولايات المتحدة إلى 2.2 في المائة في عام 2025، من 2.8 في المائة في عام 2024، مع تباطؤ سوق العمل. في حين توقعت جامعة ميشيغان في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأميركا إلى 1.9 في المائة في عام 2025.
وفي منطقة اليورو، من المتوقع أن يبلغ النمو 1.2 في المائة في عام 2025، وهو أضعف قليلاً من توقعات الصندوق السابقة. ويشار هنا إلى أن الأحداث السياسية في كل من فرنسا وألمانيا سيكون لها وقعها على نمو منطقة اليورو ككل. فالسياسات الاقتصادية الفرنسية والألمانية تعوقها حالة كبيرة من عدم اليقين السياسي بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه ضحية الموازنة، وانهيار الائتلاف الحكومي في ألمانيا للسبب نفسه.
أما الصين، فيتوقع الصندوق أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4.6 في المائة في عام 2025 مع مخاوف تحديات استمرار ضعف سوق العقارات، وانخفاض ثقة المستهلكين والمستثمرين، وذلك في وقت تكافح فيه بكين للتوفيق بين إعادة توجيه استراتيجيتها للنمو والضغوط قصيرة الأجل لإجراءات التحفيز غير المكتملة. لكن وكالة «فيتش» أقدمت منذ أيام على خفض توقعاتها السابقة بالنسبة لنمو الاقتصاد الصيني من 4.5 في المائة إلى 4.3 في المائة.
السياسة النقدية في 2024
لقد كان من الطبيعي أن يمثل تباطؤ التضخم المسجل في عام 2024، أرضية لبدء مسار خفض أسعار الفائدة من قبل المصارف المركزية الكبرى. وهو ما حصل فعلاً. فالاحتياطي الفيدرالي خفّض أسعار الفائدة الفيدرالية مرتين وبمقدار 75 نقطة أساس حتى نوفمبر 2024 - و25 نقطة أساس أخرى متوقعة باجتماع في 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي - لتصل إلى 4.50 - 4.75 في المائة، رغم نمو الاقتصاد بواقع 3 في المائة.
أما المصرف المركزي الأوروبي، فأجرى خفضاً للفائدة 4 مرات في 2024 وبواقع 25 نقطة أساس كل مرة إلى 3.00 في المائة بالنسبة لسعر الفائدة على الودائع.
بنك إنجلترا من جهته، خفّض أسعار الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس (حتى اجتماعه في نوفمبر).
وبالنسبة لبنك الشعب (المصرف المركزي الصيني)، فلقد كان التيسير مع مجموعة أدواته الموسعة حافلاً هذا العام، حيث تم الإعلان عن إصلاح إطار عمل جديد للسياسة النقدية في شهر يونيو (حزيران)، وتخفيضات بمقدار 30 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام، وتخفيضات بمقدار 100 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي، وبرامج جديدة لدعم أسواق الأسهم والعقارات.
إلا أن المفاجأة كانت في تغيير زعماء الصين موقفهم بشأن السياسة النقدية إلى «ميسرة بشكل معتدل» من «حكيمة» للمرة الأولى منذ 14 عاماً، ما يعني أن القيادة الصينية تأخذ المشاكل الاقتصادية على محمل الجد. وكانت الصين تبنت موقفاً «متراخياً بشكل معتدل» آخر مرة في أواخر عام 2008، بعد الأزمة المالية العالمية وأنهته في أواخر عام 2010.
ولكن ماذا عن عام 2025؟
سوف تستمر المصارف المركزية في خفض أسعار الفائدة على مدى العام المقبل، ولكن في أغلب الاقتصادات الكبرى سوف تمضي هذه العملية بحذر.
بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، يبدو أن التوقف عن الخفض في اجتماع يناير (كانون الثاني) أمر محتمل، حيث إنه سيكون لديه بحلول اجتماع مارس (آذار)، فهم أكثر وضوحاً لخطط الرئيس دونالد ترمب بشأن التعريفات والضرائب والإنفاق والهجرة وغيرها. ومن المؤكد أن احتمالات خفض الضرائب المحلية لدعم النمو التي ستدفع بالطبع التضخم إلى الارتفاع، ستؤيد مساراً أبطأ وأكثر تدريجية لخفض أسعار الفائدة العام المقبل. وهناك توقعات بحصول خفض بمقدار 25 نقطة أساس لكل ربع في عام 2025.
أما المصرف المركزي الأوروبي، فيبدو أنه مصمم الآن على المضي قدماً في إعادة أسعار الفائدة إلى المستوى المحايد بأسرع ما يمكن مع ضعف النمو الشديد وتباطؤ ظروف سوق العمل، وسط توقعات بأن يخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نحو 1.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025. ومن بين العواقب المترتبة على ذلك أن اليورو من المرجح أن يضعف أكثر، وأن يصل إلى التعادل مقابل الدولار الأميركي العام المقبل.
وعلى النقيض من المصرف المركزي الأوروبي، يتخذ بنك إنجلترا تخفيضات أسعار الفائدة بشكل تدريجي للغاية. ومن المتوقع أن تعمل الموازنة الأخيرة وكل الإنفاق الحكومي الإضافي الذي جاء معها، على تعزيز النمو في عام 2025. وهناك توقعات بأن يقفل العام المقبل عند سعر فائدة بواقع 3.75 في المائة، قبل أن ينخفض إلى أدنى مستوى دوري عند 3.50 في المائة في أوائل عام 2026.
أما بنك الشعب، فسوف يبني العام المقبل على الأسس التي وضعها هذا العام، حيث تشير التوقعات إلى تخفيضات تتراوح بين 20 و30 نقطة أساس في أسعار الفائدة، مع مزيد من التخفيضات إذا جاءت الرسوم الجمركية الأميركية في وقت مبكر أو أعلى مما هو متوقع حالياً، وفق مذكرة للمصرف الأوروبي «آي إن جي». ومن المتوقع على نطاق واسع خفض آخر لمعدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الأشهر المقبلة، حتى إنه يمكن حصول تخفيضات تراكمية بمقدار 100 نقطة أساس في معدل الفائدة قبل نهاية عام 2025.
حرب تجارية على الأبواب؟
وبين هذا وذاك، هناك ترقب كبير للتعريفات الجمركية التي تعهد ترمب بفرضها، والتي يرجح على نطاق واسع أن تلعب مرة أخرى دوراً رئيساً في أجندته السياسية، وهو ما ستكون له انعكاساته بالتأكيد على الاقتصاد العالمي.
فترمب هدّد في البداية مثلاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع الواردات الصينية، ورسوم جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من جميع البلدان الأخرى. ثم توعّد المكسيك وكندا بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع الواردات منهما، إذا لم تحلّا مشكلة المخدرات والمهاجرين على الحدود مع الولايات المتحدة، و10 في المائة رسوماً جمركية على الواردات من الصين (تضاف إلى الرسوم الحالية) بمجرد تنصيبه في 20 يناير. ولاحقاً، توعد مجموعة «بريكس» بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100 في المائة، إذا أقدمت على إنشاء عملة جديدة من شأنها إضعاف الدولار.
ويبدو أن ترمب جاد هذه المرة في فرض التعريفات الجمركية التي يصفها بأنها أجمل كلمة في القاموس، بدليل ترشيحه الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت، هوارد لوتنيك، لتولي منصب وزير التجارة، والذي قال عنه إنه «سيتولى ملف التجارة والتعريفات».
وينص قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية على قدرة الرئيس على إصدار إجراءات اقتصادية طارئة للتعامل مع «أي تهديد غير عادي واستثنائي، يكون مصدره بالكامل أو جزئياً خارج الولايات المتحدة، للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة». وهو ما يطلق يد ترمب في إقرار رسوم جمركية جديدة.
من هنا، قد تشكل الحرب التجارية أكبر خطر يهدد النمو العالمي في عام 2025. ورسم المحللون أوجه تشابه مع ثلاثينات القرن العشرين، عندما أدى فرض التعريفات الجمركية الأميركية إلى رد فعل انتقامي من قبل حكومات أخرى، وأدى إلى انهيار التجارة العالمية الذي أدى بدوره إلى تعميق الكساد الأعظم.
وفي أواخر أكتوبر، تناول صندوق النقد الدولي في تقرير له، التأثيرات المترتبة على النمو والتضخم في حرب تجارية محتملة عام 2025. فوضع التقرير سيناريو حرب تجارية مع افتراض فرض تعريفات جمركية أميركية بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات، تقابلها إجراءات انتقامية واسعة النطاق من جانب أوروبا والصين تعادل 10 في المائة تعريفات جمركية على الصادرات الأميركية، وعلى جميع التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي، على أن يتم تنفيذها بحلول منتصف عام 2025.
في هذا السيناريو، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي التعريفات الجمركية إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة -0.1 في المائة في عام 2025، مما يخفض توقعاته الأساسية من 3.2 في المائة إلى 3.1 في المائة.
مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من جهته يحذر من آفاق غير مؤكدة تواجه التجارة العالمية عام 2025، بسبب تهديد الحروب التجارية. ويعدّ أن «آفاق التجارة في عام 2025 مشوبة بتحولات محتملة في السياسة الأميركية، بما في ذلك التعريفات الجمركية الأوسع نطاقاً التي قد تعطل سلاسل القيمة العالمية وتؤثر على الشركاء التجاريين الرئيسين».
وفي استطلاع أجرته «رويترز» مؤخراً مع 50 اقتصادياً، قدّر هؤلاء أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في الصين بمقدار من 0.5 إلى 1.0 نقطة مئوية في عام 2025، حال تم فرض التعريفات الجمركية.
الدين العالمي إلى مستويات قياسية
ولا تقتصر التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي على ما سبق تعداده، فالعالم يواجه اليوم تحدياً غير مسبوق مع تصاعد الديون العالمية إلى 323 تريليون دولار، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي، وهو رقم يصعب تخيله أو استيعابه، والمتوقع ارتفاعه أكثر في 2025 إذا نفذ ترمب تعهداته.
فالتقلبات المتوقعة لسياسات ترمب دفعت بعض الدول إلى إصدار ديون قبل توليه منصبه، عندما قد تصبح الأسواق أقل قابلية للتنبؤ.
وحذر معهد التمويل الدولي من أن التوترات التجارية المزدادة وانقطاعات سلسلة التوريد تهدد النمو الاقتصادي العالمي، مما يزيد من احتمالات حدوث دورات ازدهار وكساد صغيرة في أسواق الديون السيادية مع عودة الضغوط التضخمية وتشديد المالية العامة. وسوف تفاقم زيادة تكلفة الفائدة نتيجة لذلك الضغوط المالية وتجعل إدارة الديون صعبة بشكل مزداد.
وأخيراً لا شك أن التحولات الجيوسياسية تلعب دوراً مهماً في تشكيل الاقتصاد العالمي عام 2025. وهي تفترض مراقبة خاصة ودقيقة ومعمقة لتداعيات التنافس بين الولايات المتحدة والصين، التي قد تزداد وتيرتها حدة لتكون عواقبها الاقتصادية محسوسة على مدى سنوات، وليس أشهراً، بحيث يتردد صداها طوال العام المقبل وما بعده.