السعودية: القطاع الخاص يتحمل العبء الأكبر في توفير الوظائف

السعودية: القطاع الخاص يتحمل العبء الأكبر في توفير الوظائف
TT

السعودية: القطاع الخاص يتحمل العبء الأكبر في توفير الوظائف

السعودية: القطاع الخاص يتحمل العبء الأكبر في توفير الوظائف

كشف مسؤول رفيع في وزارة العمل السعودية أن حجم المتعطلين عن العمل في البلاد يقدر بنحو 12.9%، لكنه أشار إلى حاجة الغالبية العظمى من هذه الفئة إلى التأهيل والتدريب. محذراً من أن القطاع العام لن يتمكن منفرداً من العمل على توليد الوظائف، من دون مساهمة فعالة من القطاع الخاص، وقال إن العبء الأكبر سيتحمله القطاع الخاص بحلول عام 2030، «وإلا تضاعف حجم البطالة في سوق العمل المحلي إلى 23%».
وقال الرشيد الكبسي، مدير عام قطاعات الأعمال «وكالة توطين» في وزارة العمل السعودية، إن حمَلة الشهادات الجامعية يمثلون نحو 50% من إجمالي العاطلين عن العمل، بينما يحمل 30% منهم مؤهلات لا تناسب سوق العمل. وقال إن 90% من العاطلين عن العمل يفتقرون إلى الخبرة السابقة. كما أكد أن 75% من الوظائف المعروضة من القطاع الخاص ذات مهارات وأجور متدنية، وأن 1% من منصات التوظيف فقط تعمل بكفاءة.
وكان الكبسي يتحدث في منتدى (اكتفاء) الذي تنظمه شركة «أرامكو» السعودية لدعم المحتوى المحلي وتوطين التقنية، حيث أكد أن وزارة العمل وضعت مؤخراً لوائح مرنة لعمل المرأة، لامتصاص بطالة النساء التي تزيد على 33% من مجموع العاطلين، بينما تصل البطالة في جانب الشباب إلى 7.5%، وقال إن البطالة تتركز في المناطق الريفية أكثر منها في المدن الرئيسية.
وتابع الكبسي أن حجم الوظائف في القطاع الخاص يصل إلى 9.4 مليون وظيفة، يشغل السعوديون منها 1.9 مليون وظيفة، وأكد أن وزارة العمل تسعى لخفض البطالة بحول عام 2020 من 12.9% حالياً إلى نحو 7%، مشيراً إلى أن التحدي كبير جداً، وأن «القطاع العام وصل إلى معدل أربعة أضعاف حجمه؛ لذلك لن يستوعب المزيد من الموظفين، وسيكون الحل بتوليد ملايين الوظائف من القطاع الخاص، وإلا ستصبح البطالة بحلول عام 2030 في حدود 23%».
وقال الكبسي إن مشكلة البطالة ليست ملفاً واحداً ولا يمكن أن يوجد قرار واحد لامتصاص أعداد العاطلين عن العمل، وتابع أن «برنامج (نطاقات) بوضعه الحالي لا يمكن أن يحل مشكلة البطالة، وعلى وزارة العمل التفكير بعقلية مختلفة لإيجاد حل، والانتقال من السعودة إلى التوطين».
وأكد المسؤول أن على وزارة العمل تصنيف قطاعات السوق والبدء بالتوطين في القطاعات ذات الإيرادات العالمية، وعدم اللجوء إلى الحلول السريعة، والتركيز على التوطين المهني وليس القطاعي. كما دعا إلى عدم الإضرار بنمو القطاع الخاص بالضغط عليه أكثر عبر الحلول السريعة لتخفيض أعداد العاطلين فقط دون استدامة الوظائف أو الأعمال.
بدوره شرح سلطان المفتي، من الهيئة العامة للاستثمار، منصة «تيسير» التي أطلقتها الهيئة لتسهيل فرص الاستثمار ولتصبح السعودية المكان الأفضل والوجهة العالمية للاستثمار، مؤكداً وجود 9 قطاعات يمكن الاستثمار فيها بنسبية 100%، و119 فرصة استثمارية، كما تقدم الهيئة 25 خدمة للمستثمر بينها دراسات وبيانات عن السوق وعن الفرص وعن الخدمات الأخرى.
ولفت إلى أن السعودية لديها قطاعات حيوية مثل الرياضة والسياحة والسينما والترفيه التي خطت فيها خطوات واسعة خلال الفترة القصيرة الماضية.
في حين أكد عبد الله الثعلي، مدير إدارة التطوير الصناعي والتموين الاستراتيجي في «أرامكو» السعودية في منتدى (اكتفاء)، أن برنامج «اكتفاء» حقق في عام 2018 ما نسبته 51% من المشتريات وسلسلة التوريد من السوق المحلية، بينما بلغت الصادرات الصناعية للمشاريع المرتبطة في «اكتفاء» 1.4 مليار دولار.
وتسعى «أرامكو» السعودية للوصول إلى نسبة 70% من سلسلة التوريد والمشتريات من السوق المحلية بحلول 2021. وأضاف الثعلي أن نسبة الشراء تضاعفت بنسبة 100%، مشيراً إلى أن «اكتفاء» جذب 200 مشروع استثماري إلى السعودية من 25 بلداً. كما شدد الثعلي على أن هدف «أرامكو» السعودية هو تعظيم الفائدة الاقتصادية من نفقات رأسمالية تقدر بـ460 مليار دولار.
وفي جلسة نقاش شارك فيها كل من عبد العزيز العبد الكريم نائب وزير الطاقة، وفهد السكيت رئيس وحدة المحتوى المحلي، ومحمد الشمري نائب رئيس المشتريات في «أرامكو» السعودية، واستيفن ديمتري رئيس شركة «جيكوبز»، أكد الشمري أن هدف «اكتفاء» هو زيادة كفاءة الصناعة السعودية وتوطين التقنية، وصقل المهارات، وأضاف أن لدى «أرامكو» السعودية استثمارات سنوية تقدر بـ40 مليار دولار على مدى 10 سنوات يجب أن يكون لها دور في تعظيم الناتج المحلي.
بدوره أكد عبد العزيز العبد الكريم، أن هناك سعياً لجعل جميع نفقات الحكومة على تعزيز فرص العمل ودعم المحتوى المحلي، وجعل الموردين يعملون بنفس فكرة «اكتفاء»، وأضاف: «نسعى لإقامة مركز صناعي وطني يمثل منصة إلكترونية لجذب الاستثمارات».
في حين أكد فهد السكيت أن إدارة المحتوى المحلي تعمل مع الشركات الكبرى، وأن هناك برامج شبيهة بـ«اكتفاء» ستعمل على دعم المحتوى المحلي، وأضاف: «نعمل مع وزارة المالية على تغيير التوظيف وربط المشتريات بالتوطين الوظيفي والتقني».
بدوره أكد استيفن ديمتري، أن 30% من موظفي شركة «جيكوبز» في السعودية من الشباب السعودي، وقال: «لدينا 50% من القادة السعوديين، ونسعى للوصول إلى نسبة 100%»، مضيفاً أن هناك فرصاً استثمارية هائلة في السعودية.



الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

ومع تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على جميع السلع الصينية، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرق آسيا وأماكن أخرى، يستعد المصدرون في ثاني أكبر اقتصاد في العالم لاضطرابات تجارية محتملة، وفق «رويترز».

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة في بيان نشرته على الإنترنت إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية لمساعدة الشركات في تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.

وفيما يتعلق بتسهيل التبادلات بين الأفراد عبر الحدود، قالت الوزارة إن الصين ستدعم قدوم رجال الأعمال من الشركاء التجاريين الرئيسيين إلى الصين، في خطوة تهدف إلى تعزيز التواصل والتعاون التجاري بين البلدين.

كانت هذه التدابير قد وافق عليها في وقت سابق مجلس وزراء الصين في اجتماع عُقد في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) برئاسة رئيس الوزراء لي تشيانغ، وفقاً لما أفادت به وسائل الإعلام الرسمية.

على صعيد موازٍ، أوصى مستشارو الحكومة الصينية بضرورة الحفاظ على هدف نمو اقتصادي حول 5 في المائة للعام المقبل، مع الدعوة لتعزيز التحفيز المالي من أجل التخفيف من تأثير الزيادات المحتملة في التعريفات الجمركية الأميركية على صادرات البلاد.

هذا الطموح في الحفاظ على هذه الوتيرة للنمو، التي بدت صعبة التحقيق طوال عام 2024، إذا تم تأكيده، سيكون مفاجئاً للأسواق المالية التي تراهن على تباطؤ تدريجي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم مع تصاعد التوترات التجارية.

ويفضل أربعة من المستشارين الستة الذين تحدثت إليهم «رويترز» تحديد هدف نمو بنحو 5 في المائة بحلول عام 2025. ويوصي أحد المستشارين بـ«أكثر من 4 في المائة»، ويقترح آخرُ نطاقاً يتراوح بين 4.5 و5 في المائة. وأظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز» هذا الأسبوع أن الصين قد تنمو بنسبة 4.5 في المائة العام المقبل، مع تحذير من أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى خفض النمو بنحو نقطة مئوية واحدة.

ولن يجري إعلان الهدف رسمياً إلا في اجتماع البرلمان السنوي في مارس (آذار) المقبل، لكنَّ توصيات المستشارين تعد من المؤشرات المهمة التي يراقبها صناع القرار عند اتخاذ قراراتهم النهائية. وعادةً ما يجري تبني الرأي الأكثر شيوعاً بين المستشارين، رغم أنه ليس دائماً. ومن الممكن أن تتغير الخطط قبل الجلسة التشريعية.

وعلّق معظم المستشارين، بشرط عدم الكشف عن هويتهم نظراً لأنهم غير مفوضين بالتحدث إلى وسائل الإعلام.

ويشير الإصرار على أهداف النمو الطموحة في مواجهة تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على الواردات الصينية إلى أن بكين قد تكون مستعدة لزيادة الإنفاق بشكل كبير، خصوصاً إذا لم يكن من الممكن التفاوض على خفض أو تأجيل تلك الرسوم الجمركية.

وقال أحد المستشارين والاقتصادي الحكومي الذي يدافع عن هدف نمو قريب من 5 في المائة، يو يونغدينغ: «من الممكن تماماً تعويض تأثير التعريفات الجمركية لترمب على صادرات الصين من خلال توسيع الطلب المحلي». وأضاف: «يجب أن نعتمد سياسة مالية أكثر قوة في العام المقبل»، مشيراً إلى أن العجز في الموازنة «يجب أن يتجاوز» مستوى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الذي تم تخطيطه لهذا العام.

وحث بعض الاقتصاديين بكين على التراجع عن أو تبني أهداف نمو أقل لتقليل الاعتماد على التحفيز المالي، الذي أسهم في فقاعة سوق العقارات وديون الحكومات المحلية الضخمة. إلا أن المدافعين عن الأهداف الطموحة يرون أنها أساسية للحفاظ على مكانة الصين العالمية وأمنها الوطني واستقرارها الاجتماعي.

وقال مستشار حكومي آخر: «من أجل تحقيق أهداف 2035، نحن بحاجة إلى تحقيق نمو اقتصادي بنحو 5 في المائة في عام 2025».

الصادرات الهشة

الشهر الماضي، حذرت كريستالينا غورغيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، من أن النمو الصيني قد يتباطأ إلى «أقل من 4 في المائة» ما لم تتحول الصين من نموذج اقتصادي يعتمد على الصادرات والاستثمار إلى نموذج مدفوع بالطلب الاستهلاكي.

وقد أثار تهديد التعريفات الجمركية قلق الصناعة الصينية، التي تصدّر سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً إلى الولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من الشركات المصنعة في نقل الإنتاج إلى الخارج لتفادي تلك التعريفات.

من جانبه، قلل يو من تأثير تهديد ترمب، مشيراً إلى أن مساهمة صادرات الصين في الناتج المحلي الإجمالي ضئيلة، حيث شكَّلت صادرات الصين الصافية 2.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، رغم أن الصادرات الإجمالية تمثل نحو 20 في المائة من إجمالي الناتج الاقتصادي، وفقاً للبيانات الرسمية.

ومع ذلك، يرى بعض الاقتصاديين أن الإنتاج الصناعي، والإيرادات، والاستثمار، والوظائف تعتمد بشكل كبير على الطلب الخارجي، وأن زيادة الحواجز التجارية قد تؤدي إلى زيادة الضغوط الانكماشية وتفاقم العوائق أمام النمو.

وقال مستشار يوصي بتحديد هدف نمو «أعلى من 4 في المائة»: «إذا تضررت صادرات الصين ولم يجرِ تعويض ذلك من خلال زيادة الطلب المحلي، فإن الضغوط الانكماشية ستزداد».

المزيد من التحفيز؟

في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت الصين حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (ما يعادل 1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط التمويل البلدي، لكنها امتنعت عن تقديم تحفيز مالي مباشر. ويقول المحللون إن بكين قد ترغب في إبقاء خياراتها مفتوحة حتى يتخذ ترمب أول خطوة.

وقال وزير المالية لان فوان، إن مزيداً من تدابير التحفيز في الطريق، ولكن دون تقديم تفاصيل حول الحجم أو التوقيت.

وأشار مستشارو الحكومة إلى أن عجز الموازنة في الصين قد يرتفع إلى ما بين 3.5 و4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، وقد يتم إصدار مزيد من السندات الخاصة بالخزينة، التي عادةً ما لا تُدرج في الموازنات السنوية، لتمويل مشاريع البنية التحتية والاستثمارات الأخرى.

وقال المستشارون إن السياسات الموجهة للاستهلاك قد تشمل تقديم دعم مالي أقوى للفئات منخفضة الدخل، وتوسيع برنامج الدعم الذي جرى إطلاقه هذا العام لتعزيز شراء الأجهزة الكهربائية، والسيارات، والسلع الأخرى. ومع ذلك، أشار المستشارون إلى أنه من غير المرجح أن يجري توزيع قسائم نقدية على نطاق واسع.

لكنهم حثوا المسؤولين على المضي قدماً في تنفيذ التغييرات السياسية المتعلقة بالضرائب، والرعاية الاجتماعية، وغيرها من السياسات لمعالجة التحديات الهيكلية.

وقال المستشار الأكثر تحفظاً: «إذا تعثرت الإصلاحات واعتمدنا فقط على التحفيز السياسي، فلن يكون ذلك مستداماً على المدى الطويل».