إسرائيل تعتقل محافظ القدس لإحباط تحقيقات بتسريب عقارات ليهود

TT

إسرائيل تعتقل محافظ القدس لإحباط تحقيقات بتسريب عقارات ليهود

رفضت السلطة الفلسطينية وحركة فتح، بشدة، اعتقال إسرائيل «التعسفي» لمحافظ القدس عدنان غيث.
وأشارت «فتح» إلى أن اعتقال غيث أتى بعد فرض قيود على حركته واتصالاته مع قيادته ومؤسسات دولة فلسطين من أجل الدفاع عن المدينة المقدسة وخدمة أهلها في وجه سياسة الاستيطان والاحتلال، في محاولة لإبقاء العاصمة محاصرة ومعزولة عن محيطها وعمقها الفلسطيني.
وكانت مخابرات الاحتلال اعتقلت أمس، غيث العضو في المجلس الثوري لـ«فتح»، بتعليمات مباشرة من الوسط السياسي الإسرائيلي. وتحدثت السلطة الفلسطينية و«فتح» عما وصفتاه بـ«حماية عملاء الاحتلال الذين باعوا ضمائرهم وخانوا فلسطين والقدس وأهلها ومقدساتها بخدمتهم لأهداف الاحتلال وسياساته من خلال تسريب العقارات من أجل تغيير معالم القدس العاصمة، وإفراغها من أهلها ومحتواها التاريخي والإنساني والديني».
واعتقلت إسرائيل، غيث، من منزله في سلوان واقتادته إلى أحد مراكز التوقيف والتحقيق في المدينة. وهذه ثالث مرة تعتقل فيها إسرائيل، غيث، في غضون شهر واحد على خلفية التحقيق الذي تجريه السلطة في تسريب عقارات في المدينة للمستوطنين.
وفي الثامن من الشهر الحالي أصدر «قائد المنطقة الوسطى» قراراً عسكرياً بحق غيث، يقضي بمنعه من الدخول أو الوجود في مناطق الضفة الغربية لمدة ستة أشهر، بدعوى التحريض وتشكيل خطر على أمن الدولة، ثم أمره قبل أيام بقطع أي اتصالات مع مسؤولين في السلطة، بينهم مدير المخابرات العامة ماجد فرج ووزير القدس عدنان الحسيني وضباط أمن آخرون.
ومدد قاضي محكمة الصلح أمس، توقيف محافظ القدس إلى يوم الخميس المقبل، بغرض استكمال التحقيق معه.
وتقول الشرطة الإسرائيلية إنها ستحقق مع غيث «للاشتباه» بمشاركته في «خطف واعتقال» مواطن من سكان القدس الشرقية للاعتقاد بأنه ساعد على بيع أراض لليهود.
وقالت زوجة الفلسطيني المعتقل لدى السلطة، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إنها تمكنت من رؤية زوجها لوقت قصير بعد تدخل القنصلية الأميركية.
وطالبت الزوجة، الحكومة الإسرائيلية، بالسعي عبر القنوات الدبلوماسية لتحرير زوجها الذي يحمل كذلك الهوية الإسرائيلية وهو من سكان القدس الشرقية.
وقال مصدر إسرائيلي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولي السفارة الأميركية في إسرائيل يجريان اتصالات بهذا الخصوص بعيداً عن الأضواء.
وتقول إسرائيل إن غيث شارك في التحقيق مع المختطف في إحدى المرات، حينما أخضعه ضابط في المخابرات لاستجواب سريع، وهو إلى جانب ذلك يتعقب من يقوم بصفقات بيع عقارات في القدس الشرقية ومحيطها إلى جهات إسرائيلية، ويدفع كذلك الأموال لجهات مختلفة بهدف تعقب هذه الصفقات ومحاولة إحباطها ومحاسبة القائمين عليها من الفلسطينيين.
وكانت السلطة بدأت تحقيقاً واسعاً في القدس على خلفية تسريب عقار تاريخي يقع بجانب المسجد الأقصى للمستوطنين الشهر الماضي.
والعقار المعروف بـ«عقار آل جودة» خلَّف تسريبه جدلاً كبيراً واستياءً عارماً في أوساط الفلسطينيين، وقاد إلى اتهامات متبادلة حول الجهة المتسببة في ذلك.
ونجحت جمعية استيطانية بالاستيلاء على العقار المكون من 3 طوابق على أرض بمساحة 800 متر بعد إبراز وثائق عقارية إسرائيلية رسمية تثبت شراءه من فلسطينيين.
وتم شراء العقار من آل جودة بـ2 مليون دولار ونصف المليون، ولا يعرف بكم بيع للمستوطنين.
وانقسم الفلسطينيون حول القضية ووزعوا الكثير من الاتهامات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يعلن رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، تشكيل لجنة تحقيق بشأن تسريب العقار، اذ يمنع القانون الفلسطيني تسريب عقارات لليهود في القدس أو الضفة الغربية. وترفض إسرائيل أي نشاط فلسطيني رسمي في القدس، لكن الفلسطينيين يعملون هناك بزي مدني مع كثير من السرية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.