في السفر تختفي «الأنا» وتخفت الأضواء فأذوب في الحياة بشكل طبيعي

رحلة مع الإعلامي نيشان:

لقطة تذكارية من مونتينيغرو
لقطة تذكارية من مونتينيغرو
TT

في السفر تختفي «الأنا» وتخفت الأضواء فأذوب في الحياة بشكل طبيعي

لقطة تذكارية من مونتينيغرو
لقطة تذكارية من مونتينيغرو

تطول لائحة البلدان التي زارها الإعلامي اللبناني نيشان ديرهاروتونيان بداعي السياحة والعمل على حد سواء. فهو فضولي يهوى التعرف على كل جديد. ولأنه ينتمي إلى خانة المشاهير الذين يعيشون تحت الأضواء بشكل مستمر، فإن السفر بالنسبة له وسيلة لتهذيب النفس حسب قوله. ففي بلد لا يعرفه فيه أحد، «تغيب (الأنا) تماما وتخفت الأضواء لأذوب مع آلاف الناس التي تقضي حياتها بشكل طبيعي». يشبه نفسه في السفر بمن يقطف في كل رحلة وردة تبقى رائحتها عابقة في الخيال والوجدان.
يقول: «السفر بالنسبة لي شبيه إلى حد كبير بعملية نزع الجلد وتغييره، لأنه يُخرجني من ذاتي ويُدخلني عوالم أخرى غنية بقصص التاريخ. يمكنني القول إنه يغذي الذاكرة ويصقل خبرة الإنسان تماما من حيث تجديد الأفكار وتحفيز جميع الحواس بعنصر الدهشة... ولا أخفيك أن هناك شعورا دائما يرافقني في كل رحلة سفر منبعه الانطلاق والتحرر من كل رواسب التمييز التي نعيشها في بلداننا أحيانا. وربما هذا هو السبب الذي يجعلني أذوب في ثقافة كل بلد أزوره. في روما مثلا أحرص على زيارة (نافورة دي تريفي) في روما، لكي أرمي فيها بعض النقود وأفكر في أمنية عزيزة على قلبي، لأننا بشر نتمسك بالحلم أو الأمنية وكأنها خشبة خلاص. في جزيرة ماكاو بهونغ كونغ حيث، فألامس سحر الشرق الأقصى عن قرب، بينما في لندن أعيش كما لو أنني أفتح صفحة جديدة من الحياة. أما في دولة الإمارات العربية، وتحديدا دبي، فإني أجد الإلهام فيما يخص عملي، ولي فيها ذكريات لا تُنسى لأنني فيها أمسكت بالميكروفون لأول مرة، وبدأت علاقة حبي بالإعلام، لهذا لن أبالغ إن قلت إني في كل زيارة إليها ينتابني حنين أستعيد فيه أجمل اللحظات التي مرت علي في مشواري الإعلامي.
- أنا من الناس الذين يلهمهم السفر على المستويين الشخصي والإبداعي. إنه يُنشط ذهني ويحفز طاقتي لتكون النتيجة حالة عجيبة لا يمكنني وصفها تُخرج الكثير من قدراتي التي كنت أخالها نائمة، وتبدأ ولادتها منذ لحظة إقلاع الطائرة
- سافرت كثيرا لكن تبقى مونتي كارلو من أكثر الأماكن المفضلة لدي. فهي كالهندسة المعمارية الراقية، منظمة ومقسمة بشكل متواز وصحيح، بحيث يجتمع فيها الهدوء والجمال والأمان والطقس المعتدل والبحر والشمس وناس من كل الأطياف والعالم.
- أفضل رحلات السفر الفخمة فالسفر بالنسبة لي هو التنعم بالراحة والرفاهية والاستجمام والترفيه مجتمعين. وعندما أرغب في القيام برحلة غنية بالمغامرات أفضل أن أزور مناطق لا أعرفها في بلدي لبنان فأكتشفها في سياحة داخلية تدخل البهجة إلى قلبي.
- لو خيروني بين باريس والمكسيك لقلت لندن، فأنا مغرم بهذا البلد ومعجب بطبيعته وناسه. ولكن إذا كان علي حسم الأمر فأتوجه إلى المكسيك لأنني لم يسبق لي زيارتها من قبل.
- الطبيعة هي أكثر ما تجذبني في سفراتي وكذلك المكتبات، إذ أشعر بشهية مفتوحة وكبيرة تجاه الكتب والاطلاع على الجديد منها في كل بلد أزوره. وغالبا ما أتوه في المدن الكبرى عند ممارستي هواية التسوق لأني أمارسها عن سبق إصرار وتصميم. شغفي بالكتب وزيارة المكتبات لا يضاهيه سوى عشقي لزيارة المتاحف. في هولندا مثلا لا أمل من زيارة نفس المتاحف التي أزورها في كل مرة. يشدني في هذه المدينة أنه حتى محطات الترام فيها يطلقون عليها أسماء متاحفهم ليدمجوا بين الثقافة والحياة اليومية بشكل غير مباشر. هذا الأمر يستهويني لأني عندما أراها تغمرني رغبة في زيارتها مرة أخرى.
- أغراض صغيرة ترافقني في رحلة السفر ولا أستغنى عنها، مثل نظاراتي المزودة بربطات أعلقها في أذني كي لا أفقدها، وحذائي الرياضي الأزرق الذي لا يفارقني أبداً لأنه يريحني في المشي. ولا يمكن أن أسافر من دون مرطب الشعر أو ربطات عنق متنوعة.
- منظم أنا بشكل لافت في طريقة حزم وترتيب حقيبتي بحيث أستطيع الحصول على أي شيء منها بلحظة. وعادة ما أبدأ الاستعداد للسفر قبل ليلة من موعد السفر، معتمدا على ورقة بيضاء أدون فيها الأغراض التي أحتاجها في كل رحلة حتى لا أنسى.
- أسوأ ذكرياتي كانت في دبي حين وصلني خبر وفاة والدي. الثانية تمر علي وكأنها ساعة وأنا في طريق العودة إلى لبنان.
- في السفر أرفض تناول الطعام اللبناني لأنني أعرف مسبقا أنني لن أجد أفضل منه في الخارج، لذلك أقصد مطاعم تقدم الأطباق الإيطالية والهندية والبرازيلية والتايلاندية».



السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
TT

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية، جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيين ليكونا وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل وخارج المملكة.

قال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه جرى تحديد موقعين هما «جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ(فوهة الوعبة)، والعمل جارٍ مع وزارة الاستثمار لاستغلالها، كاشفاً عن أن الهيئة تقوم بتجهيز عدد من المواقع الجديدة لتكون وجهة سياحة خلال الفترة المقبلة».

وأضاف أن عدد الكهوف يتجاوز مائة وخمسين كهفاً تنتشر في مواقع مختلفة، من بينها كهف (أم جرسان) وطوله 1.5 كيلومتر ويقع بالقرب من المدينة المنورة (غرب المملكة)، ويتميز بجماليات طبيعية تتناغم مع تاريخه وتكوينه، كذلك كهف «أبو الوعول» الذي يحتوي على هياكل عظمية لحيوانات انقرضت، لافتاً إلى أن السعودية غنية بالمعالم الجيولوجية المنتشرة في المواقع كافة.

ينتشر في السعودية أكثر من 150 كهفاً يترقب أن تكون وجهات سياحية (هيئة المساحة)

وأضاف: «على مدار الـ25 عاماً الماضية كان التركيز على الدرع العربي، أما الآن فالتركيز على 4 محاور رئيسة تتمثل في الاستثمار في كفاءات الجيولوجيين السعوديين، ومسح ما تبقى من مواقع الغطاء الرسوبي والبحر الأحمر، كذلك زيادة رفع المعلومات عن المخاطر الجيولوجية التي تحيط بالسعودية لمعرفة التعامل معها، مع استخدام التقنيات المختلفة لربط المعلومات الجيولوجية وإخراج قيمة مضافة منها واستخدامها في شتى الجهات».

وسيفتح هذا الحراك بين القطاعات الحكومية نافذة جديدة على السياحة، فيما ستكون لهذا التعاون تبعات كبيرة في تنشيط ما يعرف بالسياحة الجيولوجية من خلال توافد المهتمين والباحثين عن المغامرات من مختلف دول العالم، وسيساهم ذلك في رفع إيرادات الأنشطة السياحية، خاصة مع تنامي الاكتشافات في مسارات مختلفة، منها الأحافير، التي وصلت إلى أكثر من 100 موقع أحفوري رئيس في المملكة خلال السنوات الماضية.

فوهة الوعبة من أكبر الفوهات ويتجاوز عمرها المليون عام (هيئة المساحة)

وتحتوي هذه الاكتشافات على «خسف عينونة» بشمال غربي المملكة، و«تلة السعدان» شمال الجموم، و«فيضة الضبطية» في المنطقة الشرقية، و«طعس الغضا»، و«البحيرة الوسطى» جنوب غربي النفوذ الكبير، و«جبال طويق»، و«فيضة الرشاشية» في شمال المملكة. هذا بالإضافة إلى ما تم تسجيله في المملكة إلى اليوم من الأحافير المختلفة القديمة.

وهذه الاكتشافات يمكن الاستفادة منها من خلال جمعها تحت سقف واحد، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة المساحة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «الأحافير يستفاد منها في المتاحف الجيولوجية، ويمكن العمل في هذا الجانب مع وزارة السياحة، لضم هذه الأحافير، وبعض المكونات التي تعطي نبذة عن الجيولوجيا في السعودية، وأنواع من الأحجار المختلفة الموجودة في البلاد، وهذا يعطي بعداً علمياً واستثمارياً».

ويأتي عرض موقعي «فوهة الوعبة»، و«جبل القدر» على وزارة الاستثمار، لأهميتهما. فجبل القدر، يقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، وهو أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام، وقد اختير في وقت سابق ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

جبل القدر من أحد أهم الاكتشافات الجيولوجية (واس)

في المقابل تغوص «فوهة الوعبة» في التاريخ بعمر يتجاوز 1.1 مليون عام، وهي من أكبر الفوهات البركانية في العالم، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضم 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين بضع مئات الآلاف من السنوات إلى مليوني سنة، فيما تغطي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربع، وتتميز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسّط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحي أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.

وتعد الاكتشافات الجيولوجية في مساراتها المختلفة ثروة من الثروات المعدنية والسياحية والبيئية نادرة الوجود، والتي يجب المحافظة عليها وحمايتها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، وكذلك استغلالها في النواحي السياحية، وإمكانية الاستفادة منها بوصفها ثروة اقتصادية، تفتح المجال لمشاريع اقتصادية جديدة وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وكذلك فتح مجال أوسع للتعليم الأكاديمي ونشر الأبحاث الوطنية.