اجتماع باسيل مع «سُنّة 8 آذار» بلا نتائج

اعتبر أن رئيس الجمهورية ليس طرفاً

رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى استقباله أمس النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي (الوكالة الوطنية)
رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى استقباله أمس النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي (الوكالة الوطنية)
TT

اجتماع باسيل مع «سُنّة 8 آذار» بلا نتائج

رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى استقباله أمس النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي (الوكالة الوطنية)
رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى استقباله أمس النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي (الوكالة الوطنية)

لم يبدّل لقاء وزير الخارجية، رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، مع نواب سنة «8 آذار» شيئاً في عقدة تمثيلهم في الحكومة التي تحول حتى الآن دون التأليف.
وخرجت مواقف الطرفين بعد اللقاء الذي عقد أمس مماثلة لسابقاتها، مع اعتبار باسيل أن رئيس الجمهورية ليس طرفاً فيما سماها «الإشكالية التمثيلية»، داعياً إلى لقاء يجمع بينهم وبين الرئيس المكلف سعد الحريري، وهو ما ردّت عليه مصادر قيادية في «تيار المستقبل» بالقول إنه «لا مبرّر لهذا اللقاء».
وفي إطار اللقاءات الحكومية أيضاً، سجّل أمس اجتماع بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب في اللقاء الديمقراطي وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي، حيث عرض معهما تأليف الحكومة. وأكّدت مصادر مطّلعة على اللقاء أنه لا جديد ولا طروحات جدّية لحلّ العقدة السنية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الحركة بلا بركة، ولا حكومة في الأفق».
وقال باسيل، بعد لقائه النواب السنة: «إن اللقاء كان صريحاً، وأبدينا ملاحظاتنا بهدف الوصول إلى الحل»، طالباً «من الأطراف المعنية بالعقدة مباشرة أن يتم اللقاء فيما بينها للوصول إلى حل».
ولفت إلى أنه بعدما كان هناك حديث عن تبادل بين الرئيس عون والحريري بوزير مسيحي مقابل آخر سني، سيتم سحب هذا الطرح لكي لا يكون الرئيس طرفاً في هذه الإشكالية التمثيلية، مؤكداً أن عون «ليس لديه مشكلة، بوزير سني من (اللقاء التشاوري)، أو بوزير من (المستقبل)». مع العلم أن عون نفسه كان قد أعلن أن هؤلاء لا يحق لهم المشاركة في الحكومة، على اعتبار أنهم ينتمون إلى كتل نيابية مختلفة.
من جهته، قال النائب عبد الرحيم مراد، أحد النواب السنة: «سنجلس مع بعضنا كنواب (اللقاء التشاوري) لندرس تحركنا، ونحن أعدنا التأكيد على تمثيل أحدنا»، مضيفاً: «على الرئيس سعد الحريري أن يقتنع، ويقدم تنازلات، وسنتحاور معه»، معتبراً أن «رفضه اسما من بيننا هو عناد».
وأعادت مصادر «المستقبل» التأكيد لـ«الشرق الأوسط» على أن حراك باسيل يهدف إلى تبريد الأجواء، ومحاولة تقريب وجهات النظر، بعيداً عن أي طرح بعينه، معتبرة أن الحراك الأساسي يجب أن يحصل بين عون و«حزب الله»، صاحب العقدة الأساسية. وفي حين اعتبرت أنّه ليس هناك من مبرّر للقاء الحريري بهؤلاء النواب، أوضحت: «كان قد التقى بهم خلال المشاورات النيابية، حين كانوا موزّعين في كتل مختلفة، فكيف سيلتقي بهم اليوم بعدما أعادوا تجميع أنفسهم في كتلة واحدة»، وأكّدت أن «المشكلة باتت واضحة، وهي لدى (حزب الله)، صاحب القرار الوحيد في هذا الشأن».
وأمس، أعاد «حزب الله»، على لسان وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال، محمد فنيش، التأكيد على مطلب تمثيل سنة «8 آذار»، وقال: «مطلب حلفائنا في تكتل النواب السنة المستقلين الستة بمقعد وزاري هو مطلب محق، لأنه تكتل حاز على مستوى تأييد شعبي وازن في الانتخابات النيابية»، وأمل في «التعامل مع هذا المطلب المحق بغير اللجوء إلى خطاب الاتهامات، أو تحريف المواقف، بل بإيجاد الحل لها لضمان صحة التمثيل، وليس في ذلك دفع لفواتير متعددة، فمن قبل بقانون النسبية في الانتخابات، فهذا من نتائج هذا القانون، وينبغي احترام نتائج الانتخابات والإرادة الشعبية».
ورفض الاتهام الموجه للحزب بافتعال هذه المشكلة، قائلاً: «نفتعل مشكلة، أو نظهر عقدة في اللحظة الأخيرة؟ هذا المطلب كان موجوداً منذ البداية، وقد أقر بذلك رئيس الحكومة المكلف الذي لم يكن موقفه إيجابياً منذ البداية».
وكان موضوع الحكومة حاضراً في لقاء الحريري بوفد من «الجماعة الإسلامية»، أمس، حيث أعلن عن رغبته بأن يكون هناك لقاء يجمع كل أركان الطائفة السنيّة. وقال رئيس الدائرة السياسية في الجماعة النائب السابق عماد الحوت بعد اللقاء: «الزيارة هي في إطار التشاور في ما يتعلق بتشكيل الحكومة، والأزمة التي يمر بها البلد، ونقلنا إلى دولته نبض الناس، والتحسس الحاصل من المحاولات المتكررة لإعاقة تشكيل الحكومة، ومحاولة فرض هيمنة على المسار السياسي في البلد، واستضعاف مكون من المكونات اللبنانية. وكنا على توافق (مع الحريري) على أن جزءاً من الإشكالية التي مرت هي محاولة البعض فرض معايير على تشكيل الحكومة تخالف الدستور وصلاحيات الرئيس المكلف، بأن ينجز التشكيلة بالطريقة التي يراها مناسبة».
وأضاف الحوت: «كما كان هناك اتفاق على أن لا أحد يدّعي حصرية التمثيل في إطار الطائفة السنية، ولكن أيضاً التمثيل ينبغي أن يبنى على حالة شعبية حقيقية، وعلى كتلة سياسية صحيحة. والكتل تُرسم عند الاستشارات، إن كان مع رئيس الجمهورية لاختيار الرئيس المكلف، أو الاستشارات مع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة. وفي الحالتين، التكتلات كانت واضحة، وكان هناك مسار واضح، ولكن برزت فجأة عقدة جديدة لم تكن مطروحة سابقاً، وهذا يعني أن هناك إرادة لتعطيل المسار في البلد».
وأعلن عن التوصل إلى توافق، مفاده أنه في إطار التوازنات الموجودة في البلد، هناك رغبة حقيقية في أن يكون هناك نوع من لقاء يجمع كل أركان الطائفة «حتى نستطيع أن نعطي إشارة واضحة إلى أن الطائفة بخير، وأنها قوية بقوة أركانها ووحدتها فيما بينها، وأنها هي فعلاً صمام الأمان لهذا البلد؛ عندما تكون الطائفة بخير، يكون البلد كله بخير».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.