الجلسة الثانية من محاكمة أبو قتادة.. سجالات ومفاجأة

نجل أبو قتادة وقريباته بعد انتهاء الجلسة الثانية أمام محكمة أمن الدولة الأردنية في العاصمة عمان أمس (رويترز)
نجل أبو قتادة وقريباته بعد انتهاء الجلسة الثانية أمام محكمة أمن الدولة الأردنية في العاصمة عمان أمس (رويترز)
TT

الجلسة الثانية من محاكمة أبو قتادة.. سجالات ومفاجأة

نجل أبو قتادة وقريباته بعد انتهاء الجلسة الثانية أمام محكمة أمن الدولة الأردنية في العاصمة عمان أمس (رويترز)
نجل أبو قتادة وقريباته بعد انتهاء الجلسة الثانية أمام محكمة أمن الدولة الأردنية في العاصمة عمان أمس (رويترز)

وسط إجراءات أمنية مشددة عقدت في العاصمة الأردنية عمان، أمس، وقائع الجلسة الثانية من محاكمة منظِّر السلفية في أوروبا عمر محمود عثمان، الملقب بـ«أبو قتادة»، بحضور عائلته، للنظر في قضيتي الإصلاح والتحدي التي جرت أحداثها عام 1997، وتفجيرات الألفية عام 1999. وشكلت المحكمة هيئة جديدة تضم قضاة مدنيين، كما قررت السير بالإجراءات وفق أصول المحاكمات الجزائية الأردنية.
واستجابة لطلب الدفاع، تراجعت محكمة أمن الدولة عن تشكيلتها السابقة التي كانت تضم قضاة عسكريين ومدنيين، وشكلت هيئة جديدة مكونة من قضاة مدنيين بالكامل، مع أن قرارها الصادر بهذا الخصوص أكد أنه لا يوجد في الدستور الأردني ما يمنع من محاكمة أي مدني أمام قاضٍ عسكري.
وكانت السلطات البريطانية سلمت أبو قتادة إلى الأردن بعد موافقة الأخير، إثر ضمانات تلقاها تضمن له «محاكمة عادلة».
وشهدت المحكمة سجالا قانونيا بين وكيلي الدفاع غازي ذنيبات وحسين مبيضين والمدعي العام العسكري العقيد فواز العتوم؛ إذ دفع وكيلا الدفاع بإجراء المحاكمة وفقا لما تضمنته اتفاقية المساعدة القانونية الموقعة بين الأردن وبريطانيا وآيرلندا في يوليو (تموز) الماضي، وذلك بعدم أخذ أقوال الشهود في القضيتين، لأنها «انتُزِعت تحت التعذيب»، وما استندت إليه المحاكم البريطانية قبل تسليم أبو قتادة إلى الأردن، والمثول أمام قضاة مدنيين، والسرعة في إجراءات المحاكمة. بينما دفع المدعي العام العسكري باتجاه السير بالإجراءات القانونية وفق أصول المحاكمات في الأردن، واستبعاد الاتفاقية الموقعة مع بريطانيا.
ووفق مشاهدات سجلها مراسل «الشرق الأوسط» خلال الجلسة، فإن المحكمة أخذت بطلب وكيل الدفاع حول تشكيلة المحكمة، وقررت تعيين قضاة مدنيين، هم أحمد القطارنة رئيسا، وعضوية القاضي سالم القلاب والقاضي بلال البخيت، بينما خرج القاضي العسكري محمد عفيف الذي كان في التشكيلة السابقة.
وكان المحامي الذنيبات دعا هيئة المحكمة إلى إعادة التدقيق في أوراق ونصوص الاتفاقية الموقعة بين الأردن وبريطانيا، وإعادتها إلى النائب العام، للتقيد بحرفية النصوص الواردة فيها، وعدم إدراج أي بيّنات استبعدتها الاتفاقية، مشيرا إلى أنه في حال استبعدت شهادات الشهود المشار إليها في القضية، فإن أدلة النيابة تصبح متهافتة، وليست ذات قيمة. إلا أن المحكمة قررت إعادة محاكمة أبو قتادة من جديد، وترك البينات لها في حال وزن البينة بعد الاستماع للشهود.
وعند ذلك استشاط أبو قتادة غضبا، وخرج عن المألوف، حيث وبّخ المدعي العام بالقول له: «انطز واقعد»، بمعنى «اسكت واجلس مكانك».
وعندما سأل رئيس المحكمة أبو قتادة: «هل أنت مذنب؟»، رد عليه الأخير بالقول: «أنا لست مذنبا، وأنت لست نزيها». وسعى وكيله المحامي ذنيبات إلى تهدئته، وأفهمه أنه لا يجوز توجيه هذا الكلام إلى المحكمة، لأن القانون يعاقب على ذلك باعتباره «تحقيرا للمحكمة». وعلى الرغم من أن المدعي العام عدّ ذلك جريمة، فإن هيئة المحكمة تجاوزت ذلك، ومضت في إجراءاتها.
وقبل أن تنطلق المحكمة اتخذت إجراءات أمنية مشددة، إذ جرى تفتيش الصحافيين تفتيشا دقيقا، ومُنعوا من إدخال كاميراتهم وهواتفهم الجوالة، كما دُققت بطاقاتهم الشخصية.
وأدخل الصحافيون وذوو أبو قتادة من أشقائه وشقيقاته وزوجته وأبنائه وبناته وبعض المقربين الذين لا يتجاوز عددهم 12 فردا، قبل أن يدخل أبو قتادة إلى قاعة المحكمة، بعد نحو 15 دقيقة.
وأحضر أبو قتادة إلى القاعة باللباس التقليدي لسجن الموقر، يرافقه 23 رجل أمن من مختلف الرتب العسكرية. وشكل عدد منهم جدارا بشريا كان حاجزا بينه وبين الصحافيين لمنعه من التحدث إلى وسائل الإعلام أو الوصول إليهم.
وسمح الضابط المسؤول لعائلة أبو قتادة بالسلام عليه من خلف القضبان والشبك، وبالكاد تلامست الأيدي من دون مصافحة. وكانت أغلب الأسئلة من شقيقاته عن حاله وصحته، ورددن عبارات مثل «شد حيلك» و«الله معك» وغيرها، لرفع معنوياته. وتمكن أحد الصحافيين من توجيه سؤال إليه، واستفسر منه إن كان يساند «جبهة النصرة» أو «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، الحركتين المتشددتين اللتين تقاتلان في سوريا، فرد قائلا: «هذا السؤال بحاجة إلى الكتابة بهذا الموضوع، ولكن أنا أدعو الجانبين إلى التوحد تحت إمرة أيمن الظواهري»، زعيم تنظيم القاعدة. كما سُئل إن كان متابعا لأخبار هذه الجماعات، فقال: «أتابع الأخبار وأعرف الكثير منها»، دون أن يحددها.
واستمرت الجلسة للنظر في القضية الثانية، وهي قضية «تفجيرات الألفية» حيث كرر وكيل الدفاع حسين مبيضين الدفوع نفسها في القضية الأولى، وكررت المحكمة القرار نفسه، ومضت بالإجراءات، ولكن المفاجأة أن اعتلى المحامي غازي ذنيبات، وكيل أبو قتادة في القضية الأولى (الإصلاح والتحدي)، منصة شهود النيابة ضد موكله أبو قتادة في القضية الثانية المتهم بها، وهي «تفجيرات الألفية».
حيث كان المحامي غازي الذنيبات مسجلا ضمن قائمة شهود النيابة في القضية الثانية، إذ شغل وقتها منصب خبير خطوط في إدارة المختبرات والأدلة الجرمية عام 2000.
وأدلى الذنيبات، وهو عميد متقاعد من مديرية الأمن العام وخبير في مجال كشف التزوير والمتفجرات، بشهادته في هذه القضية أمام أمن الدولة، وأكد في شهادته أنه قدم تقرير خبرة، بناء على طلب من المدعي العام وقتها عندما كان برتبة مقدم، وأنه قارن خطوط المتهمين في القضية. ولم يتطرق إلى أبو قتادة في شهادته.
ورفعت المحكمة جلستها إلى يوم الخميس 16 يناير (كانون الثاني) المقبل.
ولدى خروج أبو قتادة من المحكمة أقلته سيارة «فان» صغيرة مخصصة لنقل السجناء، ورافقته ثلاث سيارات من قوات الأمن التي أوقفت حركة السير للسماح بمرور الموكب، لإعادة أبو قتادة إلى سجن الموقر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».