رئيس الحكومة الإسبانية يزور المغرب للمرة الأولى

TT

رئيس الحكومة الإسبانية يزور المغرب للمرة الأولى

أفادت مصادر رسمية في مدريد بأن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيز، سيقوم بزيارة خاطفة غداً الاثنين إلى الرباط لمقابلة العاهل المغربي، وذلك في أول لقاء رسمي بينهما منذ تولّي سانتشيز رئاسة الحكومة في الثاني من يونيو (حزيران) الماضي.
تجدر الإشارة إلى أنه جرت العادة منذ عقود أن يكون المغرب المحطة الأولى في زيارات الرؤساء الإسبان إلى الخارج، وذلك بحكم الجوار والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين. لكن هذه هي المرة الأولى التي تتأخر فيها زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المملكة المغربية ستة أشهر منذ تولّيه الحكم مطلع الصيف الماضي.
ونفت أوساط حكومية إسبانية أن يكون تأخّر هذه الزيارة راجعاً إلى «أن العلاقات بين مدريد والرباط ليست في أحسن مراحلها»، كما جاء في بعض التعليقات الصحافية، مشيرة إلى أن رئاسة الحكومة الإسبانية طلبت تحديد موعد للزيارة منذ وصول سانتشيز إلى الحكم. لكن جدول أعمال العاهل المغربي حال دون ذلك حتى الآن، وأكّدت في السياق ذاته على «متانة العلاقات الممتازة التي تربط الطرفين».
وكان تأخير تحديد موعد لزيارة سانتشيز إلى المغرب قد بدأ يثير بعض الإحراج في مدريد، إذ من المقرر أن يسافر رئيس الوزراء الإسباني إلى مراكش في العاشر من الشهر المقبل للمشاركة في القمّة التي تنظمها الأمم المتحدة حول موضوع الهجرة، وليس من المألوف بروتوكولياً أن تحصل هذه المشاركة قبل لقائه عاهل الدولة المضيفة.
وكان سانتشيز قد تحادث مع محمد السادس حول موضوع الزيارة في أوّل لقاء بينهما يوم الأحد الماضي في باريس، خلال الاحتفالات بالذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى.
وفي معرض تأكيدها على حسن العلاقات مع المغرب وحرصها على توطيدها، أشارت مصادر الحكومة الإسبانية إلى الزيارات التي قام بها مؤخراً إلى الرباط وزراء الخارجية والداخلية والثقافة والعدل الإسبان، وتلك التي قام بها وزراء ومسؤولون مغاربة إلى مدريد في الأشهر الأخيرة.
يُذكر أن ملك إسبانيا فيليبي السادس، الذي تربطه علاقات وطيدة بالعاهل المغربي، كان مقرراً له أن يقوم بزيارة رسمية إلى المغرب في فبراير (شباط) الماضي، لكنها ألغيت قبل موعدها بفترة قصيرة. وقد أفادت مصادر القصر الملكي الإسباني بأن الاتصالات جارية لتحديد موعد جديد لهذه الزيارة.
ومن المنتظر أن يكون موضوع الهجرة غير الشرعية الملفّ الرئيسي الذي سيبحثه سانتشيز مع الملك محمد السادس، والإجراءات الأوروبية لمساعدة المغرب في مواجهة التدفق المتزايد للمهاجرين عبر أراضيه، بعد قرار إيطاليا إغلاق موانئها في وجه سفن الإنقاذ في المتوسط، التي تضغط إسبانيا على بروكسل للإسراع في تفعيلها.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر وزارة الداخلية الإسبانية بأن 56 ألف مهاجر غير شرعي وصلوا إلى إسبانيا منذ بداية هذا العام، مقابل 23 ألفاً في العام الماضي. وبموجب اتفاقية موقعة بين البلدين، أعادت إسبانيا هذا العام إلى المغرب 3400 مهاجر دخلوا أراضيها بصورة غير شرعية، مقابل 4450 في العام الماضي.
ويعتبر المغرب أن المساعدة التي قررت المفوضية الأوروبية تقديمها له بهدف تعزيز تجهيزاته من أجل التصدي للهجرة غير الشرعية، ومقدارها 140 مليون يورو «تشكّل بداية حسنة، لكنها غير كافية»، كما جاء على لسان مدير شؤون الهجرة ومراقبة الحدود خالد زروالي.
تجدر الإشارة إلى أن تدابير مراقبة الحدود البريّة والبحرية التي يطبّقها المغرب منذ العام 2004 ساعدت على خفض تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا عبر أراضيه بنسبة 94 في المائة، وأنه منذ العام 2014 قَبِل 50 ألف طلب للجوء تقدّم بها مهاجرون من جنسيات مختلفة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.