الجهود الروسية ـ التركية تتكثف لاقامة «المنطقة العازلة» في ادلب

TT

الجهود الروسية ـ التركية تتكثف لاقامة «المنطقة العازلة» في ادلب

أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أن عملية فصل المتشددين عن جماعات المعارضة المعتدلة في المنطقة منزوعة السلاح في إدلب السورية لم تتحقق بعد، في وقت استمى الجهود الروسية - التركية لاقامة المنطقة.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، إن العملية التي بدأت في إطار اتفاق بين تركيا وروسيا في سبتمبر (أيلول)، لم تنجح رغم الجهود التي بذلتها أنقرة.
من جهته، أعلن مساعد المبعوث الأممي الخاص للشؤون الإنسانية حول سوريا، يان إيغلاند، أن روسيا وتركيا أكدتا له استعدادهما للقيام بخطوات جدية لمنع تصعيد الوضع في محافظة إدلب.
وقال في مؤتمر صحافي، أمس: «روسيا وتركيا قالتا إنهما مستعدتان للذهاب إلى أبعد الحدود لمنع حدوث أعمال قتالية وتفادي التصعيد الأمني في إدلب».
وحسب الدبلوماسي، هناك مؤشرات كثيرة على أن «معارك ستقع في حال فشلت المفاوضات مع مجموعات مسلحة كثيرة».
وأشار موقع «روسيا اليوم» إلى أنه في أعقاب محادثات أجراها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان، في منتجع سوتشي الروسي، في 17 سبتمبر الماضي، وقّع وزيرا دفاع البلدين مذكرة حول إعادة الوضع في منطقة إدلب لخفض التوتر إلى الهدوء. وأعلن بوتين أن على الجانبين أن ينشئا، بحلول 15 أكتوبر (تشرين الأول)، منطقة منزوعة السلاح على طول خط التماسّ بين المعارضة المسلحة والقوات الحكومية بعمق 15 - 20 كلم، مع إخراج المسلحين المتشددين من هناك، ومن ثم سحب كل الأسلحة الثقيلة، بما فيها الدبابات وراجمات الصواريخ، من المنطقة.
ولم يبدأ عمل المنطقة منزوعة السلاح في إدلب على أكمل وجه، في 15 من الشهر الماضي، بسبب غياب ضمانات من الجانب التركي، حسب «روسيا اليوم».
وفي 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن الحديث عن إتمام إنشاء هذه المنطقة «سابق لأوانه، لأن الإرهابيين يواصلون استفزازاتهم».
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: «تشهد المنطقة منزوعة السلاح هذه خروقات متواصلة سواء عبر قصف تنفّذه الفصائل وقوات النظام والمتطرفين أو عبر استهدافات واشتباكات بين الأطراف الموجودة هناك».
ووثّق المرصد منذ بدء الهدنة التركية - الروسية مروراً بتطبيق اتفاق المنطقة العازلة عشرات ممن قُتلوا، بينهم «46 على الأقل ممن قضوا واستشهدوا في اشتباكات وقصف لقوات النظام على الريف الشمالي والشمالي الغربي من حلب وعلى ريف إدلب والريف الحموي، منذ تطبيق اتفاق المنطقة العازلة منزوعة السلاح في 17 سبتمبر الماضي، وهم 23 مقاتلاً من جيش العزة قضوا في الكمائن والاشتباكات بينهم قيادي على الأقل، قضوا في كمائن وهجمات لقوات النظام بريف حماة الشمالي، و9 أشخاص استُشهدوا جراء القصف من قِبل قوات النظام على بلدة جرجناز ومحيطها، و7 مواطنين على الأقل بينهم 3 أطفال و3 مواطنات، جراء القصف الذي طال قرية الرفة، ومقاتل من الفصائل قضى في قصف للنظام على أماكن وجوده في محور حيان شمال حلب، وعنصر من الهندسة لدى الفصائل قضى بقصف على حيان، وطفلة قُتلت بقصف على كفر حمرة في 24 الشهر الماضي، ومدني استُشهد بقصف على كفر حمرة في 25 من سبتمبر، بالإضافة إلى 22 من قوات النظام وحلفائها ممن قُتلوا ضمن المنطقة منزوعة السلاح في أرياف حماة واللاذقية وإدلب وحلب، خلال عمليات قصف واستهدافات واشتباكات مع الفصائل».
وعلم «المرصد» من مصادر موثوقة أن «الرتل العسكري الذي وصل إلى مناطق قوات النظام والمسلحين الموالين لها ضمن منطقة تل رفعت، الثلاثاء، هي تعزيزات عسكرية استقدمها ما يُعرف بـ(الفيلق الخامس) الموالي لقوات النظام والذي شكّلته روسيا قبل أشهر، حيث جرت عملية تحصين مواقع للفيلق ورفع سواتر ضمن مواقعه في منطقة تل رفعت».
على صعيد متصل، تتواصل المساعي التركية - الروسية «للضغط على الفصائل وقوات النظام الموجودة بالريف الشمالي الحلبي، لفتح طريق غازي عنتاب - حلب الدولي ذي الأهمية الاستراتيجية».
وكان «المرصد» أشار إلى «وصول آليات عسكرية مدججة بأسلحة ثقيلة ومتوسطة وعناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها إلى ريف حلب الشمالي، حيث مواقع سيطرة قوات النظام في منطقة تل رفعت، ولم يعلم حتى اللحظة ما إذا كانت تعزيزات عسكرية استقدمتها قوات النظام إلى المنطقة لغرض ما، أم أنها عملية تبديل نوبات لحواجز ونقاط قوات النظام والمسلحين الموالين لها في المنطقة».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.