يعكف المصممون على التحضير لمخططات كبيرة لإنتاج أقمار صناعية صغيرة، فمع وجود جحافل من الأقمار الرخيصة تملأ الفضاء القريب من الأرض، شرع الباحثون والشركات الجديدة الناشئة في طرح منظور جديد حول النشاطات والفعاليات الأرضية التي تراوح بين التجارة العالمية، واستكمال فنون التنقيب في مكبات النفايات، بحثا عن المواد التي يمكن إعادة تدويرها.
في العاشر من شهر يونيو (حزيران) الماضي استحوذت شركة «غوغل» على شركة «سكايبوكس إميجنغ» التي مضى على تأسيسها خمس سنوات في وادي السليكون، مقابل 500 مليون دولار. وتملك الشركة هذه سلفا قمرا صناعيا بحجم متر مكعب يدعى «سكاي سات-1» يدور حاليا في مداره، كما أنها تخطط لـ23 قمرا إضافيا، كل منها بقدرات فيديوية وتصوير عالي الوضوح والتحديد. وتصميم هذه الأقمار هو تكرار للأقمار الصناعية 10 سنتيمترات الصغيرة الحجم جدا، التي كانت تستخدم للأبحاث العلمية منذ عام 2003.
* معلومات تجارية واقتصادية
الأمر الذي يجتذب «غوغل» والشركات الأخرى لهذه الأقمار هو إمكانية الحصول على معلومات وبيانات مفيدة من صور الأقمار الصناعية. ومثال على ذلك يمكن للتجار دفع مبالغ إضافية للحصول على معلومات مفصلة عن كميات النفط المتوافرة في مستودعات التخزين في دول حول العالم، بغية توقع أسعار التجزئة التي هي مؤشر اقتصادي مهم. ويمكن أن تجري مثل هذه الأمور أيضا عند إحصاء عدد المركبات الموجودة في ساحات مواقف السيارات والمتاجر الكبرى. وكانت «غوغل» قد ذكرت أنها قد تستخدم الصور لتحسين «غوغل إيرث» وتطبيق خرائط «مابس»، على الرغم من أن ذلك قد يشكل بداية هذه المخططات.
والتنقيب بأسلوب مختلف قد يصبح أكثر دقة أيضا عن طريق هذه الأقمار، فمن الشركات الجديدة الناشئة مثلا التي تحاول الاستثمار في اتجاه ناجح جدا جديد «تيرا ريكفوري» التي مقرها «هارويل» في المملكة المتحدة، فهي راغبة في استئجار الأقمار الصناعية الموجودة حاليا في مداراتها بغية التنقيب في مواقع المكبات بحثا عن المواد الثمينة.
والتنقيب في المكبات ليس بالأمر الجديد، لكنه عالي الكلفة جدا. وثمة 25 ألف مكب ناشط، أو تاريخي قديم، في المملكة المتحدة، لكن العثور على ما فيها يعني حفر مائة حفرة بعمق 25 مترا لاستخلاص عينات منها، وتكلف كل حفرة، مع فحص عيناتها، نحو 1200 جنيه إسترليني (نحو 3 آلاف دولار).
* استطلاع أرضي
ومع ذلك فإن الحافز للتنقيب عن مكبات النفايات كبير، ففي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإن نحو نصف علب المشروبات الغازية من الألمنيوم يجري تدويرها فقط، مما يعني أن استعادة نصف هذه الكميات المتبقية وحدها كافية، وبالتالي جعل التنقيب أمرا عمليا. وهناك أيضا المعادن النادرة التي يمكن استعادتها من الأجهزة الإلكترونية التي جرى طرحها والتخلص منها، إلى جانب الصفيح والقصدير والنحاس والذهب. لكن ينبغي أن تكون هناك إمكانية للوصول إليها، فالمكبات المغطاة بالنباتات لا تصلح، كذلك تلك التي جرى البناء عليها، وهنا يأتي دور الأقمار الصناعية.
وقال غريك فيتزجرالد، أحد مؤسسي «تيرا ريكفوري»، في اجتماع لمجموعة مؤيدة للأعمال التجارية الفضائية نظمته الحكومة البريطانية في لندن «إذا ما أعطتنا الأقمار الصناعية ألف موقع، من أصل 25 ألفا من التي يمكن التنقيب فيها في المملكة المتحدة، فإننا في هذه الحالة سنقوم باستخدام الطائرات الصغيرة من دون طيار لأغراض الاستطلاع، والحصول على صور غنية أكثر بالتفاصيل، مثل طبيعة السطح وما يغطيه من أعشاب». وأضاف «يمكننا أيضا استخدام المستشعرات الأخرى لتقييم مستويات انبعاث غاز الميثان والمخاطر التي تكتنفها العمليات الاستكشافية». وبداية، فإن الشركة تخطط لاستخدام المعلومات التي قامت بجمعها الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، التي لها قدرة تحديد تبلغ مترا واحدا، لكنها قد تتحول لاحقا إلى الأقمار الصناعية، مثل أقمار التصوير المكعبة الـ28 التي تملكها شركة «بلانت لابس» التي مقرها سان فرانسيسكو، والتي تحلق حاليا في مداراتها. وترغب «بلانت لابس» في النهاية في الحصول على أسطول من 100 قمر صغير، مما يكفي لتجديد صور كوكب الأرض كله يوميا، وفقا لآرن جامباسوت، مهندس التصوير بالشركة، فهذا من شأنه رصد التغيرات السريعة، مثل عدد اللاجئين الذين ينزحون من مناطق النزاع، أو ظاهرة التصحر كما يضيف، فعن طريق برنامج تفاعلي تواصلي مفتوح يمكن لأي كان تطوير تطبيقات يمكنها بدورها استخدام هذه الصور.