أردنيون يزورون سوريا بعد انقطاع لشراء الخضراوات والحلويات وتعبئة البنزين

مصدر أمني أردني أحصى مغادرة 6 آلاف سوري من الأردن

سيارات آتية من الأردن تنتظر التفتيش عند معبر نصيب على الحدود الأردنية - السورية (أ.ف.ب)
سيارات آتية من الأردن تنتظر التفتيش عند معبر نصيب على الحدود الأردنية - السورية (أ.ف.ب)
TT

أردنيون يزورون سوريا بعد انقطاع لشراء الخضراوات والحلويات وتعبئة البنزين

سيارات آتية من الأردن تنتظر التفتيش عند معبر نصيب على الحدود الأردنية - السورية (أ.ف.ب)
سيارات آتية من الأردن تنتظر التفتيش عند معبر نصيب على الحدود الأردنية - السورية (أ.ف.ب)

بعدما حمل السلاح لسنوات في صفوف فصيل معارض بمدينة درعا، يحمل بهاء اليوم علب البرازق والحلويات الشامية ويبيعها للزبائن الأردنيين الذين يقبلون بكثافة على سوريا بعد نحو شهر من إعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي.
ويبدي أردنيون تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية عند المعبر، دهشتهم من انخفاض أسعار السلع والخدمات في سوريا، بعد أكثر من 7 سنوات من الحرب مقارنة مع واقع الأسعار في بلدهم.
واستعادت القوات الحكومية في يوليو (تموز) الماضي معبر نصيب وكامل الحدود مع الأردن بعد عملية عسكرية، ثم اتفاقات تسوية مع الفصائل المعارضة في محافظة درعا الجنوبية. وافتتح الجانبان السوري والأردني المعبر رسمياً منتصف الشهر الماضي بعد نحو 3 سنوات من إغلاقه.
ويقول بهاء (26 عاماً) وهو يحصي علب الحلويات المتبقية في صندوق بلاستيكي ثبّته على دراجته النارية: «أحضر منذ أسبوعين حلويات تصل إليّ يومياً من دمشق وأبيعها للأردنيين الذين يأتون لشرائها هنا لأنها أقل ثمناً» من بلادهم. ويضيف: «أبيع يومياً ما بين 27 و30 علبة بسعر 3 دنانير (4 دولارات) لكل منها».
ويأتي بهاء يومياً إلى استراحة قريبة من معبر نصيب، تضيق باحة واسعة أمامها بصناديق موضّبة من الفواكه لا سيما الرمان والبرتقال والخضراوات وحتى السجائر التي يقبل الأردنيون على شرائها بكثافة. ويحضر إلى هذا المكان يومياً أيضاً، وبناء على تنسيق بين تجار من الطرفين، سائقون أردنيون يطلقون على أنفسهم تسمية «بحارة» وينقلون ما تسنى لهم من بضائع من سوريا إلى الجهة الأخرى من الحدود.
ويوضح بهاء؛ ذو البشرة السمراء واللحية السوداء القصيرة: «الحمد لله عندما فتحت الحدود باتت هناك فرص عمل، بعدما أمضيت نحو 6 سنوات تقريباً عاطلاً عن العمل». ولدى سؤاله عن مورد رزقه خلال تلك السنوات، أجاب: «كنت مقاتلاً في صفوف فصيل مسلح، حملت السلاح لكي نأكل ونعيش قبل أن ننضم إلى المصالحة». ورغم إجلاء الآلاف من المقاتلين المعارضين وأفراد من عائلاتهم من رافضي المصالحة من جنوب البلاد قبل أشهر، فضل بهاء البقاء في مدينته وتسوية وضعه مع الحكومة، وينتظر أن يتم استدعاؤه قريباً إلى الخدمة العسكرية.
عند معبر نصيب، تزدحم السيارات الوافدة من الأردن في خطوط طويلة، وبعضها محمل بالفرش والبطانيات والحقائب لسوريين عائدين إلى بلادهم. وإلى جانبها شاحنات نقل وتبريد متوقفة بدورها بانتظار انتهاء معاملات اجتيازها الحدود.
وتقدم السلطات السورية خدماتها من خلال غرف مسبقة الصنع وضع بعضها إلى جانب بعض، قرب صالة القدوم الرئيسية التي تضررت بفعل الحرب وانطلقت ورشات إصلاحها. وينهمك عمال في نقل الأتربة والردم من داخلها، وكذلك من قاعة المنطقة الحرة، حيث لا يزال شعار أحد الفصائل مكتوباً عند مدخلها. وفي أول نقطة أمنية في المعبر، الموجودة تحت قناطر مرتفعة، تم طلاء العلم السوري الرسمي فوق راية المعارضة ذات النجوم الثلاثة على جدران عدة.
وفي انتظار ختم جوازه قبل عبوره نحو سوريا، يقول الأردني محمد السايس (25 عاماً)، الذي يرتدي قميصاً أزرق اللون: «قبل الأحداث، كنا نأتي يومياً إلى سوريا وأحياناً لتناول الفطور فقط». ويقصد الشاب القادم من مدينة الرمثا الحدودية والمختص في الإدارة السياحية، دمشق للمرة الثانية منذ افتتاح المعبر «من أجل السياحة والسهر وتناول الطعام»، مبدياً دهشته لأن الأسعار «متدنية جداً بالنسبة للأردني». ويوضح بحماس: «صحيح أن سوريا شهدت حرباً، لكننا نحن الأردنيين أيضاً عشنا حصاراً، وعندما فتحت الحدود كأن الجنة فتحت لنا».
ينتظر السائق مفلح الحوراني (53 عاماً) بين العشرات في صف طويل أمام شباك ختم الجوازات، قبل أن يكمل طريقه إلى دمشق بطلب من عائلة أردنية تنتظره لإعادتها إلى بلدها. ويتردد هذا السائق بشكل شبه يومي على سوريا منذ افتتاح المعبر لنقل الركاب والتسوق لعائلته وأقربائه.
ويقول: «آخذ معي الفواكه والخضروات لا سيما البطاطا والبصل والثوم وألبسة الأطفال القطنية وأملأ سيارتي بالوقود»، مضيفاً: «تكلفة ليتر البنزين في الأردن (تعادل) 500 ليرة سورية بينما ثمنه أقل من النصف هنا رغم الحرب».
وقبل اندلاع النزاع في عام 2011، شكّل المعبر منفذاً تجارياً حيوياً بين سوريا والأردن، تنقل عبره البضائع من سوريا إلى السوق العربية، كما من تركيا ولبنان إلى الدول العربية وبالعكس. وتأمل دمشق أن تنعكس إعادة افتتاح المعبر مباشرة على الاقتصاد، ويتوقع محللون أن تكون بمثابة خطوة لـ«تطبيع» علاقات سوريا مع دول الجوار بعد الأزمات الدبلوماسية والسياسية إثر اندلاع النزاع. ويقول مدير المعبر العقيد مازن غندور لوكالة الصحافة الفرنسية: «تزداد أعداد القادمين يوماً بعد يوم، ووصل عددهم إلى 33 ألفا و282» على الأقل بينما قارب عدد المغادرين 29 ألفاً. ويوضح أن «النسبة الأكبر من القادمين هم من الأردنيين».
وأحصى مصدر أمني أردني في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي مغادرة 6 آلاف سوري من الأردن إلى سوريا، بينهم 517 لاجئاً مسجلاً. ويتحدث غندور عن تعليمات «للتعامل بإيجابية مع القادمين من الجنسيات كافة»، لافتاً إلى أن «معظم الأردنيين يأتون من أجل التسوق (...) كما للسياحة في دمشق وهم متعطشون إليها». على بعد أمتار عدة، تبتسم سيدة سورية مقيمة في الأردن منذ سنوات، وهي تنتظر انتهاء معاملات عبورها مع أفراد عائلتها إلى دمشق في زيارة لأسبوعين. وتقول: «دمشق بركة (...) ولذلك يود الجميع زيارتها بعد طول انقطاع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».