العراق: العبادي يستبعد حالياً خيار المعارضة لحكومة عبد المهدي

أعضاء في ائتلافه ومراقبون يحبذون سيره في هذا الاتجاه

TT

العراق: العبادي يستبعد حالياً خيار المعارضة لحكومة عبد المهدي

نفى مصدر مقرب من رئيس الوزراء السابق وزعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، نيته الاتجاه للمعارضة في وقت عبر فيه سياسيون وأكاديميون عن نجاح مثل هذا التوجه بوصفه العامل الأهم في تقويم عمل الحكومة. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه: إن «العبادي لا يفكر فيما يمكن أن يفهم على أنه خلخلة للوضع الأمني أو السياسي، ولا سيما أن مفهوم المعارضة في العراق لا يزال يحمل مدلولات سلبية في الغالب»، مبيناً أن «العبادي أعلن منذ البداية دعمه لحكومة عبد المهدي؛ لأنه يرى أن نجاحها إنما هو استكمال لسلسلة النجاحات التي حققتها حكومته بدءاً من النصر على تنظيم داعش الإرهابي وتوحيد البلد وتخطي الأزمة الاقتصادية».
وأوضح المصدر، أن «العبادي يعمل على تقوية ائتلاف النصر بوصفه مشروعاً عابراً للطائفية والعرقية، مع التأكيد على اتخاذ مواقف بنّاءة من الحكومة والعملية السياسية باتجاه تصحيح المسار وتجاوز الأخطاء».
لكن قياديين في «النصر» رجّحوا إمكانية المضي في تأسيس جبهة معارضة إيجابية داخل قبة البرلمان، ولا سيما أن ائتلاف النصر لم يحصل على أي موقع سيادي أو وزاري. وقالت ندى شاكر جودت، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف النصر، لـ«الشرق الأوسط»: إن «مفهوم المعارضة دائماً يذهب باتجاه سلبي، وهو أمر غير صحيح، بل هو داعم أساسي لتوجهات الحكومة ومجمل العملية السياسية، وبالتالي فإن التفكير فيه ليس خطأ مثلما يتصور الكثيرون». وأضافت: إن «من الواضح أن ائتلاف النصر الذي يعد الفائز الثالث في الانتخابات ولديه 42 مقعداً تم تهميشه تماماً على صعيد استحقاقه الانتخابي عبر توزيع المسؤوليات والحقائب الوزارية طبقاً للنقاط، وهو أمر لا مبرر له»، مبينة أن «منح الائتلاف الحرية لرئيس الوزراء لاختيار الكابينة لا يعني تجاهل ائتلاف كبير وله موقعه في العملية السياسية، فضلاً عن أن زعيمه حيدر العبادي هو من حقق النصر على (داعش) وهو من حفظ وحدة البلاد، وكان ينبغي أن يحصل إما على منصب نائب رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية، لكن لم يحصل على شيء».
ورداً على سؤال عما إذا كان العبادي يفكر بخيار المعارضة حالياً، قالت النائبة: إن «العبادي أعلن دعمه للحكومة ولرئيسها عادل عبد المهدي، وبالتالي هو يعمل بهذا الاتجاه، لكن (النصر) ككتلة نيابية، وإن لم تقرر بعد بشكل رسمي الذهاب إلى المعارضة، فإن كل الخيارات مفتوحة في النهاية».
إلى ذلك، أكد سياسيون وأكاديميون عراقيون حاجة العراق إلى المعارضة؛ بوصفها الخيار الوحيد لتقويم عمل الحكومة والحث على بناء منظومة سياسية جديدة وفاعلة بعد ثلاث دورات برلمانية لم يفكر أحد خلالها في التوجه إلى المعارضة والعمل بكل قوة من أجل الحصول على حصة من كعكة السلطة. وفي هذا السياق، يقول السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي لـ«الشرق الأوسط»: إن «المحاصصة في هذه الحكومة هي الأسوأ بعد عام 2003، حيث وصلنا إلى المحاصصة الشخصية بسبب كثرة تشظي المكونات والأحزاب، وبالتالي فإن خروج أي شخص من هذه المعادلة وذهابه إلى المعارضة الإيجابية هو أمر مهم». وأضاف: إن «العبادي في حال اختار المعارضة سيكون عامل نجاح إيجابياً للحكومة بسبب مزايا يمتلكها العبادي، وبخاصة أنه شخصية غير عدائية بالأساس، أي أنه لا يعمل لمصلحته الشخصية؛ وهو ما يجعله أقرب إلى رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي».
وأوضح الصميدعي، أن «عدم حصول العبادي على حصة في الحكومة وتوجهه نحو المعارضة يمكن أن يكون داعماً بقوة لعبد المهدي؛ لأنه (العبادي) هو من منحه حرية الاختيار دون أن يضع شروطاً عليه، حيث إنه يهمه نجاح الحكومة لأنه امتداد لما حققه هو من نجاح».
في السياق نفسه، أكد الدكتور باسل حسين، مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، أن «خيار نجاح المعارضة في العراق يبقى مسألة نسبية، لكنه في حال كان عملاً منظماً ويقف وراءه شخصية مثل العبادي أتوقع له النجاح، ولا سيما أنه يستطيع أن يحمي نفسه من البطش والتنكيل، فضلاً عن ذلك فإن وراءه منظومة تدعمه». وأضاف: «ليس هناك أحد من أطراف العملية السياسية جرب المعارضة بينما باتت لها أرضية مناسبة تماماً اليوم في العراق نتيجة لفشل السلطة ونقمة الناس والشارع على مجمل ما هو موجود على صعيد العملية السياسية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.