إضعاف «حماس» من دون تهديد سلطتها وتكريس التفرقة بين الضفة والقطاع

سياسة إسرائيل في قطاع غزة وخياراتها المحدودة

شاب فلسطيني يشارك في الاحتجاجات الشعبية المتقطعة على حدود غزة (إ.ب.أ)
شاب فلسطيني يشارك في الاحتجاجات الشعبية المتقطعة على حدود غزة (إ.ب.أ)
TT

إضعاف «حماس» من دون تهديد سلطتها وتكريس التفرقة بين الضفة والقطاع

شاب فلسطيني يشارك في الاحتجاجات الشعبية المتقطعة على حدود غزة (إ.ب.أ)
شاب فلسطيني يشارك في الاحتجاجات الشعبية المتقطعة على حدود غزة (إ.ب.أ)

أكدت مصادر سياسية إسرائيلية على أن المباحثات الأخيرة بشأن قطاع غزة، التي جرت في المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية (الكابنيت)، أوصلت القيادات الإسرائيلية السياسية والعسكرية إلى القناعة بأن من الأفضل لإسرائيل، في هذه المرحلة، عدم إسقاط سلطة حركة حماس.
ونقلت صحيفة «هآرتس»، أمس الثلاثاء، عن هذه المصادر قولها، إن التعليمات المعطاة لأجهزة الأمن تقول بحزم: «إن المصلحة تقتضي حالياً ردع حركة حماس وإضعافها، ولكن من دون تعريض استمرار سلطتها في قطاع غزة للخطر». وجاء في تقرير للصحيفة أن هذه «النتيجة الإسرائيلية» تنبع من الموقف المتشدد الذي يتخذه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأن قطاع غزة ومحاولات التسوية في المنطقة، حيث يراكم المصاعب أمام تحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع، بينما تخشى إسرائيل أن يؤدي ذلك إلى التصعيد.
وتقوم الفرضية الإسرائيلية على أن «عباس معني باشتعال الأوضاع، باعتبار أن ذلك قد يخدم السلطة الفلسطينية في مفاوضات المصالحة مع (حماس)، كما ينوي تصعيد الإجراءات العقابية ضدها».
وأضافت الصحيفة أن القيادتين السياسية والعسكرية وأجهزة الأمن، يعتقدون أن القناة التي تجري مع «حماس» عن طريق وسطاء، أنجع من عملية تكون السلطة الفلسطينية شريكاً فيها. وقال المصدر السياسي الإسرائيلي الذي اعتمدت عليه الصحيفة، إنه «لا تغيير بشأن حركة حماس، وأن هدف الحفاظ على سلطتها في قطاع غزة ينبع من الرغبة في منع انهيار البنى التحتية، الأمر الذي قد تتضرر منه إسرائيل».
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قد قال، أول من أمس الاثنين، في حديثه مع مراسلي وسائل الإعلام العبرية، إن «إسرائيل تعمل على منع دخول قوات تهدف للمس بالجنود والمواطنين الإسرائيليين، من جهة، ومن جهة أخرى فهي تعمل على منع حصول انهيار إنساني هناك».
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر سياسي قوله، إنه «لا يوجد حل سياسي مع من يريد إبادتنا، وإنما يوجد حل الردع إلى جانب الحل الإنساني، لمنع الانهيار الذي سيتفجر في النهاية بوجه الجميع». وبحسب المصدر نفسه، فإن «الانهيار ينبع من قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقليص الميزانيات لحركة حماس». وأضاف أن إسرائيل كانت على وشك التوصل لاتفاق بالعودة إلى التهدئة، إلا أن ذلك تبدد في الفعاليات قرب السياج الحدودي يوم الجمعة الفائت. وبحسبه، فإن التقديرات كانت تشير إلى تهدئة التوتر مع إدخال الوقود إلى قطاع غزة، و«لكنهم جاءوا إلى السياج الحدودي وانقضوا عليه».
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية قولها، إن «رئيس الحكومة يريد منع وقوع الحرب، ولكن ذلك لا يعني أنه سيظل قادراً على ذلك دائماً». وأضافت المصادر ذاتها، أن الخيارات التي كانت وراء الكواليس كانت تتضمن: «الإمكانية الأولى، وهي احتلال قطاع غزة. وبعد ذلك، لمن سنسلم القطاع؟ لو كان هناك من يمكننا تسليمه لاحتللنا القطاع، ويجب تنفيذ ذلك بشكل يمنع سقوط ضحايا،
ولكن لا يوجد من يمكننا تسليمه القطاع. العرب لا يريدون أن يسمعوا عن ذلك». والإمكانية الثانية هي: «توجيه ضربات قاسية جداً من دون احتلال قطاع غزة، ولكن عملياً نحن نوجه لهم ضربات قاسية».
وكتبت الصحيفة أن إسرائيل تنوي العمل بسياسة «فرق تسد» بين قطاع غزة والضفة الغربية. ففي حين تخسر السلطة الفلسطينية نفوذها في قطاع غزة، فإن إسرائيل تنوي تعزيزها في الضفة الغربية، من خلال الحفاظ على مستوى الحياة فيها، حيث تدرس إمكانية زيادة عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل، كما تدرس التعاون الاقتصادي في المنطقة، بهدف الحفاظ على الهدوء النسبي في مناطق السلطة الفلسطينية.
وأضافت: «إلى جانب عدم تعريض سلطة (حماس) في قطاع غزة للخطر، فإن إسرائيل تنوي العمل ضد حركة (الجهاد الإسلامي)، التي أعلنت مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ نهاية الأسبوع الأخير».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.