هيئة حقوقية تتحدث عن انتهاكات في الموصل

TT

هيئة حقوقية تتحدث عن انتهاكات في الموصل

يشّكل ملف محافظة نينوى، وخاصة قضية السجناء والموقوفين في مدينة الموصل، سواء المتهمون بتعاملهم مع «داعش» أثناء سيطرته على المدينة في يونيو (حزيران) 2014 أم أولئك الموقوفون على ذمة قضايا أخرى غير الإرهاب، تحدياً من أهم التحديات التي تواجه السلطات المحلية والأمنية في مسعاها لتحقيق الاستقرار وطي صفحة «داعش» التي استمرت نحو 3 سنوات في المدينة، وما زال بعض آثارها قائماً يهدد حياة السكان هناك. وقد تسببت هذه الآثار أمس، بمقتل صبي في الموصل، وإصابة اثنين آخرين في انفجار قنبلة يدوية، أثناء لعبهم على أنقاض الجامع النوري الذي فجّره «داعش» في يونيو 2017.
بيد أن ما كان متداولاً بين المنظمات المعنية بحقوق الإنسان بشأن التجاوزات والانتهاكات الموجودة في سجون الموصل، بات اليوم متداولاً من قبل الجهات الحقوقية والأمنية الحكومية، حيث أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، وهي منظمة حكومية مستقلة، عن رصدها كثيراً من الانتهاكات والمشكلات في مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في محافظة نينوى والسجون التابعة لها.
وفي هذا السياق، كشف نائب رئيس المفوضية علي ميزر الشمري، في بيان أمس، عقب زيارته مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في نينوى رفقة فريق «العدالة الجنائية» التابع لمكتب المفوضية في المحافظة، عن «وجود انتهاكات لحقوق الإنسان»، غير أن الشمري، ومن خلال لقاءاته مع ملاكات المديرية وضباط قسم التحقيقات، وجد أن قسماً من تلك الانتهاكات يعود في جزء منها إلى «قلّة ضباط التحقيق والكادر المختص، مقارنة بالدعاوى المعروضة على المديرية، إضافة إلى قلة التخصيصات المالية وعدم توفير المستلزمات الأساسية لإنجاز الأعمال الموكلة إليهم». كما يقول في بيانه. وبيّن الشمري أنه رصد خلال زيارته «أموراً عدة، أبرزها وجود انتهاكات لحقوق الإنسان، منها الاكتظاظ الحاصل في القاعات، الذي يسبب فقدان الموقوفين والنزلاء لكرامتهم الإنسانية، إضافة إلى معاناتهم من أمراض الجرب والتدرن والتهاب الكبد الفيروسي».
وطالب «الحكومة العراقية ممثلة بمجلس القضاء الأعلى ورئاسة الادعاء العام ووزارات الداخلية والعدل والصحة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالقيام بواجباتهم بصورة عاجلة واتخاذ التدابير اللازمة، من خلال توفير الملاكات الكافية من ضباط التحقيق، والملاكات الأخرى من أجل ضمان سرعة إنجاز القضايا الخاصة بالموقوفين والنزلاء».
من جانبه، يتفق عضو مجلس محافظة نينوى إضحوي جفال الصعيب حول قضية «الاكتظاظ» في السجون بمدينة الموصل، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذا موضوع مؤكد. الزحمة نجدها في سجون النساء بشكل لا يطاق، بعض النسوة لديهن أطفال وهن معرضات للمخاطر». لكن الصعيب يرى أن «معالجة هذه المسألة تحتاج إلى إمكانات توفرها الحكومة المركزية في بغداد وليس حكومة نينوى، من جهتنا نطرح هذه المسائل بشكل دوري في اجتماعات اللجنة الأمنية الأسبوعية، لكن الأمر بحاجة إلى تدخل الحكومة الاتحادية». وحول عملية إعادة الإعمار في محافظة نينوى والموصل بشكل خاص، أشار الصعيب إلى أن حكومة نينوى بصدد «إعادة طرح الموضوع على الحكومة الجديدة، فالظروف كانت مختلفة مع الحكومة السابقة، ولم تكن لدينا خطة متكاملة وجهة محددة تقع على عاتقها مسألة إعادة الإعمار، وقد تشكلت نتيجة ذلك هيئات غير قانونية في بغداد لإدارة العملية نتيجة عدم الثقة بحكومة نينوى».
ورحّب رئيس منظمة حمورابي، لويس مرقص، بالتصريحات التي أدلى بها عضو مفوضية حقوق الإنسان علي الشمري، معتبرا أن ذلك «يمثل حالة جيدة ومدعاة للتفاؤل؛ لأن المفوضية تمارس دورها الطبيعي في الدفاع عن حقوق الإنسان». وقال مرقص لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا مؤشرات كثيرة حول حقوق الإنسان في الموصل، الشفافية غائبة في موضوع مقابلة السجناء وهناك روتين قاتل، يدفعنا أحيانا للشك في دوافع من يشرفون على إدارة هذا الملف».
في غضون ذلك، أبلغ شهود عيان «الشرق الأوسط» أمس، عن مقتل صبي وجرح اثنين آخرين في الجامع النوري. وقال المحامي زيد الطائي الشاهد على الحادث إن «إحدى وسائل الإعلام جلبت بعض الصبية إلى جامع النوري لتصويرهم وهم يلعبون بين أنقاضه، فوجد أحد الصبية قنبلة يدوية غير مفجرة، وأثناء لعبه بها انفجرت وأودت بحياته وأصابت اثنين من رفاقه، وقد نقلوا إلى المستشفى الجمهوري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».