الذكاء الصناعي مستقبل قطاع تقنية المعلومات

نظم ثورية تُسهم في تطوير العديد من القطاعات والتجارب البشرية

الذكاء الصناعي مستقبل قطاع تقنية المعلومات
TT

الذكاء الصناعي مستقبل قطاع تقنية المعلومات

الذكاء الصناعي مستقبل قطاع تقنية المعلومات

كانت النظرة نحو الكومبيوترات والأجهزة الخادمة في السابق تتركز على أنها عبارة عن أجهزة لا تفكر بل تؤدي الأعمال بسرعات كبيرة. ولكن الثورة التقنية طورت تقنيات الذكاء الصناعي Artificial Intelligence - AI التي تُسهّل تحليل البيانات الضخمة وتخلق نماذج عمل متطورة من شأنها التأثير بالإيجاب على العديد من القطاعات، وفتح آفاق أعمال جديدة تواكب هذا التطور.
وبدأت هذه التقنية بالدخول إلى حياة المستخدمين اليومية من خلال وحدات معالجة متخصصة في الهواتف الجوالة العديدة والسيارات الذكية، بالإضافة إلى روبوتات الدردشة النصية مع المستخدمين في العديد من المواقع والشبكات الاجتماعية، وغيرها. وحول هذا الأمر، تحدثت «الشرق الأوسط» حصريا مع «كامل الطويل»، نائب الرئيس في شركة «أوراكل» Oracle التقنية المتخصصة بالحلول التقنية للشركات والحكومات.

الثورة الصناعية الرابعة

نجمت الثورة الصناعية الرابعة عن اندماج 3 نزعات تقنية رئيسية، هي البيانات الضخمة والذكاء الصناعي وترابط تقنية إنترنت الأشياء Internet of Things IoT، والتي من شأنها تغيير كيفية عملنا وعيشنا وتواصلنا وتفاعلنا مع بعضنا البعض، الأمر الذي من شأنه التأثير على العديد من القطاعات وإيجاد قطاعات جديدة كليا. وبدأنا اليوم نرى بذور هذا الموضوع في النزعات العالمية التي تبنت تكامل تقنية المعلومات.
ومن الأمثلة على ذلك وجود كبرى الشركات من دون استثمار مباشر في المنتجات، مثل شركات طلب السيارات التي لا تمتلك السيارات، ومواقع حجوزات الفنادق دون امتلاكها لأي فندق، وهكذا. وشهدنا كذلك عمل الروبوتات في قطاع التجزئة، والتي تسمح للمستخدمين تسجيل ما اشتروه ودفع قيمة ذلك دون أي تدخل بشري، مع تعرف الروبوت على المستخدم إن كان يتردد كثيرا على المتجر واقتراح شراء بعض المنتجات الجديدة التي قد تعجبه وفقا لتاريخ الشراء الخاص به.
ويناقش عمالقة التقنية اليوم كيفية تأثير الذكاء الصناعي على قطاعات تقليدية، مثل الزراعة، حيث تستطيع مجسات ذكية نقل المعلومات الضرورية المرتبطة بالزراعة إلى نظم متخصصة تقيس نسبة رطوبة وملوحة التربة وتربطها بكثافة أشعة الشمس ونسبة التبخر في أي يوم من أيام السنة لتقديم الكمية الأمثل من المياه والسماد لكل نوع من أنواع النباتات. وتعمل «أوراكل» حاليا مع بعض الشركاء في اليابان لتطوير محاصيل البرتقال بأعلى جودة ممكنة، ليتم نقل هذا النموذج إلى المشاريع الأخرى بهدف خفض التكاليف ورفع الجودة وزمن الإنتاج.
وتستطيع تقنيات الذكاء الصناعي تحليل البيانات واستنباط الآليات الأمثل في العديد من القطاعات، مثل الصناعة والمال والاتصالات وحركة المرور، وغيرها. وبالنسبة للقطاع الصحي، تستطيع تقنيات الذكاء الصناعي تحليل تاريخ المرضى وخريطة الـ«جينوم» الخاصة بهم لمحاكاة التغيرات في أجسامهم والتنبؤ بالأمراض المقبلة، مثل السرطان، حيث يمكن وقاية المرض بشكل استباقي عوضا عن اكتشافه في مرحلة متأخرة قد يكون فيها العلاج غير مجد، أو في مرحلة متوسطة تكون فيها تكاليف العلاج باهظة جدا، وبالتالي خفض التكاليف على المريض وشركات التأمين بشكل كبير، والمساهمة بالعلاج المبكر وغير المكلف.

فرص ثورية للمنطقة العربية

وكشف «كامل الطويل» أن بعض دراسات شركات الاستشارات تشير إلى أن تقنيات الذكاء الصناعي ستوفر فرصا في منطقة الشرق الأوسط تبلغ قيمتها نحو 320 مليار دولار بحلول عام 2030. وتقدر قيمة الفرص التي ستوفرها هذه التقنية في المملكة العربية السعودية وحدها بنحو 135,5 مليار دولار بحلول عام 2030، وذلك من خلال رفع كفاءة القطاع العام والخدمات وإيجاد فرص عمل جديدة.
وتُقدر قيمة الفرص التي ستوفرها هذه التقنية عالميا بنحو 15 تريليون دولار بحلول عام 2030 أيضا. وقدّم مثالا على أنه في عام 2006، كانت أكبر شركات من حيث القيمة عالميا هي 5 شركات للنفط ومصرفان وشركة تقنية واحدة، بينما احتلت الصدارة 6 شركات تقنية في عام 2016 وشركة نفط واحدة، الأمر الذي يبرهن على أن الاقتصاد المعرفي يتقدم بشكل متسارع بفضل تطور التقنيات الحديثة ومساهمتها في تسريع عمل الشركات ورفع الكفاءة بشكل غير مسبوق.
وتشير دراسات شركة «آي دي سي» IDC لأبحاث الأسواق بأن المملكة العربية السعودية ستنفق نحو 11 مليار دولار على قطاع تقنية المعلومات في عام 2018، وأن الإنفاق على الشبكات السحابية العامة في المملكة سينمو إلى 138,2 مليار في عام 2018، الأمر الذي جعل الشركة تضع خططا لإطلاق مراكز بيانات خاصة بها في المملكة. وأضاف أنه لدى «أوراكل» خبرة كبيرة في هذا المجال، وتعمل على جلب هذه التقنيات إلى المنطقة العربية وتسخيرها لتطوير الأعمال. ومن الأمثلة المحلية على ذلك تعاون الشركة مع وزارة الحج لتطوير تقنية إنترنت الأشياء لمساعدة الحجاج والمعتمرين على التنقل والتعرف على نمط تنقلهم وتطوير تجربتهم لخدمتهم بشكل أفضل.
كما عملت «أوراكل» في مجال تطوير المدن الذكية باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي والواقع الافتراضي بهدف رفع كفاءة العمل وإيجاد تجارب لم يختبرها السكان من قبل. وتعمل الشركة حاليا مع حكومة دبي لتطوير نظم ذكية لحوادث المرور، بحيث ترسل السيارة الذكية التي تعرضت لحادث ما، رسالة إلى مركز العمليات الذي سيرسل بدوره طائرة ذاتية «درون» بكاميرا مدمجة تقوم بتصوير الحادث وتنقل المعلومات فورا إلى المركز الذي سيحدد من هي الجهات التي يجب تواجدها في موقع الحادث، دون تأخر العملية بسبب أزمة السير أو وجود المركبة في منطقة بعيدة يصعب الوصول إليها لتقييم الحالة.

مخاوف المستقبل

وفي الوقت نفسه، هناك من يتخوف من هذه التقنية، وخصوصا فيما يتعلق بوفرة الوظائف، حيث يعتقدون أن هذه التقنيات ستستبدل وظائف العمال، ولكن الحقيقة هي أن هذه التقنيات ستستبدل العمل الروتيني وتخفف من الجهد المبذول، ولكنها في الوقت نفسه ستقدم وظائف ذات جودة أعلى للبشر وتتطلب منهم تقديم مهارات أعلى، وبالتالي الحصول على خبرة ورواتب أفضل. ويمكن تشبيه ذلك بالخوف الذي أصاب الناس لدى نشر شبكة السكك الحديدية، حيث تخوف الكثيرون من أنها ستؤثر سلبا على قطاع نقل البضائع من خلال العربات البشرية، ولكن هذه الشبكات الحديدية أوجدت فرص عمل كثيرة في قطاع التجارة لنشر المنتجات حول العالم، بالإضافة إلى رفع كفاءة عمل سلاسل التوريد ووصول البضائع في الوقت المطلوب في جميع الظروف الجوية وخفض المخاطر على البشر الذين كانوا ينقلون البضائع باستخدام العربات التقليدية. مثال آخر هو تقليص عدد وظائف مدخلي البيانات في الفترة التي تلت انتشار الكومبيوترات، ليتطلب سوق العمل المزيد من علماء ومحللي البيانات ومبرمجين لإطلاق منتجات وخدمات أفضل، وصولاً إلى الحاجة لخبراء في قطاع الذكاء الصناعي.
كما ساهمت الخدمات السحابية في تسريع بدء عمل الشركات الصغيرة وخفض تكاليف العمل، حيث لم يعد من الضروري إيجاد استثمارات ضخمة في مراكز البيانات في ظل وجود مراكز بيانات سحابية يمكن استئجارها ورفع قدراتها بسرعة كبيرة، ناهيك عن عدم الحاجة لصيانتها وحمايتها من الفيروسات بسبب وجود نظم كاملة تقوم بذلك يشرف عليها فريق من خبراء الشركة التي تقدم الخدمات السحابية. ويتحتم على العديد من القطاعات الموجودة حاليا تطوير نفسها لمواكبة هذا التقدم المتسارع أو مواجهة احتمال الخروج من السوق عالي التنافسية بسبب قدوم شركات جديدة تستخدم هذه التقنيات الحديثة بتكاليف منخفضة مقارنة بنموذج العمل السابق.
وتبقى آفاق هذه التقنية في مراحلها الأولى، حيث يتوقع أن تتطور بشكل متسارع مع التقدم التقني واكتشاف سبل جديدة لخدمة البشرية ومساعدة المستخدمين في تطوير حياتهم اليومية الشخصية وفي بيئة العمل من خلال تحليل البيانات الضخمة والتعلم العميق منها للتعرف على أهم النزعات وتوقع ما الذي سيحدث في المستقبل. كما تستطيع هذه التقنية مقارنة بيانات العديد من الحالات والتعرف على العلاقات بين البيانات المختلفة لاستنباط ظواهر خفية على العين المجردة، وبالتالي رفع سهولة وسرعة اتخاذ القرارات الذكية، بالإضافة إلى تحليلها المستمر للبيانات بهدف اختزال الوقت ورفع كفاءة العمل.
وتستطيع هذه التقنية أيضا الترابط مع العديد من التقنيات الأخرى، كإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية، وتطوير خوارزميات جديدة والعديد من أوجه الأتمتة الجديدة.

توجهات التعليم في مجالات الذكاء الصناعي

> تنصح «أوركال» الطلاب المقبلين على دراساتهم الجماعية بالتركيز على الاقتصاد المبني على المعرفة والعلوم والتقنية، والابتعاد عن الدراسات التي تركز على الأعمال الميكانيكية، ذلك أن تقنيات الذكاء الصناعي ستقدم حلولا بديلة في المستقبل. ويجب تبني التقنيات الحديثة في جميع القطاعات، سواء كانت التعليم أو الطب أو الرياضيات أو الفيزياء أو الكيمياء أو العلوم الحيوية أو التجارة أو الهندسة أو الإدارة. وكانت كبرى الوظائف قبل 20 عاما تنحصر في الطب والهندسة، بينما أصبحت اليوم تتطلب علماء بيانات ومحللين وخبراء في الأمن السيراني.



«غوغل» تطلق نظام «أندرويد إكس آر» المصمم لتعزيز تجارب الواقع المختلط

صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
TT

«غوغل» تطلق نظام «أندرويد إكس آر» المصمم لتعزيز تجارب الواقع المختلط

صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)

عرضت شركة «غوغل»، الخميس، تطوّراتها في تكنولوجيا الواقع المختلط، مع إطلاقها نظام تشغيل جديداً لنظارات وخِوَذ الواقعَيْن الافتراضي والمعزَّز، وهو مجال حققت فيه «ميتا» و«أبل» تقدماً كبيراً.

وأطلقت الشركة الأميركية العملاقة «أندرويد إكس آر» المعادل لأجهزتها القائمة على نظام «أندوريد»، وهو نظامها لتشغيل الهواتف المهيمن إلى حد كبير على الهواتف الذكية في العالم، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت «غوغل»، في بيان: «سيُطلق نظام (أندرويد إكس آر) في مرحلة أولى على خِوَذ رأس تغيّر طريقة مشاهدتكم لمقاطع الفيديو، وكيفية عملكم واستكشافكم لمحيطكم».

ويُفترض نشر نظام التشغيل الذي ابتكرته «غوغل»، بالتعاون مع «سامسونغ»، على جهاز من تصنيع المجموعة الكورية الجنوبية، سُمي مؤقتاً بـ«بروجكت موهان»، وسيُباع في العام المقبل.

أما راهناً، فستوفر «غوغلاندرويد اكس آر» بهدف المعاينة للمطورين الراغبين في ابتكار تطبيقات وألعاب في الواقعين الافتراضي والمعزز.

وأكّدت «غوغل» أنّ «خوذ الرأس ستتيح لمستخدمها الانتقال بسهولة من الانغماس التام في بيئة افتراضية إلى الوجود في العالم الحقيقي».

وأشارت الشركة الأميركية إلى استخدامات عدة لها، كمشاهدة مقاطع فيديو أو صور تغطي مجال الرؤية بالكامل أو إظهار جسم ما على الكاميرا وإجراء بحث عبر الإنترنت، بفضل الذكاء الاصطناعي.

وأضافت: «يمكنكم ملء المساحة من حولكم بالتطبيقات والمحتوى، ومع (جيميناي)، المساعد القائم على الذكاء الاصطناعي، يمكنكم أيضاً إجراء محادثات بشأن ما ترونه، أو التحكم بأجهزتكم».

يُفترض أن يعمل «أندرويد إكس آر» أيضاً على نظارات الواقع المعزز التي سيكون «جيميناي» متاحاً باستمرار فيها «لتوفير معلومات مفيدة عندما يحتاج المستخدم إليها، مثل الترجمات أو ملخصات الرسائل، من دون الحاجة إلى استخدام الهاتف. كل شيء سيكون مرئياً أو مسموعاً».

تهيمن شركة «ميتا» حالياً على سوق الواقع المختلط من خلال خوذ «كويست» ونظارات «راي بان»، وكلتاهما تباع بأسعار معقولة مقارنة بخوذ «فيجن برو» من «أبل»، التي يبلغ سعرها 3500 دولار.

وقبل 10 سنوات، أطلقت «غوغل» نظارات «غوغل غلاس» المتصلة، التي لم تلقَ استحسان المستهلكين، مما دفع الشركة للتخلي عنها في النهاية.