هل انهارت مدارس النقد القديمة؟

ما بين فوضى أدبية وإعادة ترتيب للأفكار

د. جمال بو طيب
د. جمال بو طيب
TT

هل انهارت مدارس النقد القديمة؟

د. جمال بو طيب
د. جمال بو طيب

فقد كثير من المصطلحات النقدية حضوره القوي، بل المهيمن في فترات سابقة، في المشهد الثقافي؛ بعض المدارس النقدية ظلت حبيسة قاعات الدرس الأكاديمية، ولم تعد ذات تأثير حتى بالنسبة للنقاد والباحثين، مثل الانطباعية والواقعية والسيريالية والبنيوية والتفكيكية... وغيرها. إنها الآن محصورة ضمن جدران الأكاديمية كما يبدو.
والسؤال لماذا اختفت هذه المدارس من قاموس النقد، وماذا حل مكانها؟
تقول الدكتورة الجزائرية سميرة غشير، إن «ذلك راجع إلى حركة ما بعد الحداثة التي أسهمت في انفتاح النص وثورته على القيود التقليدية التي تعيقه، فانفتحت رؤية الكاتب وصارت أكثر حداثية. لكن النقد العربي ما زال تقليدياً نوعاً ما؛ إذ نلحظ أن تلك المناهج والمصطلحات النقدية ما زالت كما هي تطبق. أما فيما يخص المدارس فنجد أن الكاتب الحداثي سعى إلى توظيف تقنيات الكتابة الجديدة التي ظهرت في فرنسا منذ الخمسينات التي تنادي بانفتاح النص والدعوة إلى التجريب والتمرد على الموروثات السردية والفنية السابقة».
وتضيف «المدرسة الجديدة تميزت بأساليب مبتكرة جعلت الكاتب أكثر انفتاحاً على المرجعيات والسياقات والثقافات، فتحولات العصر جعلت الكاتب يبحث عن أساليب جديدة قادرة على استيعاب إشكالات العصر وتحولاته، وقد وجدها الكاتب في المدرسة الجديدة، على عكس المدارس التقليدية التي لم تعد تلبي طموحه؛ فلكل عصر خصوصياته التي تميزه، فلا يمكن أن يوظف الكاتب مثلاً أساليب تقليدية مستهلكة، بل الكاتب المجرب من يتميز بتجربته الدائمة، سواء في البنية الفنية أو الأشكال السردية أو التحاور مع مختلف الأجناس والفنون والعلوم. الكاتب المعاصر نحا نحو العلوم التجريبية والطب يوظفهما كسبيل لتجاوز النمطية وخلق التجديد. أقول الكاتب العربي حقق التجديد والتجريب، أما النقد فما زال تقليدياً في أغلبه».
- مجابهة النصوص
أما الأكاديمي المغربي الدكتور جمال بو طيب، فيرى أن «السبب في تراجع كثير من المناهج النقدية هو الوعي المتجدد باستمرار. إن النصوص أكبر من يحتويها منهج أو إجراء تحليلي؛ لذلك فالانتباه إلى أن المساءلة المباشرة للنص انطلاقاً من معطياته الخاصة هي الأمثل، جعلت النقاد والباحثين ومحللي النصوص يختارون مجابهة النص بأدوات يمكن أن تستنطق من بطونه المتنية والشكلية ولعل الابتداعات القرائية والعودة إلى ذائقة الناقد يدخلان ضمن هذا التوجه.
ويواصل الدكتور جمال بو طيب، ليحدثنا عن أكاديمية «مقاربات» التي تسعى لإحياء المفاهيم والمصطلحات التي «غيبها الزمن»، وكيف يمكن إعادة إيصالها للجمهور. يقول «تبرر العودة إلى هذه المفاهيم أو المصطلحات بكونها عودة علمية أكاديمية مردها إلى كون دار (مقاربات) هي مؤسسة متخصصة في نشر الكتاب الأكاديمي بمختلف الحقول. ولأنها كذلك؛ فإن كتّاب المؤسسة وباحثيها حين يختارون التأليف في محتذى من المحتذيات إنما يفعلون انطلاقاً من تكوينهم النظري والمفهومي، واعتماداً على مرجعياتهم في الاشتغال البحثي؛ مما يستوجب نحتاً مفهومياً، إما في إطار التوظيف أو في إطار التجريب أو في إطار الاستنبات، وأحياناً كثيرة في إطار الابتداع. ويعمل المركز التابع لـ(مقاربات) كمؤسسة علمية بحثية على تداول هذه المفاهيم وتوسيع آفاق اشتغالها من خلال مؤتمراته السنوية، فقد عُقد آخر مؤتمر في محور المفاهيم في العلوم الإنسانية وقبله في المناهج وتكامل المعارف مما يسمح بحلقات نقاش علمية ننشرها باستمرار كبحوث أو كأشغال مؤتمرات».
وعن كيفية إقناع الجمهور أو إعادة إيصال هذه المصطلحات إليه، يقول «الجمهور المتلقي يحضر الندوات ويشارك فيها، وإلى جانب الندوات هناك دورات تكوينية يستفيد منها الطلاب والباحثون والراغبون في حضور الحصص التدريبية النظرية والتطبيقية التي يؤطرها متخصصون في المجال».



انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
TT

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء والموهوبين في مجالات العلوم والتقنية والابتكار، ويشارك فيه أكثر من 300 موهوب ومتحدثون محليون ودوليون من أكثر من 50 دولةً، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ونيابة عنه، افتتح الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» بالعاصمة السعودية، وشهد توقيع عدد من الاتفاقيات بين «موهبة» وعدد من الجهات.

أمير الرياض خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر (واس)

ورفع أمين عام «موهبة» المكلف الدكتور خالد الشريف، كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على رعايته للمؤتمر، ودعمه المستمر لكل ما يُعزز ريادة السعودية في إطلاق المبادرات النوعية التي تمثل قيمة مضافة لمستقبل الإنسانية، مثمناً حضور وتشريف أمير منطقة الرياض لحفل الافتتاح.

وقال الدكتور الشريف: «إن قيادة السعودية تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين باعتبارهم الركيزة الأساسية لازدهار الأوطان والطاقة الكامنة التي تصنع آفاقاً مستقبلية لخدمة البشرية»، مشيراً إلى أن العالم شاهد على الحراك الشامل لمنظومة تنمية القدرات البشرية في المملكة لبناء قدرات الإنسان والاستثمار في إمكاناته، في ظل «رؤية السعودية 2030»، بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية.

وأكد الدكتور الشريف أن هذا الحراك يواكب ما يزخر به وطننا من طاقات بشرية شابة موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها حدود بلادنا ليصل إلى العالمية، وهو ما مكن المملكة من أن تصبح حاضنة لألمع العقول العالمية الموهوبة والمبدعة، وحاضرة إنسانية واقتصادية واعدة بمستقبل زاهر ينعكس على العالم أجمع.

وأوضح أن المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بنسخته الثالثة يشكّل منصةً ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم، لتستلهم معاً حلولاً مبتكرة تعزز جودة الحياة في مجتمعاتنا، وتبرز الفرص، وتعزز التعاون الإبداعي بين الشعوب.

انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي (واس)

ولفت النظر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي؛ حيث أمضت 25 عاماً في دعم الرؤى بعيدة المدى للموهبة والإبداع، وباتت مشاركاً رئيسياً في المنظومة الداعمة لاكتشاف ورعاية الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة، بمنهجية تُعد الأكثر شمولاً على مستوى العالم لرعاية الأداء العالي والإبداع.

عقب ذلك شاهد أمير منطقة الرياض والحضور عرضاً مرئياً بمناسبة اليوبيل الفضي لإنشائها، وإنجازاتها الوطنية خلال الـ25 عاماً الماضية، ثم دشن «استراتيجية موهبة 2030» وهويتها المؤسسية الجديدة، كما دشن منصة «موهبة ميتا مايندز» (M3)، وهي منصة عالمية مصممة لربط ودعم وتمكين الأفراد الموهوبين في البيئات الأكاديمية أو قطاعات الأعمال، إلى جانب تدشين الموقع الإلكتروني الجديد لـ«موهبة»، الذي تواصل المؤسسة من خلاله تقديم خدماتها لجميع مستفيديها من الموهوبين وأولياء الأمور.

ويهدف المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع إلى إظهار إمكانات الموهوبين، وتطوير نظام رعاية شامل ومتكامل للموهوبين، وتعزيز التكامل والشراكات الاستراتيجية، وتحسين وتعزيز فرص التبادل والتعاون الدولي، ويشتمل المؤتمر على 6 جلساتٍ حوارية، و8 ورش عمل، وكرياثون الإبداع بمساراته الـ4، ومتحدثين رئيسيين؛ حيث يسعى المشاركون فيها إلى إيجاد الحلول الإبداعية المبتكرة للتحديات المعاصرة، إلى جانب فعاليات مصاحبة، تشمل معرضاً وزياراتٍ ثقافيةً متنوعةً على هامش المؤتمر.