متحف الفولكلور في السليمانية يجذب زواره لذكريات الماضي

من محتويات المتحف الفولكلوري في السليمانية
من محتويات المتحف الفولكلوري في السليمانية
TT

متحف الفولكلور في السليمانية يجذب زواره لذكريات الماضي

من محتويات المتحف الفولكلوري في السليمانية
من محتويات المتحف الفولكلوري في السليمانية

في أحد أقدم وأشهر الأحياء بمدينة السليمانية، بإقليم كردستان العراق، وفي واحد من بين بضعة بيوت قديمة، أسس «أكرم عثمان» 68 عاماً، متحفاً فلكلورياً يضم مقتنيات ولوازم شخصية وأدوات منزلية، استخدمها سكان المدينة في مراحل مختلفة من القرن المنصرم، لعل أبرزها الختم الشخصي لوزير المالية «كريم أليكا» في حكومة الملك الأول والوحيد في تاريخ الشعب الكردي «محمود الحفيد» التي تشكلت في السليمانية عام 1922 واستمرت نحو عامين. في المتحف أيضا قميص يحمل صور الزعيم العراقي الراحل «عبد الكريم قاسم» وشارة حكومته، الذي كان الزعيم قد وزعها على الضباط والجنود الذين رافقوه في عملية الإطاحة بالنظام الملكي في العراق عام 1958، إلى جانب نسخة ممتازة من جهاز الغرامافون الذي استخدم في عشرينات القرن الماضي لسماع الأغاني المسجلة على الأسطوانات، وغيرها من أجهزة التسجيلات الصوتية والراديو القديمة جداً، ومقتنيات شخصية ومنزلية استخدمها اليهود الأكراد في السليمانية، قبل مغادرتهم العراق، كالخناجر التي كان الرجال يحملونها في أحزمتهم، كجزء من مقتضيات الزينة والقيافة الشخصية، والحلي الفضية التي كانت النسوة الكرديات يرتدينها في المناسبات، علاوة على نماذج لغرف العرسان، وكذلك الملابس والأسلحة النارية الخفيفة التي استخدمها رجال الملك محمود، وبعض المعدات البدائية التي استعملها القرويون آنذاك في الحراثة والحصاد، وتنقية المحاصيل.
ويقول أكرم عثمان، مؤسس المتحف الفولكلوري، إن شغفه وولعه بالفلكلور الكردي وحرصه الشديد على تخليده ومنعه من الاندثار، دفعه إلى تأسيس المتحف وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «منذ خمسين عاما وأنا أجمع هذه المقتنيات والأدوات واللوازم القديمة، التي اشتريت بعضها بأثمان باهظة، وحصلت على البعض الآخر من متبرعين، وكنت دوماً أتطلع إلى اليوم الذي أجمعها في متحف فلوكلوري يخلد جانبا ولو بسيطاً من تراث أجدادنا وأهلنا الذين عاشوا في السليمانية، كجزء من تاريخ شعبنا العريق. لم أجد أنسب من هذا البيت القديم الذي يعود ملكه إلى الشخصية الاجتماعية الشهيرة في السليمانية، كريم السراج المتوفى مطلع الأربعينات من القرن الماضي، والذي قمت باستئجاره على حسابي الخاص لهذا الغرض، لأني مقتنع بأن هذا الأمر جزء من الواجب الوطني الملقى على عاتقي».
في الطابق السفلي، خصصت إحدى الغرف لتخليد سيرة المطرب الشعبي الكردي الأشهر على الإطلاق، حسن زيرك الذي قدم إلى السليمانية من مسقط رأسه في مدينة بوكان بكردستان الإيرانية، هرباً من بطش النظام الشاهنشاهي، ومكث في تلك الغرفة لأيام وأشهر عدة، قبل أن يسطع نجمه في دنيا الفن الكردي. في الطابق نفسه هناك غرف أخرى خصصت لتخليد أبرز الشخصيات التاريخية، الفنية والأدبية والعسكرية والسياسية التي عاشت في السليمانية وقتذاك، من خلال صورهم ومجسماتهم وبعض مقتنياتهم الشخصية.
وفي غضون أشهر قليلة، تحول المتحف الفولكلوري إلى أحد أهم المعالم في مدينة السليمانية يستقبل يومياً المئات من الزوار المحليين والأجانب. يقول المخرج السينمائي الإيراني كيانوش عياري، الذي حضر المهرجان الثالث للأفلام السينمائية، الذي أقيم في السليمانية قبل أيام، إنه ارتأى زيارة المتحف للاطلاع من كثب على جوانب حية من تاريخ الشعب الكردي العريق الذي سمع وقرأ كثيرا عنه، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الشعب الكردي من أعرق الشعوب في المنطقة ويمتد تاريخه لأكثر من 2700 سنة، وتربطنا معه روابط عرقية وتاريخية كثيرة، ونتشارك في كثير من العادات والتقاليد والمناسبات والإرث التاريخي، وما عزز من قناعاتي هذه هو ما شاهدته ولمسته من مقتنيات وأدوات في هذا المتحف الذي يختزل مقاطع ومراحل كثيرة من تاريخ هذا الشعب الأصيل».
وفي باحة المتحف، أقام مؤسسه مطعماً صغيراً يضم مقاعد ومناضد وأدوات تماهٍ، تلك التي كانت سائدة في السليمانية مطلع القرن الماضي، ويقدم وجبات من أشهر الأكلات الشعبية التي تشتهر بها السليمانية منذ القدم وبأسعار زهيدة، ما يحفز العشرات من الزوار من مختلف الفئات العمرية على تناول وجباتهم المفضلة هناك في أجواء، تحاكي ما كان سائدا في السليمانية قبل عقود خلت.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.