ارتياح لبناني لعودة العمل بمعبر نصيب

وزير الزراعة: قرار استئناف حركة الشاحنات «مرّ من دون تعقيدات سورية»

تجهيز البطاطا اللبنانية في البقاع استعداداً لتصديرها («الشرق الأوسط»)
تجهيز البطاطا اللبنانية في البقاع استعداداً لتصديرها («الشرق الأوسط»)
TT

ارتياح لبناني لعودة العمل بمعبر نصيب

تجهيز البطاطا اللبنانية في البقاع استعداداً لتصديرها («الشرق الأوسط»)
تجهيز البطاطا اللبنانية في البقاع استعداداً لتصديرها («الشرق الأوسط»)

ينظر لبنان بارتياح إلى إعادة افتتاح السلطات المعبر الحدودي بين الأردن وسوريا رسمياً أمام المدنيين وحركة التجارة، أمس (الاثنين)، بعد إغلاقه لمدة 3 أعوام، على ضوء التقديرات بتنشيط القطاعين الزراعي والصناعي إضافةً إلى قطاع النقل اللبناني، في وقت أعلن وزير لبناني أن القرار سينعكس على استئناف حركة الصادرات اللبنانية، ومر الأمر مع الجانب السوري «من دون تعقيدات».
ونوّه الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، بفتح معبر نصيب الحدودي، قائلاً: «يعود بالفائدة على لبنان ويُعيد وصله براً بعمقه العربي مما يتيح انتقال الأشخاص والبضائع من لبنان إلى الدول العربية وبالعكس». وأكد أن فتح معبر نصيب سيُنعش مختلف القطاعات الإنتاجية اللبنانية، ويخفّف كلفة تصدير البضائع من لبنان إلى الدول العربية. ودعا الرئيس عون الجميع إلى استغلال الفرص المتاحة لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق مصالح المواطنين، والالتفاف حول رؤية وطنية موّحدة للنهوض بالاقتصاد ومواجهة تحديات الأزمة الراهنة.
ونقل رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم ترشيشي، عن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تأكيده إمكان مباشرة عملية التصدير من لبنان إلى الدول العربية عبر معبرَي نصيب وجابر عند الحدود السورية - الأردنية. ولفت ترشيشي في بيان إلى أن «اللواء إبراهيم، بعد اتصالاته بالجانب السوري، أكد أن الطريق مفتوحة أمام المنتجات اللبنانية، وأن الوضع عاد إلى طبيعته وإلى واقعه ما قبل أزمة الحدود عام 2015». ولطالما شكّلت الشروط السورية على الحكومة اللبنانية ضغوطاً واجهها المزارعون وأصحاب الشاحنات، حسب ما تحدث مسؤولون لبنانيون في وقت سابق، في إشارة إلى شروط سورية لاستئناف حركة مرور المنتجات اللبنانية عبر معبر نصيب مقابل تواصل حكومي لبناني مع دمشق.
وقال وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال غازي زعيتر، إن قرار استئناف حركة مرور الشاحنات اللبنانية «مر من الجانب السوري من دون تعقيدات»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بمجرد الاتفاق بين سوريا والأردن على إعادة افتتاح المعبر، تُستأنف حركة الشاحنات اللبنانية والترانزيت بطريقة أوتوماتيكية».
وأكد زعيتر أن افتتاح المعبر «سيعيد تنشيط القطاع الزراعي بشكل كبير»، قائلاً: «إذا وصلنا إلى مستوى التصدير بقيمة 200 مليون دولار، وهي نسبة تساوي 60 في المائة من حركة الصادرات الزراعية اللبنانية إلى دول الخليج قبل الأزمة السورية، فسيكون الوضع مثالياً، ونكون عوّضنا المزارعين»، مشيراً إلى أن استئناف حركة التصدير البري للمنتجات الزراعية اللبنانية باتجاه الدول العربية عبر سوريا والأردن «سينشّط القطاع الزراعي اللبناني الذي تراجع إلى أكثر من النصف منذ 4 سنوات».
وقبل إقفال معبر نصيب، كان 85 في المائة من المنتج الزراعي اللبناني يصدَّر إلى الدول العربية عبر معبر نصيب. وإثر إقفاله، تراجع التصدير إلى أكثر من النصف، كما تعرض الإنتاج الزراعي اللبناني لانتكاسة جراء الكساد الذي أصابه، ما أدى إلى تراجع الإنتاج إلى مستويات تتخطى النصف، كما شكّل التصدير عبر البحر ضغوطاً على الحكومة اللبنانية التي التزمت بدفع فروقات أسعار الشحن، وتكبدت ما يتخطى الـ40 مليار ليرة (27 مليون دولار) لدعم الصادرات الزراعية عبر البحر. ومع ذلك، قال زعيتر إن الخطة البديلة «لم تحقق الهدف كاملاً، حيث تراجع تصدير المنتجات الزراعية، كما تراجعت الزراعة نفسها بسبب العجز عن تصدير المنتجات»، مشدداً على أن «للبنان مصلحة كبيرة في استئناف التصدير براً، ويكاد يكون أكثر البلدان استفادة منه».
ويتصدر القطاع الزراعي قائمة القطاعات اللبنانية التي تستفيد من إعادة التصدير عبر معبر نصيب، بالنظر إلى أن الأسواق التقليدية في الخليج تستقبل المنتج الزراعي اللبناني، وبالتالي فإن الفائدة يجنيها المزارع من جهة، والمصدّر (التاجر الوسيط)، وكذلك قطاع النقل.
أما المستفيد الثاني فهو قطاع الصناعة، وتحديداً الصناعة الغذائية المرتبطة بشراكات قديمة مع الدول العربية. ولم تفقد العلامة التجارية اللبنانية الثقة بمنتجاتها في الأسواق الخارجية، إضافةً إلى قطاع الصناعات الثقيلة مثل المولدات والمحولات الكهربائية وآلات البناء والآلات الصناعية الضخمة التي يصعب تصديرها جواً، فيما يعد تصديرها عبر البحر مكلفاً، إذ يُتوقع أن تستعيد نشاطها أيضاً. وقالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، إن استئناف حركة الترانزيت عبر الأردن، «يزيد القدرة الإنتاجية لدى الصناعات اللبنانية لتلبية احتياجات السوق، خصوصاً أن بعض الصناعات وجدت أسواقاً بديلة، وهو ما يضطرها إلى زيادة إنتاجها لتلبية الطلب».
أما القطاع الثالث الذي يستفيد من إعادة فتح المعبر، فهو القطاع السياحي، ولو أنه بدرجة أقل من الزراعة والصناعة، بالنظر إلى أن سنوات الحرب وتداعياتها «لا تشكل عاملاً مطمئناً للسائح للعبور براً إلى لبنان»، علماً بأن لبنان كان يستقطب السياح العرب المتوجهين براً، وفي مقدمهم السائح الأردني.
وتسبب إغلاق المعبر في 2015 في قطع طريق عبور مهمّ لمئات الشاحنات التي تنقل البضائع يومياً بين تركيا والخليج، وبين لبنان والخليج، في معاملات تجارية بمليارات الدولارات سنوياً. ومنذ ذلك الحين كان المعبر الحدودي الوحيد لسوريا الذي يعمل بشكل طبيعي هو مع لبنان. وسيكون تشغيل معبر نصيب مهماً أيضاً للبنان، الذي يعتمد على سوريا في الاتصال البري بكل الدول الأخرى، لأن حدوده الأخرى مع إسرائيل التي لا تربطها به أي علاقات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».