قيادي أزوادي لـ {الشرق الأوسط}: لم نناقش بعد مستقبل أزواد.. ونسعى لوضع خريطة طريق

مفاوضات الجزائر تتواصل على وقع مواجهات مسلحة في شمال مالي

قيادي أزوادي لـ {الشرق الأوسط}: لم نناقش بعد مستقبل أزواد.. ونسعى لوضع خريطة طريق
TT

قيادي أزوادي لـ {الشرق الأوسط}: لم نناقش بعد مستقبل أزواد.. ونسعى لوضع خريطة طريق

قيادي أزوادي لـ {الشرق الأوسط}: لم نناقش بعد مستقبل أزواد.. ونسعى لوضع خريطة طريق

اندلعت اشتباكات عنيفة مساء أول من أمس في شمال مالي، بين فصيلين متناحرين من الحركة العربية الأزوادية، أحدهما متحالف مع الطوارق والآخر مقرب من الحكومة المركزية في باماكو. ويأتي اندلاع المواجهات في وقت تستمر جلسات التفاوض في الجزائر بين أطراف الأزمة في مالي من أجل وضع خريطة طريق مشتركة تمكن من التوصل إلى حل سلمي ينهي الأزمة.
وكانت الحركة العربية الأزوادية قد انشقت إلى فصيلين مطلع العام الحالي، بعد أن أقدم الجناح العسكري على عزل الأمين العام السابق أحمد ولد سيدي محمد وتعيين سيدي إبراهيم ولد سيداتي أمينا عاما جديدا، وذلك بعد اتهام ولد سيدي محمد بالتخلي عن المبادئ التي تأسست من أجلها الحركة والتقرب من باماكو.
وأصبح الجناح المحسوب على ولد سيداتي أكثر راديكالية حيث تحالف مع الطوارق المتمركزين في مدينة كيدال، 1200 كلم شرق باماكو، بينما تميز جناح ولد سيدي محمد بمرونته وميله إلى التنسيق مع الحكومة المالية من خلال استقرار قياداته في العاصمة الموريتانية نواكشوط.
وعلى الأرض يتحالف جناح الحركة العربية الأزوادية الموالي لولد سيدي محمد مع ميليشيات محسوبة على الحكومة المالية كتلك التي يقودها العقيد الطوارقي الهجي غامو وأخرى بقيادة الجنرال العربي عبد الرحمن ولد ميدو، وتتمركز القوات التابعة لهذا الجناح في منطقة أنفيف، في أقصى شمال شرقي مالي، غير بعيد من مدينة كيدال. أما الجناح الموالي لولد سيداتي فيتحالف مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد (الطوارق)، ويتهم الجناح الآخر بالتحالف مع «جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» التي تنفذ أنشطة إرهابية في المنطقة، وتمثل جماعة التوحيد والجهاد التيار العربي في كتيبة المرابطين، التي يقودها الجزائري مختار بلمختار تاملقب «بلعوار».
وبدأت المواجهات بين الجناحين أول من أمس بهجوم شنه جناح ولد سيدي محمد على نقطة تبعد 150 كيلومترا، جنوب غربي كيدال، ويتمركز في هذه النقطة مقاتلون تابعون للحركة العربية الأزوادية (جناح ولد سيداتي) والحركة الوطنية لتحرير أزواد. وتباينت المعلومات التي أبلغتها مصادر من الطرفين لـ«الشرق الأوسط» بخصوص حصيلة المواجهات، بينما لم تعلن جهات محايدة أي حصيلة حتى الآن. ومن جهتها، التزمت قوات حفظ السلام الأممية الصمت تجاه مواجهات هي الثانية في ظرف أسبوعين.
وسبق لجناحي الحركة العربية أن دخلا في مواجهات منذ عدة أيام، هي الأولى من نوعها منذ التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في مايو (أيار) الماضي، تحت إشراف الأمم المتحدة وبوساطة من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي.
ويشارك الجناحان في مفاوضات الجزائر التي بدأت يوم الأربعاء الماضي من أجل وضع خريطة طريق مشتركة، تمكن من مواصلة التفاوض حتى الخروج بحل سياسي سلمي ينهي الأزمة في شمال مالي، المعروف محليا تحت اسم (إقليم أزواد).
في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة العربية الأزوادية (جناح ولد سيداتي)، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من الجزائر إن «المواجهات التي جرت لن تؤثر على المفاوضات لأننا نتفاوض مع الحكومة المالية وليس الميليشيات الموالية لها، ومن نفذ الهجوم هي ميليشيات لا تملك أي وزن سياسي ولا عسكري».
وأشار رمضان إلى أن المحادثات الحالية في الجزائر الهدف منها «وضع خريطة طريق مشتركة ومتفق عليها من جميع الأطراف التي قدمت مقترحات ستجري دراستها وإخراجها في النهاية على شكل وثيقة موحدة يوقع عليها الجميع». ونفى رمضان أن تكون الجلسات قد ناقشت الحلول السياسية المقترحة لقضية أزواد. وأضاف: «لقد ناقشنا الخطة الزمنية للمفاوضات، وبناء على هذه الخطة سنحدد من سيشارك في المفاوضات وسنناقش جميع الاحتمالات وإن كان إقليم أزواد سيكون مستقلا أو سيحصل على حكم ذاتي أو فيدرالي».
وترعى الجزائر منذ الأربعاء الماضي جلسات مفاوضات بين أطراف الأزمة في مالي، يشارك فيها ممثلون عن ست حركات أزوادية مسلحة، وستة وزراء من مالي، بالإضافة إلى ممثلين عن دول الجوار والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة والمجموعة الدولية.
وتسعى هذه الجلسات إلى التقدم نحو حل ينهي الصراع المسلح في شمال مالي، والذي اندلع في يناير (كانون الثاني) 2012، أسفر عن سيطرة تنظيمات إسلامية متشددة على شمال مالي، قبل أن تتدخل القوات الفرنسية والأفريقية لطرد هذه الجماعات التي لا تزال تشن بين الفينة والأخرى هجمات ضد قوات حفظ السلام والجيش الفرنسي.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.