«النهار» تصدر بصفحات بيضاء احتجاجاً على أزمات لبنان

رفعت شعار: «نهار أبيض بوجه الظلمة»

تويني تبرز الصفحة الأولى لـ«النهار» امس وكتبت عليها عبارة ذيلتها بتوقيعها (أ.ب)
تويني تبرز الصفحة الأولى لـ«النهار» امس وكتبت عليها عبارة ذيلتها بتوقيعها (أ.ب)
TT

«النهار» تصدر بصفحات بيضاء احتجاجاً على أزمات لبنان

تويني تبرز الصفحة الأولى لـ«النهار» امس وكتبت عليها عبارة ذيلتها بتوقيعها (أ.ب)
تويني تبرز الصفحة الأولى لـ«النهار» امس وكتبت عليها عبارة ذيلتها بتوقيعها (أ.ب)

صدمت صحيفة «النهار» أمس قراءها اللبنانيين بإصدار نسختها بصفحات بيضاء، لا تحمل أي أخبار أو مقالات، وذلك كرسالة احتجاج على الأزمات التي يعاني منها لبنان، والتأخر في تشكيل الحكومة، ووضعت على الصفحة الأولى شعار «نهار أبيض بوجه الظلمة».
ولم يحمل العدد 26680 من صحيفة «النهار» الصادر أمس الخميس بثماني صفحات، أي أخبار، فقد صدر بأوراق بيضاء، مع الاكتفاء باسم الجريدة في الوسط وصورة النائب الشهيد جبران تويني مع قسمه على اليمين، وعناوين الصحيفة على وسائل التواصل الاجتماعي على اليسار.
وأوضحت رئيسة مجلس إدارة جريدة «النهار» رئيسة التحرير نايلة تويني، في مؤتمر صحافي أن «صدور الجريدة اليوم (أمس) بلون أبيض، هو لإطلاق شعار (نهار أبيض في وجه الظلمة)، وقالت: هي لحظة تعبير عن دورنا الأخلاقي والعميق بالمسؤولية تجاه وضع البلد. لم نقصد أن نوحي باليأس، بل للتأكيد بأن صفحاتنا هي صفحات الشعب ومساحة تعبير مفتوحة لأوجاعه».
وقالت تويني: «القلم سلاح وبياض صفحات النهار اليوم سلاحنا، استخدمنا قلمنا في كل المعارك من أجل لبنان وشعبه وواجب القلم أن ينقل ألم الشعب وهمومه»، مشددة على أن «الشعب تعب والنهار تعبت تكتب حججكم ووعودكم المكررة، ومنذ خمسة أشهر ننتظر تأليف حكومة وننظر إلى لعبة تقاسم حصص...».
ورأت تويني أن «الوقت يمر والخطر يزيد ونحن نشهد مرحلة من أشد المراحل خطورة في تاريخ لبنان»، مضيفة: «صفحات النهار البيضاء هي لحظة شعورنا الأخلاقي العميق بالمسؤولية كمؤسسة إعلامية وطنية تجاه وضع البلد الكارثي وأن أكثر ما يوجع عندما تتعطل لغة الكلام».
وقالت تويني: «أطلقنا اليوم شعار (نهار أبيض بوجه الظلمة) ونتمنى أن يكون هذا الإصدار نقطة تحول وناقوس خطر تجاه الأزمات»، داعية المسؤولين «لتشكيل الحكومة في أسرع وقت».
وقبل المؤتمر الصحافي الذي عقدته تويني أمس، سرت توقعات بأن تكون الخطوة احتجاجية على الوضع المادي الذي تعاني منه الصحافة الورقية. لكن تويني أكدت أن الصحيفة «لم تسكت»، وقالت: «ما يُحكى عن أنّ (النهار) ستُقفل غير صحيح، فنحن مستمرّون ورقياً وإلكترونياً رغم ما يمرّ به البلد من أزمات».
وتابعت تويني في حديثها أن التفاعل الذي لمسته اليوم يشكل أكبر دليل أن الصحافة المكتوبة مرآة لوجع الناس، مضيفة: «أنا أتعهد بأن أقوم بكل ما يلزم كي تبقى الصحافة وتبقى أبواب (النهار) مفتوحة لكل الناس».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.