الحكومة السودانية ترحب بعودة الصادق المهدي

عقب إبداء رغبته في الرجوع إلى البلاد ومواجهة اتهامات تصل عقوبتها للإعدام

TT

الحكومة السودانية ترحب بعودة الصادق المهدي

أبدت الحكومة السودانية ترحيبها بعودة زعيم المعارضة المدنية الصادق المهدي للبلاد، كما رحبت بعودة كل المعارضين باعتبارهم شركاء في هم وطنهم «الذي يسعهم جميعاً»، وذلك بعد إعلان المهدي رغبته في العودة إلى البلاد بعد إكمال مهامه الخارجية.
وكانت سلطات الأمن السودانية قد اعتقلت المهدي بعد توجيهه انتقادات حادة لـ«قوات الدعم السريع»، اتهمها فيها بارتكاب انتهاكات جسيمة في دارفور وشمال كردفان في 2014، ثم أطلقت سراحه بعد شهر من الحبس، غادر بعدها البلاد لعامين، ثم عاد في يناير (كانون الثاني) 2017، قبل أن يغادر مرة أخرى إلى أديس أبابا، ثم توجه منها إلى القاهرة، وبقي فيها إلى أن أبعد منها، ليستقر بعد ذلك في العاصمة البريطانية لندن.
وعلى خلفية اختياره رئيساً لـ«تحالف نداء السودان» المعارض، والذي يضم حركات مسلحة وأحزابا سياسية مدنية، دونت الخرطوم ضده دعوى جنائية، اتهمته فيها بالتحالف مع الحركات المسلحة، التي تقاتل القوات الحكومية، وهي اتهامات تصل عقوبتها إلى الإعدام في حال إدانته بها.
وقال بشارة جمعة أورور، وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، في تصريحات نقلها «المركز السوداني للخدمات الصحافية» الحكومي أمس، إن الحكومة «رحبت بعودة رئيس حزب الأمة القومي المعارض الصادق المهدي، وكل المعارضين، وتعتبرهم شركاء في الهم الوطني». مبرزا أن عودة المهدي للبلاد تعد دافعاً قوياً باتجاه استكمال ما أسماه «حلقات الوفاق الوطني»، وأضاف موضحا: «المهدي خرج وسيعود باختياره... وحديثه عن تحقيق السلام يمثل دفعة قوية لتطابق الرؤى والأفكار لحلحلة القضايا الوطنية». كما أعلن وزير الإعلام استعداد حكومته لسماع جميع أبناء السودان، و«على رأسهم المهدي، واستصحاب آرائهم حول العملية السلمية السياسية في البلاد، واستكمال حلقات السلام والاستقرار في السودان».
من جهته، كشف المعارض البارز الصادق المهدي عن تلقيه اتصالات من قيادات حكومية، تحثه على العودة إلى البلاد، وقال إنه وجه حزبه لتشكيل لجنة قانونية قومية للدفاع عنه في حال تقديمه للمحاكمة عن الاتهامات، التي وجهتها له حكومة الخرطوم. وأوضح المهدي في رسالة درج على توجيهها أسبوعياً، أنه تلقى خلال الشهرين الماضيين اتصالات من 10 شخصيات مفتاحية في النظام، ممن أطلق عليهم «الذين أدركوا أن الحل لأزمة السودان يكمن في إيجاد إصلاح سياسي يحقق السلام والتحول الديمقراطي».
كما أوضح المهدي أن النظام يعتقد أن له دورا في تحقيق الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، ولذلك ناشده بالعودة للبلاد، لكنه استدرك بالقول: «في النظام توجد أقفال للبلاد... وأعداء للحق والحقيقة، يعتبرونني خطراً على التمكين، الذي مكنهم من احتكار السلطة والمال، لذلك والوني بالخطط الكيدية».
واستنكر المهدي الاتهامات الموجه له بموالاة الحركات المسلحة، بقوله «إنهم يعلمون أن حركة تحرير السودان (مني)، وحركة العدل والمساواة والحركة الشعبية (شمال)، تحظى باعتراف دولي وأفريقي، والحكومة نفسها تتعامل معهم وتحاورهم، وتتفق معهم».
وأكد المهدي على حقه في التواصل مع كل شرائح وفصائل المعارضة، سواء كانت مسلحة أو مدنية بقوله: «أنا صاحب شرعية تاريخية، وشرعية دستورية وشعبية، ومعروف دائماً بالعمل للسلام والتحول الديمقراطي ونبذ العنف، وهذه حقائق يؤكدها لهم أشخاص معهم الآن، ومع ذلك اتهموا علاقتي بتلك الحركات، مع أنها مجيرة للعمل المدني، ومبرأة من أي مساهمة في أعمال مسلحة، تبرر لهم هذه الاتهامات ضدي».
في غضون ذلك، أبرز المهدي أنه خاطب أجهزة حزبه للاستعداد لمواجهة من أسماهم «ترابيس» النظام، وتكوين آلية من المحامين لتتولى الدفاع عنه في المحاكمة، التي يتوقع عقدها له حال عودته للبلاد. كما تعهد المهدي بتحويل محاكمته المزمعة إلى محاكمة النظام على ما أطلق عليه «جرائمه الموثقة»، في حال عقد محاكمة «عادلة وعلنية». كاشفا عن عزمه إبلاغ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ودول الترويكا الغربية، والاتحاد الأوروبي والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن لمراقبة المحاكمة، التي يتوقع عقدها له.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».