في صورة لما كان يشهده معبد الكرنك الفرعوني الشهير بمدينة الأقصر في صعيد مصر قبل ثلاثة آلاف سنة، أحيت الأقصر مع شروق شمس اليوم السبت الاحتفال بتعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون وسط معبد الكرنك، حيث جرى الاحتفال بتعامد الشمس الذي استمر لقرابة 20 دقيقة وسط المئات من السياح الأجانب والمصريين.
وتقدم الحاضرين محافظ الأقصر، وتزامنت لحظات تعامد الشمس، التي لم يمنعها تلبد السماء بالغيوم، مع عروض فنية لفرقتي الأقصر وتوشكا للفنون الشعبية بجانب رقصات الخيول على أنغام المزمار البلدي في ساحة أكثر معابد مصر الفرعونية شهرة واتساعا.
كما حظي الحدث بتغطية إعلامية واسعة من قبل وسائل الإعلام المصرية والدولية. هذا وبثّ التلفزيون المصري وقائع تعامد الشمس مباشرة على الهواء.
كما تزامن تعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون بمعبد الكرنك، مع تعامد مماثل للشمس على قدس أقداس معبد الملكة حتشبسوت غرب الأقصر المعروف باسم معبد الدير البحري وذلك ضمن ثلاثة أحداث متزامنة لتعامد الشمس على ثلاثة معابد مصرية في محافظتي الأقصر والفيوم ضمن ما يسمى بيوم الانقلاب الشتوي الذي يعد إيذانًا ببدء فصل الشتاء.
ويفسر علماء الفلك تلك الظاهرة الفريدة بأن محاور معبدي الكرنك والدير البحري تتجه ناحية الأفق الذي تشرق منه الشمس في يوم الانقلاب الشتوي، الأمر الذي يؤكد أن قدماء المصريين كانوا على دراية تامة بحركة الأرض حول الشمس أو الحركة الظاهرية للشمس حول الأرض.
وقال محافظ الأقصر اللواء طارق سعد الدين إن الأقصر تحتفل اليوم السبت بهذا «الحدث التاريخي والعلمي الفريد، الذي يأتي ضمن 4500 ظاهرة فلكية شهدتها مصر الفرعونية على مر العصور، ضمن مساعي سلطات المحافظة للخروج من أزمة التراجع السياحي التي تعانيها الأقصر منذ تفجر ثورة يناير (كانون الثاني) حيث ستشهد الأقصر مجموعة من الاحتفالات والمهرجانات المتتالية والتي تهدف لاستعادة المكانة التاريخية والثقافية للأقصر وجذب مزيد من السياح لزيارة آثار المحافظة التي تعد تراثا للإنسانية جمعاء».
وأشار سعد الدين إلى الاستعداد لاستضافة مهرجان للزواج على الطريقة الفرعونية بجانب مهرجان للسينما المصرية الأوروبية وآخر للسينما الأفريقية وغيرها من الأحداث الثقافية والفنية والسياحية.
ويعد تعامد الشمس على قدس أقداس معبد الكرنك الحدث الثاني من حيث الأهمية بعد تعامدها على معبد أبو سمبل. ويمكن للزائر مشاهدة التعامد بصورة واضحة من أماكن مختلفة داخل المعابد بداية من البوابة الشرقية للمعبد ومن صالة الاحتفالات للملك تحتمس الثالث ومن أمام قدس الأقداس ومن الساحة الأمامية للمعبد طوال عشرين دقيقة كاملة. وجرى تعامد الشمس على قدس أقداس المعبود آمون - قديما - في بداية فصل الشتاء لدى المصريين القدماء حيث تتعامد الشمس على قدس الأقداس ثم تنتقل إلى بهو الأعمدة مشكلة علامة «الأخت» الفرعونية بمعنى «الأفق» في تأكيد لعلاقة آمون بعبادة الشمس.
وتناولت ظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس المعبود آمون في معبد الكرنك في دراسات أثرية سابقة للفرنسيين نيكولا جريمال ولوك جافلود وهما من علماء المصريات اللذين عملا لسنوات في المعبد.
وتحتوى المناطق الأثرية المصرية على العديد من المعالم الأثرية التي تؤكد تقدم قدماء المصريين في مجال علوم الفلك، مثل منطقة «وادي النبطة» شمال غربي أبو سمبل التي تتميز بقيمة فلكية كبيرة وعثر فيها على أول بوصلة حجرية وأقدم ساعة حجرية تحدد اتجاهات السفر وموعد سقوط المطر ويرجع تاريخهما إلى 11 ألف سنة، وهو أقدم دليل تاريخي حدد بدايات السنة والانقلاب الشمسي والاتجاهات الأربعة وهو من أعظم الاكتشافات الفلكية في مصر والعالم وهو كشف يزيل الغموض الذي يحيط بظاهرة تعامد الشمس على معبد أبو سمبل ويؤكد امتلاك المصريين القدماء لفنون وعلوم وأسرار الفلك.
الأقصر تحتفل بظاهرة تعامد الشمس على الإله آمون في معبد الكرنك
الأقصر تحتفل بظاهرة تعامد الشمس على الإله آمون في معبد الكرنك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة