جمع دور الستة عشر ببطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل بين سبع منتخبات لاتينية وستة أوروبية وفريقين أفريقيين وفريق الولايات المتحدة من الكونكاكاف (قارة أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي) وغاب عنه تماما أي ممثل للكرة الآسيوية. المنتخبات الآسيوية الأربعة، كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وإيران، شاركت في العرس البرازيلي العالمي بطموحات كبيرة وتوقعات هائلة ولكن خروجها الجماعي من الدور الأول في المونديال المنصرم، وخلو فعاليات الدور الثاني من أي ممثل للقارة الأكبر في العالم، جعل الجميع يتساءل عن مستقبل الكرة الآسيوية وهل هي بالفعل تتراجع.
الأداء بالغ السوء للفرق الآسيوية المشاركة واحتلالها مؤخرة مجموعاتها في البرازيل وحصولها معا على ثلاث نقاط فقط وفشلها في الفوز بأي مباراة في كأس العالم لأول مرة منذ عام 1990، لم يقدم لها أي مساعدة لآمالها في المزيد من المقاعد في بطولات كأس العالم المقبلة بينما عززت منتخبات الأميركتين مساعيها للحصول على مزيد من المقاعد بأدائها القوي في البرازيل، فمن ضمن ستة منتخبات شاركت في هذه البطولة من أميركا الجنوبية، تأهلت خمسة منها - وهو رقم قياسي - إلى الدور الثاني للبطولة.
جدير بالذكر أن العام المقبل سيترشح على الأرجح جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) لفترة خامسة في الرئاسة ومن المحتمل أن ينافسه ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وقال بلاتر العام الماضي إنه يعتقد أن الاتحادين الأفريقي والآسيوي يستحقان المزيد من المقاعد في كأس العالم وهو تحرك يعد على نطاق واسع من أجل جذب الأصوات قبل الانتخابات. وتمتلك أفريقيا وآسيا 100 من بين 209 أصوات لها الحق في انتخاب رئيس الفيفا وهو ضعف أصوات اتحاد أميركا الجنوبية واتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي.
القارة الآسيوية تترقب التحدي الكبير الجديد من خلال كأس العالم 2018 التي ستقام بروسيا وسط شعور بخيبة الأمل التي منيت بها في المونديال البرازيلي. فهل حان الوقت الآن لهذه القارة الكبيرة لبدء التخطيط ووضع استراتيجية عمل واضحة استعدادا للمونديال المقبل في روسيا حيث ستكون القارة الأقرب لموقع الحدث.
ومن بين المنتخبات الأربعة الأسيوية التي شاركت في المونديال البرازيلي، كان لمنتخبي اليابان وكوريا الجنوبية خيبة الأمل الأكبر حيث حصد كل من الفريقين نقطة واحدة فقط من مبارياته الثلاث في مجموعته بالدور الأول للبطولة. وعلى وجه الخصوص، شارك المنتخب الياباني في البطولة مفعما بالثقة وكان أمل الفريق هو حجز مكانه في الأدوار الفاصلة للبطولة للمرة الثالثة في تاريخه خاصة أنه تدرب في السنوات الماضية تحت قيادة مدرب له خبرة هو الإيطالي ألبرتو زاكيروني كما أن صفوف الفريق تزخر بالكثير من المحترفين بالأندية الأوروبية مثل كيسوكي هوندا لاعب ميلان الإيطالي وشنجي كاغاوا نجم مانشستر يونايتد الإنجليزي. ولكن الفريق أنهى مسيرته في المجموعة الثالثة بالمونديال برصيد نقطة واحدة من تعادل واحد وهزيمتين. وبينما عمد زاكيروني إلى الاستقالة، قد لا يحالف الحظ كلا من هوندا وزميله يوتو ناغاتومو للمشاركة في المونديال الروسي حيث سيكون كل منهما وقتها في مطلع الثلاثينات من عمره. وعندما يتطرق الحديث إلى التسديد والتمرير، كانت هذه المهارات منخفضة للغاية لدى لاعبي اليابان في المونديال البرازيلي.
وكان متوقعا من المنتخب الكوري أن يقدم أداء أفضل كثيرا مما قدمه في البطولة خاصة أن لديه الخبرة بالبطولة لأنه لم يغب عن أي نسخة من بطولات كأس العالم منذ 1986 كما أحرز المركز الرابع في البطولة عام 2002 عندما استضافت بلاده البطولة بالتنظيم المشترك مع جارتها اليابان. وكان المتوقع أن يصل الفريق على الأقل إلى دور الستة عشر مثلما فعل في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا ولكنه خسر مباراتيه أمام بلجيكا والجزائر بعدما استهل مسيرته في المونديال البرازيلي بالتعادل مع المنتخب الروسي. وشهدت مباراته أمام الجزائر أسوأ أداء للفريق حيث استحق الهزيمة 2-4.وقال هونغ ميونغ بو المدير الفني للمنتخب الكوري «المونديال اتسم بالأداء البدني العالي للغاية والمسابقات في آسيا ليست هكذا. ربما كان هذا سببا وربما كان عاملا».
وسقط المنتخب الأسترالي لأنه لم يجد منافسا يمكنه التغلب عليه في المجموعة الثانية التي ضمت معه منتخبي إسبانيا وهولندا طرفي المباراة النهائية للمونديال الماضي ومنتخب تشيلي. واختار الاتحاد الأسترالي للعبة قبل سنوات الانضمام للاتحاد الآسيوي للعبة بدلا من المشاركة في تصفيات اتحاد أوقيانوسية الذي يمتلك نصف مقعد فقط في المونديال. ولكن الفريق شارك في المونديال البرازيلي وهو صاحب أسوأ ترتيب بين المنتخبات المشاركة في المونديال وذلك بالتصنيف العالمي لمنتخبات اللعبة قبل بدء البطولة. ولهذا، لم تكن التوقعات هائلة من هذا الفريق.
وعلى الرغم من هذا، كان المنتخب الأسترالي على وشك خطف نقطة من نظيره الهولندي الذي فاز 3-2 بصعوبة بالغة ليودع المنتخب الأسترالي البطولة مرفوع الرأس لا سيما أن هدف لاعبه تيم كاهيل في مرمى المنتخب الهولندي نال إشادة بالغة على اعتباره الهدف الأروع في تاريخ كرة القدم الأسترالية.
وفي المقابل، كان المنتخب الإيراني هو المفاجأة الإيجابية الأكبر للقارة الأسيوية في المونديال البرازيلي ونال إشادة هائلة بفضل الأداء المنظم للفريق والذي تعادل من خلاله سلبيا مع المنتخب النيجيري وخسر أمام المنتخب الأرجنتيني بهدف نظيف سجله النجم الكبير ليونيل ميسي في الوقت بدل الضائع للمباراة. وقال البرتغالي كارلوس كيروش المدير الفني للمنتخب الإيراني، بعد الخسارة 1-3 أمام المنتخب البوسني، «قدمنا أقصى ما لدينا من الناحيتين الذهنية والبدنية. وأشعر بفخر شديد. عانينا من الإجهاد بعد لقاء الأرجنتين ولكننا كافحنا على مدار 90 دقيقة».
ولكن، كيف يبدو المستقبل بالنسبة للكرة الآسيوية؟. تترقب هذه القارة بطولة كآس آسيا في يناير (كانون الثاني) المقبل بأستراليا ثم تكون الاستعدادات للمونديال الروسي.
وتحظى كرة القدم بشعبية ومكانة هائلة واستقرار في كل من كوريا الجنوبية واليابان وإيران ولكن مع المتابعة الجيدة في كل من تايلاند وإندونيسيا وأماكن أخرى لأندية مثل مانشستر يونايتد وتشيلسي الإنجليزيين، أصبح الاهتمام بالكرة في مناطق أخرى بآسيا. كما أنشأت الصين الكثير من أكاديميات الشباب وجذبت عددا من الأسماء اللامعة للعمل في هذه الأكاديميات ومنهم المدرب الإيطالي مارشيلو ليبي الذي قاد المنتخب الإيطالي للفوز بمونديال 2006 بألمانيا. وفي الهند، التي كانت كرة القدم فيها مختفية في ظلال الكريكيت، أنشأ المسؤولون بطولة دوري جديدة ويأملون في جذب بعض اللاعبين الأوروبيين البارزين من أجل زيادة شعبية اللعبة.
وبينما لا يعرف أحد أي من هذه المحاولات والجهود سيحقق النجاح، يبدو شيء واحد فقط مؤكد وهو أن كأس العالم المقبلة ستقام في روسيا حيث الحدود الشمالية للقارة الأسيوية وليست في مكان بعيد عنها في أوروبا أو أفريقيا أو الأميركتين. ولهذا، ستحظى المنتخبات الآسيوية على الأقل بتوافد أعداد أكبر من المشجعين إلى المدرجات لمؤازرة فرقهم.
آسيا تبحث عن «استراتيجية» من أجل تمثيل مشرف في البطولات العالمية
بعد خيبة الأمل والخروج الجماعي من الدور الأول بمونديال البرازيل وتضاؤل آمالها في زيادة عدد مقاعدها
آسيا تبحث عن «استراتيجية» من أجل تمثيل مشرف في البطولات العالمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

