بعد خطاب «الفضيحة»... إردوغان ينهي زيارة ألمانيا بنبرة تصالحية

افتتح أحد أكبر مساجد أوروبا... الشرطة الألمانية تطرد فريقه الأمني من الشوارع المحيطة

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الإمام علي عرباس خلال افتتاح مسجد كولون المركزي (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الإمام علي عرباس خلال افتتاح مسجد كولون المركزي (أ.ف.ب)
TT

بعد خطاب «الفضيحة»... إردوغان ينهي زيارة ألمانيا بنبرة تصالحية

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الإمام علي عرباس خلال افتتاح مسجد كولون المركزي (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الإمام علي عرباس خلال افتتاح مسجد كولون المركزي (أ.ف.ب)

حاول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن ينهي زيارته الرسمية إلى ألمانيا التي استمرت 3 أيام، بنبرة تصالحية. ولكنه لم ينجح في ذلك؛ فبعد عشاء رسمي أقامه الرئيس الألماني فرانك فولتر شتاينماير على شرفه ووصفته الصحافة الألمانية بـ«الفضيحة» بسبب إلقائه كلمةً غاضبةً، واتهامه ألمانيا بدعم الإرهاب، بدا إردوغان في خطابه الأخير وكأنه اختار أن ينهي زيارته بإيجابية بعد يومين طغى عليهما التوتر؛ فبدأ كلمته التي ألقاها خلال افتتاح مسجد كولون المركزي الواقع في غرب البلاد ويُعدّ أحد أكبر مساجد أوروبا، بوصف الزيارة بـ«الناجحة»، مقدماً الشكر للرئيس الألماني والمستشارة أنجيلا ميركل على حفاوة الاستقبال.
وقال إن محادثاته مع شتاينماير والمستشارة أنجيلا ميركل كانت «مثمرة» مضيفاً أنهما ناقشا معه «بصدق قضايا مهمة».
ولكن نبرته التصالحية هذه لم تدم طويلاً، فما لبث أن كرر الاتهامات التي وجهها لمضيفه قبل ليلة على مائدة عشاء شتاينماير، متهماً ألمانيا بـ«إيواء إرهابيين» في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني وأنصار الداعية التركي فتح الله غولن، الذي يتهمه إردوغان بالتخطيط للانقلاب الفاشل ضده عام 2016.
وكان إردوغان يتحدث أمام 500 مدعوٍّ في باحة المسجد الخارجية، في حين أن آلافاً من مناصريه تجمعوا خارجاً وسط انتشار أكثر من 3 آلاف عنصر من الشرطة. ومنعت الشرطة تجمعاً شعبياً كان من المتوقَّع أن يشارك فيه ما يقارب 25 ألفاً من أنصار إردوغان خلال افتتاح المسجد، بسبب مخاوف أمنية قبل ساعات فقط من الافتتاح، ما أثار استياء منظمة «ديتيب»، الرابطة الإسلامية التركية التي تملك المسجد.
ولم يكتفِ إردوغان باتهام ألمانيا بالإرهاب بل تابع ليتهمها بـ«العنصرية»، وعاد وذكر قضية لاعب كرة القدم الألماني من أصول تركية مسعود أوزيل الذي أعلن انسحابه من اللعب للفريق الألماني بسبب شعوره بالتمييز. وكان أوزيل تعرَّض لانتقادات كبيرة في ألمانيا بعد أن ظهر في صورة مع إردوغان تعود لعدة سنوات، قال إنه التقطها معه خلال المشاركة بحفل خيري. وكان إردوغان قد تحدث بموضوع أوزيل سابقاً، ولكنه عاد بالأمس أيضاً ليذكِّر به ويقول: «لقد تم تحييده فقط لأنه أخذ صورة معي... لا يمكن أن أقبل بهذا التمييز. هذه عنصرية».
وأثار الأمن التركي المرافق لإردوغان جدلاً، بعد انتشاره في الشوارع المحيطة للمسجد في كولون، ما دفع بالشرطة الألمانية إلى طردهم وكتابة تغريدة على «تويتر»: «طلبنا من الأمن التركي المغادرة. نحن مسؤولون عن سلامتكم».
ومقابل تجمع أنصار إردوغان، شهدت مدينة كولون مظاهرات لمعارضيه ورفعت يافطات على أبنية محيطة بالمسجد كتب عليها بالإنجليزية والتركية «الديكتاتور غير مرحَّب به»، و«أطلق صحافيينا»، في إشارة إلى استمرار حجز أنقرة للعشرات من الصحافيين المعارضين لإردوغان بينهم 5 يحملون أيضاً الجنسية الألمانية وتطالب برلين بالإفراج عنهم.
وقبل ليلة أثارت كلمة إردوغان خلال حفل العشاء الرسمي الذي أقامه نظيره الألماني على شرفه جدلاً بعد أن خرج عن النص المكتوب له ليرد بغضب على شتاينماير الذي كان دعاه إلى الالتزام بحقوق الإنسان، وإطلاق سراح مئات المعتقلين سياسياً. وقال إردوغان في تبريره لهجومه على مضيفه أنه لم يكن يتوقع أن يطرح هذه المواضيع خلال حفل العشاء، مضيفاً: «لم يكن هناك حاجة لذكر هذه الأمور الليلة فقد تحدثنا بها. وعندما رأيت مائدة العشاء ظننت أن مائدة صديقة لا نتحدث حولها بهذه الأمور».
وقال إردوغان في معرض رده الغاضب إن الرئيس الألماني يبدو «أنه تلقى معلومات خاطئة» عندما تحدث عن مئات المعتقلين السياسيين. وتحول ليتهم برلين بإيواء «آلاف الإرهابيين» من حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن. وقال: «الآلاف من عناصر حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً من قبل الاتحاد الأوروبي، يمشون أحرارا في ألمانيا... وللأسف المئات لا بل الآلاف من أعضاء الجماعة الإرهابية (التابعة لغولن) يمشون أحراراً في ألمانيا».
وكان شتاينماير قد ألقى كلمة في بداية حفل العشاء الرسمي الذي حضره نحو 120 مدعواً من السياسيين، وقاطعه عدد مماثل، قد ألقى كلمة تحدث فيها عن لجوء أتراك إلى ألمانيا في السنوات الماضية «هربا من الضغط المتزايد على المجتمع المدني» في بلادهم. وأضاف: «أنا قلق على استمرار اعتقال مواطنين ألمان في تركيا لأسباب سياسية وأيضاً أشعر بالقلق من استمرار اعتقال صحافيين ونقابيين ومحامين ومثقفين وسياسيين».
وكان التقى إردوغان صباحاً قبل توجهه إلى كولون بالمستشارة الألمانية، في لقاء ثانٍ استمر نحو ساعتين ونصف الساعة، ركز على الجانب الاقتصادي بحسب متحدث باسم ميركل. وعلى عكس الصحافة التركية التي تصف زيارة إردوغان بـ«الناجحة» و«التاريخية»، فإن الصحافة الألمانية اعتبرها بأنها من أكثر الزيارات الرسمية إثارة للجدل منذ فترة طويلة.
وتدهورت العلاقات بين تركيا وألمانيا على خلفية الاعتقالات الواسعة التي شنَّها إردوغان بعد الانقلاب الفاشل، وتفاقمت مع اعتقاله صحافيين ألمان من أصول تركية. والعام الماضي، وجه إردوغان انتقادات قاسية للسياسيين الألمان، وحتى اتهمهم بـ«النازية»، بعد منع برلين لوزراء أتراك بإقامة تجمعات شعبية، وإلقاء خطابات قبل الاستفتاء الشعبي الذي شهدته تركيا ومنح الرئيس صلاحيات واسعة.
ويعيش في ألمانيا نحو 3 ملايين ونصف المليون تركي بعضهم يحملون الجنسية الألمانية ومعظمهم من حملة الجنسية المزدوجة، وما زالت تربطهم بتركيا علاقات وطيدة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».