مظاهرات في شمال سوريا وجهود تركية لتنظيف «المنطقة العازلة»

TT

مظاهرات في شمال سوريا وجهود تركية لتنظيف «المنطقة العازلة»

مظاهرات آلاف في مناطق مختلفة في إدلب وريفها شمال غربي سوريا، وسط استمرار الجهود التركية لتطبيق اتفاق إدلب بموجب تفاهم بين أنقرة وموسكو.
أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بأنه «يواصل آلاف المواطنين للجمعة الخامسة على التوالي، تظاهرهم في مدن وبلدات وقرى خاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة والإسلامية وهيئة تحرير الشام والمجموعات المتطرفة»، حيث رصد مظاهرات في كل من حماة وإدلب وحلب.
وتأتي هذه المظاهرات بالتزامن مع الانقسام الحاصل حول الموافقة على الاتفاق الروسي - التركي بإقامة منطقة فصل منزوعة السلاح، والحؤول دون تنفيذ النظام للعملية العسكرية التي حشد لها خلال الأسابيع الفائتة، أو معارضته، وخرجت مظاهرات عارمة في عشرات المدن والبلدات والقرى، حيث خرجت مظاهرات في معرة النعمان وخان شيخون وكفرنبل وكفروما وتلمنس والغدفة ومعرشورين وأريحا وسراقب وجسر الشغور ومعرة مصرين ومعرتحرمة وكفريحمول وبنش وجرجناز ومدايا وحربنوش والتح وإحسم والهبيط وأرمناز والدانا وكفرسجنة وسلقين وحارم وكللي ومعرشمارين وحيش وأبو دفنة وسرمدا وحاس ومدينة إدلب في محافظة إدلب، وقلعة المضيق وكفرنبودة وكفرزيتا واللطامنة والتوينة والشريعة وشير مغار وقسطون والعميقة وزيزون وجبل شحشبو وباب الطاقة والحمرة والحويجة والحويز في محافظة حماة، والأتارب وعويجل وكفرنوران وعفرين وجرابلس وباتبو وإعزاز وسجو ومارع وبزاعة والباب وأبين بريف حلب.
وأشار «المرصد» إلى «منع تنظيم حراس الدين للمتظاهرين حاملي رايات الثورة السورية بالتجمع، ثم تطور لاصطفاف كل طرف في جهة، حيث أثير نفور بين الجانبين، لتنقسم المظاهرة إلى مظاهرتين إحداهما تحمل رايات الثورة السورية فيما تحمل الأخرى رايات المتطرفين وتضم مناصرين لهيئة تحرير الشام وتنظيم حراس الدين وفصائل أخرى»، لافتا إلى «نقل المظاهرة الأخيرة من مدخل مدينة جسر الشغور إلى ساحة الصومعة في وسط المدينة»، في حين كانت وردت في الـ22 الشهر الجاري، نسخة من بيان أصدره تنظيم حراس الدين والذي جاء فيه: «تمر الساحة في بلاد الشام هذه الأيام، بمرحلة حاسمة وخطيرة، اجتمعت فيها قوى الشر والكفر العالمي، للقضاء على المشروع فيها، فوزعوا الأدوار وتقاسموا مناطق النفوذ والسيطرة، حتى أصبح أهل السنة في الشام، كالأيتام على موائد اللئام، فبعد انتهائهم من مكرهم الكبار الذي حيدوا فيه مناطق الصراع، ليستفرد النظام والروس والروافض بمناطق أهل السنة منطقة تلو الأخرى، ثم يحصرونهم أخيراً في مناطق ضيقة ومحصورة في الشمال. كل ذلك جرى تحت مسمى خفض التصعيد ثم بدأوا بخطوات متتالية بداية بما يسمونه محاربة الإرهاب، وفصل المعارضة المعتدلة عن المعارضة الإرهابية، والمطالبة بالمنطقة العازلة، ونزع السلاح في خطوات مدروسة، للقضاء» على الفصائل.
إلى ذلك، قال «المرصد» أمس هناك «اجتماعات جرت وتجري بين فصائل عاملة في محافظة إدلب، وبين المخابرات التركية، حول آلية التوصل لتوافق كامل وفرض المنطقة منزوعة السلاح على الجميع، وإقناع الفصائل المتواجدة في هذه المنطقة المقرر نزع السلاح منها، بوجوب سحب أسلحتها لتنفيذ الاتفاق الذي توافق عليه كل من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين»، لافتا إلى إصدار فصائل «بيانات تعارض وترفض الاتفاق الروسي - التركية بإنشاء منطقة مشتركة منزوعة السلاح، الممتدة بين جبال اللاذقية وريف حلب الجنوبي الغربي».
وقال: بعد بيان الجبهة الوطنية للتحرير الذي رحب بالاتفاق معتبراً إياه «نصراً للدبلوماسية التركية»، وبيان تنظيم حراس الدين الذي اعتبره «تآمراً من قوى الكفر والشر العالمي للقضاء على المشروع، وردت نسخة من بيان أصدرته جبهة أنصار الدين، معتبرة إياه «وأدا للثورة الشامية وتتويجاً لمسار آستانة المشؤوم»، وجاء في البيان: «بيان اتفاق سوتشي واستكمال وأد الثورة الشامية، لم يكن الاتفاق الروسي التركي في سوتشي، إلا استكمالاً وتتويجاً لمسار آستانة المشؤوم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.