في اليوم الوطني لتكريمهم... فرنسا تتخذ تدابير جديدة تجاه «الحركيين»

بعضهم اعتبرها غير كافية وأعلن مقاضاة الدولة للحصول على تعويض مناسب

وزيرة الدولة للجيوش الفرنسية خلال احتفالات اليوم الوطني لتكريم الحركيين أمس وسط باريس (أ.ف.ب)
وزيرة الدولة للجيوش الفرنسية خلال احتفالات اليوم الوطني لتكريم الحركيين أمس وسط باريس (أ.ف.ب)
TT

في اليوم الوطني لتكريمهم... فرنسا تتخذ تدابير جديدة تجاه «الحركيين»

وزيرة الدولة للجيوش الفرنسية خلال احتفالات اليوم الوطني لتكريم الحركيين أمس وسط باريس (أ.ف.ب)
وزيرة الدولة للجيوش الفرنسية خلال احتفالات اليوم الوطني لتكريم الحركيين أمس وسط باريس (أ.ف.ب)

عرضت جنفياف داريوسيك، وزيرة الدولة للجيوش الفرنسية، أمس، تدابير جديدة تجاه «الحركيين»، بمناسبة اليوم الوطني لتكريم هؤلاء الجنود الجزائريين الذين حاربوا في صفوف الجيش الفرنسي، وذلك في سياق مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون الرامية إلى تضميد جراح حرب الجزائر.
وبعد إقرار السلطات الفرنسية، في 13 من سبتمبر (أيلول) الحالي، بأنها أنشأت خلال حرب الجزائر (1954 - 1962) «نظاما» استخدم فيه «التعذيب»، قامت الحكومة بمبادرة جديدة تهدف إلى «العمل على تصفية الذاكرة» حول هذه الصفحة الأليمة من التاريخ الفرنسي، حسبما أفادت داريوسيك لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكشفت وزيرة الدولة، خلال حفل رسمي أقيم أمس في باحة الشرف التابعة لمجمع «ليزينفاليد» العسكري، عن «خطوات جديدة على صعيد الاعتراف والتعويض والتضامن حيال الحركيين»، تستند إلى تقرير سلمته مجموعة عمل في نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
وقالت الوزيرة، بعدما عزفت جوقة الحرس الجمهوري النشيد الوطني الفرنسي، إن «الجمهورية ترفع تكريماً رسمياً للذين تخلت عنهم فرنسا، فتعرضوا لأعمال انتقامية عنيفة، أو عرفوا الأسوأ. وهي تذكر كل الذين اضطروا إلى مغادرة بلادهم... لقد كانوا يأملون أن تستقبلهم الجمهورية بأخوة، لكنهم واجهوا النسيان أو العداء»، مبرزة أن الجمهورية «قصرت في واجبها بتأمين الحماية للذين وضعوا ثقتهم فيها».
وتنص «خطة الحركيين» الجديدة على تخصيص 40 مليون يورو على 4 سنوات من أجل رفع معاشات المقاتلين القدامى، ومساعدة أولادهم، الذين يعيشون في ظروف مالية هشة. وأوضحت الوزارة أن التدابير المتعلقة بالجيل الثاني من «الحركيين» ستترافق بمساعدة تفصل بحسب احتياجات كل منهم لمواكبة عودتهم إلى العمل، وهي «قد تشمل بضعة آلاف الأشخاص من أصل 80 إلى 100 ألف، هم في غالبيتهم الكبرى مندمجون بشكل ممتاز».
كما تعتزم الحكومة أيضاً القيام بعدة مبادرات لتضميد الذاكرة، تتعلق بالاعتراف بمصير «الحركيين»، منها تنظيم «معرض وطني ضخم حول التزام الحركيين». وفي هذا السياق، أعلنت داريوسيك عن تنظيم «حفل تكريم استثنائي تحت إشراف رئيس الجمهورية... خلال الأشهر المقبلة».
وكان الرئيس ماكرون قد قام، الجمعة الماضية، بترقية مقاتلين سابقين من «الحركيين» وممثلي جمعيات إلى درجة جوقة الشرف برتبة فارس، وهي أعلى رتبة تكريم تمنحها الدولة الفرنسية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُكرم فيها «حركيون»، فقد شهدت فرنسا مبادرات مماثلة في 2011 و2014، لكنها المرة الأولى التي يشمل التكريم فيها هذا العدد الكبير، وفق وزارة الجيوش. كما أن الترقية شملت لأول مرة أبناء «حركيين» (16 من أصل 37)، حيث تم تكريم أعمالهم ومسارهم الشخصي.
وقالت المُكرمة فاطمة بسنسي لانكو، التي ساهمت في تأسيس جمعية للحركيين: «لقد تم تكريمي، لكن فكري يتجه نحو كل عائلات (الحركيين) الذين عانوا أولاً في الجزائر، ثم في فرنسا. وأنا أهدي وسام الشرف إلى جديّ اللذين قاتلا في الحرب العالمية الأولى، وحازا على ميدالية عسكرية، واختفى أحدهما في ظروف مأساوية سنة 1962».
وقبل ماكرون، اعترف فرنسوا هولاند عام 2016 بـ«مسؤوليات» فرنسا في «التخلي» عن الحركيين، غير أن بعض أفراد هذه المجموعة يعتبرون هذه الخطوات غير كافية، ويطالبون بتعويضات أكبر. وفي هذا الصدد، قال محمد بادي، من «لجنة الارتباط الوطنية للحركيين»، لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس: «هذه الإعلانات لا تناسبنا إطلاقاً... نريد مع رؤساء الجمعيات الآخرين الذهاب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للحصول على قانون اعتراف، وتعويض (مالي) مناسب... هذا اليوم مجرد تمويه لإخفاء أسباب استيائنا المطلق». وحارب «الحركيون» في صفوف القوات الفرنسية ضد المقاتلين من أجل تحرير الجزائر، في حرب غير متكافئة، اتسمت بالوحشية، وشهدت تفجيرات وعمليات تعذيب وخطف. وخدم 150 ألف حركي في صفوف القوات الفرنسية، لكن بعد انتهاء الحرب جردوا من أسلحتهم، وتُرك القسم الأكبر منهم، ما بين 55 و75 ألفاً، بحسب المؤرخين، في الجزائر، حيث اعتبروا خونة، وتعرضوا لعمليات انتقامية دامية. وقد تمكن نحو 60 ألفاً من الوصول إلى فرنسا، ضمن موجة العائدين من المستوطنين الفرنسيين المولودين في الجزائر، الذين يعرفون بـ«الأقدام السوداء»، لكنهم واجهوا في فرنسا ظروفاً من البؤس، من دون فرص حقيقية للاندماج.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».