اللعب على مفاصل التاريخ والأسطورة

رؤوف مسعد... في «زهرة الصمت»

رؤوف مسعد
رؤوف مسعد
TT

اللعب على مفاصل التاريخ والأسطورة

رؤوف مسعد
رؤوف مسعد

هل قصد رؤوف مسعد في روايته هذه «زهرة الصمت» الصادرة حديثاً عن دار العين، البحث عن المهمش والمسكوت عنه في الشخصية المصرية بكل تعرجاتها وامتدادها في الزمان والمكان؟ هل أراد من خلال اللعب على حافة التاريخ والأسطورة، أن يربط بين الماضي والحاضر، كأنهما ظلال لأشياء انقضت، أشياء تأتي، أو كأن الأسطورة والتاريخ هنا حريتان تتصارعان من أجل حرية واحدة، هي في النهاية حرية الوطن والإنسان معاً؟
يبدو لي أن رؤوف مسعد قصد كل هذا، بل زاد عليه فكرة البناء بالأسطورة، وجعلها في حالة من الموازاة والتقاطع مع الواقع، في أبعاده الماضوية والراهنة واستشرافه للغد أيضاً. فنحن أمام نص مفتوح بحيوية على تخوم البدايات والنهايات، لا يركن إلى البنى الروائية التقليدية، إنما يترك الوقائع والأحداث والشخوص تتشكل بتلقائية في إطار رؤية، هي بمثابة غلالة شفيفة للحظات مدها وجذرها.
ينفتح النص بإهدائية العام والخاص، على روح شهداء الوطن حسبما يقول: «إلى الشهداء من جيش مصر الحديث في حروبه المتعددة، وإلى شهداء الشرطة والجيش بمواجهة الإرهاب الحالي، وإلى شهداء التمييز الديني في مصر... والدول العربية».
تتسع دائرة الإهداء لتشمل «الأسلاف في رحلة بقائهم، الذين حملوا هوياتهم فوق رقابهم وصمدوا... إلى كابحي الجامحين في الكون، وإلى عاشقي المحروسة ومدّاحيها... إلخ».
تطل من ثنايا هذه الاستهلال فكرة تمدُّد الأسطورة كنواة أساسية لفعل القص، ويوظفها الكاتب باقتدار لتصنع حالة متجددة من الموازاة، مع الأزمنة اللاحقة عليها، حتى تصل إلى الراهن المصري المعيش.
في سياق الموازاة هذه تبرز أسطورة إيزيس وأوزوريس، مشكّلة النواة ومركز الثقل في الرواية، ومحور إيقاعها في الوقت نفسه... وكما هو معروف في الميثولوجيا الفرعونية؛ فإن «ست» الشرير قتل أخاه أوزوريس، وقام بتمزيق جسده، ووزّعه في الجبال والوديان والبحر، حتى لا يعود إلى الحياة مرة أخرى، لكن إيزيس زوجته استطاعت أن تجمع أجزاء جسده، وعاشرته، وأنجبت حورس الذي انتقم من عمه وأخذ بثأر أبيه، وأصبح رمزاً للخير والعدل، بينما صار أبوه إله البعث والحساب عند المصريين القدماء. وتذْكر الأدبيات الفرعونية أن عملية تجميع جسد أوزوريس شهدت أول عملية تحنيط للموتى، وفقد حورس عينه اليسرى في معركته مع «ست»، وتولى عرش مصر.
تنبث أسطورة «الرّبّة إيزيس» كرمز للبعث والخلود في كل أجواء الرواية، وتتوحد بها كاهنة المعبد، وربيبتها الشابة، وتستمدان منها القوة في رحلتيهما للهرب من بطش الجنود الرومان، بل تذوبان فيها إلى حد الفناء، فهي القوة التي ستبعث الروح من جديد في الجسد.
ينعكس كل هذا على هوية البناء في الرواية، فنحن أمام بنية سردية، أشبه باللوحة النزقة المغامرة بأقصى طاقات التجريد والتجسيد، ترفض أن يسيّجها إطارٌ أو برواز، بل تكسر خط الأفق، ونمطية الأعلى والأسفل، ممتلكة حيويتها السردية الخاصة. قادرة على تجميع نفسها، من شتى الشظايا، في كتل، وفواصل ونقط وهوامش ودوائر وخطوط وفراغات لا مترامية الأبعاد.
يرفد هذا التوازي مع الأسطورة فكرة أخرى تكمن في قوة الظلال. تستبطن الرواية هذه الفكرة مشرّبة بمسحة من التأمل ذي طابع فلسفي، وتلعب على حدسها في لحظات خاصة بطبيعة الصراع، لافتة إلا أنه لن يتم إدراك الشيء أو معرفته الحقة بعيداً عن ظلاله، فالشيء صنوُ ظله، بل لا وجود له دونه، ولا يعنى ذلك أن الظل ينحسر في صورة الشيء المنعكسة على الأرض فحسب، بل تمتد صورته إلى الأبعد والأشمل، كأنه علاقة بأثر عتيق لم يبقَ منه سوى ظله شاهداً عليه.
فهكذا على مدار الرواية، تظل العلاقة بين الأسطورة وظلالها، محركاً أساسياً لمجريات الصراع، تصعد وتهبط، وتتناثر في الأزمنة والأمكنة، كأنها أنشودة للخلاص بالأسطورة من سطوة تاريخ دموي، تقلّب فيه الغزاة على مصر، من الهكسوس والفرس والرومان، وكلهم سعوا إلى التنكيل بها، وقتل الروح القومية في وجدانها وذاكرتها.
يخص المؤلف في روايته الظلال بفصل مهم يبدأ من صفحة (178) بعنوان «باب الظلال»، استهله بعنوان فرعي سمّاه «حين تختفي الظلال متنكرة». تطالعنا في هذا الفصل حالة من الجدل الشيق بين بعض الشخوص أبطال الرواية الرئيسيين: «النقادي»، المغرم بجمع البرديات القديمة وريث حضارة نقادة الأولي والثانية، والتي تعد أحد المراكز الفرعونية المهمة اقتصادياً في العصر الفرعوني بمحافظة قنا، والضابط «لويس»، ابن «سارة» المسلمة التي تنصّرت وهجرت قبيلتها وتزوجت من أبيه الضابط القبطي.
يتعلم لويس أسرار الظلال على يد الخال «النقادي»... تشفّ هذه الأسرار في الكثير من اللطشات الحوارية بينهما، مسكونة بروح الأسطورة، وعين مفتوحة على السراب وفراغ الصحراء الشاسع، والذي يبدو كانعكاس حي لما يحدث على أرض الواقع في تلك اللحظة من تقلبات واضطرابات سياسية، خصوصاً مع قدوم الغزو العربي، أو الفتح الإسلامي المربك لمصر. فعلى هذا النحو تدور هذه اللطشة الحوارية:
«قال له حينما يشتد الضياء تختفي الظلال... أشار له أنك إذا وقفت تحت ضوء الشمس العمودية في أقوى ساعات الضوء في الظهيرة، فإنك سوف تقف على ظلك، ويكون ظلك صغيراً جداً... وقد لا تراه بعينيك... وحينما تشتد الظلمة أيضاً سوف يختفي ظلك ولا تراه بعينيك.
سأله لويس: وأين يذهب الظل؟
ضحك وقال بجدية: الظل مثل روحك، معك لكن لا تراها، ولا تحس بها، إلا إذا ضاقت بك وضقت بها.
وحين رأى لويس السراب بهر به... تساءل: من أين يأتي هذا الخداع؟ قال له الخال من الظلال... ولم يرد!».
يضع الكاتب في ختام هذه اللطشة علامة تعجب، إمعاناً في الدهشة وإثارة الأسئلة في الداخل والخارج، ما يمكن أن نفهم منه ضمنياً أن لعبة الظلال لا تدور على نفسها فحسب، وإنما تشكّل رسائل وهويات، حول علاقة الكائن بذاته، وعلاقة المجتمع بأنظمته الحاكمة، فثمة حكومات ظل، وثمة معارضة أيضاً، وهناك ظلال ساكنة، لكنها حين تتحرك تصبح كالموج الهادر.
على ضوء هذا، تشكل الرواية مجموعة من الرسائل المهمة، محاولةً من خلالها أن تصحح بشكل أساسي اللغط حول انتشار المسيحية في مصر، خصوصاً في ظل الاضطهاد الروماني للأقباط المصريين، وما أعقبه من تمييز ضدهم لا يزال ينشب مخالبه في جسد مصر حتى الآن. من أبرز هذه الرسائل ما تكشف عنه الرواية، ويمكن وصفه بالعلاقة الحميمة بين الأقباط والحضارة الفرعونية، فهي الألصق بجلدتهم، بل كثيراً ما يرون أنفسهم امتداداً عضوياً لها، على عكس النفور والتملص والهروب من الانضواء تحت العباءة الإسلامية بعد فتح العرب لمصر.
فهكذا، في تدرج الظلال، تشكل الأسطورة الإيزورية، مشهد الختام في الرواية، وهو مشهد مفعم بالتراجيديا، وروح الشعر، تنسجه أسطورة الماضي العريق بدفقها الفرعوني، على جدران لحظة مصيرية من تاريخ مصر، حيث اشتعال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وواقعة ماسبيرو الشهيرة، وما تعرض له المتظاهرون من محاولات دهس بمركبة للجيش أمام مبنى التلفزيون.
تبلغ الرواية هنا ذروتها الدرامية، فالنص يصبح ضمير ذاته، هو الماضي والحاضر معاً، هو المتكلم والغائب، هو المفرد والجمع. بينما يلمح جندي الحراسة على باب المبنى في الليل زهرة تشق أرض الشارع المنداح أمامه، تتفتح، وتظل مضيئة لمدة عشر دقائق، نصفها قبل منتصف الليل، ونصفها بعده، ثم تختفي، حتى حين داستها عربة تبديل الحراسة الطائشة، تنهض وتتفتح من جديد كأنها في نوبة حراسة أخرى مقدسة، تسلم خلالها الليل للنهار، ليولدا كل يوم من رحم أسطورة الشهيد، الذي رحل عن الحياة بالجسد فقط، بينما روحه لا تزال كامنة في مسامها. تماماً مثل أسطورة إيزيس. نعم «زهرة الصمت» رواية متاهة، لكنها متاهة مغوية ومضيئة، متاهة مصرية بشطحها ونزقها، ولغتها بفصحاها وعاميتها ونبرتها الكلاسيكية أحياناً... إنها رواية مصرية حتى النخاع.


مقالات ذات صلة

أحمد ولد إسلم: كتابة الخيال العلمي تقتضي السير على حافة شائكة

ثقافة وفنون الكاتب الموريتاني أحمد ولد إسلم

أحمد ولد إسلم: كتابة الخيال العلمي تقتضي السير على حافة شائكة

يطرح الكاتب والروائي الموريتاني أحمد ولد إسلم في روايته الأخيرة «البراني» أسئلة إشكالية تتعلق بالمستقبل الإنساني

منى أبو النصر (القاهرة)
ثقافة وفنون الشاعر المغربي مخلص الصغير في «الأرض الموبوءة»

الشاعر المغربي مخلص الصغير في «الأرض الموبوءة»

صدر حديثاً للشاعر المغربي مخلص الصغير ديوان «الأرض الموبوءة» عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
كتب العنف في العراق من خلال رواياته

العنف في العراق من خلال رواياته

في دراسته «مدونة العنف في العراق» يبدأ الباحث الدكتور «أحمد حميد» بكلمة لـ«حنة آرنت» «كلُّ انحطاطٍ يُصيبُ السلطة إنما هو دعوة مفتوحة للعنف»

د. يحيى حسين زامل
كتب مختارات من شعر عبد الرزاق الربيعي

مختارات من شعر عبد الرزاق الربيعي

صدر حديثاً عن مؤسسة «شمس للنشر والإعلام» في القاهرة، بالتعاون مع «بيت الشعر العراقي» في بغداد، كتاب «غيمٌ على سرير... مختارات من شعر عبد الرزاق الربيعي»

«الشرق الأوسط» (بغداد)
كتب «فلسفة العبث»... تجلياتها في المسرح والرواية

«فلسفة العبث»... تجلياتها في المسرح والرواية

عن دار «إضاءات» بالقاهرة صدر كتابُ «فلسفة العبث» للباحث والأكاديمي المصري د. حسن حماد، الذي يتوقف بشكل خاص عند التجليات المدهشة لتلك الفلسفة في عدد من الفنون

رشا أحمد (القاهرة)

ساعة جيب لأغنى ركاب «تايتانيك» بيعت بـ1.46 مليون دولار

الساعة الذهبية في مزاد أقيم في بلفاست (دار مزادات «هنري ألدريدج آند سان»)
الساعة الذهبية في مزاد أقيم في بلفاست (دار مزادات «هنري ألدريدج آند سان»)
TT

ساعة جيب لأغنى ركاب «تايتانيك» بيعت بـ1.46 مليون دولار

الساعة الذهبية في مزاد أقيم في بلفاست (دار مزادات «هنري ألدريدج آند سان»)
الساعة الذهبية في مزاد أقيم في بلفاست (دار مزادات «هنري ألدريدج آند سان»)

بيعت ساعة جَيب ذهبية كانت تحملها جثة أغنى راكب على متن «تايتانيك» لقاء 1.175 مليون جنيه إسترليني (1.46 مليون دولار) في مزاد أقيم السبت في بلفاست، وهو سعر قياسي لغرض مرتبط بالسفينة الغريقة الشهيرة، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتجاوز هذا المبلغ الذي دفعه مشترٍ أميركي التخمينات التي نُشرت قبل المزاد لثمن الساعة، والتي راوحت بين 100 ألف و150 ألف جنيه إسترليني (124 ألفاً إلى 187 ألف دولار).

كذلك فاق المبلغ المدفوع الثمن القياسي الذي حققه حتى اليوم بيع أي قطعة مرتبطة بسفينة «تايتانيك» في مزاد، وهو 1.1 مليون جنيه إسترليني، دُفِع عام 2013 لشراء آلة كمان، حسب دار مزادات «هنري ألدريدج آند سان» البريطانية.

وبيعت علبة الكمان لقاء 360 ألف جنيه إسترليني (449 ألف دولار) خلال المزاد نفسه الذي بيعت فيه الساعة. ويذكر أن الكمان الشهير عالمياً العائد لبطل موسيقى «تايتانيك»، والاس هارتلي، هدية من خطيبته ماريا روبنسون. الكمان ألماني، ويعود تاريخه إلى نحو عام 1880، وله لوحة ذيل تحمل علامة «تشيستر» الفضية المميزة، عام 1910، محفور عليها الكلمات: «إلى والاس بمناسبة خطوبتنا، من ماريا». وباعتباره واحداً من أندر القطع وأكثرها شهرة في القرن العشرين، يشهد هذا الكمان على شجاعة وروح أعضاء الفرقة الموسيقية الذين جلبوا الأمل والراحة حتى النهاية.

وكانت هذه الساعة ملكاً للأميركي جون جايكوب أستور، وقد حُفرت عليها الأحرف الأولى (JJA) من اسم رجل الأعمال هذا الذي قضى عن 47 عاماً في غرق سفينة «تايتانيك» في الساعات الأولى من يوم 15 أبريل (نيسان) 1912.

وكان أستور يُعدّ في تلك الحقبة أحد أغنى أغنياء العالم؛ إذ كانت ثروته تُقدّر بنحو 87 مليون دولار، أي ما يساوي مليارات عدة اليوم، وقد بقي على متن السفينة وغرق معها، بعدما رأى زوجته الجديدة مادلين تغادرها على متن قارب نجاة.

وأفادت الروايات بأنه كان في لحظاته الأخيرة يدخن سيجارة بصحبة راكب آخر، هو الكاتب الأميركي جاك فوتريل، وكلاهما كانا من بين قتلى «تايتانيك» البالغ عددهم 1500.

وعُثر على جثته في 22 أبريل 1912، وكانت تحمل ساعة الجيب المصنوعة من الذهب عيار 14 قيراطاً.

وأوضحت دار المزادات أن الساعة رُممت بالكامل بعد إعادتها إلى عائلة جون جايكوب أستور و«كان يضعها نجله، مما يجعلها قطعة فريدة من تاريخ (تايتانيك) وواحدة من أهم الساعات المتعلقة بأشهر سفينة في العالم».


مؤتمر دولي في السعودية لتعزيز دور الجامعات في حماية منظومة الأمن الثقافي

تستمر فعاليات المؤتمر الدولي خلال المدة من الـ27 حتى الـ29 من أبريل (واس)
تستمر فعاليات المؤتمر الدولي خلال المدة من الـ27 حتى الـ29 من أبريل (واس)
TT

مؤتمر دولي في السعودية لتعزيز دور الجامعات في حماية منظومة الأمن الثقافي

تستمر فعاليات المؤتمر الدولي خلال المدة من الـ27 حتى الـ29 من أبريل (واس)
تستمر فعاليات المؤتمر الدولي خلال المدة من الـ27 حتى الـ29 من أبريل (واس)

انطلق في السعودية مؤتمرٌ دوليٌّ لتعزيز دور الجامعات في تنمية قيم المواطنة الواعية والالتزام بالهوية الوطنية، وتعزيز مبادئ التعايش السلمي، وترسيخ أُسس الأخوة الإنسانية القائمة على التسامح والتعايش، واحترام قيم الآخرين ومعتقداتهم لحماية منظومة الأمن الثقافي، وسلامة الوعي الفكري، فضلاً عن بناء مجتمعات مُحصنة، وإعداد أجيال واعية.

وبدأت (السبت) أعمال المؤتمر الدولي «دور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي»، الذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود بمدينة الرياض، ويشارك فيه نخبة من العلماء والمفكرين والمثقفين وأكثر من 38 مشاركة دولية وجهات تعليمية حول العالم، انسجاماً مع «رؤية المملكة 2030» و«برنامج تعزيز الشخصية السعودية»، وقيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي من خلال 6 محاور رئيسية تشمل العقيدة الصحيحة، والانتماء الوطني، والتعايش السلمي، والوسطية والاعتدال، والاستدامة التنموية، وآليات ووسائل تعزيز الانتماء الوطني.

دعا وزير التعليم السعودي الجامعات للقيام بدور في تنمية قيم المواطنة الواعية والالتزام بالهوية الوطنية (واس)

ودعا يوسف البنيان، وزير التعليم السعودي، كافة الجامعات، للقيام بدور مهم وجوهري في تنفيذ برامج فاعلة تُنمي قيم المواطنة الواعية والالتزام بالهوية الوطنية، وتعزيز مبادئ التعايش السلمي، وترسيخ أُسس الأخوة الإنسانية القائمة على التسامح والتعايش، واحترام قيم الآخرين ومعتقداتهم لحماية منظومة الأمن الثقافي، وسلامة الوعي الفكري، فضلاً عن بناء مجتمعات مُحصنة، وإعداد أجيال واعية. وأشاد البنيان بالمبادرة التي تهدف إلى تعزيز القيم الدينية، ونشر المضامين الأخلاقية، وإرساء مرتكزات الإنسانية الخالصة وفق منطلقات الشريعة الإسلامية السمحة ورسالتها السامية، بالإضافة إلى الحفاظ على هذه الثوابت حمايةً لهذا الجيل والأجيال القادمة، ومؤكداً حرص السعودية على تأسيس لغة الشراكة والمسؤولية المتبادلة مع العالم، وهو ما يعكسه المؤتمر في موضوعاته وتفاصيله. وعدّ الوزير البنيان المؤتمر بوابة واسعة للفرص المستدامة مؤملاً أن يحقق أهدافه ومقاصده في إبراز جهود المملكة في نشر ثقافة الاعتدال، ومساعيها الريادية في تعزيز التواصل الحضاري، والتعايش السلمي، وأن يكون رافداً علمياً للجامعات في تبادل الأفكار والخبرات، وإيجاد فرص التعاون والتكامل فيما يخدم المؤتمر والأهداف المنشودة منه.

يشارك نخبةٌ من العلماء والمفكرين والمثقفين وأكثر من 38 مشاركة دولية وجهات تعليمية حول العالم (واس)

من جهته، قال الدكتور أحمد بن سالم العامري، رئيس جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إن المؤتمر يسعى إلى تبادل الخبرات والتجارب بين الجامعات وتطويرها لتعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي، وينضوي تحت جهود سعودية فريدة لتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ونشر ثقافة التعايش والتعاون والتفاهم والتسامح والوسطية والاعتدال، ونشر السلام ودعم الأعمال الإنسانية والإغاثية في العالم جنباً إلى جنب مع جهودها في استقرار الأمم والشعوب وحمايتها من التطرف على مختلف المستويات الإقليمية والدولية، وهي من أسس ثوابت المملكة على مختلف الأصعدة، ومن خلال مشاركتها وتأسيسها العديد من المؤسسات الإقليمية والدولية لهذا الشأن.

ينضوي المؤتمر تحت جهود سعودية فريدة لتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات (واس)

مشاركة دولية فاعلة

وتستمر فعاليات المؤتمر الدولي حول دور الجامعات في تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي، خلال المدة من الـ27 حتى الـ29 من أبريل، وتشهد عقد 11 ورشة عمل نوعية تهدف إلى تطوير مهارات المشاركين في مجالي تعزيز قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي.

ويشهد المؤتمر مشاركة أبحاث وأوراق علمية قُدمت من 38 دولةً، وبمشاركة 26 متحدثاً وباحثاً؛ لمناقشة سبل تعزيز دور الجامعات في غرس قيم الانتماء الوطني والتعايش السلمي، ونشر ثقافة التسامح والاعتدال، وتحفيز النقاش وتبادل الأفكار حول كيفية تعزيز القيم الوطنية والتعايش السلمي لبناء مجتمع حضاري إنساني وفق المنطلقات الإسلامية الصحيحة.


حفيدة فيلبي: أعظم ما ورثه جدي هو الإسلام

الدكتورة سارة فارس عبد الله فيلبي (تصوير: تركي العقيلي)
الدكتورة سارة فارس عبد الله فيلبي (تصوير: تركي العقيلي)
TT

حفيدة فيلبي: أعظم ما ورثه جدي هو الإسلام

الدكتورة سارة فارس عبد الله فيلبي (تصوير: تركي العقيلي)
الدكتورة سارة فارس عبد الله فيلبي (تصوير: تركي العقيلي)

بعد مرور نحو مائة عام على رحلة عبد الله فيلبي الاستكشافية إلى الجزيرة العربية، تتحدّث حفيدته الدكتورة سارة فارس، التي تنال شهادة في تخصّص علم الأجنة والبيولوجيا الإنجابية من جامعة الفيصل بالرياض، إلى «الشرق الأوسط»، عن أثر جدّها في حياتها وهي التي لم ترَه قط. متأثرةً بحضوره في تراث السعودية وتاريخها.

وتقول الدكتورة سارة إن العلم هو المسار الذي يصلها بإرثه، في حين أن سيرته تحثّها على نهل المزيد من المعرفة.

تفتخر سارة بأنها ولدت في العاصمة الرياض، حيث أمضت طفولتها ونشأتها في وطنها السعودية، وحيث تفوقت بالدّراسة، حاصلة على مرتبة الشرف الأولى.

وتختتم بالقول: «أؤمن أن أعظم ما ورثه جدّي هو الإسلام، حين اعتنقه عام 1930، وواجبي تجاهه هو الحديث عنه وعن تراثه، وأنا سعيدة بتسليط الضوء عليه».


«تايمز»: «زرقاء اليمامة» تمهد لنهضة فنية وثقافية كبرى في السعودية

مغنية الميزو سوبرانو الشهيرة سارة كونولي تلعب دور «زرقاء اليمامة» (هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية)
مغنية الميزو سوبرانو الشهيرة سارة كونولي تلعب دور «زرقاء اليمامة» (هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية)
TT

«تايمز»: «زرقاء اليمامة» تمهد لنهضة فنية وثقافية كبرى في السعودية

مغنية الميزو سوبرانو الشهيرة سارة كونولي تلعب دور «زرقاء اليمامة» (هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية)
مغنية الميزو سوبرانو الشهيرة سارة كونولي تلعب دور «زرقاء اليمامة» (هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية)

عندما طُلب من صالح زمانان، الشاعر والكاتب والناقد المسرحي السعودي، أن يكتب نص أول أوبرا في السعودية، نفض زمانان الغبار عن الأسطورة العربية القديمة لزرقاء اليمامة، وهي «عرافة» كانت تستطيع أن ترى المستقبل تم تجاهل نبوءاتها قبل أن تُفقأ عيناها في النهاية.

وتُغنى عروض أوبرا «زرقاء اليمامة» باللغة العربية، وظهر العرض لأول مرة في الرياض يوم الثلاثاء الماضي، ليكون أول عرض أوبرالي سعودي في تاريخ المملكة والأضخم عربياً، وفقاً لما أوردته صحفية «تايمز» البريطانية.

ويتناول العرض قصة «زرقاء اليمامة» الشخصية الشهيرة في تاريخ العرب قبل الإسلام، ذات العينين الزرقاوين، التي تمتلك قدرة فريدة تمكنها من الرؤية من مسافات بعيدة، حتى إن بصرها الحاد كان يرى الراكب من على مسيرة 3 أيام، وتظهر قصتها بالعرض في مزيج فريد يجمع بين العناصر الموسيقية العربية والغربية.

جزء من عرض «زرقاء اليمامة» (هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية)

وفي قصة العرض الأوبرالي، يتم الاعتداء على زرقاء اليمامة من قبل زعيم قبلي قاسٍ، ثم تذبح قبيلتها أقارب الزعيم انتقاماً، قبل أن يتم ذبحهم بدورهم على يد عشيرة أخرى، لتنتهي القصة بكومة من الجثث على المسرح، وزرقاء اليمامة وسطهم فاقدة عينيها وحياتها.

وقال زمانان إن العبرة من العرض هي «كيف تهدد الكراهية البشر، وعرض العواقب الوخيمة للقمع».

وعدّت «تايمز» البريطانية العرض امتداداً للنهضة الثقافية الكبيرة التي تركز عليها المملكة في السنوات الأخيرة.

وأشارت في تقريرها إلى أن العرض نال استحسان الجميع، وكان هناك «تصفيق حار» في مركز الملك فهد الثقافي بعد العرض، وارتسمت الابتسامة على وجوه الجمهور أثناء خروجه.

وعبر الفنانون والجمهور السعودي عن الحماسة الشديدة للعرض بوصفه فرصة لإظهار وجه جديد للملكة. وقال زمانان: «إنه تراثنا، معروض في شكل فني غربي»، مضيفاً: «إنه يُظهر أصالتنا، وكذلك انفتاحنا على العالم»، وفق ما ذكرته «تايمز».

بدورها، قالت سوسن البهيتي، السوبرانو السعودية وعضوة فريق التمثيل بالعرض، إن أحد الأسباب التي دفعتها إلى الاتجاه للتألق كمغنية في الأوبرا هو هدفها المتمثل في «تغيير المفاهيم حول السعودية والنساء السعوديات».

وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية اكتسبت زخماً وسمعة عالمية في مجال الترفيه خلال السنوات الماضية، من خلال قدرتها على جذب نجوم كرة القدم والفنانين والموسيقيين العالميين.

جزء من عرض «زرقاء اليمامة» (هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية)

ويأتي العرض بإخراج السويسري دانيال فينزي باسكا، بينما تولّى التأليف الموسيقي الأسترالي لي برادشو، وقيادة الجوقة الموسيقية الإسباني بابلو غونزاليس، بينما تلعب دور البطولة مغنية الميزو سوبرانو البريطانية الشهيرة سارة كونولي، التي تعلمت العربية خصيصاً لأداء دورها بوصفها «زرقاء اليمامة».

وتعد الأوبرا من أبرز علامات التحضر والرقي في العواصم الكبرى. وكان العرض «حدثاً سعودياً فريداً»، وفق «تايمز»، وعلى الرغم من أن كثيراً من الإنتاج والتمثيل قام به أجانب، فإن الغرض منه هو التأثير الإيجابي على مجتمع الأوبرا والمسرح المتنامي في السعودية. وقال عبد العزيز الأحمد، أحد الجمهور الذي شاهد العرض: «إنها خطوة أولى... سوف تشجع خطوات أخرى تالية».


مصر: ضبط 1118 قطعة أثرية بحوزة موظف

مجموعة من القطع الأثرية المضبوطة في أسيوط بجنوب مصر (وزارة الداخلية المصرية)
مجموعة من القطع الأثرية المضبوطة في أسيوط بجنوب مصر (وزارة الداخلية المصرية)
TT

مصر: ضبط 1118 قطعة أثرية بحوزة موظف

مجموعة من القطع الأثرية المضبوطة في أسيوط بجنوب مصر (وزارة الداخلية المصرية)
مجموعة من القطع الأثرية المضبوطة في أسيوط بجنوب مصر (وزارة الداخلية المصرية)

تمكّنت الأجهزة الأمنية المصرية من ضبط 1118 قطعة آثار متنوعة في منزل موظف بمدينة أسيوط في جنوب مصر (تبعد 375 كيلومتراً عن القاهرة)، وأعلنت وزارة الداخلية ضبطها القطع الأثرية في إطار جهودها لمكافحة جرائم الحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار والاتجار بها.

وذكرت الجهات الأمنية في محافظة أسيوط أنّها ضبطت موظفاً داخل مسكنه وبحوزته قطع أثرية، من بينها مجسّم لتابوت في داخله مومياء، بالإضافة إلى تابوتين من الخشب عليهما نقوش مصرية قديمة، وبداخلهما مومياوان، كما ضُبط تمثالان خشبيان عليهما نقوش ورسومات، وتابوت غير مكتمل من المرمر، وفق بيان لوزارة الداخلية على صفحتها بـ«فيسبوك»، السبت.

جانب من القطع الأثرية المضبوطة في مصر (وزارة الداخلية المصرية)

وتضمنت المضبوطات أيضاً، عدداً من اللوحات الحجرية، ولفائف البردي والجعارين وقلادات مختلفة الأحجام، بالإضافة إلى عدد من التماثيل وأجزاء من تماثيل غير مكتملة متنوعة تعود لعصور قديمة، وضبطت عدداً من القطع الحجرية والخشبية وقطعاً من الزخارف والفخار وأدوات منزلية تعود لعصور مختلفة، فضلاً عن مجموعة من العملات المعدنية مختلفة الأشكال والأحجام.

وأكد بيان الوزارة أن المضبوطات عُرضت على الجهات المختصة، التي أفادت بأن القطع جميعها أثرية.

وتعاقب المادة 42 من قانون حماية الآثار المصرية رقم 117 لسنة 1983 «بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقلّ عن مليون جنيه ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه، كلَّ مَن سرق أثراً أو جزءاً من أثرٍ، سواء كان من الآثار المسجلة المملوكة للدولة، أو المعدة للتّسجيل، أو المستخرجة من الحفائر الأثرية للوزارة، أو من أعمال البعثات والهيئات والجامعات المصرّح لها بالتنقيب، وذلك بقصد التهريب».

وفي المادة نفسها تكون العقوبة، «السجن المشدّد لكلّ مَن حفر خلسة أو بإخفاء الأثر أو جزءاً منه بقصد التهريب، ويُحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة».

أحد التوابيت المضبوطة بحوزة موظف (وزارة الداخلية المصرية)

وتنتشر عمليات التنقيب غير الشرعي عن الآثار المصرية والاتجار بها في مصر وخارجها، وقد ضبطت الجهات الأمنية 3 تشكيلات مختلفة خلال العام الماضي متّهمة بالتنقيب والاتجار في الآثار، من بينها ضبط شخصين في محافظة بني سويف جنوب مصر، في أثناء حفرهما وتنقيبهما غير المشروع عن الآثار، وعُثر على حفر بعمق مترٍ تقريباً، كما ضُبطت الأدوات المستخدمة في الحفر، وبمواجهتهما اعترفا بقيامهما بأعمال الحفر بقصد التنقيب عن الآثار.

وضبطت الأجهزة الأمنية 6 أشخاص خلال تنقيبهم عن الآثار داخل شقة في منطقة المطرية (شرق القاهرة)، وعُثر بداخلها على حفرتين بعمق 10 أمتارٍ، وبحوزتهم أدوات الحفر والتنقيب، واعترفوا بقيامهم بأعمال الحفر بقصد التنقيب عن الآثار.

وسبق أن ضبطت شرطة السياحة والآثار «تشكيلاً عصابياً» متهماً بالاتجار في 201 قطعة يُشتبه في أثريتها مقابل مبالغ مالية.

وتضمّ محافظة أسيوط التي شهدت الواقعة الأحدث، أكثر من موقع أثريّ، مثل مقابر العمارنة، ومقابر الجبل الغربي، ومقابر مير، ومقابر دير الرفاع ودير المحرق، وجميعها تعود إلى عصر الأسرات الفرعونية والعصر القبطي.


«الإسكندرية للفيلم القصير» يقدم عروضاً للمكفوفين للمرة الأولى

جانب من الحضور في عروض سينما المكفوفين (الشرق الأوسط)
جانب من الحضور في عروض سينما المكفوفين (الشرق الأوسط)
TT

«الإسكندرية للفيلم القصير» يقدم عروضاً للمكفوفين للمرة الأولى

جانب من الحضور في عروض سينما المكفوفين (الشرق الأوسط)
جانب من الحضور في عروض سينما المكفوفين (الشرق الأوسط)

استحدثت الدورة العاشرة من مهرجان «الإسكندرية للفيلم القصير» تقديم عروض سينمائية للمكفوفين للمرة الأولى، في عرض الفيلم السينمائي القصير مصحوباً بترجمة صوتية وصفية للأحداث التي تُعرَض على الشاشة.

وتحت عنوان «سينما المكفوفين» احتضنت سينما مترو في منطقة محطة الرمل بالإسكندرية، التجربة الأولى من نوعها في المهرجانات السينمائية المصرية، التي تضمّنت عرض 5 أفلام قصيرة هي «نور عيني»، و«تربية ستات»، و«مكالمة خاصة»، و«هذا اليوم»، و«تمنتاشر خمسة وعشرين» في مدة تقترب من 40 دقيقة.

وتقام الدورة العاشرة من المهرجان خلال الفترة من 25 إلى 30 أبريل (نيسان) الحالي، وتضمّ ورشاً وفعاليات سينمائية عدة من بينها، ورش للمونتاج والحكي، بجانب عروض أفلام في مسابقات المهرجان.

وحظيت تجربة «سينما المكفوفين» بتفاعل كبير بين الحضور مع إتاحتها بشكل مجاني، ولم يقتصر الحضور على المكفوفين المكفولين بالرعاية من الجمعيات الأهلية فحسب، ولكن شهد وجود بعض الأفراد مع ذويهم بعد الإعلان عن العرض وتسليط الضوء عليه.

عروض الأفلام تصاحبها ترجمة صوتية وصفية للأحداث (الشرق الأوسط)

«فكرة العرض بدأت قبل عامين»، وفق محمد جلال، منسق عام المهرجان ومسؤول البرنامج، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «المناقشات حوله جاءت بعد مشاهدته لهذه التجربة في المغرب، ومعرفته بتقديمها في دول عدة أخرى، ورغبته في تكرارها بمصر»، مشيراً إلى «دور الإعلامية المغربية هنا العايدي، التي قامت بالترجمة الصوتية الوصفية للأفلام، ومساعدتهم على خروجها للنور».

وأضاف أن «التّحضيرات للفكرة تواصلت خلال العامين الماضيين، وجرى التنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي لدعم الفكرة، حتى بدأوا بترجمة الأفلام الخمسة المعروضة قبل أكثر من أسبوع على عرضها».

وأوضح جلال أن الترجمة الخاصة للمكفوفين «لا تقتصر على الوصف الصوتي فقط لما يحدث، ولكنها تخضع لمعايير عدة، وتجري بشكل دقيق يعتمد على الوصف الصوتي في أماكن السّكون بالأحداث وقياسها بشكل دقيق».

وأشاد الناقد الفني المصري محمد عبد الخالق بالتجربة التي حضرها ووصفها بـ«الإيجابية» مع وجود عددٍ كبيرٍ من المكفوفين الذين حرصوا على الحضور والتفاعل مع الأفلام المعروضة، وسط تصفيق وإشادات بالأفلام وترجمتها.

وأضاف عبد الخالق أن «فكرة وصف الأفلام بشكلٍ مسموعٍ سبق أن قُدّمت عبر أثير الإذاعة في تسعينات القرن الماضي بعنوان (من السينما للإذاعة)، عبر استخدام التعليق الصوتي لنقل الأفلام والمسرحيات والمستمعين، لكنها المرة الأولى التي تُنقل للسينما بشكل كامل، وهو الأمر الذي يستحق التقدير من صُنّاع المهرجان لإتاحة الفرصة أمام المكفوفين من أجل الاستمتاع بتجربة السينما بشكل كامل».

ويلفت مدير المهرجان محمد سعدون الانتباه إلى ردود الفعل الإيجابية التي تلقوها عن التجربة الأولى، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الردود ستحفّزنا لتكرارها مع الاستفادة من بعض الملاحظات التي جاءتنا من الحضور»، معرباً عن أمله في أن «يتحقق حلم المكفوفين بتنفيذ التجربة على نطاق أوسع في صالات السينما».

جانب من النقاش الذي أعقب عرض الأفلام (الشرق الأوسط)

وأضاف سعدون، أنهم استمعوا إلى مقترحات عدة من الحضور، منها «رغبتهم في أن يكون الاستماع للوصف الصوتي عبر سمّاعات خاصة تجنباً لشعورهم بالحرج بين باقي الحضور، مع طلب تعميم الفكرة لتشمل الأفلام المعروضة في دور العرض، بجانب بعض التفاصيل الفنية الخاصة بحاجتهم لمزيد من الوصف الصوتي لبعض الأمور التي لم تكن واضحة».


نجيب محفوظ وغارسيا ماركيز في القاهرة بحضرة «ثربانتس»

لوحات المعرض جمعت بين حائزي نوبل من مصر وكولومبيا (منسق المعرض)
لوحات المعرض جمعت بين حائزي نوبل من مصر وكولومبيا (منسق المعرض)
TT

نجيب محفوظ وغارسيا ماركيز في القاهرة بحضرة «ثربانتس»

لوحات المعرض جمعت بين حائزي نوبل من مصر وكولومبيا (منسق المعرض)
لوحات المعرض جمعت بين حائزي نوبل من مصر وكولومبيا (منسق المعرض)

في حضرة «ثربانتس»، جلس أديبا نوبل، المصري نجيب محفوظ والكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز يتحاوران، ليس هذا فقط، بل حضر أُدباء من كلّ العالم ومن أزمنة مختلفة، اجتمعوا خلال معرضٍ فنيٍّ عنوانه «رسم الأدب: الكتّاب والكاريكاتير».

أكثر من 50 لوحة تجسّد أدباء عالميين كباراً من زمن ويليام شكسبير وميغيل دي ثربانتس، صاحب «دون كيشوت»، إلى عصر توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وماركيز، وغيرهم من رُوّاد الأدب في مصر وإسبانيا وأميركا اللاتينية، صُوّروا في أعمال كاريكاتيرية، احتفى بها المركز الثقافي الإسباني في القاهرة «ثربانتس»، في معرض يستمر حتى 12 مايو (أيار) المقبل.

وقال الفنان المصري فوزي مرسي منسّق المعرض، إنه اتفق مع جامعة الكالا في إسبانيا، خلال زيارة سابقة، على تنظيم أنشطة مشتركة، وكان هناك مقترح أن نقيم معرضاً لثربانتس فقط، إلا أن مسؤول المركز الثقافي الإسباني اقترح أن يتضمّن المعرض أيضاً، بورتريهات لكتّاب عرب وإسبان ومن أميركا اللاتينية.

وأبدى خوسيه مانويل البابستور، مدير معهد ثربانتس في القاهرة، عن سعادته لاستضافة هذا المعرض الذي يضمّ شخصيات أدبية كبيرة، في حوار متخيل مع بعضها، مشيراً في بيان نشره عبر صفحة المركز، إلى أن «الفنانين أطلقوا خيالهم ورسموا كُتّابنا المفضلين في وضعيات حداثية وغير تقليدية. فأحدهم يلتقط صورة سيلفي، وثربانتس يتبادل القراءة مع شكسبير، وهي طريقة تُكسب هؤلاء الكتاب حياة جديدة عبر ريشة فنانين من 16 دولة شاركوا في المعرض، من مصر وإسبانيا ودول أوروبية ودول أميركا اللاتينية».

شكسبير وثربانتس في لوحة من المعرض (منسق المعرض)

وأوضح مرسي لـ«الشرق الأوسط»، أنهم بدأوا في تنظيم هذا المعرض من خلال طرح الفكرة على مجموعة من الفنانين، كما أن معهد كبيدو في إسبانيا أرسل لهم مجموعة من أعمال الفنانين الإسبان ومن دول مختلفة.

وتابع : «اخترنا أيضاً مجموعة من الأعمال المرسومة من قَبل لنجيب محفوظ وماركيز في لوحات تجمعهما، وكانت هناك مجموعة كبيرة اخترنا منها 50 لوحة عُرضت بشكل مميّز، بالإضافة لوجود شاشة تلفزيونية تعرض الأعمال بشكل مستمر».

وأشار إلى أن هذا المعرض يعبّر عن حوار رمزي بين كل هؤلاء الكتاب الذين يبتعدون مئات السنين عن بعضهم بعضاً، مثل ثربانتس وشكسبير اللذين يعودان إلى القرنين الـ16 والـ17، في حين يعود ماركيز ومحفوظ مثلاً للقرن الـ20 بل الـ21.

محفوظ وماركيز مع عمليهما الشهيرين (منسق المعرض)

وحسب المركز الثقافي الإسباني، فإن المعرض الذي حمل عنوان «رسم الأدب: الكُتّاب والكاريكاتير»، نُظّم بالتعاون مع اتحاد منظمات رسامي الكاريكاتير (فيكو مصر)، ومعهد كيبيدو لفنون الفكاهة في جامعة الكالا في إسبانيا.

ويُعدّ هذا المعرض أول معرضٍ للكاريكاتير يستضيفه المركز الثقافي الإسباني في القاهرة، وفق مرسي، الذي أكّد أنه ستكون هناك أنشطة أخرى مماثلة في المركز خلال الفترة المقبلة، كما أن متحف الكاريكاتير المصري ومنصة «إيجبيت كارتون» في صدد تنظيم معرض بالمركز الثقافي الهندي عن طاغور ونجيب محفوظ.


مهرجان «ما لا تراه العين» يكرّم الإبداع الشاب ويعزز التواصل الثقافي

بدور عرفة ومحمد بحري يفوزان بجائزة أفضل فيلم وثائقي سعودي (الشرق الأوسط)
بدور عرفة ومحمد بحري يفوزان بجائزة أفضل فيلم وثائقي سعودي (الشرق الأوسط)
TT

مهرجان «ما لا تراه العين» يكرّم الإبداع الشاب ويعزز التواصل الثقافي

بدور عرفة ومحمد بحري يفوزان بجائزة أفضل فيلم وثائقي سعودي (الشرق الأوسط)
بدور عرفة ومحمد بحري يفوزان بجائزة أفضل فيلم وثائقي سعودي (الشرق الأوسط)

اختتمت الدورة الـ11 من «مهرجان عفت السينمائي الدّولي» لأفلام الطّلاب أعمالها تحت شعار «ما لا تراه العين»، التي استمرت على مدار ثلاثة أيام. وشهد المهرجان عرضاً متنوعاً من أفلام طلّاب وطالبات وخريجي مدرسة عفت للفنون السينمائية، التي تُعدّ الأولى من نوعها لتدريس صناعة الأفلام والرسوم المتحركة في المملكة، بالإضافة لمجموعة مختارة من أفلام الطلاب الدّوليين، الذين تقدموا لمسابقات المهرجان المختلفة من أكثر من 115 دولة، ليصل العدد الإجمالي للأفلام المقدمة 2150 فيلماً.

وخلال أعمال الدورة، جرى اختيار أفضل 57 فيلماً فقط من 27 دولة، عُرضت على جمهور المهرجان من خلال لجنة تحكيم دولية ضمّت: الفنانة السعودية سارة طيبة، وعميدة معهد السينما في القاهرة الدكتورة إيمان يونس، والمخرج الألماني الحائز على «الأوسكار» توماس ستلماخ، والمخرج السويسري مايكل بونكلي، وروت لوكسمبورغ البروفيسورة البريطانية في الكلية الملكية للفنون.

تسابقت الأفلام على 7 جوائز مختلفة هي: جائزة أفضل فيلم روائي سعودي، وأفضل فيلم متحرّك سعودي، وأفضل فيلم وثائقي سعودي، وأفضل فيلم روائي دُولي، وأفضل فيلم متحرك دُولي، وأفضل فيلم وثائقي دُولي، وجائزة أخيرة للجمهور.

وفاز فيلم «بحري» بجائزة أفضل فيلم وثائقي سعودي، من تقديم محمد بحري وإخراج الطالبة بدور عرفة، ويتناول العمل قصة شخص اسمه محمد بحري يقدم شخصية «كوكو» المهرّج في الاحتفالات والفعاليات. وفيه يتحدث بحري عن تنقله بين الشخصيتين، وتأثره بما يحدث في حياته من إخفاقات وصدمات، وهروبه إلى «كوكو» لينسى من خلاله واقعه الذي وصل فيه لمرحلة تمنّى أن تنتهي حياته.

محمد بحري الفائز بجائزة الفيلم السعودي الوثائقي (الشرق الأوسط)

يقول بحري لـ«الشرق الأوسط»، إن «شخصية (كوكو) لم تأتِ عبثاً، بل هي شخصية درستُ أبعادها على مدار 12 عاماً من النواحي النفسية والفنية والمسرحية، وأرى أنها الوجه الباسم لبحري والقناع الذي يرتديه ليهرب إليه من كل المتاعب والهموم التي يحملها، وأنا سعيدٌ جداً بفوز الفيلم في المسابقة ونجاح فريق العمل».

يريد بحري من خلال الفيلم الوثائقي أن يقدم رسالة سلام للمشاهد، ويؤكد فيه أن الحياة مليئة بالصعوبات، ومن الطبيعي أن يُخفق الإنسان، ولكن من المهم ألّا يستسلم، وعليه أن ينفض غبار الإحباط الذي يتملّكه ويسيطر عليه بسرعة، ويغوص في مضمار الحياة من جديد لاستكمال مشوار النجاح.

من جانبها، تتحدّث بدور عرفة، مخرجة فيلم «بحري» وطالبة فنون سينمائية في جامعة عفت، عن فيلمها: «واجه بحري مشاكل كثيرة في حياته، ووجد أنّ المَخرَج من هذه الصعوبات هو أن يعمل مهرجاً. وجاء الفيلم ليوثّق حياته والأحداث التي مرّت به سابقاً وحالياً، وأراد من خلاله إيصال رسالة، بأن الإنسان لا بدّ أن يتصالح مع نفسه ليتمكّن من العيش بسلام داخلي».

وفاز فيلم الرسوم المتحركة الفرنسي «لا» (NO)، الذي يتناول قصة امرأة تحمي طفلاً في المترو من رجل طاعن في السن، حاول التحرش به، وأثناء مشاهدتها للموقف تعود بها الذاكرة لموقف مشابه تعرّضت له وهي طفلة. في حين فاز الفيلم السعودي «فتّاحة العلب» (THE CAN OPENER)، الذي وصفته سارة طيبة، بـ«الفيلم الغريب الذي يحمل أصالة في مضمونه».

وقالت سارة طيبة لـ«الشرق الأوسط»: «استضافت جامعة عفت في جدة مهرجاناً عالمياً لتسليم أعمال الطلاب من جميع أنحاء العالم، ومن خلاله شاهدنا أعمالاً جميلة وأفكاراً متنوعة».

تدشين شراكة مؤسسة البحر الأحمر السينمائي وجامعة عفت (البحر الأحمر السينمائي)

وفي ختام عروض المهرجان، دشّنت «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» شراكتها للمرة الثانية مع جامعة عفت، الهادفة إلى تمكين صانعات الأفلام الواعدات ضمن مبادرتها النوعية «المرأة في السينما». وتقدم هذه الشراكة فرصة فريدة لصانعات الأفلام الطموحات في الجامعة، متيحةً لهنّ دعماً سخيّاً لتحقيق رؤيتهن الفنية، وبثّ الروح في مشاريعهن السينمائية لترى النور.

وتتيح الشراكة أيضاً، دعماً مالياً من «صندوق البحر الأحمر التابع لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي»، لدعم 22 مشروعاً سينمائيّاً مختلفاً، على أن تُنفّذ بواسطة طالبات مدرسة الفنون السينمائية الطموحات في جامعة عفت. ولا تقتصر هذه الشراكة على الدّعم المالي فحسب، بل تمتد لتقدّم دعماً شاملاً لجميع المشاريع السينمائية، بدءاً من مرحلة التطوير، وصولاً إلى مرحلة ما بعد الإنتاج، الأمر الذي سيعزّز من جودة المشاريع السينمائية، ويسهم بصورة مباشرة في تعزيز مهارات الطالبات الفنية، ومنحهن تجربة تعليمية منقطعة النظير، بواسطة نخبة من رواد الصناعة.

بدوره، أشاد محمد التركي، الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة البحر الأحمر السينمائي»، بهذه الشراكة المستمرة لعامها الثاني على التوالي، قائلاً: «نفخر بها ضمن مبادرتنا (المرأة في السينما)، التي ساهمت في دعم النساء وتمكينهن على الصعيد المحلي وأيضاً الصعيدين الإقليمي والدّولي».

تنطوي قائمة الأفلام المدعومة على سرديات قصصية فريدة، تُناقش قضايا إنسانية معقّدة، بأسلوب درامي فريد ومشوّق، يسلط الضوء على علاقة الألم بالأمل في حياتنا اليومية، ومن بين هذه الأعمال، فيلم «When Home is Gone» للمخرجة هديل مُحرَّم، والفيلم القصير «حَجَرة، ورقة، مِقص» للمخرجة سيرين سلطان، وقدّم فيلم «الأم التي لم أحظَ بها» تجربة درامية منقطعة النظير لمخرجته ياسمين كايلو، كما يَبرزُ فيلم «ربط»، للمخرجة يام فيدا، لاستكشاف تحوّل العلاقات العائلية وسط تحدّيات المرض والفقدان، بجانب فيلم «هل مرّت؟»، للمخرجة ريناد بهادر، وفيلم «لين»، للمخرجة روان جاها.

وعلقت الدكتورة هيفاء رضا جمل الليل، رئيسة الجامعة، على هذه الشراكة بقولها: «في إطار إطلاق الدورة الـ11 من (مهرجان عفت الدّولي لأفلام الطلاب)؛ سعداء نحن بهذا التعاون مع (مؤسسة البحر الأحمر السينمائي)، الرامي إلى تمكين النساء في السينما وتسليط الضوء على إبداعات طالباتنا في مجالات الفنون السينمائية، كما نحرص على تمكين المرأة وتعزيز مكانتها بما يتماشى مع (رؤية المملكة 2030)، وباتت المرأة اليوم شريكة فعّالة في التنمية، وتعيش مرحلة تمكين غير مسبوقة».

تأتي هذه الشراكة بين «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي»، وجامعة عفت، ضمن سلسلة من المبادرات التي أطلقتها المؤسسة على مدار الأعوام الماضية، لتؤكد التزامها بتمكين المرأة في عالم الصناعة السينمائية، بما يتماشى مع المساعي الطموحة لرؤية المملكة 2030، وتعكس هذه الشراكة في سنتها الثانية، حرص المؤسسة والتزامها على تفعيل دورها الرّيادي، في عقد شراكات استثنائية مع سلسلة من الجهات الثقافية والتعليمية، بما يعود بالنفع على الصناعة السينمائية على الصعيدين المحلي والإقليمي.


دراسة: التعامل بإيجابية مع الشيخوخة قد يطيل العمر

دراسة: التعامل بإيجابية مع الشيخوخة قد يطيل العمر
TT

دراسة: التعامل بإيجابية مع الشيخوخة قد يطيل العمر

دراسة: التعامل بإيجابية مع الشيخوخة قد يطيل العمر

خلصت دراسة بحثية إلى أن المعتقدات الإيجابية حول الشيخوخة يمكن أن تعزز طول العمر، وفق موقع «سيكولوجي توداي».

وأضاف الموقع أن الدراسة التى أعدتها سوزان وورم من جامعة الطب في جرايفسفالد وسارة شيفر من معهد لايبنيز أوضحت أن توجيه العقل نحو تحقيق المكاسب هو ما يهم حقاً، ولا يتعلق الأمر بما تخسره مع تقدمك في السن، بل يتعلق بما ستخسره مع تقدمك في العمر، وأنك سوف تكون أكثر صحة إذا وجهت نفسك نحو المكاسب.

وتقول الدراسة إن لديك خياراً بين التفكير في التقدم في السن من حيث المكاسب أو الخسائر.

وقال الموقع إن هذه فكرة مذهلة إلى حد ما؛ حيث يمكنك العيش فترة أطول بمجرد التفكير بشكل إيجابي في نفسك، وأضاف أنها ليست مجرد خيال بل تدعمها الأبحاث.

ولكن الموقع لفت إلى أن التركيز على التغيرات الإيجابية المرتبطة بالعمر يعد أمراً رائعاً، لكن من غير الواقعي النظر إلى الشيخوخة بوصفها أمراً جيداً تمامًا في الواقع، حيث تحدث بعض الخسائر في وظائف مختلفة مع تقدم الأشخاص في السن، وسيكون من الحماقة إنكار وجود هذه الخسائر.

وتشير الدراسة إلى أنه قد تكون هناك قيمة في إجراء بعض التعديلات من ناحية النظر إلى التقدم في السن، إلا أنها لفتت إلى أنه من المهم التركيز على ما يحدث لجسمك عندما لا يعمل شيء ما بشكل صحيح من الناحية البدنية أو الصحية، فإن السماح لنفسك بالإحباط بسبب هذه التغييرات لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور.


هناء العمير لـ«الشرق الأوسط»: «سينماتيك الخُبر» علامة فارقة في المملكة

الكاتبة والمخرجة هناء العمير تتوقّع حضوراً أكبر للسينما السعودية (الشرق الأوسط)
الكاتبة والمخرجة هناء العمير تتوقّع حضوراً أكبر للسينما السعودية (الشرق الأوسط)
TT

هناء العمير لـ«الشرق الأوسط»: «سينماتيك الخُبر» علامة فارقة في المملكة

الكاتبة والمخرجة هناء العمير تتوقّع حضوراً أكبر للسينما السعودية (الشرق الأوسط)
الكاتبة والمخرجة هناء العمير تتوقّع حضوراً أكبر للسينما السعودية (الشرق الأوسط)

أكدت المخرجة السعودية هناء العمير أنّ افتتاح «سينماتيك الخُبر» ومقرّ «جمعية السينما» في المنطقة الشرقية، خلال الدورة العاشرة لـ«مهرجان أفلام السعودية»، من 2 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، يمثّل علامة فارقة في المملكة، لكونه أكبر «سينماتيك» بالمنطقة.

وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ فيلمها «الرقص على حافة السيل» حاز مؤخراً دعم منصة «أفلامنا كونكشن» اللبنانية بعد حصوله على دعم جهات عدّة في السعودية، مُتوقّعةً أن تبدأ تصويره العام المقبل.

ووصفت العمير التي ترأس «جمعية السينما السعودية»، مقرَّ «سينماتيك الخُبر» بأنه «أكبر مركز سينمائي في الشرق الأوسط»، موضحةً أنه «يضم مكتبة كبيرة، ومعدّات وصالات للتدريب، ومتحفاً للسينما السعودية، ومكتبة أفلام واستوديوهات»، ومتوقّفةً عند تحويل مطبوعات المهرجان إلى مشروع متكامل لإصدار «موسوعة السينما السعودية».

وتناول الحديث إصدار «مهرجان أفلام السعودية»، هذا العام، 23 كتاباً جديداً ما بين مؤلَّف ومترجَم، مشيرةً إلى أنّ مقرّ «جمعية السينما» التي يُقام المهرجان تحت مظلّتها يضمّ صالة للعروض، وأرشيفاً، ومكتبة، ومقرّاً لوجود صنّاع الأفلام، ومساحات مفتوحة لإقامة معارض أو نشاطات أخرى؛ إضافة إلى استديو صوت، وأجهزة تصوير متوافرة لصنّاع الأفلام بأسعار رمزية. كما يضمّ معرضاً لبيع معدّات التصوير، على أن يُدشَّن خلال الافتتاح الموقع الإلكتروني للجمعية، ويُفتَح باب العضوية أمام صنّاع الأفلام.

وقالت: «الجمعية تهتمّ بالجمهور إلى جانب صنّاع الأفلام، وأحد أهدافها هو صقل الذائقة الفنّية لدى المتلقّي أيضاً، فهو ضلع مهم في صناعة السينما».

ورغم انشغالها بنشاط «جمعية السينما»، تعمل العمير منذ فترة على مشروع فيلمها الطويل «الرقص على حافة السيل» الذي اختير مؤخراً ضمن المشروعات التي تتبناها منصّة «أفلامنا كونكشن» في لبنان. علّقت: «تُقدّم هذه المنصّة دعماً للأفلام عبر التواصل مع منتجين وموزّعين من العالم، وفق حاجات كل مشروع، من خلال لجنة لتقييم هذه المشروعات».

وكان مشروع الفيلم قد حظي بدعم «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»: «حصلنا على تمويل من جهات عدّة في السعودية، وطُوِّر السيناريو في معمل (البحر الأحمر)، كما حصل على جائزة في سوق المهرجان. ونظراً إلى أنه مشروع كبير وفيلم تاريخي، فهو يتطلّب دعماً فنياً وخبرات على أعلى مستوى ليظهر بالشكل اللائق. الآن نواصل البحث عن دعم لتكتمل ميزانيته».

الفيلم مأخوذ عن رواية «غواصو الأحقاف» للكاتبة السعودية أمل الفاران، وكتبته هناء العمير بمشاركة المنتجة سها سمير. تدور أحداثه في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات قبل تأسيس الدولة السعودية.

وعن سرّ حماستها للرواية، ردّت: «جذبتني القصة، لا سيما ما تعرضه عن المرأة في ذلك الوقت وعلاقتها بالأسرة وطبيعة المجتمع المختلفة تماماً عن تصوير المرأة السعودية شخصيةً ضعيفةً ومستسلمةً. كان المجتمع يحترمها ويعطيها مساحتها».

وكشفت المخرجة السعودية أنها اختارت بعض فريق التمثيل، لكن لن تفصح عن الأسماء سوى بعد اكتماله، مضيفةً: «إذا سارت الأمور كما نتمنّى، فسنصوِّر في 2025. تحضير هذه النوعية من الأفلام ليس سهلاً، بل يتطلّب وقتاً لاختيار مواقع التصوير والملابس والديكورات، كما أنّ الموسيقى لها دور أساسي في الفيلم».

وأكدت العمير أنّ «المستقبل واعدٌ ومبشّرٌ في ظلّ صناديق الدعم في المملكة، وتصدُّر أفلام محلّية شباك التذاكر، مما يتيح الفرص لمزيد من المواهب والحراك»، مضيفةً: «أتوقّع حضوراً أكبر للسينما السعودية عربياً ودولياً خلال السنوات الخمس المقبلة».

وعربياً، رأت أنّ «المهرجانات العالمية الكبرى بدأت تنفتح على السينما العربية بشكل أكبر، وتحرص على تمثيلها»، مؤكدة أنه «مع نضج التجارب والإنتاج المشترك، باتت المؤسسات العربية تدعم الأفلام بشكل نوعي على غرار (صندوق البحر الأحمر)، و(مؤسسة الدوحة للأفلام)، و(ورشات أطلس) في مهرجان مراكش».