إدلب تنجو من المعركة... ومظلّة روسية – تركية لحمايتها

سوريون يرفعون أعلام المعارضة يحتفلون بالاتفاق الروسي - التركي في وسط مدينة بنش التابعة لمحافظة إدلب (أ. ف. ب)
سوريون يرفعون أعلام المعارضة يحتفلون بالاتفاق الروسي - التركي في وسط مدينة بنش التابعة لمحافظة إدلب (أ. ف. ب)
TT

إدلب تنجو من المعركة... ومظلّة روسية – تركية لحمايتها

سوريون يرفعون أعلام المعارضة يحتفلون بالاتفاق الروسي - التركي في وسط مدينة بنش التابعة لمحافظة إدلب (أ. ف. ب)
سوريون يرفعون أعلام المعارضة يحتفلون بالاتفاق الروسي - التركي في وسط مدينة بنش التابعة لمحافظة إدلب (أ. ف. ب)

بعد أسابيع من الترقّب، ثبت اليوم (الثلاثاء) أن معركة إدلب لن تحصل، وأن قوات نظام بشار الأسد المدعومة من إيران وروسيا لن تبسط سيطرتها على كل أنحاء سوريا. فقد توصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس (الاثنين) الى اتفاق مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان على إقامة "منطقة منزوعة السلاح" في إدلب تحت سيطرة روسية تركية.
ومنذ أن أعلن النظام السوري، بدعم من الجيش الروسي، نيتها استعادة هذه المنطقة، لم تتوقف تركيا عن التحذير من وقوع كارثة إنسانية إذا تقرر شن هجوم واسع النطاق عليها.
وبعد عشرة أيام من فشل قمة طهران بين الرؤساء الروسي والتركي والايراني، عقد رئيسا الدولتين الرئيسيتين في النزاع السوري جلسة محادثات مغلقة استمرت أربع ساعات الاثنين في منتجع سوتشي على البحر الأسود. وأعلن بعدها الرئيس الروسي الاتفاق مع إردوغان على إقامة "منطقة منزوعة السلاح" في منطقة ادلب، بحلول 15 أكتوبر (تشرين الاول).
وقال بوتين في مؤتمر صحافي: "قررنا إقامة منطقة منزوعة السلاح بعرض يتراوح بين 15 و20 كيلومترا على طول خط التماس، ابتداء من 15 أكتوبر من هذا العام". وأضاف أن "وحدات من الجيش التركي والشرطة العسكرية الروسية ستسيطر" على هذه المنطقة المنزوعة السلاح. وأكد ضرورة إخلاء هذه المنطقة من السلاح الثقيل التابع "لكل فصائل المعارضة" بحلول 10 أكتوبر.
وأبدى إردوغان، من جهته، اقتناعه "بأننا بهذا الاتفاق تجنبنا حصول أزمة إنسانية كبيرة في إدلب". وأضاف أن "روسيا ستتخذ الخطوات اللازمة لضمان عدم حصول أي هجوم على منطقة خفض التصعيد في ادلب".
وأكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن الاتفاق بين بوتين وإردوغان سيمنع الهجوم على آخر معقل للفصائل المعارضة في سوريا.
وفي أنقرة، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم أن تركيا سترسل تعزيزات إلى إدلب للقيام بدوريات مشتركة مع قوات روسية. وأوضح أن طريقي "إم 4" و"إم 5" السريعين اللذين يربطان الشرق بالغرب والشمال بالجنوب عبر منطقة إدلب، ومدينة حلب بساحل البحر المتوسط سيكونان مفتوحين أمام حركة المرور بنهاية العام.
وكشف أوغلو أن مسؤولين في أجهزة الاستخبارات والأمن التركية والروسية سيبحثون في وضع الجماعات المتشددة في إدلب.

طهران
وأشاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم بنتائج اللقاء الروسي التركي في سوتشي واصفا ما حصل بـ "الدبلوماسية المسؤولة".
وقال ظريف في تغريدة على "تويتر" إن "الدبلوماسية المكثفة والمسؤولة التي حصلت خلال الأسابيع الأخيرة (...) تنجح في تجنيب إدلب الحرب، مع التزام حازم بمحاربة الإرهاب المتطرف". وأضاف أن "الدبلوماسية مجدية"، مشيرا الى زيارتيه لأنقرة ودمشق وإلى القمة الروسية التركية الإيرانية في طهران قبل أيام والتي ظهرت فيها الى العلن خلافات بين موسكو وأنقرة.

دمشق
بدوره، رحّب النظام السوري اليوم بالاتفاق الروسي التركي. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر في وزارة الخارجية قوله إن "الجمهورية العربية السورية ترحب بالاتفاق حول محافظة إدلب". وأضاف أن دمشق "تؤكد أن هذا الاتفاق كان حصيلة مشاورات مكثفة بين الجمهورية العربية السورية والاتحاد الروسي وبتنسيق كامل بين البلدين".
وأوضح المصدر نفسه أن "اتفاق إدلب هو اتفاق مؤطر زمنيا بتواقيت محددة، وهو جزء من الاتفاقيات السابقة حول مناطق خفض التصعيد التي نتجت عن مسار أستانا"، وتشمل محافظة إدلب ومناطق محاذية لها في محافظات حماة واللاذقية وحلب. وأكد أن دمشق ترحب "بأي مبادرة تحقن دماء السوريين"، وتؤكد "أنها ماضية في حربها ضد الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية سواء بالعمليات العسكرية أو بالمصالحات المحلية".

المعارضة
في غضون ذلك، رحّب مسؤولان في المعارضة السورية باتفاق روسيا وتركيا وقالا إنه جنّب المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة هجوماً دموياً.
وقال مصطفى السراج المسؤول في "الجيش السوري الحر" لوكالة "رويترز" إن "اتفاق إدلب يضمن حماية المدنيين من الاستهداف المباشر ويدفن أحلام الأسد بإعادة إنتاج نفسه وفرض كامل سيطرته" على سوريا.
وأضاف السراج أن هذه المنطقة ستظل في يد "الجيش السوري الحر" مما سيؤدي إلى "إجبار النظام وداعميه على البدء بعملية سياسية جدية تفضي إلى انتقال سياسي حقيقي وإنهاء حكم الأسد".
وقال المتحدث باسم لجنة المفاوضات السورية المعارضة يحيى العريضي إن الاتفاق أوقف الهجوم ووصف هذا التطور بأنه انتصار لإرادة الحياة على إرادة الموت. وأضاف أن شن هجوم أصبح "عمليا مستبعدا" على الأقل لفترة من الوقت ليست بالصغيرة، معبرا عن أمله أن يدوم هذا الأمر.

بروكسل
في ردود الفعل على الاتفاق، طالبت المفوضية الأوروبية اليوم بـ "حماية للأرواح والبنى التحتية المدنية". وقالت المتحدثة باسم المفوضية مايا كوسياسيتش في بروكسل: "نأمل أن يضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه أمس بحسب بعض المعلومات بين الرئيسيين الروسي والتركي، حماية الأرواح والبنى التحتية المدنية ووصول المساعدات الإنسانية بشكل دائم ودون عوائق". ولفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي حذر مرارا من شنّ هجوم على إدلب من شأنه التسبب بـ "كارثة إنسانية جديدة".



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».