ياسمينة خضرا: أكتب قصائد بالعربية لزوجتي... وقرائي 10 ملايين

الكاتب الجزائري الفرانكفوني يقول إن الفرنسية «لغة الاحتلال» مجرد أداة لغوية لا تعبّر عن هويته

ياسمينة خضرا
ياسمينة خضرا
TT

ياسمينة خضرا: أكتب قصائد بالعربية لزوجتي... وقرائي 10 ملايين

ياسمينة خضرا
ياسمينة خضرا

ياسمينة خضرا هو الاسم المستعار للكاتب الجزائري الفرانكفوني محمد مولسهول، عمل ضابطاً في الجيش الجزائري لسنوات قبل أن يتفرغ للكتابة التي بدأها في سن مبكرة. كتب أكثر من عشرين رواية أهمها: «الاعتداء» و«سنونوات كابل» و«سفارات إنذار بغداد» و«فضل الليل على النهار». رواياته لاقت إقبالاً جماهيرياً واسعاً، لا سيما في فرنسا، وترجمت لأكثر من 30 لغة، بعضها اقتبس للسينما، كما حاز عدة جوائز كالجائزة الكبرى «هانري غال» وجوائز أخرى كثيرة.
هنا حوار معه أجري في العاصمة الفرنسية:
> كيف تود أن تُقدم للقارئ العربي: ككاتب جزائري أم مغاربي يكتب بالفرنسية؟ ككاتب عربي يكتب بالفرنسية، أم ككاتب فرانكفوني فقط؟
- أنا كاتب جزائري، أكتب بالفرنسية لأنها لغتي بالتبني، ولا أشعر فيها بالغربة، بالنسبة لي اللغة ليست تعبيراً عن الهوية، هي أداة العمل التي أفضل لأنها تمنحي بكرم شديد إمكانية التعبير فقط لا غير. لا أربط لّغة الكتابة بالهّوية. عبر اللّغة أُطلق العنان لجذوري، ثقافتي العربية والبربرية والتكوين الذي تلقيته في بلدي الجزائر. مهما اختلفت الّلغة فهي لا تغير شيئاً في الذات.
> عرفنا عبر التاريخ نساء لجأن لاسم مستعار رجالي للكتابة، لكننا لم نشهد رجالاً يستعيرون أسماء أنثوية للكتابة، فما السبب؟ لماذا الاستمرار، لا سيما أنكم تنشطون في وضح النهار؟
- لم أحاول الاختباء إطلاقاً لكني كنت ضابطاً في الجيش أيام كانت بلادي عرضة لحرب شرسة، وكنت خاضعاً للجنة رقابة من طرف الجيش. لكي أستمر في الكتابة كان عليَّ أن أختار طريق السرية: استعملت اسميي زوجتي (ياسمينة وخضرا) كنوع من الاعتراف بالجميل للمرأة التي ساندتني وشجعتني في مشواري. أنا معجب كثيراً بشجاعة وواقعية المرأة بصفة عامة، والمرأة المسلمة بصفة خاصة.
> تدور أحداث روايتك الجديدة «خليل» (دار نشر جوليان) حول الأصولية والدوافع التي تجعل شاباً يتبع طريق الحقد والتعصّب، ما هي في رأيك مسؤولية المثقف العربي عن الوضعية التي آل إليها حال قسم من الشباب وقع في فخ الأصولية؟
- هناك مثقفون عرب ومسلمون يبذلون قصارى جهدهم من أجل تهدئة النفوس والدفاع عن معتقداتهم الدينية، بينما آخرون يقبلون الخوض في لعبة أعداء الإسلام. للأسف وسائل الإعلام تتجاهل الأولين، بينما يتمتع الآخرون بمنابر مهمة للتعبير عن وجهات نظرهم، بل ويتم الاستشهاد بهم كأنهم البرهان القاطع على الجريمة، الأخطر هو أن قسماً من الحكومات تسمح بهذا وتشجعه.
> أنت من أهم الكتاب الفرانكفونيين في وقتنا الحالي، لكنك سبق وصّرحت بأن اللغة العربية كانت حبك الأول، فهل فكرت في الكتابة باللغة العربية؟
- تلقيت تعليمي باللّغة العربية، وما زلت أكتب بالعربية، لا سيما قصائد حب لزوجتي، ولكنها أبيات شعرية خاصّة وبسيطة لا أجرؤ على عرضها على القارئ العربي. في الحقيقة تمكني من اللغة العربية ليس بالقوة التي تجعلني أستطيع استبدالها بالفرنسية... أود الكتابة بالعربية ولكن لمن؟ قرائي في الهند أكثر عدداً من قرائي في المشرق العربي.
> تكتب بالفرنسية لكنك دائم الافتخار بجذورك العربية وانتمائك العربي، فهل يمكن أن تفسر لنا هذه العلاقة المتميزة التي تربط الكتاب الفرانكفونيين المغاربة باللغة الفرنسية؟
- اللّغة الفرنسية هي لغة الاحتلال، وهي موروثة عن عقود من الاستعمار. بعد الاستقلال لم يقم حكامنا بما يجب فعله لكي تسترجع اللغة العربية مكانتها وتصبح من جديد لغة أفكارنا وطموحاتنا. العربية لم تكن أبداً موضع اهتمامهم، على العكس من ذاك فقد عومل مثقفونا وفنانونا على أنهم مُحرضون ومُشوشون. كثرة التوجه نحو الثقافة الغربية (الأدب والموسيقى والفن السابع) جعلنا نذوب في هذه الثقافة. هذا لا يعني أن اللّغة العربية مكبوحة فهي اليوم أكثر انتشاراً في أوطاننا من الّلغات الأخرى.
> هل تعتقد أنك كنت ستلاقي الترحيب نفسه لو أنك اخترت الكتابة باللغة العربية؟
- لا أدري، لكن صراحة ونظراً لنسبة الإقبال الذي حظيت به روايتي المُترجمة للعربية... لا أعتقد. عدد قرائي في العالم يصل لعشرة ملايين؛ خمسة ملايين منهم في فرنسا... كم عدد من يقرأون رواياتي في العالم العربي؟ لا أدري لكنهم أقل بكثير ممن يوجدون في سنغافورة.
> يتعرض الأدباء الذين يكتبون بلغة أجنبية لهجوم كثير. البعض يرى أنهم يكتبون بلغة أجنبية لأنهم يشعرون بالدونية والتبعية الثقافية، وآخرون يتهمونهم بالخيانة لأنهم يوجهون طاقاتهم الإبداعية للغة أجنبية مبتعدين عن لغتهم الأم، فبماذا ترد على هؤلاء؟
- كل واحد منا يفكر حسب قناعاته... بالنسبة لي مُهمتي هي حمل موهبة الأدب الجزائري إلى مختلف أطراف العالم. للأسف مجتمعاتنا تقابل المثقفين بنكران الجميل، لهذا السبب نحن بدل أن نتألق نحترق.
> سبق وأن صرحت: «أكتب لأسترجع العالم الذي صوُدر مني...»، فما هو هذا العالم الذي حُرمت منه؟
- عالم الطفولة والبراءة والحنان. انتزعت من أحضان عائلتي، وأنا في التاسعة من عمري لألتحق بالمؤسسة العسكرية، لم يكن لي الحق في الاستمتاع بأفراح الطفولة. كبرت وسط الخوف من ضباط الجيش، وعرفت الجوع والبرد، والتسلّط والترهيب. ولم يكن لديَّ أحد أشكي له همي.
> ما رأيك في الآراء التي ترى أن اللغة العربية لا تسمح بالتعبير الصريح المتحرر بسبب القيود والتابوهات التي تحاصرها؟
- حريتي وجدتها في اختيار نصوصي واختيار لغتي التي أعبر بها عن نفسي ككاتب.
> كتبت كثيراً عن الآثار النفسية للحروب والعنف في رواياتك «الاعتداء» و«سنونوات كابل» و«صفارات إنذار بغداد» وروايات أخرى كثيرة، بصفتك ضابطاً سابقاً هل يمكن أن نقول إنك توظف الكتابة لـ«طرد أرواح الحرب الشريرة»، أو تعتبرها نوعاً من العلاج النفسي؟
- بالنسبة لي الكتابة لا تمثل أي نوع من الشفاء. إنها طبيعة. ولدت لأكون كاتباً.
> يمتاز إنتاجك الأدبي بالكثافة... أكثر من عشرين رواية في عشرين سنة، هل نستطيع أن نقول إنك «الروائي الذي هزم هاجس الورقة البيضاء»؟
- لا أبداً. فأنا كثيراً ما أتوقف عن الكتابة باحثاً عن الإلهام دون جدوى. بالنسبة لي مأزق الورقة البيضاء ليس إلا عارض من أعراض الإجهاد الإبداعي.
>ماذا تقرأ حالياً؟
- أُعيد قراءة قصائد المتنبي. أحب قصائده التي يعبر فيها عن غضبه وسخطه من الحكام الفاسدين.
> هل تتابع تطور المشهد الأدبي العربي؟
- طبعاً، الأدب قضية إبداع وتطور وتأمل، سواء أكان بالعربية أو بلغة أخرى، فهو مرآة عن العالم وتحولاته، علينا أن نبقى حذرين وننتبه لما تعيشه الإنسانية بصفة عامة لنحدد موقعنا بالنسبة للأشخاص والأشياء.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.