الادعاء في «محكمة الحريري»: مجموعة المراقبة لاحقته إلى حارة حريك

«داتا الاتصالات» سجلت تشغيل هواتفهم في محيط لقائه بنصر الله

TT

الادعاء في «محكمة الحريري»: مجموعة المراقبة لاحقته إلى حارة حريك

أعلن الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس، أن القيادي في «حزب الله» الذي قتل في دمشق في العام 2016 مصطفى بدر الدين، «في أعلى الهرم وهو المشرف على عملية اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ووجه كل عملية الاغتيال»، لافتاً إلى أن المتهم سليم عياش «قاد وحدة الاغتيال وكان معه 4 أشخاص راقبوا الحريري كظله».
وقال الادعاء الذي عرض الأدلة المتعلقة بإسناد الهواتف إلى المتهم سليم عياش في اليوم الثالث من المرافعات النهائية في المحاكمة، أن مجموعة المراقبة كانت تلاحق رئيس الحكومة الراحل من قريطم، حيث كان يسكن، إلى حارة حريك، عندما التقى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2004. لافتاً إلى أن «داتا الاتصالات سجلت تشغيل هواتف مجموعة المراقبة في محيط مكان الاجتماع». وأكد الادعاء في مذكرته النهائية أن عياش «قد نسّق وشارك في مراقبة الحريري»، وأنه «نسّق عملية شراء الفان التي استخدمت كمركبة مفخخة بأداة تفجير مرتجلة»، وأنه «نسّق تنفيذ الاعتداء».
ونقلت قناة «الجديد» عن مراسلها في لاهاي، أن المدعي العام في المحكمة الدولية لمّح إلى تورط معاون الأمين العام لحزب الله حسين خليل في التنسيق مع المتهمين الأربعة باغتيال الحريري عبر بدر الدين. فعندما سأل القاضي المدعي العام بالقول: هل الخليل هو الرابط، قال المدعي العام «نعم».
وتحدث الادعاء أمس عن المستندات المتعلقة برحلة الحج لعياش إلى المملكة العربية السعودية في يناير (كانون الثاني) 2005. مشيرا إلى أن جواز السفر الخاص بعياش استخدمه شخص آخر، معتبرا أن إمكانية تزوير الجواز كانت كبيرة في تلك الفترة لأن المعلومات كانت تكتب بخط اليد، لكن بعد سنوات أصبحت تطبع وبرموز معينة. وأوضح أن زوجة عياش سافرت إلى الحج مع محرمها، الذي من المفترض أن يكون عياش، والسجلات تؤكد أنها سافرت برفقته. وقال: «هواتف عياش كانت ناشطة ما بين 15 و28 يناير (كانون الثاني) 2005، كما كانت قبل وخلال وبعد فترة الحج، ما يؤكد أنه بقي في لبنان، في حين سافرت زوجته. وأعلن أن عياش الذي رافق زوجته إلى المطار للسفر في 15 يناير كان على اتصال معها من لبنان في فترة الحج».
وقال: «في 28 من الشهر نفسه، أظهرت الأدلة أن الهاتف الشخصي لعياش انفصل عن مجموعة هواتفه ليذهب إلى المطار لمدة ساعتين ثم انضم إلى مجموعة عياش، وهذه المرة الوحيدة التي انفصل نشاط هاتفه الشخصي عن شبكة هواتفه. ما يدل على أنه أرسل شخصا إلى المطار لاصطحابها».
ولفت الادعاء إلى أن هاتف عياش الشخصي اتصل 44 مرة من لبنان بالسعودية بشكل يومي، وذلك خلال فترة وجود زوجته في المملكة.
وأعلن أن عياش كان المستخدم الوحيد لهواتف الشبكة والهواتف الشخصية، مستبعدا أن يكون أعطاه لأحد أفراد أسرته للاتصال بالمملكة، لأن استخدام هاتفه الشخصي بقي منتظما في فترة الحج ولم ينفصل عن شبكة هواتفه، مؤكدا أن نمط استخدام هواتف عياش لم يتغير.
بعد ذلك شرح المحامي اد هاردي موجبات الادعاء أمام غرفة الدرجة الأولى. وتطرق هاردي إلى قضية اختفاء أحمد أبو عدس، مشيرا إلى أن الادعاء يزعم أن المتهمين صبرا وعنيسي ومرعي متورطون فيها، وأن عنيسي لقب نفسه محمد مدعيا أنه كان مسيحيا واعتنق الإسلام وطلب من أبو عدس الذي التقاه في مسجد الجامعة العربية تعلم الصلاة.
وبعد أن أنهى الادعاء مرافعته في قضية إسناد الهواتف للمتهمين الأربعة، عرض أدلة إضافية ركزت على شهادات زور وإعلان المسؤولية زورا ومسألة اختفاء أحمد أبو عدس.
وأعلن أن المدعو محمد هو نفسه المتهم عنيسي الذي ذهب معه أبو عدس واتصل بأهله وقال لهم بأنه غادر إلى العراق. ودحض الادعاء كل ما قاله الدفاع من بيانات وشهادات ومستندات، معتبرا أنها مزاعم مليئة بالأخطاء وبأن أبو عدس لم يغادر مع من سماه خالد طه، ولم يكن مهتما بالجهاد.
وأكد القاضي راي عدم مطابقة أي حمض نووي لأبو عدس باستثناء الجثة الموجودة في موقع الجريمة، مشيرا إلى سوء إدارة القوى الأمنية في تلك الفترة، وأنها لم تكن مثالية، وأنه لا خلاف بين جميع الأفرقاء على هذا الموضوع.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.