الدور التاريخي للفلسفة التنويرية

أسست للدولة الحديثة التي تحترم مواطنيها بغض النظر عن الطائفة أو المذهب

جان جاك روسو  -  ديدرو
جان جاك روسو - ديدرو
TT

الدور التاريخي للفلسفة التنويرية

جان جاك روسو  -  ديدرو
جان جاك روسو - ديدرو

لو سألني أحدهم: بم يتمايز الغرب عن سواه؟ لأجبته: بازدهار الفلسفة وكثرة الفلاسفة الكبار الذين تتالوا وراء بعضهم البعض على مر العصور. فنحن إذا ما استعرضنا اللحظات الأساسية لهذه الفلسفة منذ سقراط وأفلاطون وأرسطو وحتى برتراند رسل وبول ريكور وهابرماس وسواهم من الفلاسفة المعاصرين وجدنا خيطا متواصلا لا ينقطع على مدار 2500 سنة.. قلت «لا ينقطع» وأنا مخطئ في الواقع. وذلك لأنه انقطع طيلة فترة العصور الوسطى المسيحية: أي من القرن الخامس بعد الميلاد إلى القرن الخامس عشر: ألف سنة! في هذه القرون العشرة هيمن اللاهوت الديني على العقول هيمنة مطلقة كما هو حاصل حاليا في العالم العربي وطرد الفلسفة متهما إياها بالهرطقة والزندقة والوثنية والكفر. ولكنه بدءا من القرن الثالث عشر وبتأثير من العرب راح يعدل موقفه قليلا ويصالح بين العقيدة المسيحية والفلسفة الأرسطوطاليسية. ونتجت عن ذلك فلسفة القرون الوسطى.
ثم بعد القرن السابع عشر ظهرت فلسفة الأنوار في القرن الثامن عشر. وكان أهم روادها فولتير، وديدرو، وجان جاك روسو، الخ. وكلهم اشتبكوا في معارك حامية مع الأصولية المسيحية التي كانت مسيطرة على العقول آنذاك. وقد تحررت الفلسفة عندئذ من هيمنة اللاهوت المسيحي عليها وأصبحت مستقلة بذاتها. ومعروف أن الفلسفة كانت خادمة لعلم اللاهوت المسيحي طيلة العصور الوسطى، ولم تستطع التحرر من قيوده وأصفاده إلا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
هذا وقد هيمن الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط على فلسفة التنوير وقدم للفكر الغربي أهم كتاب فلسفي في العصور الحديثة: نقد العقل الخالص. ويمكن القول بأن كانط هو أستاذ الغرب بعد ديكارت من الناحية العقلانية والمنهجية. فهذا الفيلسوف تحدث عن كل شيء تقريباً: عن العلم، والدين، والأخلاق، والسياسة. والبعض يقول بأنه أرهص بالعصور الحديثة واستبق عليها. والدليل على ذلك أن أفكاره النبوئية الاستشرافية طبقت عمليا بعد موته بقرن أو أكثر. فكتابه عن «مشروع السلام الدائم» ظهر عام 1795 وعصبة الأمم تشكلت عام 1920. وهذا أكبر دليل على أن الفكر يسبق السياسة ويعلو عليها وليس العكس. في البدء كانت الكلمة، ولكن ليس أي كلمة!
بل ويرى الكثيرون أن كل التقدم الحاصل في العالم سياسياً وقانونياً وأخلاقياً يعود إلى هذا الفيلسوف العملاق. ومعلوم أن الرئيس الأميركي وودرو ويلسون كان من تلامذته الخلص. وقد أسس «عصبة الأمم» التي أصبحت «الأمم المتحدة» لاحقاً بناء على قراءة أفكاره. فكتاب كانط الداعي إلى «السلام الدائم بين الأمم» هو الذي أسس العقلانية السياسية والدبلوماسية الدولية القائمة على مبادئ الحق والقانون لا على شريعة الغاب والذئاب.
ولكن للأسف فإن أميركا خرجت أكثر من مرة على هذه المبادئ المثالية التي كانت تتبعها في عهد الرئيس الكبير ويلسون. أما الفيلسوف الكبير الآخر الذي ظهر بعد كانط مباشرة فهو هيغل. فقد قدم للغرب المنهج الجدلي في التفكير. ولخص هيغل في شخصه كل معارف عصره إلى درجة أن المؤرخين شبهوه بأرسطو، بل وقالوا عنه بأنه أرسطو العصور الحديثة. ويمكن القول بأن العقل الغربي بلغ ذروة اكتماله ونضجه على يد كانط وهيغل وبقية مفكري الفلسفة المثالية الألمانية. وهي أعظم فلسفة ظهرت في العصور الحديثة. وذلك لأنها استطاعت التوفيق بين العلم والإيمان، أو الفلسفة والدين. ثم بالأخص لأنها بلورت تفسيراً عقلانياً، جديداً، مستنيراً، للدين المسيحي، وفرقت بين جوهره وقشوره. لأول مرة عادت المسيحية إلى صفائها الأولي وأصبحت إنجيلية حقيقية وفية لمبادئ السيد المسيح. لأول مرة فهم الناس أن هناك تفسيرا آخر ممكنا للدين المسيحي غير ذلك التفسير الطائفي المتعصب للأصوليين والإخوان المسيحيين. لأول مرة فهموا أن هناك تفسيرا روحانيا وأخلاقيا بل وتحريريا رائعا للدين. الدين ليس إرهابا ولا إرعابا ولا قيودا وأصفادا. لا إكراه في الدين! لأول مرة استطاعوا التفريق بين الدين ورجال الدين الذين قد يخونونه ويفعلون عكسه إرضاء لمآربهم وشهواتهم وانحرافا عن مبادئه ومثله العليا. وهذا شيء تكرر كثيرا على مدار التاريخ في كلتا الجهتين الإسلامية كما المسيحية. ولولا ذلك لما انفجر مارتن لوثر بالإصلاح الديني الشهير في أوروبا.. وهنا لا بد من أن نشيد بالدور الكبير الذي لعبه جان جاك روسو، أستاذ كانط ومعلمه، عندما فكك الاعتقاد القديم وحرر المسيحية من الدوغمائيات المتحجرة. بل واشتبك مع مطران باريس في معركة فكرية من أعلى طراز. وخاطر بنفسه إذ فعل ذلك ووضعها على حد السكين. ولهذا السبب أصبح مطاردا ملاحقا من مكان إلى آخر، ومن الوديان إلى الجبال. انظروا كتابه الرائع «رسائل من الجبل»، حيث هز سويسرا وفرنسا وأوروبا كلها هزا! ولذلك رثاه هولدرلين في قصيدة عصماء. والأنكى من ذلك هو أنه كتبه وهو محاصر من كل الجهات. وكأن عبقريته لا تشتعل إلا في لحظات التحدي الأقصى والخطر الأعظم. ذلك أن معركة الحقيقة تتطلب تضحيات بل وتضحيات جساما. والحال أنه ما كان يخشى الموت وإنما كان يخشى شيئا واحدا فقط: أن يقتلوه قبل أن ينهي تأليف كتبه الأساسية ويضرب ضربته الفلسفية الكبرى. هذا ما كان يخشاه جان جاك روسو أكثر من الموت. بعد أن ينهي مهمته ليفعلوا به ما يشاءون. كم مثقفاً عربياً يتجرأ الآن على الاشتباك مع الشيوخ الظلاميين وتفنيد خرافاتهم وتفسيرهم القديم المهترئ للدين؟ وهو تفسير إخونجي انغلاقي متعصب عفى عليه الزمن. أنه محصور كليا داخل السياجات الدوغمائية المغلقة أو الأقفاص الطائفية والفتاوى اللاهوتية المتحنطة. ولكن بسبب الجهل المتفشي في أوساط العوام فانه لا يزال ساري المفعول، ولو إلى حين.. انظروا كيف يصولون ويجولون على الفضائيات! شيء مخيف. بل وشيء مخجل أيضا. كثير من برامج التعليم العربية ينبغي أن ترمى في سلة المهملات لأنها خرجت كل هؤلاء الجحافل من الظلاميين المتوحشين الهمجيين.
نعرف الكتب الصفراء التي أنتجتهم والمدارس الأصولية التي فرختهم. كل هذا نعرفه جيدا بل والعالم كله أصبح يعرفه. ذلك أن هذه المعركة أصبحت عالمية ولم تعد محلية أو خصوصية. ولذلك أقول: مادة التربية الدينية أهم الآن وأخطر من مادة الفيزياء الذرية. إنها أكثر تفجيرا وانفجارا. من يسيطر عليها يسيطر على العالم العربي كله من المحيط إلى الخليج. من يسيطر عليها يمكن أن يوجهنا جميعا إما في اتجاه الاستنارة والتقدم وإما في اتجاه الظلامية والتأخر.! ينبغي حذف كل الكتب الإخونجية والفتاوى التكفيرية والأفكار التضليلية التي تحتقر الأديان الأخرى وتزدريها من برامج التعليم العربية. وبالتالي فالفلسفة التنويرية هي التي كشفت للناس عن جوهر الدين الحقيقي. وهي التي نظفت الدين من أفكار الكراهية والحقد والتعصب الأعمى. وهي التي قضت على الحزازات المذهبية والحروب الطائفية في كل أنحاء أوروبا. وهي التي جعلت التعايش ممكنا بين الكاثوليكيين والبروتستانتيين بعد أن كان جحيما لا يطاق. وهي التي أسست الدولة المدنية العلمانية الحديثة التي تحترم كرامة جميع مواطنيها ولا تفرق بينهم على أساس طائفي أو مذهبي. ولذلك انطلقت أوروبا انطلاقة صاروخية بعد عصر التنوير وصنعت أعظم حضارة على وجه الأرض. وهذا ما سيحصل في العالم العربي لاحقا عندما ينتصر التنوير العربي على العصر الداعشي الإخونجي الظلامي الحالي. عندئذ سوف ينكشف جوهر الإسلام المطموس حاليا من قبل حركات التطرف والظلام. وعندئذ سيتم الفرز الكبير بين الجوهر والقشور وسيتبين لجميع الناس ذلك الفرق الكبير بين إسلام الأنوار - وإسلام الإخوان.
أخيرا ماذا نستنتج من كل ذلك؟ نستنتج أن التغيير الفكري يسبق التغيير السياسي وليس العكس. فالثورة الفرنسية لم تندلع قبل ظهور فولتير وديدرو وجان جاك روسو والموسوعيين وإنما بعدهم جميعا. لا ينبغي وضع العربة قبل الحصان وإنما خلفه. بعد أن تمكن هؤلاء المفكرون الأفذاذ من تفكيك الأصولية الدوغمائية وفكر الإخوان المسيحيين أصبح الطريق مفتوحا، معبدا، أمام الثورة التغييرية السياسية. لا ريب في أن تركيز الصديق فاضل السلطاني على مسألة الحامل السلطوي أو الرافع السياسي الذي يجسد الأفكار فعليا ويغير الواقع عمليا شيء ضروري جدا وهام. ولكن في البدء كانت الكلمة، كان الفكر النير الوهاج. ما الذي آخذه على المثقفين العرب حاليا ما عدا كوكبة صغيرة مشعة؟ شيئا واحدا: إهمال المسألة الدينية وتركها لقمة سائغة للتكفيريين يصولون فيها ويجولون. لو ظهر عندنا مفكرون حقيقيون من أمثال سبينوزا وفولتير وديدرو وكل فلاسفة الأنوار لما استطاع الظلاميون السطو على «الربيع العربي» وتجييره لصالحهم. كنا دخلنا في عصر الحداثة العربية الإسلامية فورا. وكنا تخلصنا كليا من هذا الفكر الظلامي التكفيري الذي يرتكز على مشروعيات قديمة راسخة رسوخ الجبال. لم يتجرأ أحد على تفكيك هذه المشروعيات «الإرهابية» التي لا تزال تهيمن على الفضاء التعليمي والثقافي العربي من أقصاه إلى أقصاه. إنه لعار علينا نحن المثقفين العرب أننا لا نزال نحني الرأس أمامه صاغرين، طائعين. فولتير لم يحن رأسه أمامه وإنما اشتبك معه في معركة ضارية لا تبقي ولا تذر. بعدئذ ظهرت الطبقة البورجوازية وحملت لواء هذا الفكر التنويري الجديد وضربت بسيفه وأسقطت المشروعيات التكفيرية القديمة بالفعل لا بالقول فقط. وأحلت محلها المشروعيات التنويرية ذات النزعة الإنسانية. وهنا نلمس لمس اليد ذلك التقاطع الرائع بين التغيير الفكري والتغيير السياسي. ولكن في البدء كانت الكلمة.. هذا الشيء لم يحصل حتى الآن في الساحة العربية. وإنما الذي حصل هو العكس تماما: تواطؤ أغلبية المثقفين مع الجماعات الإخونجية والانبطاح أمامها. لهذا السبب أقول لا يوجد ربيع عربي ولا من يحزنون. ولهذا السبب فلن تقوم للعرب قائمة إذا استمر الوضع بهذا الشكل ولن يحظوا بأي احترام على مسرح التاريخ بين الأمم.



«ورود الصحراء» تنتصر للمرأة السعودية في بينالي فينيسيا

جانب من عمل الفنانة 
منال الضويان
نطقت الرمال فتحرك الصوت
 في الجناح السعودي ببينالي فينيسيا 2024 (أ.ف.ب)
جانب من عمل الفنانة منال الضويان نطقت الرمال فتحرك الصوت في الجناح السعودي ببينالي فينيسيا 2024 (أ.ف.ب)
TT

«ورود الصحراء» تنتصر للمرأة السعودية في بينالي فينيسيا

جانب من عمل الفنانة 
منال الضويان
نطقت الرمال فتحرك الصوت
 في الجناح السعودي ببينالي فينيسيا 2024 (أ.ف.ب)
جانب من عمل الفنانة منال الضويان نطقت الرمال فتحرك الصوت في الجناح السعودي ببينالي فينيسيا 2024 (أ.ف.ب)

تشارك السعودية في بينالي فينيسيا للفنون هذا العام بعمل للفنانة منال الضويان بعنوان «نطقت الرمال فتحرك الصوت».

التكوينات الضخمة في العمل تماثل الورود المتفتحة، وتتداخل طبقات عملاقة من أوراق الورد غير أنها ليست كأي ورود، بل هي ورود الصحراء، ذلك التكوين المعدني الذي يتكون في الصحراء، واعتمدته الضويان بوصفه أحد الرموز الأساسية في أعمالها.

تقول مايا الخليل من فريق تنسيق العرض: «ينقسم العمل أمامنا إلى أجزاء عدة. هناك الجانب الصوتي، وجانب النحت الناعم المتجسد في تكوينات بتلات الورود، وهناك أيضاً نتائج ورشات العمل من الكتابات والرسوم. كل تلك العناصر مجتمعة تخلق صورة واضحة لعمل الفنانة».

وتعود قصص الرسوم لعدد من ورش العمل التي أقامتها الفنانة في الخبر وجدة والرياض، شارك فيها ما يقارب ألف امرأة وفتاة عبر رسوم وكتابات عبرن فيها عن أنفسهن. وطلبت الفنانة منهن التفاعل مع موضوع عملها، بالرد على تصويرهن في الإعلام الغربي. وتبقى المشاركات حاضرات في عمل الضويان بالرسم والخط وبالكتابات المطبوعة على الحرير.


رحيل صلاح السعدني «عمدة» الدراما المصرية

رحيل صلاح السعدني «عمدة» الدراما المصرية
TT

رحيل صلاح السعدني «عمدة» الدراما المصرية

رحيل صلاح السعدني «عمدة» الدراما المصرية

برحيل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، الجمعة، عن 81 عاماً، خيّم الحزن على الأوساط الفنية وصفحات مواقع التواصل الخاصة بكبار الفنانين ومتابعي الدراما، وتحولت حسابات مختلفة إلى دفتر عزاء للراحل.

بصوته الجهوري الأجش الرنّان، وجلبابه ذي الأكمام الفضفاضة، وروحه الفكاهية السلطوية الساخرة، تسرّب الراحل، المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 وقدم أكثر من 200 عمل فني، إلى وجدان جمهور الدراما في العالم العربي، ليحفر صورة أصيلة لواحدة من أشهر الشخصيات والأكثر تعبيراً عن ابن البلد التلقائي؛ شخصية «العمدة سليمان غانم».

ونعت وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني الراحل، وقالت: «مصر فقدت قامة فنية عظيمة، وفناناً أثرى شاشتنا بأعماله التي ستظلّ محفورة في الذاكرة». كذلك نعته نقابة المهن التمثيلية، ورثاه نقيب الممثلين أشرف زكي على صفحته عبر «إنستغرام». أما المخرج عمرو عرفة، فكتب عبر حسابه بمنصة «إكس»: «العُمدة كان متفرداً في كل شيء»، خصوصاً في «خفّة الدم التي تفوق الوصف». وأيضاً كتب الفنان محمد صبحي عبر «إكس»: «كان خير صديق وسند».


السعودية تشارك في احتفاء «السنة الدولية للإبليات» بباريس

50 رأساً من الإبل تشارك في المسيرة التي تدخل شوارع باريس وتمرّ ببرج إيفل (فاو)
50 رأساً من الإبل تشارك في المسيرة التي تدخل شوارع باريس وتمرّ ببرج إيفل (فاو)
TT

السعودية تشارك في احتفاء «السنة الدولية للإبليات» بباريس

50 رأساً من الإبل تشارك في المسيرة التي تدخل شوارع باريس وتمرّ ببرج إيفل (فاو)
50 رأساً من الإبل تشارك في المسيرة التي تدخل شوارع باريس وتمرّ ببرج إيفل (فاو)

تُشارك السعودية في «مسيرة الإبل» التي تقام بباريس، السبت، احتفاءً بقرار الأمم المتحدة بتخصيص عام 2024 «السنة الدولية للإبليات»، وذلك بتنظيم «الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل»، تحت مظلة المنظمة الدولية للإبل، وبرعاية وزارة الثقافة ونادي الإبل بالمملكة.

وستشهد الفعالية حضور ومشاركة منظمات واتحادات دولية مختصة، وممثلين عن القطاعات الحكومية، ومربين ومهتمين، لتعريف المجتمع الدولي بمبادرة «عام الإبل 2024» بالمملكة، ودورها في إبراز قيمته بوصفه رمزاً ثقافياً وإرثاً مهماً ارتبط بالمجتمع السعودي منذ القِدم، ولا يزال يحظى بمكانةٍ كبيرةٍ.

المسيرة التي تقام للمرة الثالثة على التوالي، ستدخل في شوارع باريس للمرة الأولى منذ عام 1926، وتمرّ ببرج إيفل؛ لتنتهي أمام مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، بمشاركة نحو 30 دولة عبر ما يزيد على 50 رأساً من الإبل، وعارضين يقدمون الفنون الأدائية الخاصة ببلدانهم.

وتسبق المسيرة جلسات حوارية بمركز شاتو دو جانفري التاريخي؛ لعرض وتبادل تراث الإبل والجوانب الثقافية بجميع أنحاء العالم، والتركيز على مساهمة كل دولة في «سنة الإبليات»، وتنتهي الأنشطة المُصاحبة بحفل استقبال للجهات المدعوّة والوفود المشاركة ووسائل الإعلام.

كانت السعودية قد شاركت في تدشين «سنة الإبليات» التي أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو»، وذلك تتويجاً لجهودها الحثيثة في الاهتمام بقطاع الإبل، وانطلاقاً من أهميته في تحقيق مستهدفات الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي.

وتهدف الوزارة من المشاركة إلى المساهمة في هذه المناسبة، والتعريف بمبادرتها، وتوعية الرأي العام بالقيمة الاقتصادية والثقافية للإبل، وإبراز قيمتها في حياة الشعوب، إلى جانب حرصها على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهدافها الاستراتيجية تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».


أوراق وردة الصحراء تنتصر للمرأة السعودية في بينالي فينسيا

تحرص الفنانة على صبغ أطراف عملها بالأسود
تحرص الفنانة على صبغ أطراف عملها بالأسود
TT

أوراق وردة الصحراء تنتصر للمرأة السعودية في بينالي فينسيا

تحرص الفنانة على صبغ أطراف عملها بالأسود
تحرص الفنانة على صبغ أطراف عملها بالأسود

في ساعات الصباح، قبل موعد افتتاح بينالي فينسيا للفنون أبوابه للإعلام والمدعوين، بدأت أعداد الزوار بالتوافد أمام البوابات بانتظار بداية الرحلة الفنية الموسمية، وهذا العام لم يختلف الأمر، غير أن طابور الزوار، الذي بدا صغيراً أمام بوابة قاعات مجمع «الآرسنالي» حيث يقع جناح السعودية، حمل أجواء احتفالية خاصة.

في الطابور، انطلقت السلامات بين المعارف والأصدقاء الذين قدموا من أماكن مختلفة، سرعان ما تعارف الغرباء منهم، وتحول الانتظار إلى لحظات حميمية، حملت نسائم الأوطان معها، وطافت اللغة العربية مثل السحر على ألسنة الواقفين تغزل الصلات بينهم، وتحول الغرباء لمعارف.

تبادل الواقفون الحديث حول سبب وجودهم هنا مبكراً، والإجابة بالتأكيد كانت لوجود أجنحة عربية، منها أجنحة السعودية والإمارات ولبنان.

ترتفع أصوات بالتحيات والسلامات، مع ظهور الفنانة السعودية منال الضويان، التي ترحب بأصدقاء ومعارف وأقارب جاؤوا لمساندتها معنوياً وللفخر بها.

«قبيلة منال الضويان» هو التعريف الأقرب للجمع الموجود، الذي أطلقه أحد الواقفين، وبدا أن المناسبة تحولت لـ«فرح» واحتفاء بالفنانة وعملها المعروض في قاعة داخل مساحة «آرسنالي».

الفنانة منال الضويان مع فريق التقييم جيسيكا سيرازي ومايا الخليل والقيّمة المساعدة شادن البليهد (الشرق الأوسط)

معزوفة الرمال والنساء في الصحراء

عنوان الجناح السعودي هذا العام هو «نطقت الرمال فتحرك الصوت»، وهو عنوان شاعري معبر خارج من قاموس منال الضويان، ويعبر عن تفكيرها دائماً.

التكوينات الضخمة أمامنا باهرة وجاذبة بشكلها الجمالي الذي يماثل الورود المتفتحة، تتداخل طبقات عملاقة من أوراق الورد أمامنا، غير أنها ليست كأي ورود، بل هي ما يسمى بورود الصحراء، ذلك التكوين المعدني الذي يتكون في الصحراء، واعتمدته الضويان كأحد الرموز الأساسية في أعمالها.

العمل مألوف وقريب للنفس، ليس لأن الضويان استخدمته في أعمال سابقة لها فقط، ولكن الألفة هنا مضاعفة لكل امرأة سعودية حاضرة، منهن من شاركن في العمل عبر كلماتهن ورسوماتهن المطبوعة على أوراق الورد العملاقة أمامنا.

وتعود قصص الرسوم لعدد من ورش العمل، أقامتها الفنانة في الخبر وجدة والرياض، حيث شاركت فيها ما يقارب ألف امرأة وفتاة، عبر رسوم وكتابات، عبرن فيها عن أنفسهن. وطلبت منهن الفنانة التفاعل مع موضوع عملها، بالردّ على تصويرهن في الإعلام الغربي.

كل ما كتبته، وخطته المشاركات في تلك الورش، حاضر هنا أمامنا. هن حاضرات هنا بالرسم والخط وبالكتابات المطبوعة على الحرير. نسمع أصواتهن في مكبرات الصوت تطوف بالعمل عبر الهمهمة التي سجلنها في ورش العمل على وقع هدير الرمال، «قامت الفنانة بتسجيل حساس لمعزوفة الرمال الصادرة عن كثبان الربع الخالي عندما تتحرك فيقع الرمل بعضه على بعض».

رسائل النساء السعوديات في عمل الفنانة منال الضويان (الشرق الأوسط)

جميل جداً تضفير الصوت مع العمل المرئي، تمنح الأصوات النسائية بنعومتها وصلابتها أيضاً إحساساً مختلفاً للعمل، وتلقي عليه بخصوصية وحميمية أيضاً.

رقصة الحرب وهمهمة النساء

أتحدث مع مايا الخليل، من منسقي العرض، التي تشير إلى أن الفنانة تستخدم الصوت في أعمالها للمرة الأولى، وتشير إلى أن صوت الهمهمة ترى فيه الفنانة نوعاً من تصور لرقصات الحرب في السعودية، مثل «العرضة» و«الدحة». حيث يقف الرجال في صفين، وبينهما يقف شخص يلقي بالقصائد والكلمات الحماسية لتشجيعهم، «ترى المنسقة مايا الخليل أن هناك سابقة لقيام نساء بهذا الدور في رقصات الحرب في الصحراء». وهنا يمكننا تخيل الهمهمة النسائية مصحوبة بهدير الرمال على أنها ذلك الشخص الذي من مهمته التحفيز وبثّ الحماسة.

تقول الخليل: «في ورش العمل كانت المشاركات يرتدين سماعات تبثّ صوت (غناء كثبان الصحراء) كما سجلته منال، وقمن بالهمهمة، كمن يقول: نحن هنا، نحن موجودون، لدينا صوت، وهذا هو صوتنا».

جانب من عمل الفنانة منال الضويان في الجناح السعودي ببينالي فينيسيا 2024 (أ.ف.ب)

تعرج الخليل إلى تركيب العمل وأجزائه، قائلة: «ينقسم العمل أمامنا لعدة أجزاء. هناك الجانب الصوتي، وهناك جانب النحت الناعم المتجسد في تكوينات بتلات الورود، هناك نتائج ورشات العمل من الكتابات والرسوم. كل تلك العناصر مجتمعة تخلق صورة واضحة لعمل الفنانة».

ورود الصحراء الحريرية في عمل الفنانة منال الضويان (الشرق الأوسط)

نقف في منتصف القاعة، نرى إلى اليمين، وعلى اليسار منحوتات الحرير، المجموعة الأولى مطبوعة عليها نصوص مأخوذة من صحف ومجلات غربية، تتحدث عن المرأة في السعودية، كتابات تحمل أفكاراً نمطية عن المرأة، تقلل منها، ومن مكانتها، وتعكس آراء متحيزة.

«لقد أرادت في الواقع من ورش العمل أن تتفاعل مع النساء، وأن تطلب منهن الرد على الطريقة التي تصورهن بها وسائل الإعلام الدولية، حتى الإقليمية والمحلية» تقول الخليل، وتستكمل: «أرادت أن تتصدى لذلك من خلال تشجيعهن على التعبير عن أنفسهن والرد على السرد الذي دأب على تهميش النساء في المملكة».

عمل الفنانة منال الضويان «نطقت الرمال فتحرك الصوت» في الجناح السعودي (الشرق الأوسط)

تشير الخليل إلى الاختلاف الذي يحدث في ديناميكية العرض، ففي القسم الأول من العرض حيث المنحوتات الناعمة مثبتة على الأرض، تعكس جمود الأفكار الغربية، بعدها ترى منحوتات الحرير تتحول، وتتغير بفعل رسوم فيها حياة وجرأة وفخر، إلى جانب كلمات قوية ومعبرة، خطتها سيدات السعودية في ورشات الضويان: «لديك 4 منحوتات ناعمة لورود الصحراء، الأولى والأخيرة مطبوعتان بهذه العناوين متراكبة، واحدة فوق أخرى، ما يجعلها غير مرئية تغوص في البتلات، وتكاد تختفي، وهذه هي طريقة منال في استخلاص قوتها. تواجهها في المنتصف وردتان صحراويتان معلقتان مملوءتان بالحركة، وعليهما بوضوح رسوم وكلمات هؤلاء النساء التي تطورت في ورش العمل استجابة لهذه العناوين».

يمكن أيضا أن نرى أن تلك المنحوتات المعلقة على أنها ذلك الشخص أو المرأة التي تلقي بالأشعار والكلمات الحماسية في أثناء رقصة الدحة، «نقرأ الكلمات على وقع أصوات الهمهمة وهدير الرمال، هنا يتحول العمل، وينبض بالحياة ليصبح كائناً متحركاً حماسياً».

حرير السلام ووردة الصحراء

المواد المستخدمة في صنع العمل لها رمزيتها أيضاً، بحسب الخليل، فالحرير الذي كوّن بتلات ورود الصحراء صنع في الهند، ويطلق عليه «حرير السلام» حيث تتم المحافظة على دود القزّ بعد الحصول على الحرير منه.

وتشير أيضاً إلى أطراف بتلات الورود الملطخة بالسواد، وتقول إن ذلك جانب مهم في عمل الفنانة التي حرصت على تلطيخ الأطراف باللون الأسود بيدها. تعود تلك الممارسة إلى ما نصحتها به إحدى معارفها في بداية عملها وانشغالها بقضايا المرأة، حيث قالت لها: «أنت كمن يمسك بقطع الفحم، ستتلطخين بلونه». وكان ردّ فعل الفنانة هو «أريد أن ألطخ يدي بالسواد».

عمل الفنانة منال الضويان «نطقت الرمال فتحرك الصوت»

لماذا وردة الصحراء؟ تقول الخليل إن النساء يشبّهن دائماً بالورود في هشاشتها، ولكن ورود الضويان ليست هشة، ولكنها قوية بحكم ظروف نشأتها في الصحراء، هذه التكوينات المعدنية تتشكل في ظروف شديدة، وتأتي بعد تدفق كثيف جداً للمطر، يتبعه جفاف شديد، ولهذا تتصف التكوينات الكريستالية الشكل التي يطلق عليها اسم «وردة الصحراء» بالجمال والصلابة والقدرة على البقاء على قيد الحياة.

من ورش العمل التي أقامتها الضويان في السعودية (تصوير: إيمان الدباغ)

هل ما تعرضه الضويان هنا يختلف عن ممارستها الإبداعية عبر السنوات؟ الإجابة بسيطة، وهي «لا»، فما نراه أمامنا في الجناح السعودي هو محصلة أعمال سابقة وورشات عمل وأبحاث كثيرة، يمكننا رؤية العمل على أنه تتويج لأعمال الضويان حتى الآن، وأنها أصبحت ناقلة للتجربة النسائية تنسجها، وتنسقها، لتخلق منها عملاً لا يشبه غيره.

منال الضويان:

«أحاول في العمل الذي أقدمه في (بينالي الفنون 2024) تمثيل المرحلة التي وصلتُ إليها الآن في مسيرتي الفنية، انطلاقاً من مجتمعي وبلدي والعالم كله. وهو عمل استوحيتُه من الدور المتطور للمرأة في المجال العام في بلدي، وسعيها المستمر لإعادة تعريف المساحة المادية التي تعيش فيها، والسرديات التي حددتها تاريخياً. يجمع هذا العمل بين الأصوات والمجسمات من حيث إن فضاءه الصوتي يتضمن صوت رمال الربع الخالي وغناء النساء والفتيات المتناغم معه. فالصوت أداة غير مرئية تشغل الفضاء، ولها حضور كبير. نعم، تتعذّر رؤيته، ولكن المرء لا يمكنه إنكار وجود ما لا يراه. أما المجسمات المركزية المصنوعة من الحرير فتمثّل بتلات وردة الصحراء التي ركّزتُ عليها في أعمالي منذ عدة أعوام».

دينا أمين، المديرة التنفيذية لهيئة الفنون البصرية، مفوضة الجناح السعودي:

«يسلّط عمل الضويان الضوء على مسيرة المرأة السعودية في الأعوام الأخيرة، حيث إن الفنانة توجّه من خلاله الدعوة للجمهور إلى التفكير في الصور النمطية التي عفا عليها الزمن، وتسعى في الوقت نفسه إلى إيصال صوت المرأة السعودية، الذي أصبح اليوم عابقاً بالحيوية والرقة والطموح. فضلاً عن ذلك، يرمي عمل الضويان هذا إلى تمكين المرأة السعودية من استرداد تحكّمها بالسرديات التي تخصّها، على نحو يعكس التغييرات الحاصلة في المجتمع السعودي، حيث أصبحت المرأة قادرة على العمل في جميع المجالات، ورسم معالم مصيرها بحرية».


دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)
الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)
TT

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)
الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح خصوصاً لأجل هذا العمل، عازياً ذلك إلى «تناوله القضية الفلسطينية بمنظور مختلف عن المألوف».

وقال، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إنّ «المسلسل تناول هذه القضية بعمق شديد، وهذا ما أضفى عليه أهمية، بالإضافة إلى التعاون مع المخرج الكبير عمرو عرفة، صاحب التاريخ الفنّي الحافل والأعمال المميّزة التي تركت بصمة في ذاكرة الجمهور».

وأوضح دياب: «شخصية (الضابط أدهم) التي قدّمتُها كانت مليئة بالتفاصيل التي تعاملتُ معها بدقة، لكونه ضابطاً في القوّات المسلّحة. سعيتُ إلى تقديمه بصورة تُناسبه وتُظهره حقيقياً من لحم ودم»، مؤكداً أنّ مرجعيته الأولى في تفاصيلها كانت السيناريو ورؤية المخرج.

دياب في مسلسل «مليحة» (البوستر الرسمي)

وعن المخرج عمرو عرفة، قال: «كان لديه تصوّر لجميع الشخصيات وطريقة تقديمها في المسلسل، ما ساعده كثيراً، بجانب تحضيراته للدور، وتركيزه على إبراز لغة الأداء الحركي والجسدي بما يتناسب معه من دون مبالغة».

وشارك «مليحة» في الموسم الدرامي الرمضاني، مؤلَّفاً من 15 حلقة، من بطولة ميرفت أمين، وأشرف زكي، وحنان سليمان، وأمير المصري، إلى عدد من الفنانين الفلسطينيين، من بينهم، سيرين خاس (جسَّدت شخصية «مليحة»)، وديانا رحمة، ومروان عايش، ورحاب الشناط، وأنور خليل؛ والمسلسل من تأليف رشا عزت الجزار، وإخراج عرفة.

وأشار دياب إلى اهتمامه الكبير بتفاصيل الجانب العسكري من الناحية البدنية: «رغم عدم التحاقي بالتجنيد في الجيش لكوني الابن الوحيد ولا أشقاء لي؛ حرصتُ على الإحاطة بالتفاصيل حول حَمْل السلاح والتعامل معه»، لافتاً إلى أنّ «عدداً من الضباط الذين رافقونا خلال التصوير ساعدوني في ذلك».

وأضاف: «مسألة حَمْل السلاح صعبة، وتطلّبت تدريبات للظهور بشكل احترافي أمام الكاميرا، خصوصاً لأنّ وَقْع استخدامه وصوته لهما تأثير كان ينبغي إظهاره في بعض المَشاهد، وهي أمور تفصيلية ضمن ميدان العلوم العسكرية تعرّفتُ إليها خلال التحضيرات».

وتوقّف دياب عند إشادات بعض الضباط على طريقة أدائه لمَشاهد الأكشن الصعبة، وقال: «الأمر جعلني أشعر بسعادة كبيرة لتصديقهم هذه المَشاهد، بكونهم أكثر مَن يتعرّض لمخاطر مُشابهة في الواقع».

وعن تعاونه الأول مع ميرفت أمين، وصفها بأنها «شديدة الاحترافية»، مبدياً شعوره بالسعادة والفخر للوقوف إلى جانبها، «خصوصاً أننا تعاملنا معها في التصوير كأم، وليس فقط ضمن الدور الذي قدّمته بإتقان، وعبّرت فيه عن القلق المسيطر على أمهات الضباط».

ونفى الفنان المصري قلقه من عرض العمل في النصف الثاني من رمضان، موضحاً أنّ «التجربة الأخيرة في رمضان قبل الماضي كانت عبر مسلسل (تحت الوصاية)، وحقّقت نجاحاً كبيراً مع عرضها خلال التوقيت عينه».

ماذا عن مشاريعه الفنية الجديدة؟ أكد: «أحضّر لتصوير فيلم جديد بطابع كوميدي مع المنتجة آلاء لاشين، وكتابة السيناريست هاجر الإبياري، ومن إخراج محمد عبد الرحمن حماقي».

ونفى أن تكون موافقته على الفيلم وحماسته للتجربة سببها أنّ كاتبة العمل هي زوجته، مؤكداً: «دخلتِ السينما من بوابة كبيرة عبر تعاونها في فيلمها الأول مع الفنانة إسعاد يونس في (عصابة عظيمة) الذي عُرض مطلع العام الحالي»، مؤكداً رفضه مجاملة أحد في أعماله أو اختياره أدواراً تُسيء إلى مستقبله.


«عمدة» الدراما المصرية صلاح السعدني يغادر للإقامة الدائمة في الذاكرة

الراحل في شخصية «العمدة سليمان غانم» بمسلسل «ليالي الحلمية» (أحمد السعدني في «فيسبوك»)
الراحل في شخصية «العمدة سليمان غانم» بمسلسل «ليالي الحلمية» (أحمد السعدني في «فيسبوك»)
TT

«عمدة» الدراما المصرية صلاح السعدني يغادر للإقامة الدائمة في الذاكرة

الراحل في شخصية «العمدة سليمان غانم» بمسلسل «ليالي الحلمية» (أحمد السعدني في «فيسبوك»)
الراحل في شخصية «العمدة سليمان غانم» بمسلسل «ليالي الحلمية» (أحمد السعدني في «فيسبوك»)

بصوته الجهوري الأجش الرنّان، وجلبابه ذي الأكمام الفضفاضة، وروحه الفكاهية السلطوية الساخرة، تسرّب إلى وجدان جمهور الدراما في العالم العربي، ليحفر صورة أصيلة لواحدة من أشهر الشخصيات والأكثر تعبيراً عن ابن البلد التلقائي؛ شخصية «العمدة سليمان غانم».

وبرحيل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، الجمعة، عن 81 عاماً، خيّم الحزن على الأوساط الفنية وصفحات مواقع التواصل الخاصة بكبار الفنانين ومتابعي الدراما، وتحولت حسابات مختلفة إلى دفتر عزاء للراحل.

بدورها، نعته وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني ووصفته بـ«أحد أعمدة الدراما المصرية»، مضيفة في بيان: «مصر فقدت قامة فنية عظيمة، وفناناً أثرى شاشتنا بأعماله التي ستظلّ محفورة في الذاكرة»، ولفتت إلى أنّ الراحل «استطاع من خلال أدواره ملامسة قلوب الجماهير، وتجسيد الواقع المصري بتفاصيله، ببساطة وعمق».

الفنان صلاح السعدني يغادر بعد مشوار حافل (وزارة الثقافة المصرية)

وُلد السعدني في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943، وجمعته بالفنان عادل إمام صداقة وُلدت في كلية الزراعة بجامعة القاهرة التي تخرَّج فيها السعدني عام 1967، واتّجه إلى الفن مع إمام، ثم عمل في مسرح التلفزيون، وكان دوره الأول صعلوك القرية «علواني» في فيلم «الأرض» مع المخرج يوسف شاهين عام 1969.

كذلك نعت نقابة المهن التمثيلية الراحل، ورثاه نقيب الممثلين أشرف زكي في صفحته عبر «إنستغرام».

أما المخرج عمرو عرفة، فكتب عبر حسابه بمنصة «إكس»: «العُمدة كان متفرّداً في كل شيء»، ووصفه بأنه لم يكن له شبيه، خصوصاً في «خفّة الدم التي تفوق الوصف»، مقدِّماً العزاء لابنه الفنان أحمد السعدني وجميع أفراد الأسرة.

وأيضاً، كتب الفنان محمد صبحي عبر «إكس»: «بكل الأسى والحزن، أنعى الفنان الكبير صلاح السعدني. كان خير صديق وسند، شجّعني في بداياتي، وأصبح من أقرب الناس إليَّ في الوسط الفني»، وختم: «ستبقى معنا بسيرتك الطيبة وأعمالك الفنية الرائعة».

من جهته، نعى الفنان أحمد حلمي، الراحل وكتب عبر «إكس»: «البقاء لله في الفنان الكبير، القدير القيمة والقامة صلاح السعدني»، في حين كتب محمد هنيدي: «البقاء لله في أستاذنا الكبير». ونعاه الفنان صلاح عبد الله، فكتب: «مع السلامة يا عمدتنا»، وكذلك الفنانة رانيا يوسف التي كتبت: «وداعاً عمدة الدراما». أما الفنانة منى زكي، فكتبت: «فقدتُ أستاذاً كبيراً، ومن أكثر الناس الذين تشرّفت بالعمل معهم».

كما نعاه الفنان عمرو دياب عبر «إكس»، بالقول: «خالص عزائي لوفاة الفنان الكبير صلاح السعدني»؛ إلى عدد من الفنانين والنجوم العرب، من بينهم اللبنانية نيكول سابا التي كتبت عبر «إكس»: «الله يرحمك يا أستاذنا الكبير»، والتونسية هند صبري التي كتبت: «فقدنا اليوم واحداً من أعمدة خيمة الدراما العربية... وداعاً النجم الكبير صلاح السعدني».

صلاح السعدني في دور «العمدة سليمان غانم» مع الفنانة صفية العمري (أرشيفية)

برز الراحل بأدواره في السينما التي قدَّم لها أكثر من 50 عملاً، من أبرزها فيلم «أغنية على الممر» الذي تناول يوميات مجموعة من الجنود على الجبهة خلال حرب الاستنزاف بعد عام 1967، و«فوزية البورجوازية»، و«الغول». كما أدّى بطولة مسرحية «الملك هو الملك» للكاتب السوري سعد الله ونوس، بالإضافة إلى أعماله الدرامية التي تجاوزت الـ30، أبرزها: «ليالي الحلمية»، و«أرابيسك»، و«حلم الجنوبي».

وفي «ليالي الحلمية»، قدّم السعدني نموذجاً محبوباً جماهيرياً للعمدة الريفي الذي ينتقل إلى المدينة، ويسخر من المجتمع الأرستقراطي، وينتقم منه بطرق تمتزج فيها التراجيديا بالكوميديا عبر الأداء الساخر.

وتعليقاً، يعدُّ الناقد الفني المصري طارق الشناوي، الراحل «ابن التلفزيون»، بالإشارة إلى افتتاح التلفزيون عام 1960، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حضر صلاح السعدني في الدراما التلفزيونية منذ البدايات مع المخرج الكبير نور الدمرداش الذي يُعدّ أهم وأول مَن رسّخوا للحالة الدرامية»، متوقّفاً عند مسلسل «لا تطفئ الشمس»، من إنتاج عام 1965، الذي شارك فيه السعدني، و«تحولت مصر إلى مساحة كبيرة للعزاء حين مات درامياً خلال أحداثه لفرط تأثُّر الجمهور بدوره».

الراحل مع نجله الفنان أحمد السعدني (صفحة المخرج عمرو عرفة في «إكس»)

ويلفت الشناوي إلى أنّ «الدور الذي أدّاه في (ليالي الحلمية) كان مرشَّحاً لسعيد صالح»، وذكر أنّ «السعدني كان يرتاد الندوات في نقابة الصحافيين حول المسلسل، مرتدياً زيّ (العمدة سليمان غانم) لفرط تشرُّب الشخصية وللنجاح الذي حقّقته. كما كان متأثراً جداً في هذا الدور بشخصية شقيقه الأكبر الكاتب الساخر محمود السعدني».

ويؤكد الناقد المصري أنّ «الدور حقَّق قفزة جماهيرية للسعدني، إلى قفزة أخرى حقّقها في مسلسل (أرابيسك)».

وعن علاقته الشخصية بالفنان الراحل، يردّ: «كانت جيدة جداً حتى انقطاع التواصل لظروفه الخاصة، وكنتُ أقدّر ذلك تماماً».


«لم نطلق من أجل الأطفال»... إليكم العواقب المدمرة على الأبناء

عواقب ضارة يخلفها البقاء في زواج مضطرب أو غير سعيد على الأطفال (رويترز)
عواقب ضارة يخلفها البقاء في زواج مضطرب أو غير سعيد على الأطفال (رويترز)
TT

«لم نطلق من أجل الأطفال»... إليكم العواقب المدمرة على الأبناء

عواقب ضارة يخلفها البقاء في زواج مضطرب أو غير سعيد على الأطفال (رويترز)
عواقب ضارة يخلفها البقاء في زواج مضطرب أو غير سعيد على الأطفال (رويترز)

اتخاذ قرار الطلاق صعب. وغالباً ما يكون اتخاذ القرار بشأن البقاء أو المغادرة أمراً معقداً بسبب وجود الأطفال، حيث يردد بعض المتزوجين: «بقينا معاً من أجل الأطفال».

وأكدت الدكتورة سيلفيا إل ميكوكي إنيارت، وهي أستاذة مشاركة في التواصل بين الأشخاص والعائلة، ومحررة مجلة التواصل العائلي، أن «قرار البقاء أو الطلاق ليس بالمهمة السهلة. الاعتبارات العاطفية والمخاوف المالية والضغوط الاجتماعية أو الثقافية تجعل الضغط على زر الطلاق أمراً صعباً»، لكنها نبهت إلى «العواقب الضارة التي يمكن أن يخلّفها البقاء في زواج مضطرب أو غير سعيد على الأطفال».

وأوضحت أن «البقاء في زواج غير سعيد أو مليء بالصراعات والمشكلات بدلاً من الطلاق له عواقب سلبية طويلة المدى على الأطفال، ويتردد صداها إلى ما هو أبعد من مرحلة الطفولة».

وعددت ميكوكي إنيارت 3 عواقب سلبية للبقاء في زواج غير سعيد بالنسبة للأطفال.

التحالفات

في كثير من الأحيان، لا يستطيع الزوجان إخفاء ازدرائهما أحدهما تجاه الآخر عندما يكونان في زواج غير سعيد.

أضف الى ذلك، فإنهما غالباً ما ينظران إلى أطفالهما كحلفاء، ويدخلانهما في الصراع ويوجدان نوعاً من التحالف معهم، وهو ما يشبه: نحن (الأب / الأم والأولاد ضد الأم / الأب).

ونتيجة لذلك، يشعر الأطفال أنهم عالقون بين الوالدين. وتؤدي هذه الديناميكية المختلة إلى الإضرار بالعلاقة بين الوالدين والطفل، بما في ذلك العلاقة مع أحد الوالدين، الذي يجذبهم إلى التحالف.

وعندما يشعر الأطفال بأنهم محاصرون بهذه الطريقة، فإنهم غالباً ما ينسحبون من العلاقة مع الأهل جسدياً وتواصلياً ويشعرون بانخفاض الرضا والقرب منهم.

ووجد الباحثون أن الأطفال الذين يعيشون في الأسر التي تتمتع بزواج سليم، ولكن تعاني من صراعات عالية، غالباً ما يعانون من قدر أكبر من الشعور بالانغلاق.

الوالدية

عندما يعلق الأزواج في زواج غير سعيد، فقد يدفعون الأطفال عن غير قصد إلى الوالدية، ويتوقعون أو يطلبون من أطفالهم تولي دور الكبار.

وللتوضيح، الوالدية هي عملية عكس الأدوار حيث يكون الطفل مُلزماً بالتصرف كوالد تجاه والديه أو أشقائه. في الحالات القصوى، يتم استخدام الطفل لملء فراغ حياة الوالدين العاطفية.

وبشكل أكثر تحديداً، تعدّ الوالدية العاطفية سلوكاً مدمراً، إذ قد يقوم الأهل بكشف معلومات غير لائقة لأطفالهم، بما في ذلك الشجار الذي يدور بينهم، أو رغبتهم في الطلاق، أو ازدراء الزوج أو الزوجة.

وقد يطلبون أيضاً الراحة والطمأنينة من أطفالهم بشأن قرارهم بالبقاء في العلاقة، مما يجبر الطفل على التخلي عن احتياجات الرعاية الخاصة به لتلبية احتياجات الوالدين والعمل كزوج أو صديق زائف.

أمثلة ونماذج سيئة لعلاقات صحية

عندما يبقى الزوجان في زواج غير سعيد «من أجل الأطفال»، فإنهما يخلقان عن غير قصد نماذج سيئة لما يجب أن تكون عليه العلاقات أو الزيجات، ما يجعل أطفالهم عرضة للفشل، بما في ذلك البقاء في علاقات غير سعيدة لأن هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور، حسبما تعودوا.

بالإضافة إلى ذلك، قد يفشل الأطفال الذين يشهدون صراع الوالدين أيضاً في تعلم مهارات إدارة الصراع غير المناسبة، ويعتمدون على عادات مدمرة، مثل الانسحاب أو التجنب، حتى في بعض الحالات يتعلمون سلوكيات عنيفة أو متهورة.

يمكن أن تكون لنماذج العمل هذه لحلّ النزاعات وضعف التواصل تأثيرات طويلة الأمد، وتؤثر على قدرة الأطفال على التطوير. والأهم من ذلك، الحفاظ على علاقات صحية ومرضية مع الشركاء.


وزير الثقافة السعودي يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان لدى لقائه الوزير جينارو سانجيوليانو (وزارة الثقافة السعودية)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان لدى لقائه الوزير جينارو سانجيوليانو (وزارة الثقافة السعودية)
TT

وزير الثقافة السعودي يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان لدى لقائه الوزير جينارو سانجيوليانو (وزارة الثقافة السعودية)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان لدى لقائه الوزير جينارو سانجيوليانو (وزارة الثقافة السعودية)

بحث الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، مع نظيره الإيطالي جينارو سانجيوليانو وقيادات ثقافية تعزيز التعاون والتبادل الثقافي الدولي في ظل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، وذلك خلال زيارته الرسمية لإيطاليا.

وأشاد الوزيران بأهم المبادرات والمشاريع المشتركة خلال عام 2023 بمجالات ثقافية عدة، من أبرزها التراث، والأزياء، والموسيقى، والمتاحف، وفنون العمارة والتصميم، والفنون البصرية. وتناولا المساهمة الفاعلة لوزارة الثقافة السعودية في «بينالي البندقية للفنون» منذ عام 2021.

من جانب آخر، زار الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان الجناح السعودي في «بينالي البندقية 2024» بمنطقة أرسينالي، والذي يُشارك بعملٍ للفنانة منال الضويان بعنوان «نطقت الرمال فتحرك الصوت»، يُسلط الضوء على صعود دور المرأة السعودية في المجال العام بالمملكة، ورحلتها المستمرة لإعادة تعريف كلٍّ من الفضاء المادي الذي تعيش فيه، والسرديات التي حدّدت هذا الدور تاريخياً، وذلك من خلال مجسّمات وأصوات وقصاصات تُترجم هذا الصعود والتطور الذي أصبحت تعيشه.

وتتولى «هيئة الفنون البصرية» هذا العام الإشراف على الجناح السعودي المشارك في البينالي المستمر حتى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وصناعة محتواه الإبداعي بما يُحقق مستهدفات التبادل الثقافي الدولي باعتباره هدفاً استراتيجياً تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

إلى ذلك، تفقد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان معرض «رحلات في فن الأرض، نحو وادي الفن، العلا» الذي تُنظّمُه الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتعاون مع الوزارة خلال الفترة بين 16 و30 أبريل (نيسان) الحالي بمبنى الأبازييا في البندقية، حيث يُعرّف بالوادي، أحد أهم الأصول الثقافية بالعلا، ويركز على فن الأرض، في موقعٍ يمتد على مساحة 65 كيلومتراً مربعاً.

ويشمل المعرض سلسلة صور، وعروض فيديو لخمسة مواقع مُعلَن عنها في الوادي، للفنانين: منال الضويان، وأجنيس دينيس، ومايكل هايزر، وأحمد ماطر، وجيمس توريل. ويُناقش على مدى أيامه ما يخص فن الأرض، والفن في المساحات العامة وتجربة الزائر، وتنظيم المتاحف وعلم الآثار؛ لتقديم وجهات نظر متنوعة.


كيف يزيد الذكاء الاصطناعي إنتاج المحاصيل الزراعية؟

التكنولوجيا تُحلّق بالبشرية بعيداً (جامعة أستون)
التكنولوجيا تُحلّق بالبشرية بعيداً (جامعة أستون)
TT

كيف يزيد الذكاء الاصطناعي إنتاج المحاصيل الزراعية؟

التكنولوجيا تُحلّق بالبشرية بعيداً (جامعة أستون)
التكنولوجيا تُحلّق بالبشرية بعيداً (جامعة أستون)

يعكف باحثون من «جامعة أستون» في بريطانيا على استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة على زيادة المحاصيل المختلفة المزروعة في غانا. وأوضحوا أنهم طوّروا أنظمة تعمل بهذا الذكاء لمراقبة نموّها.

ونظراً لمناخها، يتعيّن على غانا استيراد الفاكهة والخضراوات بكميات كبيرة سنوياً. وتحالفت الجامعة مع شركة «تروبيكال غرويرز» في غانا، المتخصّصة في «الزراعة المائية»، لتطبيق نظام يعتمد على استخدام الماء بشكل أساسي في زراعة النباتات بدلاً من التربة.

بالإضافة إلى توفير كميات أقلّ من الماء، تتيح هذه التقنية إنتاجية أكبر للمحاصيل، مقارنةً بالزراعة التقليدية في غانا، مثل الخضراوات والفاكهة.

وتحرص الشركة على توعية المزارعين في غانا بفوائد «الزراعة المائية»، مما سيسهم في تقليل الحاجة إلى استيراد كميات كبيرة من الفاكهة والخضراوات سنوياً.

ويهدف برنامج «نقل المعرفة» في بريطانيا إلى تعزيز تنافسية الشركات وإنتاجيتها من خلال استخدام متقدّم للمعرفة والتكنولوجيا والمهارات.

وتحتاج «تروبيكال غرويرز» حالياً إلى منصة رقمية لمراقبة صحة النباتات لضمان زراعتها في بيئة مثالية، وفق الباحثين. لذا تعمل «جامعة أستون» على تطوير نظام متكامل للتبريد بالتبخير يستخدم الذكاء الاصطناعي لضبط درجات الحرارة والرطوبة بدقة.

ومن المقرّر دعم النظام بأجهزة مراقبة بيئية، مثل الكاميرات، ومحطات الطقس الصغيرة، وسيجمع البيانات ويحلّلها بشكل مستمر. وسيُشغَّل بالطاقة الشمسية، مما يُسهم في تقليل التكاليف والاعتماد على مصادر الطاقة المتجدّدة.

إلى ذلك، سيُطوَّر تطبيق هاتفي لتقدير حاجات المحاصيل من المياه والمغذّيات، والتنبؤ بالإنتاجية، مما يساعد على تحسين كفاءة الزراعة المائية وزيادة الإنتاجية.

وقال الباحث الرئيسي للمشروع د.محمد عمران: «مشروعنا المبتكر في مجال الزراعة المائية، يستعين بتكنولوجيا متقدّمة لمراقبة الظروف البيئية لزراعة المحاصيل في بيئة مائية والتحكم بها».

وأضاف عبر موقع الجامعة: «إحدى الفوائد الرئيسية لهذا النظام هي القدرة على خفض درجات الحرارة بشكل دقيق، مما يوفّر ظروفاً مناسبة لنمو النباتات، حتى في البيئات ذات الحرارة المرتفعة»، موضحاً أنّ «المشروع يهدف إلى تحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية، مما يلبّي الطلب المتصاعد على محاصيل مثل الكرفس والفراولة، كما يسعى إلى توفير فرص عمل وزيادة دخل المزارعين، وتقليل الاعتماد على الواردات».

وأشار إلى أنّ القدرة على خفض الحرارة ببضع درجات فقط، يمكن أن تُحدِث فارقاً كبيراً في إنتاجية المحاصيل وأنواع النباتات المزروعة، مضيفاً: «على سبيل المثال، كان من المستحيل زراعة الكرفس والفراولة في الظروف الحرارية القاسية».

وبفضل النظام الجديد، وفق الباحث الرئيسي، «من المتوقَّع أن تتمكن المحاصيل من الازدهار بشكل أفضل وتلبية الطلب المتنامي عليها، كما سيتمكن المزارعون في المناطق الاستوائية من ترقُّب إنتاجيتهم بشكل أفضل، مما يزيد الكفاءة ويضمن توفير المحصول للعملاء بشكل مستمر».


«طرابلس جوهرة على المتوسط»... احتفالية مهرجان «باف» بعاصمة الشمال اللبناني

الندوات تتمهّل أمام «معرض رشيد كرامي» (صور المهرجان)
الندوات تتمهّل أمام «معرض رشيد كرامي» (صور المهرجان)
TT

«طرابلس جوهرة على المتوسط»... احتفالية مهرجان «باف» بعاصمة الشمال اللبناني

الندوات تتمهّل أمام «معرض رشيد كرامي» (صور المهرجان)
الندوات تتمهّل أمام «معرض رشيد كرامي» (صور المهرجان)

يرفض مهرجان «بيروت للأفلام السينمائية» (باف) مقولة «البُعد جفاء»، ويترجم ذلك في سلسلة لقاءات ينظّمها بعنوان «طرابلس جوهرة على المتوسط»، فيُقرّب المسافات بين مدينة الفيحاء وأهالي العاصمة اللبنانية. وفي هذا السياق، تقول رئيسته أليس مغبغب لـ«الشرق الأوسط»: «لبنانيون كثر لا يعرفون هذه المدينة الرائعة. ورغم أنها تبعد عن العاصمة 90 دقيقة فقط، يكتفون بمتابعة أخبارها من بعيد، خصوصاً لأنها بمعظمها تدور حول الفقر والأحداث الأمنية. يرغب (باف) في تغيير هذه الصورة النمطية. فطرابلس الفيحاء صُنِّفت مؤخراً عاصمة للثقافة العربية. وانطلاقاً من دورها الريادي تاريخياً في المجال الثقافي، ننظّم هذه الاحتفالية».

لقاءاتٌ تُقام في حرمَي الجامعتين «الأميركية» و«اليسوعية» ببيروت تحتضن نشاطات الاحتفالية. من خلالها، يطلّ متخصّصون من مختلف المجالات على سمات مدينة يصفها كثيرون بـ«المتحف الطبيعي»، فيتحدّثون ضمن ندوات عن تراثها، ومجتمعها، وطبيعتها، ومعالمها الشهيرة، كما يتناولون عمارتها الهندسية التي شهدت تطوّراً أيام الانتداب الفرنسي.

«على الشاشة الكبيرة»... ندوة عن تاريخ السينما في طرابلس (صور المهرجان)

انطلقت الاحتفالية بطرابلس في منتصف أبريل (نيسان) الحالي، وتستمر حتى 3 يونيو (حزيران) المقبل. وعلى مدى 9 أسابيع، ستُعقد هذه النقاشات واللقاءات. تعلّق مغبغب: «تستحقّ طرابلس منا كل هذا الاهتمام، لذا نحاول نشر ثرائها الثقافي، والفني، والأدبي، والمعماري، على أوسع نطاق. كنا نرغب في إقامة هذه الندوات أسبوعياً في مدن لبنانية، فنتّجه بها نحو الجنوب، وعكار، والبقاع، وغيرها. ولكن شاءت الظروف الأمنية تجميد الخطّة، خصوصاً بسبب حرب غزة وانعكاساتها».

نحو 35 شخصاً يشاركون في هذه اللقاءات، بينهم مَن تُشكّل طرابلس مسقطهم. توضح مغبغب: «استعنّا بمصباح رجب الذي يحفظ ذاكرة مدينته بتفاصيلها. وكذلك بمهى كيال التي ستحدّثنا عن كنز مجهول في طرابلس يكمن في عمارتها التراثية».

ومن النشاطات، فعالية خاصة بتاريخ السينما الطرابلسية. وتحت عنوان «طرابلس الشاشة الكبيرة»، سيروي مخرجان سيرتها الشهيرة في هذا المجال. تشرح مغبغب: «هذا اللقاء سيُقام في 27 مايو (أيار)، ويشارك فيه المخرجان كارلوس شاهين وهادي زكاك الذي أصدر كتاباً قبل نحو 3 سنوات يتناول تاريخ صالات السينما في المدينة، كما وقَّع فيلم (سينما) الذي سيعرضه المهرجان بنسخته العاشرة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. أما شاهين، فهو ابن طرابلس المعروف بأفلامه اللبنانية. وفي هذه الحلقة الحوارية، سيُعرَض فيلمان قصيران (30 دقيقة) لكل من زكاك وفيروز سرحال، يتناولان المدينة التاريخية، دعينا مدير مهرجان طرابلس للأفلام إلياس خلاط لحضورها».

«طرابلس جوهرة على المتوسط»... الاحتفاء بعاصمة الثقافة العربية (صور المهرجان)

وفي 29 أبريل، يقدّم المهرجان ندوةً بعنوان «مقامات طرابلسية». تُكمل مغبغب: «هي ليست حفلة موسيقية، بل إطلالة على فنّ الموسيقى الطرابلسي العريق، تتخلّلها مقاطع موسيقية يشرحها أساتذة الموسيقى نداء أبو مراد، وهياف ياسين، ومحمد جابخنجي».

ومن اللقاءات التي ينتظرها اللبنانيون ضمن احتفالية «طرابلس جوهرة على المتوسط»، مناقشة كتاب «الحب عن بُعد» لأمين معلوف؛ وقد استلهمه من مسرحية أوبرالية لجوفريه وديل تغنّي الحب رغم المسافات. تدور أحداثها في القرن الـ12 بين مقاطعة أكيتين الفرنسية ومدينة طرابلس؛ وتتألّف من 5 فصول، تروي قصة جوفري الذي يلفظ أنفاسه في أحضان الكونتيسة كليمانس المقيمة في طرابلس، فتلوم نفسها على المأساة، وتلتحق بالدير. تظهر في المشهد الأخير مستغرقةً في الصلاة، لكنّ كلامها مبهم، ولا يفهم المرء إن كانت في حالة خشوع أو مناجاة لحبيبها البعيد.

تتحدّث سيسي بابا وزينة صالح كيالي، عن أهمية تناول طرابلس في هذا العمل الأوبرالي، ضمن لقاء يستضيفه مسرح «بيريت» في الجامعة اليسوعية يوم 30 أبريل.

«الحب عن بُعد» كتاب لأمين معلوف استوحاه من مسرحية أوبرالية (صور المهرجان)

يحرص المهرجان على تكريم مَعْلم من معالم طرابلس الشهيرة، هو «معرض رشيد كرامي»، فيجري تناول ماضيه وحاضره والرؤية المستقبلية له. يدير هذه الحلقة الحوارية التي يتخلّلها عرض صور مصباح رجب، ونيقولا خوري، ونيقولا فياض، وشارل كتانة؛ فيُطلعون الحضور على الخطّة المستقبلية للمعرض التي ستُستهل بتجديد أحد أقسامه الرئيسية. يُقام اللقاء في 13 مايو بقاعة «ويست هول» في الجامعة الأميركية.

وتختتم الاحتفالية فعالياتها في أسبوعها التاسع بندوة عنوانها «4 نساء من أجل طرابلس»، في 3 يونيو، بمشاركة 4 ناشطات في المدينة، هنّ سارة الشريف، وليا بارودي، ولمياء كركور، وأنستازيا الروس، فيزوّدن الحضور بتجاربهن النابعة من حبّهن لها. فجميعهن يُقمن مشاريع تنموية لتقديم غد أفضل لشبابها وأهلها، ويعملن كذلك على تأمين فرص العمل والمساعدات التي يحتاجها أبناء الفيحاء.