نهر الغدير يفيض بالنفايات مع «أول الغيث» في لبنان

بعض ما حملته مياه نهر الغدير في ضاحية بيروت
بعض ما حملته مياه نهر الغدير في ضاحية بيروت
TT
20

نهر الغدير يفيض بالنفايات مع «أول الغيث» في لبنان

بعض ما حملته مياه نهر الغدير في ضاحية بيروت
بعض ما حملته مياه نهر الغدير في ضاحية بيروت

في لبنان مثل شعبي يقول: "أيلول طرفه بالشتي مبلول"، ومعناه أن شهر سبتمبر (أيلول) غالباً ما يحمل معه يوماً أو أكثر من المطر الذي يكون غزيراً في بعض السنوات.
سبتمبر 2018 لم يخيّب آمال منتظري أول الغيث، خصوصاً الخائفين على ما تبقى من أحراج وغطاء أخضر مع اقتراب "موسم الحرائق" الذي يحلً في أواخر الشهر الجاري وأوائل أكتوبر (تشرين الأول)، بعد صيف طويل وجاف، وإهمال للأحراج المزروعة في أماكن كثيرة بنفايات من كل الأنواع تشكل أعواد ثقاب قابلة للاشتعال في أي لحظة.
بدأت الغيوم ترمي زخّات المطر صباح أمس (الأحد)، فاستبشر الناس خيراً. لكن مع مرور الساعات وتواصل الهطول الغزير في بعض المناطق، تحوّلت النعمة إلى نقمة. فسرعان ما تحولت الطرق إلى بحيرات، والتلال إلى منصات لشلالات من الوحول، وبعض مجاري المياه إلى نواقل للنفايات المرمية فيها أيام خلوّها من الماء...
من هذه المجاري نهر الغدير الذي ينزل متعرجاً من تلال بلدة الشويفات جنوب بيروت ليصبّ في البحر الأبيض المتوسط ، ويمتد أكثر من 5 كيلومترات تتعرض فيها مياهه لشتى أنواع "الهجمات"، فالمعامل والمنازل والمتاجر ترمي مخلفاتها فيه بلا حسيب أو رقيب، بحيث تحوّل على مر السنوات من مصدر للريّ إلى مضرب مثل في التلوث.
ومن المشكلات التي تعرّض لها النهر أنه يمر في "حي السلّم"، المنطقة التي نمت عشوائياً خلال الحرب الأهلية، علماً أنها تتوزّع إداريا وجغرافيا بين ثلاث بلديات، الأمر الذي يعقّد أي عملية تنسيق في اتجاه التنمية أو معالجة مشكلة طارئة.
لم يفاجأ اللبنانيون بالمطر، لكنْ كالعادة فوجئت به الجهات الرسمية، وهي وزارة الأشغال العامة المشغولة جداً بمشكلة الازدحام الخانق في المطار، والبلديات التي "تنسى" كل سنة الاستعداد لأول هطول للأمطار، فتبقى المصارف والمجاري والمسارب مسدودة بالقاذورات، وبالتالي تفيض المياه على الطرق والساحات وتدخل المنازل والمتاجر بلا استئذان...
أهل "حيّ السلّم" بدورهم لم يفاجأوا بنهر الغدير يحمل إليهم الأوساخ بعدما غزرت مياهه، بل فوجئوا بحجمها المضاعَف هذه السنة مقارنة بالسنوات السابقة، مما يعني أن معضلة النفايات تتفاقم. وكان الهدير أمس في نهر الغدير مزدوجاً: هدير المياه، وهدير النفايات الصلبة على أنواعها تصطدم بالضفتين، وببعضها، وبكل ما وقف في طريقها، فيذهب بعضها إلى البحر، ويبقى بعضها في مجرى النهر قابعاً في انتظار مزيد من المطر ليواصل الرحلة إلى البحر.
ولا بد من الإشارة إلى أن منطقة الضنية في شمال لبنان اصيبت بـ "نكبة" حقيقية أمس، بعدما فاضت المياه وأغرقت الطرق والأراضي الزراعية والبيوت، وسببت انهيارات طينية هائلة وأضراراً مادية بملايين الدولار.


مقالات ذات صلة

توجّه سعودي لتسجيل 13 موقعاً جيولوجياً في «الشبكة العالمية لليونيسكو»

بيئة جانب من «فوهة النعي» و«عين عنتر» في موقع «سلمى جيوبارك» (المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي)

توجّه سعودي لتسجيل 13 موقعاً جيولوجياً في «الشبكة العالمية لليونيسكو»

أعلنت «اليونيسكو» عن انضمام موقعي «شمال الرياض جيوبارك»، و«سلمى جيوبارك» إلى شبكة «الجيوبارك العالمية لليونيسكو»؛ في خطوة تعزز من دور السعودية

غازي الحارثي (الرياض)
علوم شكل تصوّري للشحن في القطب الشمالي

هل سيؤدي تغير المناخ إلى ازدهار صناعي في القطب الشمالي؟

يتوقع أن يخلو من الجليد خلال فصل الصيف بحلول نهاية العقد الحالي

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق  مركبات PFAS تنتشر في كل مكان لدرجة أنه لا توجد طريقة لتجنبها تمامًا (إ.ب.أ)

بسبب مضارها المحتملة... كيف تقلّل من تعرضك لـ«المواد الكيميائية الدائمة»؟

يستخدم المصنّعون «PFAS» وهي فئة تضم نحو 15 ألف مادة كيميائية على نطاق واسع في منتجاتهم لخصائصها المقاومة للالتصاق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم حيّ باريسي بيئي قد يكون نموذجاً لمدن أفضل

حيّ باريسي بيئي قد يكون نموذجاً لمدن أفضل

العمارة ذات الدرج الواحد... مفهوم متقدم للتخطيط المعماري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق حملات مصرية لزراعة الأشجار في المدارس والجامعات (حملة «شجّرها» على «فيسبوك»)

حملات مصرية لزراعة الأشجار احتفالاً بـ«يوم الأرض» 

تحت عنوان «قوتنا كوكبنا» تشارك مصر في فعاليات «يوم الأرض» الذي يحتفل به العالم يوم 22 أبريل (نيسان) من كل عام، وفق منظمة «اليونيسكو»، بإطلاق حملات للتشجير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

القمع الحوثي يزداد ضراوة بالتوازي مع تصاعد الحملة الأميركية

زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)
زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)
TT
20

القمع الحوثي يزداد ضراوة بالتوازي مع تصاعد الحملة الأميركية

زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)
زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)

فيما اعترف زعيم الجماعة الحوثية في اليمن بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري خلال 6 أسابيع من الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كثفت الجماعة من أعمال القمع ضد السكان بتهم التخابر مع واشنطن لا سيما في صنعاء وصعدة والحديدة، وفق ما وثقته تقارير حقوقية يمنية.

وفي حين اعترف مسؤولون أميركيون بإسقاط الجماعة سبع مسيّرات خلال ستة أسابيع تبلغ قيمتها نحو 200 مليون دولار، تواصلت الحملة الجوية في ختام أسبوعها السادس مستهدفة مواقع مفترضة للجماعة المدعومة من إيران في صنعاء وعمران والحديدة ومأرب.

وكان ترمب أمر ببدء حملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في 15 مارس (آذار) وتوعدهم بـ«القوة المميتة» في سياق سعيه لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وبحسب إعلام الجماعة، استهدفت الضربات ليل الخميس - فجر الجمعة، محافظات الحديدة وصنعاء ومأرب وعمران، دون التطرق إلى حجم الخسائر العسكرية، على مستوى العتاد والعناصر، ضمن سياسة التعتيم التي تنتهجها الجماعة للحفاظ على معنويات أتباعها.

مقاتلة تقلع من حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وذكر الإعلام الحوثي أن سلسلة غارات لم يذكر عددها ضربت جزيرة كمران، في حين استهدفت غارة واحدة مديرية الصليف التابعة لمحافظة الحديدة.

كما استهدفت غارتان مديرية بني حشيش شرقي صنعاء وغارات أخرى مواقع في مديريتي مناخة والحميمة الداخلية في الريف الغربي صنعاء؛ إذ يعتقد أنها دمرت شبكات اتصال وغرف قيادة وسيطرة ومستودعات أسلحة.

وامتدت الضربات إلى مديرية حرف سفيان في محافظة عمران (شمال صنعاء) وصولاً إلى اعتراف الجماعة بتلقي أربع غارات في مديرية مدغل شمالي غرب مأرب، حيث يرجح أنها استهدفت ثكنات وقدرات عسكرية.

1200 ضربة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، أقر بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري، زاعماً أنها لم تؤثر على قدرات جماعته العسكرية.

وتدعي الجماعة أنها مستعدة لمواجهة «طويلة الأمد» مع واشنطن، فيما يرجح مراقبون يمنيون أنها تعرضت لخسائر كبيرة على صعيد العتاد والعناصر خلال الأسابيع الستة الماضية، بما في ذلك خطوطها الأمامية مع القوات الحكومية في مأرب والحديدة والجوف.

دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)

وكانت أشد الضربات قسوة هي التي دمرت قبل أكثر من أسبوع ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة، ضمن سعي واشنطن لتجفيف موارد الجماعة من استيراد الوقود وبيعه في مناطق سيطرتها.

وتحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 215 شخصاً وإصابة أكثر من 400 آخرين من المدنيين منذ منتصف مارس الماضي، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساء وأطفالاً، فيما لم يتم التحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.

وكانت الجماعة تلقت نحو ألف غارة وضربة جوية في عهد الرئيس جو بايدن بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024، و20 يناير 2025، قبل أن تتوقف على إثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».

وفي حين تصدر الجماعة بيانات شبه يومية تزعم فيها مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي، أطلقت 14 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون التسبب في أي إصابات مؤثرة، إلى جانب تبني إطلاق عدد المسيرات خلال المدة نفسها.

مسيرة أميركية ادعى الحوثيون إسقاطها العام الماضي (إعلام حوثي)
مسيرة أميركية ادعى الحوثيون إسقاطها العام الماضي (إعلام حوثي)

وإلى ذلك، أسقط الحوثيون سبع طائرات مسيّرة أميركية من طراز «ريبر»، بقيمة تتجاوز 200 مليون دولار، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين عسكريين أميركيين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.

وأشار المسؤولون إلى أن ثلاثاً من هذه الطائرات تم إسقاطها خلال أسبوع واحد، في تطور لافت لقدرات الحوثيين في التعامل مع المسيرات، التي كانت تنفذ طلعات هجومية ومهام مراقبة فوق الأراضي اليمنية.

تصاعد الانتهاكات

في ظل تصاعد الحملة الأميركية، كثفت الجماعة من أعمال القمع ضد المدنيين في مناطق سيطرتها بتهمة العمل لصالح الجيش الأميركي.

وبحسب تقرير للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، داهمت الجماعة 532 منزلاً ومحلاً تجارياً في محافظات صعدة، وصنعاء، والحديدة، وإب، وذمار، واعتقلت واختطفت نحو 212 شخصاً خلال 20 يوماً.

عنصر حوثي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وأوضحت الشبكة الحقوقية أنه منذ مطلع أبريل (نيسان) وحتى العشرين من الشهر ذاته، شن الحوثيون حملة مداهمات واسعة طالت منازل المواطنين والبسطات والمحلات التجارية في عدد من المحافظات اليمنية بتهم التخابر وإرسال إحداثيات مواقعها للجيش الأميركي.

وأكدت الشبكة تلقي بلاغات من مناطق سيطرة الحوثيين، أفادت بمصادرة الأجهزة التي تصدر إشارات، وبحظر استخدام بعض التطبيقات الذكية، وسحب كاميرات المراقبة من الشوارع، إضافة إلى العودة لاستخدام أجهزة اتصالات قديمة حصلت عليها الجماعة من إيران عام 2014، وذلك خوفاً من تكرار سيناريو «البيجر» في لبنان.

وكثفت الجماعة - بحسب التقرير - من مراقبة الاتصالات والتجسس على قيادات قبلية وسياسية، بما في ذلك المتحالفة معها، خشية من الانشقاقات أو تسريب المعلومات للخصوم. كما فرضت رقابة مشددة على القيادات المجتمعية، وبدأت باستفزاز قبائل غير موالية، خصوصاً في البيضاء ومحيط صنعاء، بهدف إيجاد ذرائع للهجوم عليها لاحقاً.

الجماعة الحوثية متهمة بشن حملة اعتقالات واسعة بذريعة ملاحقة المتعاونين مع الجيش الأميركي (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية متهمة بشن حملة اعتقالات واسعة بذريعة ملاحقة المتعاونين مع الجيش الأميركي (إ.ب.أ)

واتهم التقرير الحقوقي الحوثيين بنقل عدد من المختطفين والسجناء إلى أماكن تستخدم لتخزين الأسلحة، في محاولة لاستخدامهم دروعاً بشرية، وهي - بحسب الشبكة - «جريمة إنسانية لا تسقط بالتقادم، وتعكس مدى الرعب والارتباك الذي تعيشه الجماعة مع قرب نهاية مشروعها».

وحمّلت الشبكة الحقوقية الحوثيين، المسؤولية القانونية والأخلاقية إزاء ما يتعرض له المختطفون من تعذيب واستخدامهم دروعاً بشرية، داعية إلى اتخاذ إجراءات فورية وجادة لحماية اليمنيين من إرهاب الجماعة.

ويربط الحوثيون توقف هجماتهم بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، في حين لا يوجد سقف زمني واضح حتى الآن لنهاية حملة ترمب، وسط تكهنات لا تستبعد دعم واشنطن حملة برية تقودها القوات الحكومية اليمنية لإنهاء نفوذ الجماعة العسكري.