إعلاميو ليبيا يدفعون ثمن الفوضى

صحافة عمرها 150 عاماً تتعرض لـ«التغييب القسري»

مقر إذاعة شباب بنغازي («الشرق الأوسط»)
مقر إذاعة شباب بنغازي («الشرق الأوسط»)
TT

إعلاميو ليبيا يدفعون ثمن الفوضى

مقر إذاعة شباب بنغازي («الشرق الأوسط»)
مقر إذاعة شباب بنغازي («الشرق الأوسط»)

يدفع إعلاميو ليبيا ثمن الفوضى التي تضرب بلادهم منذ 2011، وتعرضت تجربة العمل الصحافي البالغ عمرها في هذا البلد نحو 150 عاماً، للتغييب القسري. فبعد رحيل نظام معمر القذافي، ظهر المئات من الشبان المتحمسين لخوض مرحلة إعلامية جديدة، وطي صفحة «البوق الواحد» في الإعلام التي اتسم بها العهد السابق، لكن، ومنذ عام 2012، تعرضت وسائل الإعلام الجديدة لموجة كراهية أدت إلى تشريد عشرات الصحافيين، ما بين القتل والاختفاء والهجرة للخارج.
ولم يتوقف البحث عن المدون الليبي عبد المعز بانون، في عموم البلاد. واختفى بشكل مفاجئ في العاصمة طرابلس قبل نحو عامين، ليوضع اسمه مع قائمة طويلة من أسماء إعلاميين تم قتلهم أو تغييبهم قسراً منذ اندلاع الانتفاضة المسلحة قبل نحو سبع سنوات.
يقول الإعلامي فرج غزالي، الذي يعمل في قناة «ليبيا اليوم»، وهي من قنوات القطاع الخاص: «لم يعد في الإمكان العمل من داخل البلاد. هذا أمر أصبح محفوفاً بالمخاطر. تعرض كثير من أصدقائي وزملائي إما للقتل وإما للاختطاف. هناك زملاء نبحث عنهم منذ سنوات دون أن نعرف إلى أين انتهى مصيرهم، ومن هؤلاء يوسف الدعيكي، وعبد المعز بانون».
والدعيكي مفقود، مع عشرات الإعلاميين الآخرين منذ 2011. وكان في السابق يعمل في إذاعة مدينة «بني وليد» المحلية. وتقع المدينة قرب طرابلس. وظلت إذاعتها، مع إذاعة مدينة «سرت» المجاورة لها، تواصلان البث وتذيعان مواد إعلامية رافضة لتدخل حلف الناتو في ليبيا.
قلبت أحداث ما يعرف بـ«الربيع العربي»، كل شيء رأساً على عقب. في البداية كان الشبان الليبيون يتطلعون إلى مرحلة إعلامية جديدة. فمع بداية عام 2012 جرى إصلاح ماكينات طباعة الصحف واستيراد أخرى، وانتشار صحف «التابلويد»، مع إعادة تشغيل الإذاعات المسموعة والمرئية، وتحديث الاستوديوهات، وخوض دورات تدريبية، والعمل بحرية أكبر، بيد أن هذا كله انتهى مع توغل الميليشيات وسيطرتها على مقاليد الدولة.
ثم دخلت على المشهد مجاميع متطرفة أكثر دموية، منذ عام 2014، مثل تنظيم «داعش»، ليتحول الإعلاميون، سواء من الليبيين أو الأجانب، لهدف مستباح من الجميع، ما أقلق المجتمع المحلي والدولي. وأصدر «المركز الليبي لحرية الصحافة»، و«منظمة مراسلون بلا حدود»، صفارة إنذار مشتركة ضد تصاعد الانتهاكات بحق الصحافيين.
حتى بالنسبة إلى الإذاعات المحلية الكثيرة المنتشرة في المدن الليبية، اكتفت بالاهتمام بالشأن المحلي، ومحاولة عدم المساس بخطوط معينة، خصوصاً في غرب البلاد، حيث تقع السلطة الفعلية في يد المسلحين. ويوضح الإعلامي الليبي، عبد العزيز الرواف: «نستطيع أن نقول، بكل ووضح، إن ليبيا حالياً من دون صحافة سواء رسمية أو خاصة».
ويقدر الغزالي عدد الإعلاميين الليبيين المشهورين، ممن اختاروا العمل انطلاقاً من قنوات ليبية لها مكاتب في القاهرة، بين 30 و40 صحافياً وإعلامياً. إلا أن المركز الليبي لحرية الصحافة يقول إن عدد الصحافيين الذين اختاروا الفرار من جحيم الاعتداءات، إلى المنافي، يصل إلى نحو 83 حالة منذ سنة 2014.
ويبدو أن أمل العودة للعمل من داخل ليبيا ما زال بعيداً، فقد قامت مجموعة من الإعلاميين الليبيين بتأسيس رابطة لهم في مصر الأسبوع الماضي، بهدف توحيد الجهود لوضع خطط ورؤى إعلامية وإنشاء آليات ووسائل تقنية تشكّل قاعدة بيانات انسيابية بين الإعلاميين. كما نقل إعلاميون آخرون عائلاتهم إلى مقرات أعمالهم الجديدة في المنافي.
وتستطيع اليوم أن تتأسى لحال الصحافة والإعلام في ليبيا، فقد مرّت التجربة طوال قرن ونصف القرن بعدة محطات ناجحة، أعقبتها انتكاسات كبيرة. ويقول الإعلامي الليبي عبد العزيز الرواف: «من يريد أن يتحدث عن الصحافة في ليبيا، يجب أن يتطرق إلى أكثر من فترة». ويضيف أن «الفترة الأولى كانت مع بداية ظهور الصحافة في ليبيا، وهي تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما كانت ليبيا ولاية عثمانية. وشهدت هذه الفترة صدور صحيفة (طرابلس الغرب) عام 1866، وصحيفة (الترقي) عام 1897».
أما الفترة الثانية، فبدأت مع الاستعمار الإيطالي لليبيا، حيث ظهرت وقتذاك صحف حاولت أن تدعم جهود الليبيين في التخلص من الاستعمار، منها مجلة «ليبيا المصورة» عام 1935. أما الفترة الثالثة فهي مرحلة الاستقرار والنهضة الإعلامية للصحافة الليبية. واستمرت هذه الفترة نحو 17 عاماً من حكم الملك إدريس السنوسي. ويقول الرواف: «في فترة حكم الملك هذه، غاب مقص الرقيب بشكل كبير، وجرى إطلاق العنان لحرية الفكر والإبداع، حيث وصل عدد المطبوعات الليبية في تلك السنوات إلى أكثر من 35 صحيفة ومجلة يومية وأسبوعية».
وبعد ذلك جاء حكم القذافي في سنة 1969. ويصف الرواف هذه الفترة بأنها فترة كساد للصحافة الليبية، فلم توجد بها أي صحيفة خاصة، بل كلها مملوكة للدولة ومؤدلجة بالفكر السياسي، ومؤيدة لنمط الحكم على طول الخط، ولم تعد توجد على الساحة سوى بضعة صحف فقيرة المحتوى... ومع هذا نذكر أنه بداية من عام 2007 ظهرت محاولات مع تيار ليبيا الغد لنشر صحف ومطبوعات تتمتع بهامش ما للحرية، غير أنها سرعان ما اختفت من ساحة الإعلام الليبي.
وفي ما يتعلق بمرحلة ما بعد 2011، يوضح الرواف قائلاً: «نستطيع أن نقول إنه حدثت فيها طفرة مطبوعات وإذاعات وقنوات خاصة ملأت الفضاء الليبي، حتى إن الصحف وصلت إلى 100 صحيفة يومية وأسبوعية، غير أن هذه الطفرة بدأت في التلاشي منذ عام 2013، حين بدأت قبضة الإرهاب بالتغول في المشهد الليبي، واختفت كل هذه الصحف والمطبوعات، ولجأت قلة من الصحافيين إلى النشر الإلكتروني من خلال مواقع إخبارية ليبية، أغلبها من خارج ليبيا».
ومن بين الصحف الورقية اليومية التي كانت تصدر في عهد القذافي: «الزحف الأخضر»، و«الشمس» و«الجماهيرية»... وجرى بعد 2011 استخدام المطابع والبنية التحتية لكل هذه الصحف في استحداث تجارب جديدة، لكنّ هذا لم يستمر. ويقول الغزالي: «لم يعد في الإمكان إصدار صحف ورقية من داخل ليبيا. يتم التنكيل بك والقبض عليك فوراً. الصحافي مطارد أكثر من أي أحد آخر. حتى بالنسبة إلى من تحولوا للتدوين على مواقع الإنترنت... إذا كتبت باسمك الحقيقي أي انتقادات يتم القبض عليك أو تغييبك. أي شخص يهاجم الميليشيات ضروري يتم اعتقاله أو تغييبه».
وتراجعت ليبيا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2018 إلى المركز 162 من أصل 180 بلداً، وفقاً لما ذكره «المركز الليبي لحرية الصحافة»، قائلاً أيضاً إنه جرى تسجيل 46 اعتداءً جسيماً بحق الصحافيين في 2017 في 16 مدينة، وهو «رقم يمثل جزءاً قليلاً من الاعتداءات والجرائم التي يعيشها الصحافيون بشكل يومي». ويضيف أن حوادث العنف ضد الصحافيين تتم بدوافع سياسية في أغلبها، بالإضافة إلى فرض القيود على الوصول للمعلومات والضغوط المتزايدة في غرف الأخبار.
- أبرز القنوات التلفزيونية الليبية
تمتلك حكومة الوفاق المدعومة دولياً، قناتين تلفزيونيتين، هما «الوطنية» و«الرسمية»، ولهما مكاتب في غرب ليبيا.
وهناك قناة «النبأ» المملوكة لقيادي في الجماعة الليبية المقاتلة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى قناة «التناصح» التي تتبع دار الإفتاء الليبية، ومتهمة ببث خطاب يدعو للكراهية والعنف.
وتبث كل من «النبأ» و«التناصح» من خارج ليبيا، مثلهما مثل قنوات «ليبيا 24»، و«ليبيا الأحرار»، و«الوطن»، و«قناة 218» العادية، و«218 نيوز»، و«قناة ليبيا روحها الوطن». وكلها تتبع القطاع الخاص.
أما في شرق ليبيا، حيث توجد مقرات للحكومة المؤقتة المنافسة لحكومة الوفاق، فتوجد قناتان، واحدة موالية للجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر، وتحمل اسم «ليبيا الحدث»، وتبث من بنغازي، وأخرى تتلقى الدعم من الحكومة المؤقتة بمدينة البيضاء، اسمها «قناة ليبيا»، لكنها ضعيفة، لأسباب تتعلق بالموارد المالية. وثالثة تحمل اسم «المستقبل» موالية للبرلمان الذي يعقد جلساته في بلدة طبرق. ومن الطريف أن قناة الدولة الرسمية في عهد القذافي، المعروفة باسم «الجماهيرية»، ما زالت تعمل، لكن من خارج ليبيا، وتبث برامج وأخباراً ودعاية مؤيدة للنظام السابق.
وعلى العموم ظهر منذ عام 2011 العديد من المسميات الإعلامية واختفت، لأسباب سياسية أو مالية. فإحدى أشهر القنوات التي كانت تبث من مدينة بني وليد، في الفترة من 2012 إلى 2015، ومؤيدة للنظام السابق، من داخل ليبيا، أغلقت أبوابها بعد أن عجزت عن سداد رواتب العاملين فيها. بينما تعرضت قنوات أخرى في طرابلس للضرب بالقذائف الصاروخية، بسبب معارضتها لحكم الميليشيات.
إذاعة «سرت»...
- من القذافي إلى «داعش»
في أيامه الأخيرة اعتمد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي على إذاعة «سرت» المحلية في إدارة المعركة، قبل أن يتعرض موكبه للقصف. وتوجد تسجيلات نادرة في أرشيف تابع لأنصار الرئيس الليبي السابق، يظهر فيها صوته وهو يوجه نداءات لمقاتلين موالين له يتمركزون حول مقر إقامته في المدينة.
وفي أحد التسجيلات كان يحث المقاتلين على عدم هدر الذخيرة، للصمود أطول فترة ممكنة أمام الحصار الذي ضربه من حوله المنتفضون المسلحون المدعومون من الناتو.
ومن المواقف المثيرة للانتباه أن إذاعة «سرت» على سبيل المثال ورثها، لبعض الوقت، تنظيم «داعش» حين احتل المدينة في عامي 2015 و2016. وحوّلها إلى منبر دعائي لمنظّريه القادمين من مكتب زعيم التنظيم بالعراق أبو بكر البغدادي. وكان من ضيوف الإذاعة الدائمين، تركي البنعلي، القاضي الشرعي العام لدى «داعش».



ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
TT

ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)

بعد أكثر من 3 سنوات على استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، تزداد المؤشرات على تراجع المنصة من حيث «التأثير والتفاعل»، بحسب ما يقول مختصون، بالتوازي مع تجدُّد الحديث بشأن سياساتها التحريرية، وعلاقة المنصة بطموحات مالكها السياسية، وتحوُّل المعلنين عنها.

ويرى مختصون أن ما يجري على «إكس» لم يعد مجرد تغييرات تقنية أو تجارية، بل هو «انعكاس مباشر لرؤية ماسك الآيديولوجية، وطريقة توظيفه المنصة في مشروع نفوذ سياسي أوسع». ويقولون: «إن وجود علاقة مباشرة بين طموحات ماسك السياسية وسياساته التحريرية الجديدة أخرج المنصة عن مسارها».

شعار منصة "إكس" فوق أحد مقراتها في سان فرانسيسكو (رويترز)

وأشارت بيانات حديثة عدة إلى تراجع التفاعل على منصة «إكس» خلال الأعوام الأخيرة، وجاء من أبرزها تحليل إحصائي نشره موقع «بروكسيدايز (Proxidize)» في أكتوبر الماضي، تحدَّث عن تراجع معدلات التفاعل على المنصة بنحو 48.3 في المائة خلال عام واحد فقط، إذ انخفض معدل التفاعل المتوسط لكل تغريدة من 0.029 في المائة في 2024 إلى 0.015 في المائة في 2025.

كما قلصت العلامات التجارية وتيرة النشر بنحو ثُلث المحتوى تقريباً، مع انخفاض متوسط عدد التغريدات الأسبوعية من 3.31 إلى 2.16 تغريدة للحسابات التجارية. وتشير بيانات أخرى إلى تراجع متوسط زمن الاستخدام اليومي من أكثر من 30 دقيقة إلى نحو 11 دقيقة فقط، بما يعكس تغيراً في سلوك المُستخدمين، لا سيما مع صعود المنصات المُعتمِدة على الفيديو القصير.

تقارير تحدثت عن تراجع معدلات التفاعل على منصة "إكس" (رويترز)

الباحث المتخصص في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي التوليدي، الدكتور فادي عمروش، أكد «فرضية تراجع المتابعات على المنصة النقاشية الأبرز»، ودلَّل على ذلك بالإشارة إلى «تراجع التفاعل على منصة (إكس) مقارنة بسنوات ما قبل 2022»، لافتاً إلى أن بيانات «سيميلر ويب (Similarweb)» تشير إلى هبوط مستخدمي المنصة على الهواتف المحمولة من 388.5 مليون في يونيو (حزيران) 2023 إلى 311.1 مليون في 2025، أي خسارة تتجاوز 75 مليون مستخدم، بما يقارب 20 في المائة.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هذا فحسب، إنما وُجدت أيضاً تحليلات تظهر انخفاض متوسط الإعجابات لكل منشور من 37.8 في 2023 إلى نحو 31.4 في 2024، أي تراجع نحو 17 في المائة». وأرجع هذه المؤشرات إلى أسباب، من بينها «ارتباط (إكس) باسم إيلون ماسك بعد استحواذه عليها، وما يرافق ذلك من استقطابات حادة بين مؤيدي ومعارضي آرائه، بالإضافة إلى تغييره الخوارزمية التي تعرض المنشورات عدة مرات بحجة محاربة البوتات، والتي رغم ادعائه أنها شفافة، فإن هذا الادعاء غير مُدعم بأدلة كافية بعد، خصوصاً أن ليس كل المستخدمين متساوين في فرص الوصول والتفاعل». وأشار إلى بُعد آخر قائلاً: «في منصات الأخبار السريعة، مغادرة عدد من الصحافيين والأكاديميين والخبراء قلّلت من الحوار النوعي وأضعفت حركة إعادة النشر».

وعدّ عمروش أن سياسة ماسك الربحية وتفضيله «الحسابات الموثقة المدفوعة»، مثَّلا اتجاهاً أفرغ المنصة من ركيزتها الأساسية بوصفها ساحةً للنقاش التفاعلي القائم على الأفكار، مضيفاً «إجراءات الحد من الوصول المجاني للواجهة البرمجية (API) أضعفت تجربة المتابعة والبحث، وهذا ينعكس عادة في تراجع التفاعل غير المدفوع».

ومع ذلك، لا يلقي عمروش باللوم على سياسات ماسك وحدها، إذ يعيد جانباً من تراجع التفاعل أيضاً إلى «تحوّل عادات المُستخدمين نحو الفيديو والمنصات المُعتمِدة على المقاطع القصيرة، فالسوق كلها تتجه إلى الفيديو القصير. وهذا يقلل الوقت الذهني المتاح لمنصات النصِّ السريع، خصوصاً لدى الشباب، إذ إن استخدام المراهقين لـ(إكس) أقل بكثير مما كان عليه سابقاً».

طموحات ماسك

بعيداً عن القرارات التحريرية داخل المنصة، تَزَامَنَ هذا التراجع في التفاعل مع صعود ماسك لاعباً سياسياً ثقيل الوزن في الولايات المتحدة. وتشير تحليلات صحافية من بينها «واشنطن بوست»، استناداً إلى بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية الأميركية، إلى أن «ماسك قدَّم خلال دورة انتخابات 2024 تبرعات سياسية تجاوزت ربع مليار دولار لدعم دونالد ترمب ومرشحين جمهوريين آخرين، ليصبح بذلك أكبر متبرع فردي في تلك الدورة الانتخابية، وفق هذه البيانات».

وفي يوليو (تموز) 2025 أعلن ماسك عبر «إكس» تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم «America Party»، في خطوة رأت فيها تقارير لوكالات كبرى مثل «رويترز» و«أسوشييتد برس» انتقالاً من دور الممول للتيار اليميني إلى «فاعل» يسعى إلى بناء مشروع سياسي مستقل يستند إلى نفوذه على المنصة.

أستاذ الإعلام الجديد والرقمي في الجامعة الكندية بدبي، الدكتور الأخضر شادلي، يرى أن منصة «إكس» شهدت أكبر تحول في تاريخها بعد استحواذ ماسك عليها؛ بسبب «خلفيته المثيرة للجدل وطموحاته السياسية المتنامية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أظهر ماسك مواقف سياسية متزايدة علنية، خصوصاً فيما يتعلق بحرية التعبير، والقيود الحكومية، والانتخابات الأميركية، ودعمه لبعض التيارات، وانتقاده للإعلام التقليدي والمؤسسات الديمقراطية، وهذه الخلفية السياسية أصبحت مهمة لفهم قراراته بعد السيطرة على (إكس)».

وأضاف شادلي: «قبل استحواذ ماسك، كانت سياسات (تويتر سابقاً) مستقرَّة نسبياً، وترتكز على مكافحة خطاب الكراهية والتحريض، والحد من (المعلومات المضللة)، وكانت هناك آليات تَحقُّق صارمة للحسابات ولجان مستقلة لمراجعة المحتوى، كما ركزت الإدارة السابقة على الحفاظ على بيئة رقمية آمنة». لكنه أشار إلى أن «وجود علاقة مباشرة بين طموحات ماسك السياسية وسياساته التحريرية الجديدة أخرج المنصة عن مسارها»، إذ «تَزَامَنَ تبنيه لخطاب حرية التعبير مع تحالفاته السياسية، وظهر انحيازٌ لصالح خطاب اليمين الشعبوي، ما أضعف المعايير المهنية وفتح المجال لحملات التضليل. وأصبحت المنصة بمثابة مساحة نفوذ سياسي عالمي في يد ماسك، وليست مجرد شركة تواصل اجتماعي».

عزوف المعلنين

وأشار الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة «سي إن إن» العربية، الحسيني موسى، إلى أن تراجع التفاعل على منصة «إكس» انعكس مباشرةً على سياسات المعلنين وعزوف بعضهم نحو منصات أخرى.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأرقام تشير إلى تراجع واضح في ثقة المعلنين بـ(إكس)». وتحدَّث عن تقرير لشركة الأبحاث العالمية «Kantar»، نُشر في سبتمبر (أيلول) 2024، ذكر أن 4 في المائة فقط من المعلنين يعدّون أن «إكس» توفر بيئة «آمنة للعلامة التجارية» مقابل 39 في المائة لصالح «غوغل» و32 في المائة لـ«يوتيوب». كما يُظهر التقرير نفسه أن «26 في المائة من المُسوِّقين يخططون لخفض إنفاقهم على إعلانات (إكس) خلال 2025، في أكبر تراجع مسجَّل لأي منصة إعلانية كبرى».

وأضاف موسى أن «مجموعة من الشركات الكبرى أعلنت رسمياً وقف إعلاناتها على (إكس)، من بينها: (أبل)، و(ديزني)، و(آي بي إم)، و(باراماونت)، و(وورنر براذرز). وجاءت قرارات الإيقاف؛ نتيجة مخاوف من ظهور محتوى مثير للجدل أو معادٍ للسامية بجوار إعلاناتها، بالإضافة إلى ضبابية سياسات المحتوى تحت إدارة إيلون ماسك».

«ما يجري على إكس انعكاس مباشر لرؤية ماسك الآيديولوجية وطريقة توظيفه المنصة في مشروع نفوذ سياسي أوسع»

وشرح قائلاً: «الميزانيات غادرت (إكس) إلى منصات أكثر استقراراً من حيث سلامة العلامة وفعالية التوزيع؛ مثل منصة (يوتيوب) التي تعدّ اليوم الأكثر جذباً للمعلنين البارزين، و(تيك توك) التي تُعدّ المنصة الأعلى تأثيراً على المستهلكين الشباب، كما أن (أمازون) تستحوذ على ثقة كبيرة لدى العلامات التي تعتمد على التجارة المباشرة، وأخيراً (ميتا)، بمنصتيها (فيسبوك) و(إنستغرام)، ما زالت تحتفظ بجاذبية لدى قطاعات واسعة من المعلنين».

ويرى موسى أن «هناك فرصة لا تزال قائمة أمام (إكس) لاستعادة جزء من المستخدمين والمعلنين»، قائلاً: «العودة ممكنة، لكن المطلوب أولاً إعادة بناء ثقة العلامات التجارية عبر تحسين معايير (الأمان) وضمان استقرار سياسات المحتوى، والشفافية في عرض الإعلانات».

بالعودة إلى الباحث المتخصص في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الدكتور فادي عمروش، فإنه يرى أن أهم الخطوات التي تحتاج إليها «إكس» الآن لاستعادة ثقة المستخدمين هي تحقيق توازن حقيقي بين حرية التعبير وضبط المحتوى الضار. وقال إن هذه المعادلة ممكنة إذا جرى «توسيع نظام (ملاحظات المجتمع) مع شفافية أكبر، فلا تكفي مجرد إضافة الملاحظة، بل يجب نشر بيانات دورية تتضمَّن، مثلاً: كم محتوى تم تقييده؟ كم ملاحظة أُضيفت؟ وما أثرها على الانتشار؟ أعتقد أن الشفافية تقلل اتهامات التحيُّز، وتدعم حرية التعبير ضمن قواعد واضحة».

وفي ضوء كل ذلك، يقول محللون مختصون بالإعلام: «إن مستقبل (إكس) سيتحدَّد على الأرجح في المساحة الواقعة بين طموحات ماسك السياسية وحسابات السوق وصبر المُستخدمين والمعلنين على منصة تحاول أن تعرّف نفسها من جديد في عالم يتغير بسرعة».


اتجاه أوروبا لتخفيف القيود الرقمية يُثير تساؤلات بشأن حماية الخصوصية

المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
TT

اتجاه أوروبا لتخفيف القيود الرقمية يُثير تساؤلات بشأن حماية الخصوصية

المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)

أثار اتجاه المفوضية الأوروبية لتخفيف «القيود الرقمية»، تساؤلات بشأن تأثير ذلك على حماية بيانات المستخدمين. وبينما عدّ خبراء هذا الاتجاه «محاولة لزيادة تنافسية السوق»، أكدوا أنه «تحوّل خطير قد يهدد الخصوصية».

وفي ظل ضغوط من شركات التكنولوجيا الكبرى، أعلنت المفوضية الأوروبية، أخيراً، أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»، الذي من شأنه تبسيط بعض لوائح الاتحاد الأوروبي الرقمية. وجاء الإعلان بعد دعوة المستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال قمة «السيادة الرقمية الأوروبية» الأسبوع الماضي، إلى «تخفيف صرامة اللوائح الرقمية الأوروبية».

وفي رأي مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، فإن «تبسيط القواعد وخفض الأعباء الإدارية وتقديم قواعد أكثر مرونةً وتناسباً، سيمنح الشركات الأوروبية مساحة أكبر للابتكار والنمو، ويسد فجوة الابتكار».

وعدّت الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، ليلى دومة، ما أعلنته المفوضية الأوروبية «نقطة تحوّل مهمة في الاستراتيجية الرقمية للاتحاد الأوروبي». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تخفيف بعض الالتزامات المفروضة على شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يرسل رسالة واضحة مفادها إعطاء الأولوية لتعزيز التنافسية والابتكار على حساب التشدد في حماية البيانات الذي يميز النموذج الأوروبي منذ سنوات».

وبشأن تأثير ذلك على «الخصوصية»، أشارت ليلى دومة إلى أن «التأثير لن يكون فورياً، لكنه مقلق على المدى المتوسط والبعيد». وقالت إن «الإعفاءات المؤقتة وتأجيل الالتزام الكامل بالقواعد الصارمة يعني ببساطة وجود مناطق أقل رقابة ومفتوحة، حيث يمكن للشركات جمع أو معالجة بيانات شخصية بطريقة أقل تقييداً، مما قد يؤدي تدريجياً إلى إضعاف أحد أهم إنجازات أوروبا خلال العقد الماضي، وهو تمكين المواطن من السيطرة على بياناته».

وأضافت أن «أي تفكيك تدريجي لقواعد (اللائحة العامة لحماية البيانات)، سيقلل من قوتها وتأثيرها، ويخلق ثغرات قد تستغلها الشركات الكبرى بسهولة»، مشيرةً إلى أن «أوروبا تحاول تحقيق توازن صعب بين تسريع الابتكار وحماية الحقوق الرقمية».

وتُلزم «اللائحة العامة لحماية البيانات» مشغلي المتاجر الإلكترونية، أو المنصات الرقمية، بالحصول على موافقة المستخدمين قبل معالجة بياناتهم الشخصية، مما يؤدي إلى ظهور إشعارات الموافقة على ملفات الارتباط، لكنَّ المقترح الجديد من شأنه أن يؤدي إلى ظهور إشعارات الموافقة على ملفات الارتباط بشكل أقل.

الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، محمد فتحي، قال إن «الاتحاد الأوروبي يشهد تحولاً استراتيجياً عبر مقترح الحزمة الرقمية الشاملة (Digital Omnibus)، الذي تبرره المفوضية الأوروبية بالرغبة في تبسيط القوانين ودعم الشركات الأوروبية للمنافسة عالمياً».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المقترح قد يمثل تفكيكاً لمسألة الحماية وتراجعاً عن معايير الخصوصية الصارمة، وذلك لعدة مخاطر؛ أهمها استغلال البيانات للذكاء الاصطناعي حيث يسمح التعديل للشركات باستخدام البيانات الشخصية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي استناداً إلى مبدأ (المصلحة المشروعة) بدلاً من (الموافقة الصريحة) مما يخدم شركات التكنولوجيا الكبرى ويُضعف سيطرة المستخدم».

وأشار إلى «إضعاف الخصوصية الإلكترونية عبر دمج قواعد الخصوصية، مما يُسهِّل الوصول إلى بيانات أجهزة المستخدمين تحت غطاء تقليل إشعارات الكوكيز دون إذن واضح». وقال إن «المقترح يعكس تغيراً في الأولويات من حماية (المواطن الرقمي) إلى التركيز على التنافسية الاقتصادية، حيث يهدد إقرار هذا القانون بالتضحية بخصوصية المستخدمين كضريبة لدعم الابتكار التجاري».

وتسببت محاولات تنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي في أزمة متصاعدة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وفرضت المفوّضية الأوروبية غرامة مقدارها 500 مليون يورو على شركة «أبل» على خلفية «بنود تعسّفية في متجر التطبيقات الخاص بها، على حساب مقدّمي التطبيقات وعملائهم». كما غرمت «ميتا» مبلغ 200 مليون يورور. وهي غرامات عدّها البيت الأبيض في وقت سابق «ابتزازاً اقتصادياً».


الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
TT

الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)

أُعلن في مدينة الشارقة إطلاق حزمة مشروعات إعلامية كبرى في «مدينة الشارقة للإعلام (شمس)»، التي وُصفت بأنها أكبر تجمع إعلامي حكومي موحّد في الإمارات والمنطقة، وتُشكِّل نقلةً نوعيةً في تطوير البنية التحتية للقطاع الإعلامي، وترسيخ نموذج متقدم لتكامل الجهات الحكومية العاملة تحت مظلة مجلس الشارقة للإعلام.

وتأتي هذه المشروعات التي أطلقها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ضمن مساعي تعزيز القطاع في الإمارة الخليجية.

وأكد الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس «الشارقة للإعلام» أن اعتماد حزمة مشروعات «شمس» يجسِّد رؤية الإمارة في بناء قطاع إعلامي متقدم يقوم على الابتكار والشراكات الدولية والتقنيات المعاصرة، مشيراً إلى أن إطلاق «استوديوهات شمس» سيعزز قدرة الشارقة على استقطاب أبرز شركات الإنتاج وصنّاع المحتوى، كما سيوفر منصة احترافية للكفاءات الوطنية لتطوير مهاراتها وتوسيع حضورها في صناعة الإعلام.

وشدَّد على أن الاستثمار في الإعلام هو استثمار في الإنسان والهوية، موضحاً أن الشارقة ماضية بثقة نحو تعزيز حضورها الثقافي والمعرفي عالمياً عبر إعلام مهني مسؤول، وشراكات استراتيجية، ومنظومة متطورة تدعم استدامة النمو في هذا القطاع الحيوي.

وسيضم المشروع أكبر تجمع إعلامي حكومي موحّد في الدولة والمنطقة، حيث يجمع تحت سقف واحد الجهات الإعلامية التابعة لحكومة الشارقة، وهي مجلس الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، إلى جانب مدينة الشارقة للإعلام (شمس)، التي ستكون المقر الجديد لهذا التجمع.

«استوديوهات شمس» في الشارقة (الشرق الأوسط)

وبحسب المعلومات الصادرة فإن مشروع «استوديوهات شمس» جاء ليؤسِّس لبيئة إنتاجية متطورة، من خلال مجمّع يضم 5 استوديوهات كبرى بمساحات تتراوح بين 1500 و3400 متر مربع، تستجيب لاحتياجات صناع الأفلام والمسلسلات والبرامج التلفزيونية والمحتوى الرقمي، إضافة إلى مرافق متخصصة لما بعد الإنتاج تشمل وحدات المونتاج والمؤثرات البصرية والتصميم الصوتي، بما يتيح تنفيذ أعمال تلفزيونية وسينمائية وفق معايير عالمية.

كما تتضمَّن المشروعات تطوير مجمّع أعمال إعلامي حكومي متكامل يجمع ضمن بيئة عمل تفاعلية مجلس الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، والشركات الإعلامية العاملة في «شمس»، بما يسهم في تسهيل عمليات الإنتاج والبث، وتعزيز كفاءة التواصل الحكومي، ودعم الابتكار في صناعة المحتوى.

وسيضم المجمّع 4 مبانٍ متخصصة، يتألف كل منها من طابق أرضي و4 طوابق، تشمل مبنى لمجلس الشارقة للإعلام، ومبنى للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ومبنيين مخصَّصين للجهات الإعلامية والشركات العاملة ضمن «شمس».

ويشمل التطوير أيضاً إنشاء مبنى جديد لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون ببنية تقنية حديثة تعزز جاهزيتها لمواكبة التطورات في تقنيات البث والإنتاج، وترفع قدرتها على تقديم محتوى متنوع وذي جودة عالية يعكس هوية الإمارة ورسالتها. وتشمل المرحلة الأولى المبنى الإداري، ومبنى الأخبار، ومبنى قناة الشارقة الرياضية.

وفي إطار دعم المشهد الثقافي والإبداعي، تتضمَّن المشروعات إنشاء «واحة شمس للإبداع»، وهو مركز متطور للفعاليات الفنية والتعليمية يضم مسرحاً حديثاً يتسع لنحو 700 شخص، إلى جانب مرافق مخصصة لاستضافة الفعاليات المجتمعية والعروض الفنية والبرامج التدريبية، بما يسهم في تنمية المواهب الشابة وتوفير منصة ملهمة للإبداع في الإمارة.