هل يمكن للاقتصاد الأميركي البقاء قوياً حتى عام 2020؟

توقعات بتصاعد الخلاف بين ترمب و«الفيدرالي» خلال الشهور المقبلة

اختلاف في وجهات النظر بين ترمب والبنك المركزي بشأن السياسات المقبلة
اختلاف في وجهات النظر بين ترمب والبنك المركزي بشأن السياسات المقبلة
TT

هل يمكن للاقتصاد الأميركي البقاء قوياً حتى عام 2020؟

اختلاف في وجهات النظر بين ترمب والبنك المركزي بشأن السياسات المقبلة
اختلاف في وجهات النظر بين ترمب والبنك المركزي بشأن السياسات المقبلة

يؤمن الرئيس دونالد ترمب وبنك الاحتياطي الفيدرالي - الصانع الأول للقرارات الاقتصادية في البلاد - بقوة الاقتصاد الأميركي، ويرغبان في الحفاظ على قوته لأطول فترة ممكنة. فإن واصل الاقتصاد الأميركي نموه حتى عام 2020 من دون عثرات أو عوائق، فسوف يمثل ذلك أطول تمدد اقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة حتى الآن.
غير أن الرئيس ترمب وبنك الاحتياطي الفيدرالي لديهما مقاربات متعارضة بشأن ما يجب فعله في المرحلة المقبلة.
يرى الرئيس ترمب أن مفتاح تغذية الاقتصاد يكمن في التخفيضات الضريبية الكبيرة وانخفاض أسعار الفائدة حتى تتمكن الشركات والعائلات من إنفاق المزيد من الأموال. لكن الرئيس ترمب لا يتحكم في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، بل يرجع الأمر فيها إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي وحده. ويركز البنك المركزي الأميركي على الزيادة التدريجية لأسعار الفائدة لضمان أن الاقتصاد لا يبلغ مرحلة الإفراط ولا يدخل في أزمة الفقاعات.
ومن نواح عدة، فإن هذا الموقف من المواقف غير المسبوقة بحال: فلم تشهد الولايات المتحدة من قبل الكثير من التحفيز في هذا الوقت المناسب للغاية للاقتصاد، كما أنها لم تشهد من قبل مثل هذه الحرب التجارية الكبرى منذ ثلاثينات القرن الماضي. وليست هناك خريطة طريق واضحة لما يتوجب فعله في المرحلة المقبلة.
وكان الرئيس ترمب قد نقل الخلاف مع الاحتياطي الفيدرالي إلى العلن في الآونة الأخيرة، حيث كسر تقاليد السنوات الطويلة من خلال انتقاداته العلنية لبنك الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه الحال جيروم باول الذي عينه الرئيس الأميركي في منصبه بنفسه.
وحتى الآن، ساعدت التخفيضات الضريبية التريليونية التي أقرها الرئيس ترمب وزيادة الإنفاق الفيدرالي على ارتفاع الأسهم إلى مستويات قياسية غير مسبوقة ونمو الربع الثاني من العام الحالي إلى 4.1 نقطة مئوية، وهي أفضل النسب المسجلة خلال أربع سنوات.
لكن المخاوف تتزايد من أن سياسات الرئيس ترمب قد رفعت من مستويات القلق من ارتفاع النمو لأعلى مستوياته خلال عام 2018 ثم يعاود الهبوط مرة أخرى، وربما يدخل في حالة من الركود في أواخر العام المقبل أو في عام 2020 على الأرجح.
وتعتبر رسوم ترمب الجمركية من نقاط الخلاف الأخرى، إذ يقول الرئيس إن الرسوم الجمركية من الضرورات اللازمة في المفاوضات لأجل الحصول على صفقات تجارية أفضل، في حين أن الاحتياطي الفيدرالي والكثير من خبراء الاقتصاد وزعماء المال والأعمال يحذرون من أن الحرب التجارية قد تفضي إلى تباطؤ أو كبح جماح اقتصاد البلاد.
وقال أغوستين كارستنز، رئيس بنك التسويات الدولية، في خطاب شديد اللهجة ألقاه أثناء الاجتماع السنوي لرؤساء البنوك المركزية في مدينة جاكسون هول، بولاية وايومينغ الخلابة: «من المفارقات أن الولايات المتحدة شرعت في وضع العراقيل على الطريق في الوقت الذي يطلق فيه اقتصاد البلاد النار في كافة الاتجاهات»، وحذر أيضا من أن سياسات الرئيس ترمب التجارية قد أسفرت عن إطلاق العاصفة العاتية الشديدة في أرجاء العالم كافة.
وكان أطول تمدد لاقتصاد الولايات المتحدة في تاريخها المعاصر قد استمر لعشر سنوات فقط في الفترة بين مارس (آذار) عام 1991 إلى مارس عام 2001 - ومن شأن النمو الاقتصادي الحالي أن يكسر الرقم القياسي المسجل من قبل إذا استمر النمو على منواله الحالي حتى ما بعد يوليو (تموز) عام 2019.
ويشعر الرئيس ترمب بحافز كبير يدفعه لأن يحافظ على النمو الاقتصادي خلال عام إعادة انتخابه، وهو يعتمد بشكل كبير على خبراته الشخصية في توجيه قراراته، مستندا إلى حقيقة مفادها أن معدلات الأفضلية خاصته فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية قد بلغت نسبة 50 في المائة. وصرح إلى شبكة فوكس الإخبارية الأسبوع الماضي قائلا إن الأسواق سوف تنهار وسوف يقع الجميع فريسة للفقر إذا ما تمكن الديمقراطيون من استبعاده.
ويخبره مستشاروه الاقتصاديون أن تخفيض الضرائب سوف يؤدي إلى تحقيق النمو الاقتصادي بنسبة 3 في المائة خلال العام الحالي والأعوام القادمة. كما أنهم يقولون إن التخفيضات الضريبية سوف تسفر عن ازدهار «جانب العرض» في حين أن الشركات سوف تستثمر بكثافة في المصانع الجديدة، والمعدات، والتكنولوجيا التي تزيد من الإنتاجية والنمو والأجور لأعوام مقبلة.
وقال لاري كودلو، كبير مستشاري ترمب الاقتصاديين في اجتماع وزاري حديث إن «القصة الكبيرة الجديرة بالاعتبار هذا العام هي الطفرة الاقتصادية المستمرة والدائمة. وأي خبير اقتصادي في مجال الأعمال يستحق لقبه بجدية سوف ينظر إلى هذه الاتجاهات ويقول إنها سوف تستمر لفترة معتبرة من الوقت».
ويتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي وجمع كبير من خبراء الاقتصاد، برغم كل ذلك، أن نسبة 3 المائة من النمو المحققة خلال العام الحالي من شأنها أن تنخفض إلى 2.4 نقطة مئوية في عام 2019 ولا تتجاوز نقطتين مئويتين فقط بحلول عام 2020. والبنك المركزي الأميركي شديد الوضوح فيما يتعلق باعتماده على البيانات الموثقة التي يستخدمها في صياغة السياسات الاقتصادية للبلاد، وحتى الآن، لا يرى الكثير من علامات الارتداد في جانب العرض.
وقال جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في اجتماع جاكسون هول المشار إليه: «أراقب وزملائي البيانات الواردة عن كثب، ونضع السياسات بما يلائم دعم السياسة النقدية للنمو المستمر، وسوق العمل القوية، والحفاظ على التضخم ضمن نسبة 2 نقطة مئوية».
وجاءت تصريحات باول بعد أيام فقط من تصريح الرئيس ترمب بأنه غير مسرور بقرار السيد باول لرفع أسعار الفائدة، ولكن باول قال إنه يرى أن الزيادة التدريجية في أسعار الفائدة مناسبة للغاية في الآونة الراهنة. ومن شأن الخلاف بين الرئيس ترمب والاحتياطي الفيدرالي أن يتصاعد خلال الشهور المقبلة حيث من المرجح لبنك الاحتياطي الفيدرالي أن يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في شهري سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول) المقبلين.
ولقد تجاهل رؤساء البنوك المركزية خلال اجتماعهم في جاكسون هول تصريحات الرئيس ترمب تماما وقالوا إنها غير ذات تأثير يُذكر على عملية صناعة القرارات الاقتصادية في بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو المؤسسة المستقلة التي تخضع لإشراف الكونغرس... غير أن معظمهم قد أقروا بأن الرئيس ترمب سوف يواصل هجماته بلا هوادة.
وقال جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس: «تدور رؤيتي الخاصة حول السياسة النقدية أنها عبارة عن مناقشة على مستوى عالمي وعلى مدار الساعة، والكثير من الناس يدلون بدلوهم في الأمر من مختلف أنحاء العالم. ومع الأخذ في الاعتبار أسلوب الرئيس ترمب المعهود، فليس من المستغرب أنه سوف يدلي بدلوه أيضا. ولكن بالنسبة لي، هو ليس أكثر من مجرد رأي شخصي في مسألة عالمية».
وبالنسبة لكل الخطابات التي وجهها الرئيس الأميركي صوب بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك الشكوى من رفع أسعار الفائدة في حملة خاصة لجمع الأموال في هامبتونز بولاية نيويورك، لم يطلب الرئيس من باول بصفة شخصية بأن يتخذ منهجا معينا حيال الأمر، على نحو ما قال البيت الأبيض وباول بنفسه إلى أعضاء مجلس الشيوخ في وقت سابق من الشهر الحالي.
ويواصل السيد باول اجتماعه الأسبوعي مع وزير الخزانة ستيفن منوشين، الذي دافع عن استقلالية قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي وحض الرئيس على تسوية النزاعات التجارية سريعا. كما أوضح السيد باول موقفه من خلال اجتماعاته مع النواب الجمهوريين والديمقراطيين في محاولة لتوخي الشفافية والتزام جادة الوفاق التام، وهو الأسلوب الذي من الأرجح أن يساعده إذا ما واصل الرئيس ترمب هجماته على البنك وإدارته.
ومن المتوقع على نطاق كبير أن يوافق مجلس الشيوخ على تعيين ريتشارد كلارك في منصب نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأسبوع الحالي، وهي خطوة من شأنها أن تكون دفعة قيادية قوية لفريق العمل الذي يرأسه السيد جيروم باول في خضم هذه الأوقات العصيبة.
وقال السيد بولارد، وغيره من رؤساء البنوك المركزية الأميركية، إن تركيزهم الأول في المرحلة المقبلة ينصب على كيفية استمرار النمو الاقتصادي لمدة خمس سنوات أخرى إن لم يكن أكثر، وأردف قائلا: «الركود ليس حتمياً بحال».
- خدمة «واشنطن بوست»


مقالات ذات صلة

الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي تبحث الحلول البديلة لرفع كفاءة الطاقة

الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية في اليوم الثاني للاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض (الشرق الأوسط)

الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي تبحث الحلول البديلة لرفع كفاءة الطاقة

بحث عدد من المختصين في منظومة الطاقة خلال الجلسة الحوارية الأولى من فعاليات اليوم الثاني للمنتدى الاقتصادي العالمي الحلول البديلة لرفع كفاءة الطاقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير التجارة السعودي ماجد القصبي والأميرة ريما بنت بندر سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأميركية خلال لقاء مع قيادات من غرفة التجارة الأميركية

القصبي يستعرض الفرص السعودية الواعدة أمام قطاع الأعمال الأميركي

أكد وزير التجارة السعودي ورئيس مجلس إدارة المركز الوطني للتنافسية الدكتور ماجد بن القصبي خلال لقاء مع قيادات من غرفة التجارة الأميركية عمق العلاقة التجارية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظف يعمل على خط تجميع في مصنع السيارات الكهربائية التابع لشركة «ريفيان أوتوموتيف» في نورمال بالولايات المتحدة (رويترز)

ارتفاع ملحوظ في إنتاج المصانع الأميركية خلال مارس

ارتفع الإنتاج في المصانع الأميركية بشكل ملحوظ في مارس (آذار) مع ارتفاع إنتاج مصانع تجميع المركبات الآلية وغيرها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية بنسبة 0.7% الشهر الماضي (رويترز)

مبيعات التجزئة الأميركية تتجاوز التوقعات في مارس

ارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية أكثر من المتوقع في مارس وسط ارتفاع إيرادات تجار التجزئة عبر الإنترنت في دليل آخر على أن الاقتصاد أنهى الربع الأول على أساس قوي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد غورغييفا في خطابها أمام المجلس الأطلسي (منصة إكس)

غورغييفا: استمرار الفائدة الأميركية المرتفعة لفترة طويلة مصدر قلق

حذرت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، من أن رفع أسعار الفائدة الأميركية ليس نبأً عظيماً لبقية العالم، وقد يصبح مصدر قلق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«بلاك روك» توقّع اتفاقية مع «السيادي السعودي» لتأسيس منصة إدارة استثمارات في الرياض

خلال توقيع مذكرة التفاهم بين «بلاك روك» و«صندوق الاستثمارات العامة»
خلال توقيع مذكرة التفاهم بين «بلاك روك» و«صندوق الاستثمارات العامة»
TT

«بلاك روك» توقّع اتفاقية مع «السيادي السعودي» لتأسيس منصة إدارة استثمارات في الرياض

خلال توقيع مذكرة التفاهم بين «بلاك روك» و«صندوق الاستثمارات العامة»
خلال توقيع مذكرة التفاهم بين «بلاك روك» و«صندوق الاستثمارات العامة»

أعلنت شركة «بلاك روك» السعودية، يوم الثلاثاء، توقيع مذكرة تفاهم مع «صندوق الاستثمارات العامة»، تتولى من خلالها الشركة تأسيس منصة استثمارية متكاملة متعددة الأصول في الرياض، ترتكز على استثمار أوّلي من الصندوق، مشروط بتحقيق مجموعة من الأهداف المحددة من قبل الطرفين، بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار.

وبحسب مذكرة التفاهم، أعربت شركة «بلاك روك» السعودية و«صندوق الاستثمارات العامة» عن نيتهما التعاون في تأسيس «منصة بلاك روك الرياض لإدارة الاستثمارات» (BRIM)، التي ستتخذ من الرياض مقراً لها، وقد تشمل خدماتها مجموعة واسعة من استراتيجيات الاستثمار عبر كثير من فئات الأصول العامة والخاصة، التي ستديرها بدعم من فريق إدارة الأصول لمنصة «بلاك روك» العالمية، وفق بيان.

ويقود «صندوق الاستثمارات العامة» جهود تعزيز التحول والتنويع الاقتصادي في المملكة، كما يسهم في قيادة الاقتصاد العالمي وصناعة مستقبل كثير من القطاعات. ومنذ عام 2017، أسّس الصندوق 94 شركة، وساهم في استحداث أكثر من 644 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة محلياً.

وفي ظل جهود المملكة المستمرة لتنويع اقتصادها، ستسعى المنصة إلى تعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية من المؤسسات وقنوات الثروات المالية إلى السوق السعودية، كما ستعزز من تطوير قطاع إدارة الأصول المحلي والإقليمي، وتزيد فاعلية أسواق المال المحلية، وتدعم تنويع الاستثمارات عبر فئات الأصول المختلفة، بالإضافة إلى الارتقاء بسبل تبادل المعرفة وتطوير الكفاءات السعودية العاملة في القطاع. وتتماشى الخطوة مع جهود ومبادرات صندوق الاستثمارات العامة لتعزيز نمو بيئة الأعمال في الأسواق المالية في المملكة، وتمكين قطاع إدارة الأصول، انطلاقاً من المملكة.

وتعليقاً على الشراكة، قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في «بلاك روك» لاري فينك: «يمثل تعزيز نقل المعرفة والفهم الكامل لأسواق المال أحد أهم المساهمات التي تحرص (بلاك روك) على تقديمها للدول التي تعمل بها، ويسعدنا البناء على الشراكة الراسخة التي طوّرناها مع (صندوق الاستثمارات العامة) على مدار سنوات كثيرة لإطلاق هذه المنصة الدولية الجديدة والأولى من نوعها لإدارة الاستثمار في المملكة».

وأضاف: «سيؤدي النمو المستمر لأسواق رأس المال في المملكة وتنويع قطاعها المالي إلى تحقيق الرخاء المستقبلي لمواطنيها وتعزيز تنافسية شركاتها وقوة اقتصادها، خاصة أن المملكة أصبحت وجهة جذابة للاستثمار الدولي مع تحول (رؤية 2030) إلى واقع ملموس، ويسعدنا أن نقدم للمستثمرين من جميع أنحاء العالم الفرصة للمشاركة في هذه الفرصة الاستثمارية طويلة الأمد والمتميزة».

من جانبه، قال نائب المحافظ رئيس الإدارة العامة للاستثمارات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «صندوق الاستثمارات العامة» يزيد بن عبد الرحمن الحميّد: «تعد علاقة الصندوق مع (بلاك روك) علاقة متينة ومتنامية، وتُعدّ الشراكات مع الشركات العالمية الرائدة ومديري الأصول مثل (بلاك روك) جزءاً من استراتيجية النمو الخاصة بالصندوق. وتأتي مذكرة التفاهم لتكون خطوة إضافية في جهود الصندوق لتعزيز حيوية سوق الاستثمار وإدارة الأصول في المملكة وزيادة تنوعها الدولي».

وتهدف منصة «BRIM» إلى أن تكون جزءاً متكاملاً مع القدرات الاستثمارية لشركة «بلاك روك» ومنصتها الحالية، مستفيدة من خبراتها في مجالات الأسواق العالمية وتوفير التكنولوجيا والريادة الفكرية، مع تعزيز إمكانات تبادل الخبرات والمعرفة، بما يسهم في تطوّر إمكانات الاستثمار المحلية. بالإضافة إلى ذلك، ستقدم مجموعة الاستشارات العالمية التابعة لـ«بلاك روك» للأسواق المالية - التي توفّر الخدمات الاستثمارية لقطاعات أسواق المال والمخاطر والتحليلات لمديري الأصول المحليين والعالميين - الدعم للمبادرات المماثلة والحلول الرامية إلى تطوير وتعميق أسواق المال.

كما تعتزم منصة «BRIM» الاستثمار في دعم البنية التحتية والقدرات البحثية للاستثمار، لتعزيز الرؤى والبيانات المتوفرة للأسواق المحلية، من خلال توظيف الكفاءات المحلية وجذب كفاءات دولية إلى المملكة، وتتضمن تلك الجهود إطلاق برنامج «BRIM» لتطوير الخريجين، وإقامة شراكة بين أكاديمية الصندوق والأكاديمية التعليمية التابعة لشركة «بلاك روك» العالمية لإدارة الأصول، وعقد فعاليات التدريب والتطوير للكفاءات في القطاع.


شركات سعودية تنضم لمبادرة تعنى بتسريع تبنّي ممارسات الاستدامة

أحد مسؤولي مجموعة «روشن» خلال توقيع اتفاقية الانضمام إلى برنامج «رواد الاستدامة» (الشرق الأوسط)
أحد مسؤولي مجموعة «روشن» خلال توقيع اتفاقية الانضمام إلى برنامج «رواد الاستدامة» (الشرق الأوسط)
TT

شركات سعودية تنضم لمبادرة تعنى بتسريع تبنّي ممارسات الاستدامة

أحد مسؤولي مجموعة «روشن» خلال توقيع اتفاقية الانضمام إلى برنامج «رواد الاستدامة» (الشرق الأوسط)
أحد مسؤولي مجموعة «روشن» خلال توقيع اتفاقية الانضمام إلى برنامج «رواد الاستدامة» (الشرق الأوسط)

انضمت عدد من الشركات السعودية إلى مبادرة «رواد الاستدامة» والتي أطلقتها وزارة الاقتصاد والتخطيط خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي عقد مؤخراً في الرياض، حيث ستلتزم المنشآت الوطنية بناءً عليها بتسريع تبني أفضل ممارسات الاستدامة.

وجاءت تحركات الشركات السعودية والانضمام إلى المبادرة التي تقودها وزارة الاقتصاد والتخطيط، كخطوة لها نحو رفع مستوى إسهامها في تعزيز ودعم جهود المملكة لتحقيق أهداف الاستدامة.

وأعلنت مجموعة «روشن»، المطور الوطني العقاري، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، انضمامها إلى قائمة أوائل رواد الاستدامة في المملكة بعد توقيعها ميثاق برنامج «رواد الاستدامة» على هامش مشاركتها في المنتدى الاقتصادي العالمي.

وقالت إن البرنامج الذي تقوده وزارة الاقتصاد والتخطيط، يهدف إلى تسريع تبنّي قطاع الأعمال في المملكة أفضل ممارسات الاستدامة من خلال اختيار رواد الاستدامة الذين سيعملون بدورهم محفزاً وداعماً لثلاث شركات أخرى على الأقل في مجال أعمالهم.

وبموجب هذا الميثاق، ستتعاون مجموعة «روشن» على مدى 24 شهراً مع الكثير من الشركات السعودية لتبادل الأفكار والموارد والتدريب في مجال الاستدامة؛ ويهدف ذلك إلى تسريع قدرات تلك الشركات على تبني مفاهيم الاستدامة وإعداد التقارير ذات الصلة.

الطاقة النظيفة

من ناحيتها، أبرمت الشركة الوطنية للإسكان، التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، اتفاقية للانضمام في برنامج «رواد الاستدامة»، والتي تعمل على تعزيز التعاون وتطوير مسارات النمو الاقتصادي الشامل والمستدام في المشروعات العمرانية بالمملكة، في خطوة مهمة تهدف إلى العمل على استدامة الشركات ومكافحة تغير المناخ.

وأضافت «الوطنية للإسكان» أن الاتفاقية ستعزز الاستدامة بين أطراف البرنامج وتبادل خبراتهم مع الاقتصاد بشكل أوسع، وتسهم في تطوير منظومة تعاونية، حيث يتم تبادل المعرفة وأفضل الممارسات لإطلاق العنان للنمو الشامل والوصول الكامل إلى الطاقة النظيفة. كما تسهم في بناء القدرات المحلية وتزويد الشركات المشاركة بالأدوات والتقنيات اللازمة لتحسين تقارير الاستدامة وأدائها.

من جانبها، وقّعت الشركة السعودية للكهرباء تعهداً والتزاماً بالمشاركة في مبادرة «رواد الاستدامة» في المملكة؛ للإسهام في تسريع تحقيق أهداف البلاد وتعزيز مرونة القطاع الخاص وتنمية الابتكارات في مجالات الاستدامة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، بالإضافة إلى تمكين الدولة من أداء دور مهم في تشكيل مبادرات الاستدامة العالمية.

وبيّنت «السعودية للكهرباء» أنها تعمل بشكل متواصل على المساهمة في رفع كفاءة الطاقة، وتحقيق طموح الحياد الصفري بحلول عام 2050، وتمكين مشروعات الطاقة المتجددة في المملكة، والحد من الانبعاثات، بالإضافة إلى دورها في أتمتة الشبكات، وتمكين تكامل إنتاج الطاقة، وحماية البيئة والتنوع البيولوجي.

البيئة الصحية

من جهتها، كشفت الشركة السعودية للاتصالات «إس تي سي»، عن انضمامها إلى النسخة الأولى من برنامج «رواد الاستدامة» في المملكة؛ بهدف نقل المعرفة والخبرات التي تتمتع بها في مجال الاستدامة إلى الشركات والمؤسسات الأخرى ضمن القطاع.

وأفصحت عن مساعيها نحو تسخير أفضل الحلول والتقنيات لتعزيز مبادئ الاستدامة وتوفير بيئة صحية ومزدهرة للأجيال القادمة.

بدورها، وقّعت شركة الاتصالات المتنقلة «زين السعودية» ميثاق «مبادرة روّاد الاستدامة»، حيث ستدعم للتحول نحو الاستدامة 3 شركات أو أكثر في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، من خلال نقل المعرفة وبناء قدرات هذه المنشآت في وتحسين أدائها في الاستدامة والتقارير.

وأفادت «زين السعودية» بأنها التزمت باستراتيجية واضحة للاستدامة المؤسسية مبنية على 4 ركائز تتمثل في مكافحة التغير المناخي، والعمل بمسؤولية، والشمولية، وتمكين جيل الشباب، للإسهام في دعم الجهود الوطنية لتحقيق الاستدامة الشاملة.


عبد العزيز بن سلمان: على الدول التي تحتل مراكز متأخرة أن تسير على نهجنا

وزير الطاقة متحدثاً للحضور في الجلسة الحوارية على هامش احتفالات اليوبيل الذهبي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية (الشرق الأوسط)
وزير الطاقة متحدثاً للحضور في الجلسة الحوارية على هامش احتفالات اليوبيل الذهبي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية (الشرق الأوسط)
TT

عبد العزيز بن سلمان: على الدول التي تحتل مراكز متأخرة أن تسير على نهجنا

وزير الطاقة متحدثاً للحضور في الجلسة الحوارية على هامش احتفالات اليوبيل الذهبي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية (الشرق الأوسط)
وزير الطاقة متحدثاً للحضور في الجلسة الحوارية على هامش احتفالات اليوبيل الذهبي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية (الشرق الأوسط)

أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، أن المملكة تأتي ثانيةً من حيث أدنى كثافة لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وفي المرتبة نفسها بالنسبة لانبعاثات الميثان، «فلماذا يجب أن نتلقى محاضرات حول خفض انبعاثاتنا»، مشيراً إلى أنه «على الدول التي تحتل مراكز متأخرة أن تسير على نهجنا».

وقال في جلسة حوارية بعنوان «أمن، ومستقبل الطاقة والتنمية المستدامة» على هامش احتفالات اليوبيل الذهبي لـ«مجموعة البنك الإسلامي للتنمية»، (الثلاثاء) في الرياض: «إن قضيتنا ليست الاعتراف بوجود مشكلة التغير المناخي، بل في كيفية التعامل معها بطريقة عادلة ومباشرة، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف الظروف الوطنية للدول».

وأوضح أن «اتفاقية باريس للمناخ» لها مفاهيمها الخاصة واشتراطاتها، وقد اتفقت عليها الدول بالإجماع، ولكن المشكلة حقيقة لا تكمن في نص الاتفاقية، وإنما التفسير الغريب لمحتواها. وعدّ أن النقاش بشأن هذه القضية أصبح أكثر واقعية في قمة «كوب27».

وأوضح أن النقاش بشأن التغير المناخي يجب أن يتسم بالواقعية والمنطق لتمكين الأطراف كافة من التعاون ومواجهة هذه القضية العالمية.

وشدد على أنه لا يمكن التضحية بأمن الطاقة لصالح التغير المناخي، والعكس صحيح، مبيناً أنه لدى الحكومات مسؤولية أخلاقية عبر توفير مقومات النمو للأجيال القادمة.

وذكر الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن السعودية تؤمن بوجود إشكالية حقيقية فيما يتعلق بالتغير المناخي، ويجب التعامل معها بعدالة وإنصاف، مع أخذ الظروف القومية للدول في عين الاعتبار.

وعدّ أن مسألة عدم المساواة هي سبب تعثر مفاوضات التغير المناخي، متطرقاً إلى أن قمتَي «شرم الشيخ» و«دبي»، وكيف أسهمتا في إصلاح هذه الإشكالية. كما تم إضفاء الواقعية لمسألة تغير المناخ.

وأكمل أن هناك شيئاً من النفاق في الخطاب بشأن توزيع المسؤوليات تجاه التغير المناخي، منوهاً بأنه لا يمكن الطلب من دول مثل إندونيسيا التي تعاني من فقر الطاقة، أو نيجيريا، أو غانا، أو مدغشقر، أن تتحول إلى الطاقة المتجددة، في الوقت الذي تواجه فيه هذه الدول صعوبةً في الحصول على الكهرباء.

وأشار خلال حديثه إلى إحصائية أخيرة، تعطي دول «أوبك» مسؤولية تاريخية بـ4 في المائة بشأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في حين تتحمل الولايات المتحدة 24 في المائة، والصين 22 في المائة تقريباً، والاتحاد الأوروبي 16 في المائة.

وعدّ أن إثقال هذه الدول بتكاليف مرتفعة من أجل التحول إلى الطاقة المتجددة سيسلب منها مصادر عديدة تساعدها على تحقيق أهداف أنبل وأعظم.


ثقة المستهلكين الأميركيين تهبط إلى أدنى مستوى لها في 18 شهراً

متسوق في متجر «دولار تري» في باسادينا بكاليفورنيا (رويترز)
متسوق في متجر «دولار تري» في باسادينا بكاليفورنيا (رويترز)
TT

ثقة المستهلكين الأميركيين تهبط إلى أدنى مستوى لها في 18 شهراً

متسوق في متجر «دولار تري» في باسادينا بكاليفورنيا (رويترز)
متسوق في متجر «دولار تري» في باسادينا بكاليفورنيا (رويترز)

تدهورت ثقة المستهلكين الأميركيين في أبريل (نيسان) إلى أدنى مستوى لها في أكثر من عام ونصف، وذلك وسط مخاوف بشأن سوق العمل والدخل، وفقاً لمسح أُجري يوم الثلاثاء.

وقال «كونفرنس بورد» إن مؤشر ثقة المستهلك انخفض إلى 97 هذا الشهر، وهو أدنى مستوى منذ يوليو (تموز) 2022، مقابل قراءة معدلة وقدرها 103.1 في مارس (آذار). وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا تغيراً طفيفاً للمؤشر عند 104.0 من القراءة السابقة 104.7.

وقالت كبيرة الاقتصاديين في «كونفرنس بورد» في واشنطن، دانا بيترسون: «تراجعت الثقة أكثر في أبريل، حيث أصبح المستهلكون أقل إيجابية بشأن الوضع الحالي لسوق العمل، وأكثر قلقاً بشأن ظروف العمل المستقبلية، وتوافر الوظائف، والدخل».

وأضافت: «وفقاً للردود المكتوبة في أبريل، هيمنت مستويات الأسعار المرتفعة، خاصة بالنسبة للمواد الغذائية والغاز، على مخاوف المستهلكين، وكانت السياسة والصراعات العالمية في المرتبة الثانية».

ولم تتغير توقعات التضخم للمستهلكين عند 5.3 في المائة.


استثمارات الشركات السعودية الناشئة تتجاوز 3.3 مليار دولار

تصوير ليلي للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
تصوير ليلي للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
TT

استثمارات الشركات السعودية الناشئة تتجاوز 3.3 مليار دولار

تصوير ليلي للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
تصوير ليلي للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

أطلقت «منصة بيانات الاستثمار في الشركات» (MAGNiTT)، برعاية من «الشركة السعودية للاستثمار الجريء» (SVC)، التقرير الأول من نوعه في المنطقة الذي يسلِّط الضوء على مؤسسي الشركات الناشئة في المملكة، كاشفاً عن حصول 200 شركة ناشئة وطنية على إجمالي استثمارات تجاوز 12 مليار ريال (3.3 مليار دولار) خلال 10 سنوات.

واستعرض التقرير أكثر من 400 ريادي أسسوا 200 شركة ناشئة سعودية، حصلت كل منها على استثمار جريء تجاوز مليون دولار (3.75 ملايين ريال) بين عامي 2014 و2023.

وأشار التقرير أيضاً إلى أن 44 في المائة من هذه الشركات انطلقت بالشراكة بين شخصين، وحصلت على 53 في المائة من إجمالي تمويلات الاستثمار الجريء المقدمة، بينما مثلت الشركات ذات المؤسس الواحد 30 في المائة من إجمالي الشركات الناشئة، وحصلت على 15 في المائة فقط من إجمالي التمويلات المقدمة خلال 10 سنوات.

ووفقاً للتقرير، فإن 36 في المائة من هؤلاء المؤسسين الـ400 كان لديهم خبرة عمل تتجاوز الـ10 سنوات قبل تأسيس شركاتهم الناشئة. و66 في المائة منهم كانت تجربتهم لإطلاق شركة ناشئة هي الأولى، و30 في المائة من إجمالي المؤسسين كانت لديهم خبرة سابقة في مجال الشركات الناشئة على المستوى الإقليمي.

وقال الرئيس التنفيذي عضو مجلس إدارة «SVC» الدكتور نبيل كوشك، إن الشركة شهدت نمواً وحراكاً كبيراً في مشهد الشركات الناشئة السعودية التي استند انطلاقها إلى أساس متين من الابتكار وريادة الأعمال، أرسته المبادرات الاستراتيجية للمملكة، المدفوعة بـ«رؤية 2030».

وأضاف: «شهدنا طفرة في نشاط الشركات الناشئة، مع ازدياد عدد المؤسسين الطموحين الذين يغتنمون الفرص، ويدفعون عجلة الابتكار في مختلف القطاعات»، مبيّناً أن هذا التقرير يقدم لمحات مهمة حول خصائص المؤسسين الذين تمكنوا من الحصول على تمويل استثمار جريء، خلال العشر سنوات الماضية في المملكة.

وأكد استمرار التزامهم في الشركة بدعم تطوير مثل هذه التقارير التي تزود صناع القرار والمسؤولين الحكوميين والمستثمرين والمؤسسين بالرؤى والبيانات اللازمة لصناعة القرارات، وتطوير السياسات الاستراتيجية، لتعزيز نمو منظومة الشركات الناشئة على مدى السنوات العشر المقبلة.

من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لـ«MAGNiTT» فيليب باهوشي، أن هذا التقرير يمثل جزءاً من هدف الشركة في تقديم البيانات والرؤى والتحليلات ذات القيمة المضافة، التي تدعم صناع القرار في مبادراتهم الاستراتيجية.


الصين تكثف دعمها للاقتصاد وتلجأ لـ«أدوات سياسية حكيمة»

عامل في أحد المصانع بمقاطعة شاندونغ الصينية (أ.ف.ب)
عامل في أحد المصانع بمقاطعة شاندونغ الصينية (أ.ف.ب)
TT

الصين تكثف دعمها للاقتصاد وتلجأ لـ«أدوات سياسية حكيمة»

عامل في أحد المصانع بمقاطعة شاندونغ الصينية (أ.ف.ب)
عامل في أحد المصانع بمقاطعة شاندونغ الصينية (أ.ف.ب)

نقلت وسائل إعلام رسمية، الثلاثاء، عن المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني قوله إن الصين ستكثف دعمها للاقتصاد من خلال سياسات نقدية حكيمة ومالية استباقية، بما في ذلك أسعار الفائدة، ونسب متطلبات الاحتياطي المصرفي.

وقالت أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب، إنها ستكون مرنة فيما يتعلق بالسياسات، حيث يتوقع المستثمرون مزيداً من التحفيز لثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي نما بشكل أسرع من المتوقع في الربع الأول؛ لكنه لا يزال يواجه رياحاً معاكسة.

وقال المكتب السياسي، بحسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، بعد اجتماع ترأسه الرئيس شي جينبينغ، إن «الانتعاش المستدام وتحسن الاقتصاد لا يزالان يواجهان كثيراً من التحديات».

وأشار المكتب السياسي إلى مشاكل مثل عدم كفاية الطلب، والضغوط الهائلة على الشركات، والمخاطر والأخطار الخفية في المجالات الرئيسية للاقتصاد. وأضاف: «في الوقت نفسه، لا بد من الإشارة إلى أن الأساس الاقتصادي للصين مستقر، ويتمتع بمزايا كثيرة، ومرونة قوية وإمكانات كبيرة».

ومن المقرر أن تجتمع اللجنة المركزية للحزب في يوليو (تموز) المقبل لعقد اجتماع رئيسي يُعرف بالجلسة المكتملة، وهو الثالث منذ انتخاب هيئة نخبة صناع القرار في عام 2022، مع التركيز على الإصلاحات وسط «تحديات» في الداخل وتعقيدات واسعة النطاق.

وحددت الصين هدفاً للنمو الاقتصادي لعام 2024 يبلغ نحو 5 في المائة، وهو ما يقول كثير من المحللين إنه سيكون تحدياً لتحقيقه دون مزيد من التحفيز.

وأظهرت استطلاعات رسمية يوم الثلاثاء أن نشاط الصناعات التحويلية والخدمات في الصين نما بوتيرة أبطأ في أبريل (نيسان)، مما يشير إلى فقدان بعض الزخم للاقتصاد.

وأوضح المكتب السياسي: «نحن بحاجة إلى استخدام أدوات السياسة بشكل مرن، مثل أسعار الفائدة ونسب متطلبات الاحتياطي، وزيادة الدعم للاقتصاد الحقيقي، وخفض التكلفة الإجمالية للتمويل الاجتماعي».

وقد أجرى بنك الشعب الصيني في الأشهر الأخيرة تخفيضات متواضعة في نسبة الاحتياطي المطلوب وأسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي.

وقال شينغ تشاوبنغ، كبير الخبراء الاستراتيجيين الصينيين في بنك «إيه إن زد»: «يشير الاجتماع إلى أنه قد تكون هناك تخفيضات في أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي في الربع الثاني».

ووسط الطلب المحلي الفاتر وأزمة العقارات، عززت بكين الاستثمار في البنية التحتية، وتحولت إلى الاستثمار في التصنيع عالي التقنية لرفع الاقتصاد هذا العام.

ونقلت وكالة الأنباء عن المكتب السياسي قوله إن الصين ستصدر سندات خزانة خاصة طويلة الأجل في أقرب وقت ممكن، وتسرع إصدار سندات خاصة للحكومات المحلية للحفاظ على الكثافة اللازمة للإنفاق المالي. وتخطط بكين لإصدار سندات خزانة خاصة طويلة الأجل بقيمة تريليون يوان (138.14 مليار دولار) لدعم بعض القطاعات الرئيسية.

وأضاف المكتب السياسي أن الصين ستقوم بتنسيق وتحسين السياسات لتقليل مخزون المساكن، وتحسين إجراءات السياسة للإسكان الجديد.

وقال شينغ: «اقترح الاجتماع حل مسألة مخزون المنازل وتحسين المنازل الجديدة، وهو ما يعني أن الصين قد تسمح للحكومات المحلية بشراء عقارات تجارية... وتحويلها إلى منازل سكنية بأسعار معقولة. وقد يكون هذا نقطة تحول مهمة بالنسبة لجانب العرض من العقارات».

وارتفعت أسهم شركات التطوير العقاري الصينية المتعثرة هذا الأسبوع، وسط تكهنات بأنه سيتم الكشف عن مزيد من إجراءات التحفيز قريباً للتخلص من وفرة المنازل غير المبيعة. وانخفضت أسعار المنازل الجديدة بأسرع وتيرة لها منذ أكثر من ثماني سنوات في مارس (آذار)، حيث أدت مشاكل ديون المطورين إلى تفاقم الطلب.

وقالت «شينخوا» إن كبار القادة أكدوا أيضاً على الحاجة إلى تطوير «قوى إنتاجية جديدة»؛ وفقاً للظروف المحلية.

ارتفاع وتيرة نمو التصنيع في أبريل

إلى ذلك، ارتفع مؤشر كايشين لمديري مشتريات قطاع التصنيع في الصين خلال أبريل إلى 51.4 نقطة، مقابل 51.1 نقطة في شهر مارس الماضي. وتشير قراءة المؤشر أكثر 50 نقطة إلى نمو النشاط الاقتصادي للقطاع، في حين تشير قراءة أقل من 50 نقطة إلى انكماش النشاط.

وجاء تحسن وتيرة نمو نشاط القطاع بفضل تحسن أحوال الطلب، حيث ارتفع المؤشر الفرعي للطلبيات الجديدة إلى أعلى مستوياته منذ عام، مدعوماً بالتحسن في أحوال الطلب وجهود شركات التصنيع للتسويق. كما ارتفعت الطلبيات من الخارج بأعلى وتيرة لها منذ حوالي ثلاث سنوات ونصف الساعة. وبحسب أعضاء لجنة المسح يشهد الطلب في السوق العالمية تحسناً في بداية الربع الثاني من العام الحالي.

في المقابل رفعت شركات التصنيع الصينية مستويات الإنتاج بأسرع وتيرة منذ مايو (أيار) الماضي. كما أظهرت بيانات القطاعات الفرعية تسجيل أسرع معدل للنمو في مؤشرات الطلبيات الجديدة والإنتاج والطلب التراكمي في قطاع السلع الاستثمارية.

في الوقت نفسه أظهر تقرير صادر عن مكتب الإحصاء الوطني الصيني استمرار نمو قطاع التصنيع خلال شهر أبريل ولكن بوتيرة أبطأ، حيث سجل مؤشر مديري المشتريات الصادر عن المكتب 50.4 نقطة، مقابل 50.8 نقطة خلال مارس الماضي، في حين كان المحللون يتوقعون تراجعه إلى 50.3 نقطة.

وذكر المكتب أن مؤشر مديري مشتريات قطاع الخدمات تراجع إلى 51.2 نقطة خلال أبريل، مقابل 53 نقطة خلال مارس الماضي. وسجل المؤشر المجمع لمديري مشتريات قطاعي الخدمات والتصنيع 51.7 نقطة خلال أبريل، مقابل 52.7 نقطة خلال مارس الماضي.


زيادة سكان الرياض إلى 15 مليوناً تسهم في تحولها لمدينة ذات اقتصاد مستقل

تحقيق المستهدف يحول الرياض إلى مدينة باقتصاد مستقل ومتوافق مع المدن العالمية الكبيرة (الشرق الأوسط)
تحقيق المستهدف يحول الرياض إلى مدينة باقتصاد مستقل ومتوافق مع المدن العالمية الكبيرة (الشرق الأوسط)
TT

زيادة سكان الرياض إلى 15 مليوناً تسهم في تحولها لمدينة ذات اقتصاد مستقل

تحقيق المستهدف يحول الرياض إلى مدينة باقتصاد مستقل ومتوافق مع المدن العالمية الكبيرة (الشرق الأوسط)
تحقيق المستهدف يحول الرياض إلى مدينة باقتصاد مستقل ومتوافق مع المدن العالمية الكبيرة (الشرق الأوسط)

وصف خبراء عقاريون توجه الرياض إلى زيادة عدد سكانها بنحو 15 مليون نسمة في 2030، بأنه سيسهم في تحولها إلى مدينة ذات اقتصاد مستقل، ويسرع استدامتها الاقتصادية، مشيرين إلى أن «موسم الرياض» والمشاريع الكبرى وخطط الحكومة ستسهم في تسريع وتيرة تحقيق مستهدفات العاصمة في 2030.

وبحسب الإعلان الرسمي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، فإن المنطقة تستهدف الوصول إلى 15 مليون نسمة بحلول عام 2030، نظراً لما تمتلكه من مقومات وممكنات جاذبة لتكون جزءاً من خطط تنويع مصادر الدخل ونمو الاقتصاد.

واستعان الكاتب والمختص في العقار، سامي عبد العزيز، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، بلغة الأرقام، لمعرفة أثر هذا التوجه على القطاع العقاري، فقال إن الفارق بين عدد السكان الحاليين والمستهدف بعد 5 سنوات ونصف السنة هو نحو 7.5 مليون نسمة، حيث تشير أحدث إحصائية إلى أن العاصمة تحتضن نحو 7.5 مليون نسمة، مضيفاً أن متوسط شاغلي الوحدات السكنية يصل إلى 7 أفراد، وبذلك يصبح عدد الوحدات المطلوب توفرها خلال تلك المدة 350 ألفاً حتى الوصول لعام 2030.

وأضاف المختص العقاري أن وزارة الإسكان ستقوم وحدها بتوفير نحو 300 ألف وحدة سكنية حتى التاريخ المستهدف، بالإضافة إلى ما سيوفره المطورون وشركات المقاولات والمستثمرون في القطاع، عادّاً أن ذلك سيسهم في زيادة المتوفر من الوحدات العقارية، وقد يفوق بذلك حاجة السوق، ما يسهم في استقرار الأسعار.

وأشار إلى أهمية دراسة باقي العناصر الخاصة بالسوق حتى تتضح الصورة بشكل أفضل أمام متخذي القرار. أبرزها: عدد الوحدات المطلوب توفرها خلال السنوات الخمس المقبلة، ومواقعها، ومساحات الوحدات التي ستساهم في تحقيق مستهدف 2030، وكذلك تكلفة إنشاء الوحدات والمرافق العامة والخدمات، وحجم مشاركة القطاع الخاص، وأيضاً مدى توفر السيولة النقدية مع راغبي الشراء بغرض السكن أو للاستثمار، ونوعية العملاء واختلاف احتياجاتهم وأذواقهم وثقافتهم، وخاصة الأجانب منهم.

ويرى أن «موسم الرياض» ومشاريع المدينة الكبرى ستصبح مساهماً كبيراً في تحقيق مستهدفات العاصمة في الوصول إلى 15 مليون نسمة في 2030، بفضل الأنشطة المتعددة، وما يحتويه الموسم من مناسبات ترفيهية عالمية ومتنوعة وجاذبة وترويج عالمي، جعل منه محركاً أساسياً في تنمية السياحة السعودية وزيادة الدخل ووضع البلاد في منظور الاهتمام لكل المؤسسات الاقتصادية الدولية، وساهم في زيادة عدد الزائرين للمملكة بصفة عامة، وللرياض بصفة خاصة.

من جهته، يرى المختص والراصد العقاري والمدير العام لـ«كيلر ويليامز السعودية»، المهندس أحمد الفقيه، أن الهدف متوقع نظراً لموقع الرياض، وباعتبارها من أكثر مدن الشرق الأوسط نمواً على المستويات الاقتصادية والسكانية كافة وغيرها، وكذلك ما تشهده المدينة من حراك كبير، بالتزامن مع «رؤية السعودية 2030».

ورأى الفقيه أن تحقيق المستهدف سيحوّل الرياض إلى مدينة ذات اقتصاد مستقل ومتوافق مع المدن العالمية الكبيرة التي تتميز باقتصاد مدن مستقل، لافتاً إلى أن العاصمة تقوم بوثبات سريعة لمسابقة الزمن، وصولاً إلى هذا الاتجاه. ومن ذلك الاستدامة الاقتصادية، باستضافتها «موسم الرياض» الذي أصبح وجهة دولية للسياح، وكذلك دخول قرار نقل المقارّ الإقليمية للشركات والمؤسسات التجارية للسعودية حيز النفاذ منذ بداية العام الحالي.

وأفاد الفقيه أن تلك العوامل ستسرع تحقيق مستهدفات المنطقة، ضمن «رؤية السعودية 2030»، في الزيادة السكانية، بالإضافة إلى ما تشهده من حراك كبير لزيادة العوامل الجاذبة للسكن وزيادة جاذبيتها للاستثمار ولرؤوس الأموال، ولاستهداف المدينة للعمل أو السياحة، ما سوف ينعكس على القطاع العقاري، الذي سيشهد نمواً كبيراً مستمراً وغير متأثر بأي عوامل أخرى، مثل ارتفاع الفائدة وغيرها.


«البنك الإسلامي» يعتزم إصدار صكوك بقيمة 6 مليارات دولار

محمد الجاسر يتحدث للحضور خلال المؤتمر الصحافي في الرياض (الشرق الأوسط)
محمد الجاسر يتحدث للحضور خلال المؤتمر الصحافي في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«البنك الإسلامي» يعتزم إصدار صكوك بقيمة 6 مليارات دولار

محمد الجاسر يتحدث للحضور خلال المؤتمر الصحافي في الرياض (الشرق الأوسط)
محمد الجاسر يتحدث للحضور خلال المؤتمر الصحافي في الرياض (الشرق الأوسط)

تعتزم مجموعة البنك الإسلامي للتنمية إصدار صكوك بأعلى قيمة لها على الإطلاق خلال العام الجاري تقدر بـ6 مليارات دولار، وذلك بعد أن تمكن من إصدار صكوك بقيمة 46 مليار دولار خلال السنوات الماضية، منها 5 مليارات دولار صكوك خضراء.

هذا ما قاله رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، محمد الجاسر، خلال مؤتمر صحافي أقيم الثلاثاء في الرياض، على هامش الاجتماعات السنوية للمجموعة، والاحتفال باليوبيل الذهبي للبنك، مشيراً إلى أهمية أن يدرك الجميع قيمة الصكوك الخضراء لتسريع الاستثمار في المشاريع الخضراء سواءً في الطاقة وغيرها.

وأوضح الجاسر أن مصر تعد من أكثر الدول المقترضة من مجموعة البنك الإسلامي بقيمة تصل إلى مليار ونصف المليار الدولار.


«مجموعة السبع» تتفق على التخلي عن الفحم بحلول 2035

أكوام من الفحم في محطة «هيكينان» للطاقة الحرارية بوسط اليابان العضو في «مجموعة السبع» (رويترز)
أكوام من الفحم في محطة «هيكينان» للطاقة الحرارية بوسط اليابان العضو في «مجموعة السبع» (رويترز)
TT

«مجموعة السبع» تتفق على التخلي عن الفحم بحلول 2035

أكوام من الفحم في محطة «هيكينان» للطاقة الحرارية بوسط اليابان العضو في «مجموعة السبع» (رويترز)
أكوام من الفحم في محطة «هيكينان» للطاقة الحرارية بوسط اليابان العضو في «مجموعة السبع» (رويترز)

توصلت دول «مجموعة السبع» المجتمعة في إيطاليا، الثلاثاء، إلى الاتفاق على التخلص التدريجي من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم من دون احتجاز الكربون بحلول عام 2035.

يعد الفحم الوقود الأكثر تلويثاً، واتفقت «مجموعة السبع» التي تضم إيطاليا وكندا وفرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة على «التخلص التدريجي من توليد الكهرباء باستخدام الفحم في أنظمة الطاقة خلال النصف الأول من ثلاثينات القرن الحالي أو وفق جدول زمني يتوافق مع الحفاظ على حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية، وفقاً لمسارات الحياد الكربوني».

وأعلنت الدول الأعضاء في المجموعة موقفها في بيان صحافي، في ختام اجتماع لوزراء البيئة والطاقة في دول «مجموعة السبع» في تورينو بشمال إيطاليا.

والاجتماع هو الأول بهذا الحجم بشأن المناخ منذ مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) الذي عُقد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في دبي.

وقالت دول «مجموعة السبع» إنها «تطمح» إلى خفض الإنتاج العالمي من البلاستيك من أجل التصدي بشكل مباشر للتلوث العالمي الناجم عن هذه المادة الموجودة في كل مكان في البيئة، من قمم الجبال إلى قاع المحيطات.

وجاء في البيان: «نحن ملتزمون باتخاذ إجراءات طموحة على امتداد دورة حياة المواد البلاستيكية لإنهاء التلوث البلاستيكي، وندعو المجتمع العالمي إلى أن يفعل الشيء نفسه».

وقال الوزراء إن الجهود الرامية إلى جمع الأموال لمساعدة الدول الفقيرة على مكافحة تغير المناخ يجب أن يشمل كل «الدول التي يمكنها المساهمة».

وبموجب اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ لعام 1992، التزمت بضع دول من ذوات الدخل المرتفع، التي كانت تهيمن على الاقتصاد العالمي في ذلك الوقت، بتمويل مكافحة الاحترار العالمي.

وتمثّل دول «مجموعة السبع» مجتمعة 38 في المائة من الاقتصاد العالمي، وهي مسؤولة عن 21 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة، وفقاً لأرقام عام 2021 الصادرة عن معهد تحليل المناخ.


أزعور: مراجعة السعودية لـ«رؤية 2030» تؤكد وعيها بالمتغيرات العالمية

TT

أزعور: مراجعة السعودية لـ«رؤية 2030» تؤكد وعيها بالمتغيرات العالمية

أزعور يتحدث في جلسة الطاولة المستديرة التي نظمها مركز «ثينك» للاستشارات (الشرق الأوسط)
أزعور يتحدث في جلسة الطاولة المستديرة التي نظمها مركز «ثينك» للاستشارات (الشرق الأوسط)

في الوقت الذي أكد فيه وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن بلاده ستتكيف مع التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية، وستعمل على مراجعة «رؤية 2030» لتحويل اقتصادها وفقاً لما تقتضيه الظروف، ما يقلص حجم بعض المشروعات ويسرع وتيرة مشروعات أخرى، أثنى مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الدكتور جهاد أزعور، على هذه التوجه قائلاً « أن السعودية تعي اليوم التغيرات العالمية التي تحصل بشكل متسارع، وأن عليها مواكبتها بمراجعة رؤيتها». وشدد على أهمية الإصلاحات الهيكلية التي تشكل الجزء الأكبر من عملية التحول الاقتصادي، لافتاً في المقابل إلى أن هناك عدداً من الإصلاحات المطلوبة، التي من شأنها أن تشجع دول «مجلس التعاون الخليجي» بأكملها على تكامل أفضل.

وأظهر التقرير السنوي لـ«رؤية 2030»، الصادر في ذكرى إطلاقها في 25 أبريل (نيسان) من عام 2016، أن 87 في المائة من أهداف هذه الخطة الطموحة مكتملة، أو تسير على الطريق الصحيحة، لكن التحديات المتنامية تعني أنه سيتم إجراء تعديلات على بعض الجوانب منها، كما أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، خلال فعاليات الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي انعقد في الرياض. إذ قال: «لقد تحقق كثير من الأهداف بشكل فائض عن الحد. ومن الواضح أن هناك تحديات... ولهذا أقول إنه ليس لدينا غرور، سنغير المسار، سنتأقلم، سنوسع بعض المشروعات، سنقلص حجم بعض المشروعات، وسنسرع وتيرة بعض المشروعات».

وفي جلسة حوار نظمها مركز «ثينك»، للأبحاث والاستشارات، التابع لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام»، حول «توقعات لاقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا... سياسات للتغلب على التحديات وتسخير الفرص»، وأدارتها المستشارة الأولى في الاقتصاد والسياسات العامة، هزار كركلا، قال أزعور إن رحلة التحول في السعودية مرت بـ3 مراحل، الأولى صياغة الرؤية، والثانية التأكد من نجاح التنفيذ، والثالثة أن تتكيف الاستراتيجية دوماً مع التغييرات والأولويات، «وهو ما يحصل اليوم، فالسعودية تعي أن هناك تغيرات عالمية تحصل بشكل متسارع، وعليها أن تواكب هذا الأمر بتعديل رؤيتها... وإلى جانب ذلك، فإن تركيز السعودية ينصب على معالجة نقاط الضعف، والتعرف على العناصر الناجحة، وضمان القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات الاقتصادية... إن التحرك بسرعة هو عنصر من عناصر النجاح».

وحدّد أولوية المرحلة الراهنة بالقدرة على التنبؤ، وفتح المجال أمام القطاع الخاص، عبر تعزيز الأسواق المالية من أجل الاستثمارات، وتحسين بيئة الأعمال والقدرة على الوصول إلى تمويل على مستوى الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وكان صندوق النقد الدولي قد خفّض توقعاته لنمو اقتصاد السعودية إلى 2.6 في المائة هذا عام من توقعاته السابقة في يناير (كانون الثاني) بـ2.7 في المائة، وقام في المقابل برفع توقعاته لنمو عام 2025 إلى 6 في المائة، مقابل 5.5 في المائة في توقعات يناير.

وقال أزعور: «قد يركز الناس دوماً على الأرقام الرئيسية للمشروعات الاستثمارية الكبرى، لكن ما صنع الجزء الأكبر من التحول هو الإصلاحات الهيكلية التي ساهمت في تحسين الإنتاجية وتقليص الحواجز وزيادة الوصول إلى الإصلاحات... أتت الإصلاحات الهيكلية ثمارها في تحديث الدولة، كما أثبتت خدمات الدولة فاعليتها. هناك تغيير وتحول في الذهنية ساعد في تسريع تلك الإصلاحات التي أصبح الناس الآن أكثر توافقاً معها... حتى إن الاصلاحات التي كانت الأكثر تحدياً تبين أنها قابلة للتنفيذ، وهناك اليوم نية لزيادة الأهداف التي وضعتها المملكة».

وأشار إلى أنه خلال السنوات الماضية بات اقتصاد السعودية أكثر ارتباطاً دولياً، حيث سمحت عضويته في مجموعة العشرين بأن يصبح تحت الأضواء، وأن يصار إلى تسريع الإصلاحات ليكون الاقتصاد أكثر إنتاجية وأكثر تنافسية، وذلك من خلال تنويع الإيرادات.

«لا شك أن هناك عدداً من الإصلاحات المطلوبة التي من شأنها أن تشجع دول مجلس التعاون الخليجي بأكملها على تكامل أفضل... ومن الممكن تسريع هذا التكامل بالتفكير مرة أخرى في السوق الموحدة، لتصبح دول مجلس التعاون الخليجي بأكملها أكثر قدرة على المنافسة، في عالم أصبحت فيه المنافسة أكثر صعوبة بسبب التطورات الجيوسياسية»، بحسب أزعور.

وعدّ أن «مجلس التعاون الخليجي» نقطة مضيئة في المنطقة التي تستمر فيها الأزمات. ففي الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولاً كبيراً، هناك تغيرات كبيرة تحدث في المنطقة، حيث تسارع خلال السنوات الأخيرة تنفيذ برنامج التحول الوطني، وبدأت المحركات الرئيسية للنمو تتحول من القطاعات الهيدروكربونية إلى الأنشطة غير الهيدروكربونية.

ولفت إلى أن الإصلاحات الهيكلية مكّنت دول «مجلس التعاون الخليجي» من إدارة الصدمات بفاعلية، ما أظهر قوتها خلال جائحة «كوفيد 19»، التي كانت اختباراً للإصلاحات التي نفّذتها. إذ نجحت في الحفاظ على جودة حياة المواطنين وتأمين حاجاتهم، والمحافظة على عمل الاقتصاد. مع إشارته إلى أنه «على الرغم من تشابه اقتصادات دول (مجلس التعاون الخليجي)، فإن المملكة العربية السعودية تمثل نحو 50 في المائة من الاقتصاد الإقليمي، ما يسلط الضوء على التحديات في المقارنة».

التعاون بين السعودية وصندوق النقد

هناك تعاون تاريخي بين صندوق النقد الدولي والسعودية، إذ شاركت المملكة بشكل كبير في التنسيق المالي العالمي، وكانت نشطة جداً في التفاعل، ومستوى تعاونهما عميق. وقال أزعور: «أصبح دعم صندوق النقد الدولي الآن أكثر تنسيقاً، والدعم السعودي هو واحد من أعلى الدعم، ويذهب مباشرة إلى البلدان التي تحتاج إلى المساعدة، أو من خلال وكالات مثلنا أو المنتدى الاقتصادي العالمي». وطالب في هذا الإطار الدول بأن تبدأ الإصلاح، قبل أن تطلب المساعدة أو الدعم.

الاستثمار الأجنبي

في شقّ آخر، قال أزعور إن الاستثمار الأجنبي المباشر شهد تراجعاً في العقد الماضي في المنطقة، بما في ذلك دول «مجلس التعاون الخليجي». إذ كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر المناطق جذباً للاستثمار الأجنبي المباشر قبل «كوفيد 19».

لكنه لفت إلى أنه «يتعين علينا أن يكون لدينا إيقاع مستدام للنمو والاستثمار الأجنبي المباشر... فحجم القطاع العام لا يزال مرتفعاً، كما عدد الكيانات المملوكة للدولة، وهناك عدد قليل من الدول الإقليمية التي يمكنها المنافسة على المستوى العالمي، ونحن بحاجة إلى مزيد منها. هناك حاجة إلى المنافسة بين مشروعات الدولة ومشروعات القطاع الخاص. وهذه هي إحدى فوائد المعجزة الآسيوية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وجعل الاستثمار الأجنبي المباشر أكثر تأثيراً من حيث النمو».

والمعجزة الآسيوية حصلت عندما حقّقت منطقة شرق آسيا معدلات قياسية مرتفعة من النمو الاقتصادي المستدام على مدى عقود من الزمن.

مخاطر

إلى ذلك، عدّ أزعور أن المخاطر السلبية أثّرت على البلدان ذات مستويات الديون المرتفعة، و«من الأهمية بمكان أن تقوم بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بخفض ديونها لتقليل آثار التضخم». وشرح أن «أزمة الشحن عبر البحر الأحمر تشكل صدمة، لكن إذا تم قياسها، فإن تكلفة الشحن عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال منخفضة نسبياً... الأمر الأكثر صعوبة في القياس هو إمكانية التنبؤ بما يحصل لقناة السويس التي يمر عبرها ثلث حاويات التسوق العالمية، ما يعكس أهميتها على المستوى العالمي».

ومن بين المخاطر أن اقتصادات دول «مجلس التعاون الخليجي» لا تتمتع جميعها بمستويات مرتفعة من الاحتياطيات، «وبالتالي، فإن تلك التي لا تزال احتياطياتها دون المستوى المطلوب لا يزال يتعين عليها التأكد من مقومات استقرار اقتصادها الكلي».

وكانت المديرة التنفيذية لمركز "ثينك" للابحاث والاستشارات نداء المبارك أكدت في بداية اللقاء على أهمية هذا الحوار في ظل التغيرات الحاصلة في المنطقة، وأشارت إلى أن المركز سينظم لقاءات حوارية لاحقة على مواضيع تهم المنطقة.