تركيا تصدر سندات مدعومة بالذهب للمستثمرين للتخفيف من أزمة الليرة

تركيا تصدر سندات مدعومة بالذهب للمستثمرين للتخفيف من أزمة الليرة
TT

تركيا تصدر سندات مدعومة بالذهب للمستثمرين للتخفيف من أزمة الليرة

تركيا تصدر سندات مدعومة بالذهب للمستثمرين للتخفيف من أزمة الليرة

تعتزم تركيا إصدار شهادات تأجير وسندات مدعومة بالذهب للمستثمرين الأفراد اعتبارا من الاثنين وسيدفع المستثمرون المقابل بالليرة، وسيكون السعر مرتبطا بمؤشر أسعار الذهب وبعائد نصف سنوي نسبته 1.2 في المائة.
وبحسب وزارة الخزانة والمالية التركية سيتلقى البنك الزراعي وفرع المعاملات الإسلامية به الطلبيات بهذه الشهادات والسندات.
في الوقت ذاته، أظهرت بيانات البنك المركزي التركي أن إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي للبنك تراجع ليصل في 31 أغسطس (آب) الماضي إلى 70.4 مليار دولار، من 72.9 مليار سجلها قبل 10 أيام.
وكشفت البيانات عن أن النقد الأجنبي، بحوزة المقيمين، انخفض بشكل طفيف إلى 152 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 31 أغسطس (آب)، مقارنة مع 152.8 مليار في 20 أغسطس.
ولم يكشف البنك المركزي عن سبب هبوط الاحتياطيات، لكنه جاء في وقت تعيش فيه تركيا أزمة اقتصادية، حيث تراجعت عملتها المحلية (الليرة التركية) بنسبة 42 في المائة خلال العام الجاري.
وتسارعت وتيرة هبوط الليرة التركية بفعل الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة حول مصير القس الأميركي أندرو برانسون الموقوف في تركيا، والذي يواجه اتهامات بالإرهاب.
ولجأت الحكومة التركية إلى محاولة جديدة لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وعلاج نقص العملة الأجنبية بالشروع في سحب 29 منتجاً (منها 21 سلعة إلكترونية مستوردة) من الأسواق.
وتعد هذه الخطوة اعترافا جديدا من حكومة الرئيس رجب إردوغان بخطورة الأزمة الراهنة، وكشفت وزارة الصناعة والتكنولوجيا عن قائمة السلع الجاري سحبها من الأسواق، التي تتصدرها محركات كهربائية ومجففات شعر وغلايات مياه وأحزمة أمان.
وتتصاعد حدة الخلاف التجاري بين تركيا والولايات المتحدة على خلفية عدد من القضايا. وكان الرئيس رجب طيب إردوغان دعا في أغسطس (آب) الماضي إلى مقاطعة المنتجات الإلكترونية الأميركية، مثل هواتف «آيفون» التي تنتجها شركة «آبل».
وقالت وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني إن تركيا تواجه نموّاً أبطأ، وتعديلات اضطرارية لفترة طويلة، متوقعة أن تدفع ظروف خارجية، أكثر قسوة وتشديداً، الحاجة إلى تعديلات في الاقتصاد التركي في الأجل القريب.
في غضون ذلك، قال وزير الصناعة والتجارة الروسي، دينيس مانتوروف، إن شركات تصنيع السيارات الروسية ستتحول إلى العملات الوطنية عند السداد لتركيا من أجل شراء قطع السيارات، وقد قامت شركات عده بالإعلان عن خططٍ للقيام بذلك. وأضاف أن المنتجين الأتراك يتوجهّون الآن إلى صفقات بالعملات الوطنية «بسرورٍ كبير».
وأشار مانتوروف إلى أن التحول إلى العملات المحلية مفيدٌ دائماً للحماية من المخاطر، معلقا بأن «الليرة ضعفت، والروبل ضعيف بعض الشيء، إن التوجه للعملات المحلية سيكون مريحاً بالنسبة لنا».
وأوضح مانتوروف: «لا أستطيع أن أقول بالضبط ما إذا كان منتجونا قد تحوّلوا اليوم إلى المشتريات بالعملات المحلية لأن عدد منتجينا أكبر من اللازم. ومع ذلك، ووفقاً للمقابلات التي أجريناها مع عددٍ من الشركات المصنّعة منذ شهر، فإنهم كانوا يخططون للتحويل (والتجارة بالعملة المحلية) في المستقبل القريب».
وقال إن روسيا تعمل بنشاطٍ من أجل التحول إلى عمليات البيع والشراء بعملاتٍ وطنية مع دولٍ في الشرق الأوسط، وجنوب شرقي آسيا، وأميركا اللاتينية، وأفريقيا.
وباتت قضية البحث عن وسيلة بديلة في المعاملات المالية، التي من شأنها أن تقلل من هيمنة الدولار في التجارة الدولية، موضوعاً ساخناً مؤخراً، خاصة بعد فرض العقوبات الأميركية على إيران وروسيا، ما أدى إلى صعود الأصوات الناقدة ضد الدولار والباحثة عن حلولٍ ملموسة لزيادة حصة العملات الأخرى في الأسواق التجارية والمالية.
وعمدت كل من تركيا وروسيا، اللتين تعرّضتا للعقوبات الأميركية، إلى تعجيل جهودهما في الآونة الأخيرة من أجل زيادة استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية.
وأعلن الرئيس رجب طيب إردوغان، في وقتٍ سابق، أن تركيا تستعد لتعزيز التجارة مع شركائها التجاريين الكبار، بما في ذلك روسيا والصين وإيران وأوكرانيا، بالعملات المحلية بدلاً عن الدولار الأميركي، مؤكداً أنهم مستعدون أيضاً للقيام بالشيء نفسه مع الدول الأوروبية.
وحظيت هذه الدعوة بدعمٍ من موسكو، حيث قال الكرملين إن روسيا تحثُّ على اتخاذ ترتيباتٍ مع جميع الدول لإجراء تجارة بالعملة الوطنية.
وقال إردوغان إن اعتماد التجارة الدولية على الدولار يجب أن ينخفض لأنه أصبح مشكلة كبيرة وبشكلٍ متزايد.
وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، أصدرت تركيا وإيران خطاب الاعتماد الأول في شكل مقايضة العملة الوطنية لتبادل الريال الإيراني والليرة التركية، وستعمل المقايضة على تسهيل التجارة والمعاملات بين البلدين.
وبموجب هذا النظام، لن تكون هناك حاجة للاعتماد على عملة طرفٍ ثالث، مثل الدولار الأميركي أو اليورو، بحسب ما نُقل عن البنك المركزي الإيراني.
وعلاوة على ذلك، تستعد تركيا أيضاً لإصدار أول سنداتٍ مقوّمة بالريمينبي الصيني هذا العام.



شركات الطيران الخليجية تتحدى الأزمات الجيوسياسية وتحقق أداءً مميزاً

والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
TT

شركات الطيران الخليجية تتحدى الأزمات الجيوسياسية وتحقق أداءً مميزاً

والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)

تواجه صناعة الطيران العالمية تحديات كبيرة في ظل التأخير المستمر في تسليم الطائرات ومشكلات سلسلة التوريد التي تؤثر بشكل ملحوظ في الإيرادات والتكاليف. ومع ذلك، تبرز منطقة الشرق الأوسط مثالاً على النجاح في هذا المجال، حيث تمكنت شركات الطيران في المنطقة من تحقيق أداء مالي متميز في عام 2024 بفضل استثمارات كبيرة في البنية التحتية والسياسات الحكومية الداعمة. وبينما تواجه شركات الطيران العالمية ضغوطاً متزايدة، تواصل الناقلات الخليجية تعزيز مكانتها في السوق، مستفيدةً من فرص النمو التي تقدمها البيئة الاقتصادية والجيوسياسية.

الشرق الأوسط يحقق أفضل أداء مالي

حققت منطقة الشرق الأوسط أفضل أداء مالي في 2024 على صعيد المناطق الجغرافية، حيث سجلت شركات الطيران في المنطقة أعلى ربح صافي لكل راكب بلغ 23.1 دولار، مع توقعات بنمو هذا الرقم بنسبة 8.2 في المائة ليصل إلى 23.9 دولار في العام المقبل.

واستفادت المنطقة من استثمارات كبيرة في البنية التحتية، والسياسات الحكومية الداعمة. كما كانت الوحيدة التي شهدت زيادة في عائدات الركاب في عام 2024، بدعم من أعمال قوية طويلة المدى.

وعلى الرغم من الحرب في غزة، ظلت الناقلات الخليجية غير متأثرة إلى حد كبير. ولكن من الممكن أن تتأثر أهداف النمو الطموحة لعام 2025 بقضايا سلاسل التوريد مع التأخير في تسليم الطائرات ومحدودية توافر المحركات، حسب «إياتا».

وفي هذا السياق، قال المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي ويلي والش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مساهمة صافية أعلى لكل راكب قادم من منطقة الشرق الأوسط مما يوحي بأن هذه الشركات لم تتأثر بالاضطرابات الكبيرة التي حدثت في المنطقة». وأوضح أن «هناك شركات طيران في المنطقة تعاني بشدة بسبب الوضع الراهن، وتواجه تحديات كبيرة في التعامل مع الظروف الحالية، في حين أن هناك شركات أخرى تحقق أداءً جيداً بوضوح.

وبيّن والش أن «السبب الرئيسي وراء تركيز الأرقام على الربحية الصافية لكل راكب يعود إلى أن المحاور العالمية في المنطقة تتمتع بنسب عالية من الركاب المميزين، مما يعزز حركة المرور، بالإضافة إلى المساهمة الكبيرة لشحنات البضائع في هذه الأرباح».

وأوضح أن شركات الطيران السعودية تستفيد بشكل كبير من قطاع الشحن الجوي رغم الأوضاع الجيوسياسية.

وأشار والش إلى أن «من المحتمل أن يكون إغلاق المجال الجوي الروسي قد عاد بالفائدة على المنطقة، حيث يتدفق الركاب عبر المحاور الرئيسية في المنطقة مثل دبي وأبوظبي والدوحة بدلاً من الرحلات المباشرة من أوروبا. كما أن قلة النشاط المباشر بين الولايات المتحدة والصين أدت إلى استفادة هذه المحاور من حركة المرور القادمة من أميركا إلى الصين».

وأضاف: «مع ذلك، هناك شركات في المنطقة تأثرت بشكل كبير بالأحداث في غزة، حيث لا تستفيد بنفس القدر من حركة المرور التي تمر عبر المحاور الكبرى في المنطقة، كونها لا تمتلك مراكز تشغيل محورية كبيرة».

تأثيرات سلبية على صناعة الطيران

على الصعيد العالمي، تعاني شركات الطيران العالمية جراء تأخير تسليمات الطائرات، وهي مشكلة يرجّح الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) استمرارها في العام المقبل والتي ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف والحد من النمو».

ويكافح عملاقا الطيران «بوينغ» و«إيرباص» من أجل تحقيق أهداف تسليمات طائراتها وسط تحديات سلسلة التوريد. وإذ يتوقع «إياتا» ارتفاع تسليمات الطائرات في العام المقبل إلى 1802 طائرة، فإنه قال إن هذا العدد لا يزال أقل بكثير من توقعاته السابقة البالغة 2293 طائرة بداية العام، متوقعاً استمرار مشكلات سلسلة التوريد الخطيرة في التأثير على أداء شركات الطيران حتى عام 2025.

وتسبب مشكلات سلسلة التوريد إحباطاً لكل شركة طيران، وتؤثر سلباً في الإيرادات والتكاليف والأداء البيئي، وفق ما قال والش. وأضاف: «بلغت عوامل التحميل مستويات قياسية مرتفعة ولا شك أنه إذا كان لدينا مزيد من الطائرات، فيمكن نشرها بشكل مربح، وبالتالي فإن إيراداتنا معرَّضة للخطر. وفي الوقت نفسه، فإن الأسطول القديم الذي تستخدمه شركات الطيران لديه تكاليف صيانة أعلى، ويستهلك مزيداً من الوقود، ويتطلب مزيداً من رأس المال لإبقائه في الخدمة».

كما ارتفعت أسعار التأجير أكثر من أسعار الفائدة، حيث أدت المنافسة بين شركات الطيران إلى تكثيف التنافس لإيجاد كل طريقة ممكنة لتوسيع السعة. وبالنسبة إلى والش، فإن «هذا هو الوقت الذي تحتاج فيه شركات الطيران إلى إصلاح ميزانياتها العمومية المتهالكة بعد الوباء، لكن التقدم مقيد فعلياً بقضايا سلسلة التوريد التي يحتاج المصنعون إلى حلها».

شعار اتحاد النقل الجوي الدولي «إياتا» (الشرق الأوسط)

عائدات ضخمة

وفي توقعات متفائلة ولكنها مليئة بالتحديات، يتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن تتجاوز عائدات صناعة الطيران تريليون دولار بحلول عام 2025، مصحوبةً بأرقام قياسية في أعداد المسافرين. ومع ذلك، فإن نمو الصناعة يعوقه في الوقت الحالي التأخير الكبير في تسليم الطائرات من «بوينغ» و«إيرباص».

ويتوقع والش أن تحقق شركات الطيران أرباحاً بقيمة 36.6 مليار دولار في 2025، بفعل عوامل كثيرة، بما في ذلك الاستفادة من انخفاض أسعار النفط، وتحقيق مستويات تحميل تفوق 83 في المائة، بالإضافة إلى السيطرة على التكاليف والاستثمار في تقنيات إزالة الكربون. لكنه لفت إلى أن هذه الأرباح ستكون محدودة بسبب التحديات التي تتجاوز سيطرة شركات الطيران، مثل القضايا المستمرة في سلسلة التوريد، والنقص في البنية التحتية، والتشريعات المعقدة، وزيادة الأعباء الضريبية.

ومن المرجح أن تسجل صناعة الطيران أرباحاً تشغيلية تبلغ 67.5 مليار دولار، مع هامش ربح تشغيلي قدره 6.7 في المائة، وهو تحسن طفيف عن التوقعات لعام 2024 البالغة 6.4 في المائة، وأن تحقق الصناعة عائداً على رأس المال المستثمَر بنسبة 6.8 في المائة في 2025، وهو تحسن من نسبة 6.6 في المائة المتوقعة لعام 2024.

ويتوقع أيضاً أن يشهد قطاع الطيران نمواً في العمالة، إذ من المتوقع أن يصل عدد موظفي شركات الطيران إلى 3.3 مليون شخص في 2025، ليشكلوا جزءاً من سلسلة القيمة العالمية للطيران التي تشمل 86.5 مليون شخص وتساهم بمبلغ 4.1 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، ما يعادل 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وعلى صعيد حركة الركاب، يتوقع «إياتا» أن يتجاوز عدد الركاب في العام المقبل 5.2 مليار للمرة الأولى، بزيادة قدرها 6.7 في المائة مقارنةً بعام 2024، وأن ينمو حجم الشحن الجوي بنسبة 5.8 في المائة ليصل إلى 72.5 مليون طن في الفترة ذاتها.

وفيما يتعلق بالشحن الجوي، يتوقع أن تبلغ إيرادات الشحن 157 مليار دولار في 2025، حيث ستنمو الطلبات بنسبة 6.0 في المائة، مع انخفاض طفيف في العائدات بنسبة 0.7 في المائة، رغم أن المعدلات ما زالت تتفوق على مستويات ما قبل الجائحة.

وستنمو تكاليف الصناعة بنسبة 4.0 في المائة في 2025 لتصل إلى 940 مليار دولار.

ومن أبرز التكاليف غير المتعلقة بالوقود، توقعت «إياتا» زيادة كبيرة في تكاليف العمالة، إلى 253 مليار دولار في 2025، وبنسبة 7.6 في المائة عن العام السابق. كما رجحت أن ترتفع تكاليف الوقود بنسبة 4.8 في المائة إلى 248 مليار دولار، رغم انخفاض أسعار النفط إلى 87 دولاراً للبرميل في 2025، وهو انخفاض من 99 دولاراً 2024.

وأشارت البيانات أيضاً إلى أن المخاطر السياسية والاقتصادية، مثل النزاعات الجيوسياسية والحروب التجارية، قد تؤثر في التوقعات المالية للقطاع، خصوصاً في ظل الاضطرابات المستمرة في أوروبا والشرق الأوسط.