إلغاء حكم قضائي يمنع قيادات «حزب مبارك» من الترشح في الانتخابات بمصر

مقيم الدعوى لـ «الشرق الأوسط»: الأحزاب ستسعى وراء أعضاء «الوطني» لضمهم

مبنى الحزب الوطني المحترق ينتظر قرار الحكومة بهدمه («الشرق الأوسط»)
مبنى الحزب الوطني المحترق ينتظر قرار الحكومة بهدمه («الشرق الأوسط»)
TT

إلغاء حكم قضائي يمنع قيادات «حزب مبارك» من الترشح في الانتخابات بمصر

مبنى الحزب الوطني المحترق ينتظر قرار الحكومة بهدمه («الشرق الأوسط»)
مبنى الحزب الوطني المحترق ينتظر قرار الحكومة بهدمه («الشرق الأوسط»)

قضت محكمة استئناف مصرية أمس بإلغاء حكم سابق يمنع قيادات الحزب الوطني «المنحل»، من خوض أي انتخابات مقبلة، وجاء الحكم قبل أشهر قليلة من إجراء انتخابات مجلس النواب (البرلمان)، التي تسعى عدة أحزاب في الوقت الحالي لتشكيل تحالفات قوية تمكنها من المنافسة فيها. ويأتي الحكم استجابة لدعوى أقامها الأعضاء السابقون في الحزب، نبيل لوقا بباوي وتوفيق عكاشة وطلعت القواس. وقال بباوي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «إلغاء حكم منع قيادات الوطني من خوض الانتخابات يتفق مع صحيح الدستور والقانون، فالدستور يؤكد أن العقوبة شخصية، في حين جاء الحكم السابق بعقوبة جماعية دون توجيه اتهام لهؤلاء الأشخاص». وتابع متسائلا: «هل يجوز عزل كل المحامين أو الصحافيين أو الأطباء بصفتهم؟».
وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة (أول درجة) أصدرت حكما في شهر مايو (أيار) الماضي، بعدم أحقية أعضاء «الوطني»، الذي كان يتولى رئاسته رئيس الجمهورية الأسبق حسني مبارك، في الترشح للانتخابات المقبلة، وعلى رأسها الانتخابات البرلمانية، في ضوء دعوى قضائية أقامتها إحدى المحاميات، استندت فيها لحكم صدر عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، بحل الحزب الوطني وتصفية أمواله وجميع ممتلكاته لصالح الدولة، «لدوره في اختيار الحكومات الفاسدة، وسن التشريعات التي تتناقض مع الدستور، وتعطيل وعدم تنفيذ أحكام القضاء».
لكن محكمة مستأنف الأمور المستعجلة ألغت في جلستها المنعقدة أمس ذلك الحكم، وأوضحت المحكمة في أسباب حكمها أن محاكم الأمور المستعجلة غير مختصة بنظر مثل هذا النوع من الدعاوى القضائية، التي يخضع الاختصاص فيها إلى محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة دون غيرها من المحاكم. وقال مصدر قضائي إنه لا يجوز الطعن على قرار المحكمة بإلغاء الحكم بمنع قيادات الحزب الوطني من الترشح في الانتخابات.
وأوضح بباوي، البرلماني السابق لنحو 20 عاما، أن هناك 16 حكما مماثلا صدرت من المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض، واجبي الاحترام والتنفيذ، مشيرا إلى أن هذا الحكم يجب أن يعمم على جميع القضايا من هذا النوع، بما فيها حظر ترشح أعضاء جماعة الإخوان المسلمين. وسبق أن أصدرت محكمة الأمور المستعجلة بالإسكندرية حكما قضائيا في 15 أبريل (نيسان) الماضي، بمنع ترشح أي من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات المقبلة.
وأكد بباوي أنه لن يخوض الانتخابات المقبلة، لكنه توقع أن تسعى معظم الأحزاب الحالية وراء أعضاء الحزب الوطني السابقين لضمهم وخوض الانتخابات على قوائمهم، لأن لهم قبائل وعصبيات، مشيرا إلى أن «لعبة الانتخابات ليست بالظهور الإعلامي، إنما بالاختلاط بالناس وتقديم الخدمات في الشارع، وهو ما ينطبق على أعضاء الوطني السابقين». وأضاف: «لن يوجد شيء اسمه الحزب الوطني؛ فهو حزب سابق لن تقوم له قائمة، لكن أعضاءه الآن تخطفتهم الأحزاب وأصبحوا منضوين في أحزاب أخرى يدفعون اشتراكاتها».
ومن المقرر أن يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، البدء في إجراءات الانتخابات البرلمانية بدءا من 18 يوليو (تموز) الحالي، حيث ينص الدستور، على بدء إجراءات الانتخابات النيابية قبل مرور ستة أشهر على إقرار الدستور.
وتسعى عدة أحزاب مصرية حاليا إلى تشكيل تحالفات جديدة لخوض تلك الانتخابات، التي ستجرى وفقا للنظام المختلط (ثلثان للفردي، وثلث للقائمة)، وفي ظل غياب جماعة الإخوان المسلمين، أكبر كتلة في البرلمان السابق، بعد أن جرى تصنيفها رسميا «جماعة إرهابية» في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ومن أبرز التحالفات المزمع إنشاؤها، «تحالف القوى المدنية» بقيادة عمرو موسى، رئيس «لجنة الخمسين» التي أعدت الدستور، إضافة إلى «تحالف قوى اليسار» الذي تقوده أحزاب الدستور، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والتيار الشعبي الذي يرأسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وحزب الكرامة، في حين من المرجح أن يخوض حزب النور السلفي الانتخابات منفردا ممثلا للتيار الإسلامي.
وعقد عمرو موسى اجتماعا مهمّا أمس مع ممثلي أحزاب المصري الاجتماعي الديمقراطي والوفد والمصريين الأحرار والمؤتمر والإصلاح والتنمية و«تمرد» واتحاد العمال والفلاحين، لبحث إنشاء تحالف «الأمة المصرية» الانتخابي، لخوض انتخابات البرلمان على قائمة موحدة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.