تنظيم معارض «يختبر» السلطات الجزائرية بمظاهرات خارج العاصمة

TT

تنظيم معارض «يختبر» السلطات الجزائرية بمظاهرات خارج العاصمة

أعلنت شخصيات سياسية ومحامون وصحافيون في الجزائر، ينتمون إلى المعارضة، عن تنظيم مظاهرة السبت المقبل في مدينة قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة)، فيما يبدو بمثابة اختبار للحكومة، التي تقول إنها لا تقبل المظاهرات والمسيرات بالعاصمة لـ«دواع أمنية»، بينما لا تجد حرجا في نقلها إلى أي ولاية أخرى.
وأبلغت «مواطنة»، وهي تنظيم سياسي معارض، وسائل الإعلام المحلية أمس بأنها «حضّرت جيدا» للاحتجاج الذي تعتزم تنظيمه بوسط مدينة قسنطينة. وقال ناشطون في التنظيم إنهم لم يطلبوا ترخيصا من سلطات ولاية قسنطينة، على عكس ما يفرضه قانون التجمعات، الذي يشترط تقديم طلب للجهة المعنية في حال أراد أشخاص عقد اجتماع عام، سواء في الشارع أو في قاعة مغلقة. ويرجح مراقبون أن الحكومة سترفع «سلاح القانون» في وجه أصحاب المبادرة، الذين يرون أنه لا جدوى من تقديم طلب بهذا الخصوص لأن الحكومة سترفضه في كل الأحوال، حسب تعبيرهم. لكنهم يسعون إلى اختبار مدى احترام تعهداتها بشأن عدم اعتراض المظاهرات إن تمت بعيدا عن العاصمة.
وشارك في الإعداد للمظاهرة رئيس الحكومة سابقا أحمد بن بيتور، ووزير الخزينة العمومية سابقا، علي بن واري، ورئيسة «مواطنة» القاضية سابقا زبيدة عسول، والصحافي الشهير سعد بوعقبة المعروف بكتاباته المعارضة للحكومة. زيادة على المحامي والناشط الحقوقي عبد الغني بادي، والطبيبة المعارضة المشهورة أميرة بوراوي، ورئيس «جيل جديد» (حزب ليبرالي) سفيان جيلالي. وقالت عسول لـ«الشرق الأوسط» إن الاحتجاج سيبدأ في شكل مسيرة تنطلق من ملعب المدينة لتصل إلى «ساحة الأبراش» بوسط قسنطينة. موضحة أن المبادرة «محمية بقوة الدستور، الذي ينص في مادته 49 على أن حرية التظاهر السلمي مكفولة للمواطن، ونحن لا نطالب إلا باحترام الدستور».
وسيغيب عن مظاهرة السبت شخصيات معارضة كبيرة، أبرزها رئيس الحكومة سابقا علي بن فليس، ورئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» عبد الرزاق مقري، ومرشحة الرئاسة سابقا لويزة حنون، زيادة على المعارض الإسلامي الكبير الشيخ عبد الله جاب الله، ومسؤولي «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم أحزاب معارضة. وقد أعلن هؤلاء أنهم «يفضلون التعبير عن مواقفهم من النظام بأشكال مختلفة»، بمعنى أنهم يتحاشون الصدام مع قوات الأمن في الشوارع.
ويترقب أن يطالب المعارضون في «الوقفة الاحتجاجية» بإلغاء المرسوم التنفيذي، الذي أصدرته الحكومة عام 2001 بمنع المظاهرات في العاصمة، وهو النص الذي جاء إثر وقوع قتلى وجرحى وخراب في المرافق العامة أثناء مسيرة نظمها تنظيم قبلي أمازيغي، احتجاجا على مقتل شخص برصاص دركي. ولا يوجد أثر لهذا المرسوم بالجريدة الرسمية، وذلك أحد أوجه احتجاج المعارضة عليه.
وتقول «مواطنة» إن الحكومة تسمح بالمظاهرات في العاصمة عندما ينظمها مشجعو نوادي كرة القدم، بينما تمنعها عن الأحزاب. أما رئيس الوزراء أحمد أويحيى فصرح مؤخرا بأن «السلطة لن تعترض على تنظيم المسيرات عندما تتأكد من قدرة المعارضة على إبعاد احتمالات انزلاق». وكان يشير ضمنا إلى مظاهرات 14 يونيو (حزيران) 2001 الدامية.
وهاجمت «مواطنة» أمس رئيسي غرفتي البرلمان عبد القادر بن صالح وسعيد بوحجة، اللذين انتقدا بشدة «رفض المعارضة الحوار الذي يقترحه عليها رئيس الجمهورية». وقالت عسول: «أنتم تستحلون مهاجمة المعارضة، التي تستعمل الأدوات والحريات والحقوق القانونية، التي يتيحها تعديلكم الدستوري (صدر مطلع 2016)، لا سيما المادة 49 منه، بهدف لقاء المواطنين وشرح مبادرة سياسية سلمية لإخراج البلاد من أزماتها المتعددة، التي كُنتُم سببا فيها، من خلال غياب رؤية واضحة، وغياب الحوكمة الرشيدة وانتشار الفساد بكل أشكاله، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، وتعميم الرداءة في كل مستويات مؤسسات الدولة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».