الاشتباكات تتصاعد في طرابلس... وأميركا تهدد بمعاقبة المتورطين

حكومة السراج تندد بمحاولة لتقويض وقف إطلاق النار

TT

الاشتباكات تتصاعد في طرابلس... وأميركا تهدد بمعاقبة المتورطين

اشتعلت المواجهات، أمس، مجدداً بين الميلشيات المسلحة، التي استخدمت مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في شوارع العاصمة الليبية طرابلس، ما استدعى تهديداً مباشراً وعلنياً من أميركا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا للمرة الثانية بمعاقبة ومحاسبة المتورطين في تقويض الأمن والاستقرار، على الرغم من إعلان حكومة الوفاق الوطني دخول هدنة وقف إطلاق النار في المدينة حيز التنفيذ، برعاية أممية في وقت متأخر من مساء أول من أمس.
وفى ثاني بيان من نوعه خلال أقل من أسبوع واحد، أدانت حكومات فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، أمس، بشدة، «استمرار تصعيد العنف في طرابلس وما حولها، بعد أن تسبب في وقوع كثير من الإصابات، وتعريض أرواح مدنيين أبرياء للخطر»، مؤكدة أن «القانون الإنساني الدولي يحظر استهداف المدنيين والاعتداءات العشوائية».
واعتبر البيان أن «هذه المحاولات التي ترمي لإضعاف السلطات الليبية الشرعية، وعرقلة مسار العملية السياسية غير مقبولة... ونحن نهيب بالجماعات المسلحة وقف كافة العمليات العسكرية فوراً، ونحذر من يعملون على تقويض الأمن في طرابلس، ومناطق أخرى في ليبيا، بأنهم سوف يحاسبون على أفعالهم».
كما جددت الدول الأربعة ما سمته بـ«تأييدها القوي المستمر لخطة عمل الأمم المتحدة»، وفق ما أشار إليه رئيس مجلس الأمن الدولي، وغسان سلامة رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا في شهر يوليو (تموز) الماضي، كما دعت جميع الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراء يقوض الإطار السياسي، الذي أسسته الوساطة بقيادة الأمم المتحدة، الذي يلتزم به المجتمع الدولي التزاماً تاماً، على حد تعبيرها.
في غضون ذلك، دخلت إيطاليا على خط الأوضاع في طرابلس من خلال اتصال هاتفي أجراه وزير خارجيتها إينزو ميلانيزي مع محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة الوفاق الليبي، تم خلاله الاطمئنان على تطورات الأوضاع في العاصمة طرابلس، بحسب مكتب سيالة.
وبعد ساعات من إعلان حكومة السراج التوصل إلى هدنة، قالت مديرية أمن طرابلس إن ثلاثة أشخاص أصيبوا بجروح جراء سقوط قذائف على فندق وسط طرابلس بالقرب من مقر حكومة السراج، التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة.
وأوضحت المديرية، في بيان لها، أن قذائف سقطت على فندق «الودان» بطرابلس في الساعة الخامسة والنصف صباحاً أمس بالتوقيت المحلي، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح، مشيرة إلى سقوط قذيفة أخرى قرب مقر رئاسة الحكومة، ما ألحق خسائر مادية في منزل وعيادة طبية. كما تحدثت تقارير أيضاً عن سقوط قذيفة في محيط السفارة الإيطالية بطرابلس. لكن السفارة لم تؤكدها، بينما أظهرت صور فوتوغرافية نشرتها وكالة الأنباء الليبية، الموالية لحكومة السراج، سقوط عدد من القذائف العشوائية على منازل المواطنين في عدة مناطق سكنية، وقالت الوكالة إن هذا القصف أسفر عن أضرار مادية فقط.
من جانبها، نددت وزارة الداخلية في حكومة السراج بمحاولة البعض تقويض وقف إطلاق النار، وخرق الهدنة بإطلاق القذائف والصواريخ العشوائية على مدينة طرابلس، ما نتج عنه ترهيب المواطنين وإلحاق أضرار مادية، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة.
كما تحدثت الوزارة، في بيان لها، مساء أمس، عن سقوط عدد غير معلوم من القتلى والجرحى من المدنيين، قبل أن تدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته تجاه هذه الخروقات، وتحميل المسؤولية على الجهة التي يثبت اختراقها لوقف إطلاق النار.
من جهة ثانية، تسبب سقوط قذائف عشوائية في محيط مطار معيتيقة الدولي بطرابلس في تعليق الرحلات الجوية لمدة يومين، حيث أعلنت إدارة المطار، في بيان مقتضب، أن «الملاحة الجوية بالمطار توقفت لمدة 48 ساعة مبدئياً، وتم نقل الرحلات لمطار مصراتة الدولي» على بعد 200 كيلومتر شرق طرابلس. وأكد مصدر أمني أن هذا القرار جاء بسبب سقوط قذائف صاروخية في محيط المطار، مشيراً إلى سقوط أربع قذائف صاروخية بشكل عشوائي في محيط المطار، وعند البوابة الشرقية له.
ونفى مسؤولون في اللواء السابع مسؤوليتهم عن خرق الهدنة، وقالوا إنهم لا يعرفون مصدر القذائف العشوائية، التي تنهال على المدنيين في طرابلس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».