تحييد التطبيع مع النظام السوري لا يسهّل ولادة الحكومة

ميقاتي تحدث عن إمكانية تفعيل دور حكومة تصريف الأعمال

TT

تحييد التطبيع مع النظام السوري لا يسهّل ولادة الحكومة

يدور ملف تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة في حلقة مقفلة، يصعب الخروج منها في ظلّ تصلّب الأطراف الداخلية بمواقفها، ورفضها تقديم تنازلات تسهّل مهمّة الرئيس المكلّف سعد الحريري. ورغم محاولات البعض إبعاد الضغوط الخارجية عن ملف التأليف، انطلاقاً من إعلان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، تحييد تشكيل الحكومة عن ملف تطبيع العلاقة مع النظام السوري، يرى آخرون أن الحزب يحاول ترحيل هذا الملفّ إلى ما بعد ولادة الحكومة، ليفرضه ضمن البيان الوزاري.
وتبدو العقد الداخلية المعرقلة لتشكيل الحكومة عصيّة على الحلّ، بسبب ربط ملف الحكومة باستحقاق الانتخابات الرئاسية، على حدّ تعبير عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار، الذي استبعد تأثير العوامل الخارجية على تشكيل الحكومة، ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يمنع تشكيل الحكومة أسباب داخلية تتعلّق بالأحجام، وفتح معركة رئاسة الجمهورية بشكل مبكر»، مشيراً إلى أن «الفريق الآخر (حزب الله وحلفاؤه) يرفع أحياناً شعارات التدخل الخارجي، من باب اتهامنا في تيار (المستقبل) بأننا نخضع لتأثير خارجي، والزعم بأن الخارج يرغب في تأخير الحكومة بانتظار متغيرات تحصل، وهذا كلّه أكاذيب». وقال الحجار: «هناك أطراف داخلية تحاول إخفاء الأسباب الحقيقية، وترفع سقف مطالبها للحصول على حصة كبيرة في حكومة قد يستغرق عمرها أربع سنوات». وأضاف: «عندما تتوفر إرادة صادقة لدى الأطراف تتشكل الحكومة بساعة واحدة».
وتتفق كلّ الأطراف على ضرورة إخراج الحكومة الجديدة من أسر الشروط المتبادلة، ووضع العراقيل أمام تشكيلها، واعتبر النائب السابق عن «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا، أنه «لا يمكن وضع كلام نصر الله عن تحييد العلاقات مع سوريا، إلا في إطار الإعلان عن حاجته لتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، وترحيل الملفات الخلافية إلى ما بعد التأليف، لا سيما موضوع التطبيع مع النظام السوري والبيان الوزاري». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا كان نصر الله غير مستعجل عملية التطبيع مع دمشق، فإن (فريقه) يقول غير ذلك، إذ بوجود حملة في الإعلام التابع للحزب تستعجل التطبيع، وتروّج لمزاعم ولقاءات مسؤولين أميركيين مع قيادات في النظام السوري، وهذا الفريق يريد منا أن نعترف بانتصار نظام الأسد»، مشيراً إلى أن «عدم استعجال نصر الله بالتطبيع مع سوريا، لا يعني تخليه عن هذا المطلب، بل هو يعوّل على حلفائه، بدليل أنه عندما أعلن الحريري أنه يرفض كليّاً التطبيع مع النظام السوري، جاء الردّ من رئاسة الجمهورية، باتصال الرئيس ميشال عون بالأسد، وبالتالي (حزب الله) ليس بوارد خوض معارك ما دام أن هناك من يخوضها نيابة عنه بشكل هادئ».
ورغم انفتاح الرئيس المكلّف سعد الحريري على كلّ الأطراف، واستعداده للحوار مع الجميع، بما يسهّل ولادة حكومته بأسرع وقت، حدد شروطاً لا يمكن تخطيها، تبدأ بعدم القبول بحكومة أكثرية أو إعطاء الثلث المعطل لأي طرف، والتمسّك بحكومة وفاق وطني يتمثّل فيها الجميع، وتنتهي برفضه التطبيع مع النظام السوري لأي سبب كان.
ويبدو أن المسلّمات التي وضعها الحريري ترضي حلفاءه إلى حدّ كبير، لا سيما حزب «القوات اللبنانية» الذي يعتبر نفسه أكبر المستهدفين، بعد أن شدد أنطوان زهرا على أن الحريري «يحاذر القبول بتشكيلة حكومية أكثرية، بل يريد حكومة تضمّ كل القوى السياسية، دون إعطاء القدرة لأحد على إسقاطها إن لم تكن مطواعة للتطبيع مع سوريا»، واتهم زهرا التيار الوطني الحرّ من دون أن يسميه بتعطيل تشكيل الحكومة، وقال: «هناك فريق لديه توجه إقليمي ورغبة بتحجيم (القوات اللبنانية) ومحاصرة (الزعيم الدرزي النائب السابق) وليد جنبلاط لصالح المحور الإيراني السوري».
من جهته، أكد رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، أن «لا إمكانية لتأليف حكومة بالمدى القريب وقد نشهد تفعيلاً لدور حكومة تصريف الأعمال في حال استمر الوضع القائم». وقال في تصريح: «نجدد دعمنا لمقام رئاسة الحكومة بغض النظر عن الأشخاص الذين يتولون سدة المسؤولية فيه».
أما عضو تكتل «لبنان القوي» (التيار الوطني الحرّ) النائب أسعد درغام، فاعتبر في حديث تلفزيوني أن «طرح موضوع العلاقة مع سوريا هدفه عرقلة تشكيل الحكومة». وقال: «لم يعد خافيا على أحد أن العرقلة تتم بإرادة خارجية ولكن للأسف المعرقلون لبنانيون». ورأى أن «الجميع لا يملكون القدرة على المناورة، وأعتقد أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري سيبادر في الأيام القادمة عبر دوره الدستوري لتدوير الزوايا وتقديم الصيغة الحكومية لرئيس الجمهورية». وحول حصة «القوات اللبنانية» أوضح درغام أن «القوات في الحكومة الماضية كانت تستحق وزيرين، ولكن التيار الوطني الحر أعطاها من حصته وزيرين إضافيين نتيجة الاتفاق السياسي»، مشدداً على «التمسك بأن تكون الحكومة العتيدة حكومة وحدة وطنية».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.